الدرس
7-212
الأحد – 18 ربيع الاول 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين
و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
الاستدلال بحديث رفع القلم لاشتراط العقل
كان الكلام في الشرط الثاني لصحة الصوم و هو العقل.
استدل لذلك بحديث رفع القلم، رفع القلم عن المجنون
حتی يفيق. سند هذا الحديث ضعيف، لكن لا يبعد الوثوق بصدوره لانه ذكر في
مطاعن الخليفة الثاني انه اتي بمجنونة فأمر برجمها فقال له علی عليه السلام
أما علمت يا عمر ان القلم رفع عن ثلاث عن المجنون حتی يفيق و عن الصبي
حتی يحتلم و عن النائم حتی يستيقظ، و لم يستشكل احد من العامة و الخاصة
في سند هذا الحديث. مضافا الی انه ورد في موثقة عمار بالنسبة الی الصبي،
اذا بلغ ثلاثة عشر سنة جری عليه القلم، و لكنه خاص بالصبي لا يشمل المجنون.
انصراف حديث رفع القلم عن بطلان عبادة
النائم
استشكل علی التمسك بحديث رفع القلم عن المجنون لنفي
صحة صوم المجنون بانه كيف يلتزم بدلالة هذا الحديث علی بطلان الصوم في حق
المجنون مع انه لم يلتزم بمثله في حق النائم، رفع القلم عن النائم حتی يستيقظ
فهل تلتزمون ببطلان صوم النائم؟
يقال في الجواب اولا: اك مناسبات في
الحكم و الموضوع و هو ان النائم اذا صدر منه في حال نومه شيء لا يعاتب عليه أو اذا
صدر منه في حال نومه عمل لا يجتزئ به، اما بالنسبة الی صوم النائم فلا اشكال
في صحة صوم النائم للسيرة القطعة المتشرعية و ما ورد ان نوم الصائم عبادة نومكم فيه
عبادة.
و ثانيا: حتی لو فرض انه نوی
الانسان عبادة ثم نام، ممكن نقول بصحة عبادته لانصراف حديث رفع القلم عن النائم
عنه. مثلا يسعی بانسان كبير السن فحينما يخلّونه بالعربة ينام إما من بداية السعي
به ينام أو في الاثناء ينام، نعم السيد السيستاني استشكل في صحة سعي هذا النائم لكن
قد يقال كما عليه السيد الزنجاني بانه لا مانع من الالتزام بصحة سعيه، لا يعتبر في
السعي الوضوء و هو نوی ان يسعی به قبل ان ينام. حديث رفع القلم لا يقتضي
بطلان هذا السعي، هو مكلف بطبيعي السعي لكنه طبّق هذا الواجب علی هذه الحالة،
اي اشكال فيه؟
ما يقول السيد الحكيم و السيد الخوئي من اختلاف الصوم عن
سائر العبادات فان الصوم عبادة فاعلية و بقية العبادات عبادة فعلية، مقصودهما انه
في سائر العبادات لابد من صدور العبادة من المستيقظ لكن الصوم عبادة فاعلية فيكفي
صدوره من النائم. اقول: لا، حتي في العبادات الفعلية ما هو الدليل علی بطلان
عبادة الانسان الذي نوی ان يصدر منه تلك العبادة ثم نام.
نوی الوقوف بعرفة قبل الظهر و نام الی ان غربت
الشمس، السيد السيستاني يستشكل يقول هذا الوقوف باطل علی الاحوط. نقول ما هو
الدليل علی بطلانه؟ عبادة فعلية فليكن، لكنه نوی الوقوف ثم نام. و هكذا
في المبيت بمنی يقول السيد السيستاني لابد ان يكون الشخص في بداية المبيت
مستيقظا ثم ينام بعد ذلك ميخالف حتی في الوقوف ينام بعد اذان الظهر ميخالف
اما حين بداية الوقوف لابد ان يكون مستيقظا هكذا يقول و يحتاط في المبيت بمنی
يقول انت كنت في منی ما رحت في المكان ميخالف لكن حين اذان المغرب كنت نائما،
فالاحوط عدم الاجتزاء بهذا المبيت في النصف الاول فالاحوط وجوبا ان تبقی في
النصف الثاني و تكون مستيقظا حينما يصير منتصف الليل، ديربالك في منتصف الليل تريد
تنام؟ ميصير، خلاف الاحتياط. انا اقول لا، كما يقول السيد الزنجاني اشبيه ينوي
المبيت و ينام، ما به اشكال.
علي اي حال، النوم يختلف عن الجنون بمناسبات الحكم و
الموضوع. الامر في النائم سهل.
نعم السيد الخوئي يقول بناءا علی ان وجوب صوم كل يوم يحدث
من ليلته لا من الليلة الاولی لشهر رمضان فاذا نام شخص قبل غروب الشمس و بقي
نائما الی ما بعد طلوع الفجر، لا تتعجبون! فشخص من اصدقائنا قال انا في زمان
نمت ثلاثة ايام، قال رحت في مكان و نمت، قالوا فشخص في قم ايضا يقولون هو ينام فمن
اعطوا عنوان ذلك الشخص قلت لهم ذاك الشخص انا، مو غيري!!٫ هو كان يقول ثلاث
ايام نمت. هذا اول الليل ينام قبل غروب الشمس و يبقی نائما الی بعد
طلوع الفجر، هنا يقول السيد الخوئي صومه باطل، لكن يقول انا اری ان وجوب
الصوم يحدث من اول ليلة من شهر رمضان فاذا فرض انه في اليلة الاولی من شهر
رمضان نام قبل دخول الليل و بقي نائما الی بعد طلوع الفجر فصومه في اليوم
الاول يصير باطلا.
انا اقول: لا، ليش يصير باطلا؟ ليس دليلنا السيرة حتی
يقول يؤخذ بالقدر المتيقن منها، دليلنا اطلاق الادلة، كتب عليكم الصيام، هو نوی
ان يكون صائما تقولون لم يحدث الوجوب في حقه حينما نام، نقول ميخالف لم يحدث
الوجوب في حقه لكن ما هو دليلكم علی انه صومه باطل و يجب عليه القضاء؟ تحقق
منه الصوم، فليكن مادام هو نائما لا يجب عليه، بعد ما استيقظ هو صائم و يجب عليه
اتمام الصوم و لااقل من انه لا يشمله دليل وجوب القضاء. الا اذا هنا رحتُ دورّتُ
علی العلم الاجمالي، يحصل علم اجمالي بانه ما ادري إما يجب عليه اتمام صوم
هذا اليوم أو يجب عليه قضاءه. ذاك بحث آخر لا ندخل في بحث العلم الاجمالي لاننا لا
نری منجزية هذا العلم الاجمالي.
صوم السکران و المغمی علیه
يقول صاحب العروة فلا يصح الصوم من المجنون و لا من السكران
و لا من المغمی عليه و لو في بعض النهار و ان سبقت منه النية علی الاصح.
هنا اشكلوا علی صاحب العروة قالوا لا دليل علی انه
رفع القلم عن السكران، رفع القلم عن المغمی عليه، ما عندنا هكذا. المغمی
عليه يلحق بالنائم، النائم بغير اختياره مثلا و اما السكران فهو مكلف، لا دليل
علی مانعية السكر أو الاغماء لصحة الصوم. هذا شرب الخمر في ليلة شهر رمضان و
لكنه نوی الصوم و بقي سكرانا الی بعد طلوع الفجر، فليكن، ما هو الدليل
علی بطلان صومه؟
نعم اذا كان السكر بحيث يزيل شعوره و وعيه هذا لا يتحقق منه
الصوم عرفا، هو يصير كالبهائم اما السكر الذي لا يعدي الی زوال الوعي لماذا
نقول صومه باطل؟ نعم المشهور قالوا ببطلان صومه فاذا تريدون موافقة المشهور
فتحتاطون بان يتم صومه ثم يقضيه و لكن الظاهر انه لا يجب عليه القضاء يتم صومه و
صومه صحيح. و هكذا المغمی عليه، الذي نوی الصوم ثم اغمي عليه، ان كان
دليلكم في صحة صوم النائم السيرة المتشرعية نعم السيرة المتشرعية لا تشمل المغمی
عليه لكن قلنا بان الدليل هو صدق عنوان الصائم علی النائم، النائم يقال
صائم. فهكذا في المغمی عليه خصوصا اذا كان الاغماء باختياره. ضرب ابرة باختياره
فاغمي عليه حتی يسوّي به عملية جراحية لماذا يبطل صومه؟ هو نوی الصوم
ثم اغمي عليه باختياره في اثناء نهار شهر رمضان، ما هو الدليل علی بطلان
صومه؟ بل و ان لم يكن الاغماء باختياره لكنه نوی الصوم قبل ذلك، فاغمي عليه
بغير اختياره فما هو الدليل علی انه لا يصح منه الصوم؟
ان قلت: التكليف بالصوم لا يشمله و هو مغمی عليه، ميخالف،
فليكن، لكنه بعد ما ارتفع عنه الاغماء و يصدق عليه انه صائم لماذا لا يشمله اطلاق
وجوب الصوم عليه؟ تقولون الصوم مركب ارتباطي، ميخالف، تحقق منه هذا المركب
الارتباطي و ان لم يجب عليه في حال الاغماء. مثل ما لو كان صبيا حين طلوع الفجر ثم
صارا بالغا قد يقال بانه يجب عليه استدامة الصوم، مادام هو صبيا رفع عنه القلم اما
بعد ان صار بالغا لا يرفع عنه القلم و يجب عليه الصوم، وجوب الصوم يحدث في حقه
بعد ساعة من طلوع الفجر. و هكذا بالنسبة الی المغمی عليه و لا اقل من
انه لو استمر في صومه لا دليل علی وجوب القضاء عليه.
ذكرت لكم انكم لو تمسكتم بالعلم الاجمالي قلتم بانه لا دليل
علی وجوب اداء الصوم علی هذا المغمی عليه في اثناء النهار
فلابد ان نقول إما يجب عليه اتمام صوم هذا اليوم أو يجب عليه القضاء نقول في
الجواب هذا العلم الاجمالي ليس منجزا لان وجوب القضاء عليه يصير معلوما تفصيليا
اذا ترك الاحتياط في ترك الاداء، اذا لم يتم صومه يعلم بوجوب القضاء عليه تفصيلا و
العلم الاجمالي الذي يكون ترك الاحتياط في احد طرفيه مستلزما للعلم التفصيلي بوجوب
الطرف الآخر ليس منجزا.
الشرط الثالث عدم الاصباح محدثا
الشرط الثالث عدم الاصباح جنبا أو علی حدث الحيض و
النفاس بعد النقاء من الدم علی التفصيل المتقدم.
الشرط الرابع الخلو من الحيض و النفاس
الشرط الرابع الخلو من الحيض و النفاس في مجموع النهار فلا يصح
من الحائض أو النفساء اذا فاجئتهما الدم و لو قبل الغروب بلحظة أو انقطع عنهما بعد
الفجر بلحظة.
البحث الاول: لو حاضت المرأة قبل الغروب و
لو بلحظة
هنا عدة ابحاث:
البحث الاول ان هذا مقتضی القاعدة و مقتضی عدة
من الروايات و هو انه لو حاضت المرأة قبل الغروب و لو بلحظة بطل صومها و لكن توجد
رواية معارضة لتلك الروايات و هي رواية ابي بصير: ان عرض للمرأة الطمث في شهر
رمضان قبل الزوال فهي في سعة ان تأكل و تشرب و ان عرض لها بعد زوال الشمس فلتغتسل
و لتعد بصوم ذلك اليوم ما لم تأكل و تشرب. ان صامت امرأة ثم حاضت بعد زوال الشمس
صح صومها. هذه الرواية معارضة لروايات اخری كصحيحة الحلبي إمرأة اصبحت صائمة
فلما ارتفع النهار أو كان العشي حاضت أتفطر؟ قال نعم و ان كان وقت المغرب فلتفطر.
و سألته عن امرأة رأت الطهر في اول النهار في شهر رمضان كانت حائضا فطهرت بعد لحظة
من طلوع الفجر فما تصنع في ذلك اليوم؟ قال تفطر ذلك اليوم فانما فطرها من الدم، يعني
رؤية الدم في بداية طلوع الفجر هي التي اوجب افطارها من الصوم فهي ليست بصائمة. فهل
هذه الرواية رواية ابي بصير تعارض صحيحة الحلبي أو روايات معتبرة اخری كمعتبرة
محمد بن مسلم.
السيد الخوئي قال: هذه الرواية صحيحة سندا و لكنها محجورة من
قبل الاصحاب، في سند هذه الرواية لابي بصير يعقوب بن سالم الاحمر عن علی بن
اسباط، السيد الخوئي يقول نحن نراه ثقة لان المفيد وثّقه في رسالته في الرد
علی اصحاب العدد.
الصدوق كان يری ان شهر رمضان ثلاثون يوما دائما لا ينقض
و شهر شعبان تسع و عشرين يوما، لا يتم، دائم، الشيخ المفيد كتب رسالة في الرد عليه
و علی اتباعه فقال ان شهر رمضان كسائر الشهور قد يتم و قد ينقص. في تلك
الرسالة يقول رواة حديث ان شهر رمضان كسائر الشهور قد ينقص و قد يتم هم فقهاء
اصحاب ابي جعفر و ابي عبدالله و ابي الحسن موسي و ابي الحسن علی بن موسي و
ابي جعفر محمد بن علی و ابي الحسن علی بن محمد و ابي محمد الحسن بن
علی عليهم السلام و الاعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا
و الاحكام الذين لا يطعن عليهم و لا طريق الی ذم واحد منهم و هم اصحاب اصول
المدوّنة و المصنفات المشهورة. و ذكر في جملة تلك الروات يعقوب بن سالم بن الاحمر.
نحن ذكرنا ان توثيق الشيخ المفيد
لرواة حديث ان شهر رمضان كسائر الشهور قد يتم و قد ينقص توثيق مجموعي لا توثيق
انحلالي و الا فمحمد بن سنان عن ابي الجارود من جملة رواة هذا الحديث، ان محمد بن
سنان ايضا روی رواية في ان شهر رمضان لا ينقص ابدا، قد ذكر الشيخ المفيد في
بداية هذه الرسالة قال: هذا الحديث شاذ نادر غير معتمد عليه طريقه محمد بن سنان و
هو مطعون فيه لا تختلف العصابة في تهمته و ضعفه و ما كان هذا سبيله لا يعمل عليه في
الدين. كيف يجتمع هذا الطعن الشديد لمحمد بن سنان مع ان يذكر محمد بن سنان في جملة
الرواة لرواية ان شهر رمضان قد ينقص و قد يتم و يقول هم من الرؤساء الاعلام
المأخوذ منهم الحلال و الحرام الذين لا يطعن عليهم بشيء. و ذاك ابو الجارود افرض
ابو الجارود ثقة كما يقول به السيد الخوئي لكن رئيس الزيدية الجارودية هل هو من
الرؤساء الاعلام المأخوذ منه الحلال و الحرام؟ و كثير من هذه الرواة قد لا يحرز
وصولهم الی هذه المرتبة أو يحرز في جملة منهم عدم وصول الی هذا المستوی
الرؤساء الاعلام.
فاذن الشيخ المفيد يذكر هذا و يلحظ رواة هذا الحديث نظر
مجموعية لا نظر انحلالية كل واحد منهم هكذا. فاذن هذه الرواية ضعيفة سندا.
علی انه كما قاله السيد الخوئي هي مهجورة، يقول السيد الخوئي قد بلغت هذه
الرواية من المجهورية مرتبة لم يتعرض لها لا صاحب الجواهر و لا صاحب الحدائق، اصلا
لم يتعرض لهذه الرواية. فاذن الحكم واضح.
مقتضیالاصل العملي
يقع الكلام في فرض الشك. امرأة رأت الدم حين اذان المغرب لا
تدري هل خرج الدم قبل الغروب حتی يبطل صومها أو بعد الغروب حتی يصح
صومها، ماذا هو مقتضی الاصل؟ و هكذا امرأة قامت من النوم بعد طلوع الفجر رأت
نفسها طاهرة و هي كانت حائض بالليل لا تدري هل طهرت قبل طلوع الفجر كي يصح صومها
أو طهرت بعد طلوع الفجر حتی يبطل صومها، ما هو مقتضیالاصل العملي في
ذلك.
و لا بأس ان نلحق به حكم الصلاة، امرأة قامت بعد طلوع الشمس
رأت نفسها طاهرة هل هي طهرت قبل طلوع الشمس حتی يجب عليها قضاء الصلاة التي لم
تصلها، أو انها لم تطهر الا بعد طلوع الشمس حتی لا يجب عليها قضاء الصلاة، هذه
ابحاث لا بأس ان نتكلم عنها في اليلة القادمة انشاءالله.
و الحمد لله رب العالمين.