الدرس69
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.
كان الكلام في ما ذكره صاحب العروة من ان المسوغ للتيمم خوف الضرر و اعترض عليه جمع من الاعلام كالسيد السيستاني بان المسوغ للتيمم هو واقع الضرر و الخوف طريق عقلائي اليه فلو خاف الضرر على نفسه و تيمم ثم انكشف عدم الضرر فعلى كلام صاحب العروة يصح تيممه بينما انه على كلام السيد السيستاني ينكشف بطلان تيممه، لانكشاف عدم الضرر واقعا. و هذا ما تعرض اليه صاحب العروة في مسألة أخرى فقال في المسألة التاسعة عشر اذا تيمم باعتقاد الضرر او خوفه فتبين عدمه صح تيممه و صلاته نعم لو تبين قبل الدخول في الصلاة وجب الوضوء او الغسل، فصل صاحب العروة بين ما لو انكشف عدم الضرر قبل ان يصلي فهنا تجب إعادة الوضوء يعني ذاك التيمم باطل فلابد من الوضوء، و لكن اذا انكشف عدم الضرر بعد الصلاة فصلاته صحيح.
طبعا السيد السيستاني على مبناه من ان الموضوع لمشروعية التيمم هو واقع الضرر و ليس الخوف من الضرر الا طريقا عقلائيا محضا فلو انكشف الخلاف فينكشف عدم الامر بالتيمم واقعا و لاجل ذلك علق على كلام صاحب العروة قال فيه اشكال حينما قال صاحب العروة صح تيممه و صلاته، قال فيه اشكال بل منع الا مع تحقق غلق نفسي يعسر تحمله يعني اذا كان خوف الضرر بنحو يوجب الغلق النفسي و الاضطراب النفسي فيحصل له حرج نفساني فلا حرج يرفع وجوب الوضوء و يصحح التيمم.
سوال و جواب: فاذا انكشف عدم الضرر واقعا لكنه حينما تيمم، تيمم لاجل مسوغية قاعدة لا حرج. الغلق النفسي الاضطراب النفسي الذي لا يتحمل عادة حرج و الحرج غير الضرر، الضرر هو النقص إما في البدن او في المال او في العرض اما الغلق النفسي فليس نقصا لا في البدن و لا في المال و لا في العرض نعم يصعب تحمله عادة فيندرج تحت قاعدة لا حرج.
السيد الخوئي حسب مبانيه قال حيث ان المريض الذي ذكر في الآية الكريمة انه يتيمم لا يقطع بالضرر عادة و انما يخاف من الضرر فلو حملنا المريض في الآية على من يقطع بالضرر فهذا حمل على الفرد النادر و لاجل ذلك نقول بان الآية الكريمة تدل على ان الذي يخاف من الضرر يجوز له التيمم لكنه هنا علق على كلام صاحب العروة في المسألة التاسعة عشر فقال الظاهر ان الماتن صاحب العروة اعتمد في حكمه بصحة التيمم في ما اذا تيمم و صلى ثم انكشف عدم الضرر، اعتمد على ان الخوف موضوع لجواز التيمم لا انه طريق اليه، و المدار على احتمال الضرر لا على الضرر الواقعي كما قدمناه. يقول السيد الخوئي نحن قبلنا ذلك و قلنا ان المريض غالبا يحتمل الضرر في استعمال الماء و القطع بالضرر نادر جدا اذن فهو عند خوفه من الضرر باستعمال الماء يجب عليه التيمم واقعا و قد اتى بما هو الواجب في حقه فلا وجه للحكم ببطلانه و وجوب الإعادة عليه ،ثم يقول، نعم لو سلمنا ما ذكره من ان الخوف موضوع للحكم بجواز التيمم و ليس طريقا الى الضرر و لم نقل انه خلاف المتفاهم العرفي من مثل قوله عليه السلام يخاف على نفسه من البرد، فان الظاهر من الخوف هو الطريقية فاشكال السيد الخوئي هنا مع انه قبل ان الآية الكريمة تدل على مشروعية التيمم في حق المريض الذي يحتمل الضرر فقال حمل هذه الآية على المريض الذي يقطع بالضرر حمل على الفرد النادر فالموضوع في الآية هو المريض الذي يخاف من الضرر و هو هنا يفسر الخوف بالاحتمال، و نحن اشكلنا عليه قلنا ليس كل احتمال موجبا لصدق الخوف و لكن لا ندخل في هذا البحث. يقول السيد الخوئي نعم نحن فهمنا من الآية ان موضوع الامر بالتيمم هو المريض الذي يخاف من الضرر و لكن لو سلمنا ان الخوف من الضرر تمام الموضوع لوجوب التيمم و لا نسلم به، لماذا يسلم به السيد الخوئي؟ يقول السيد الخوئي الظاهر من كلمة الخوف الطريقية كما في الظن و اليقين و التبين و هذا هو الاشكال الأول على صاحب العروة. لو غمضنا العين عن هذا الاشكال و قلنا لا، الخوف موضوع لوجوب التيمم بل تمام الموضوع اذا كان الخوف تمام الموضوع فعلى كلام السيد الخوئي في مصباح الأصول يعني انه اخذ على وجه الصفتية لان ما يؤخذ على وجه الطريقية لا معنى لكونه لا بشرط من وجود الواقع من إصابة الواقع او عدم إصابة الواقع، هذا كلام السيد الخوئي اذا كان الخوف تمام الموضوع لوجوب التيمم فهذا يعني يؤخذ على وجه الصفتية و هذا خلاف الظاهر، ظاهره الطريقية لكن لم يوضح السيد الخوئي هنا المطلب و هو ان الخوف طريق محض لا دخل له في موضوع التيمم ابدا؟ كما في مثال كلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر حيث ان التيمم ظاهر في الطريقية المحضة التي لا دخل له في ثبوت وجوب الصوم و لا بنحو جزء الموضوع. هل هذا مراد السيد الخوئي او ان مراده ان الخوف جزء الموضوع و لكن حيث انه اخذ على وجه الطريقية فلابد من وجود الجزء الآخر و هو المرض و الضرر واقعا فكأن الموضوع للتيمم مركب من واقع الضرر و خوف الضرر.
و على أي حال سواء يقول السيد الخوئي بان الخوف طريق محض فكأن الموضوع للحكم الواقعي في الآية الكريمة واقع المريض و لكن الخوف طريق اليه او يقول السيد الخوئي بان الآية تدل على ان المريض الذي يخاف من الضرر هو المأمور بالتيمم فالجزء الأول من موضوع التيمم هو واقع الضرر و الجزء الثاني الذي طريق اليه هو خوف الضرر، على أي من المطلبين لا يتم كلام صاحب العروة من ان الخوف تمام الموضوع لوجوب التيمم.
بعد ذلك يقول السيد الخوئي لو غمضنا العين عن ذلك و قبلنا من صاحب العروة ان الخوف من الضرر تمام الضرر لوجوب التيمم مع ذلك نستشكل عليه فنقول الموضوع لجواز التيمم الخوف المستمر الى آخر الوقت لا الخوف ساعة، شخص في اول الوقت خاف من الضرر و لنفرض ان خوفه مطابق للواقع و لكنه في اثناء الوقت برء من مرضه فتيممه في اول الوقت و صلاته مع ذلك التيمم ليسا صحيحا لان موضوع التيمم هو الضرر المستمر الى آخر الوقت.
طبعا ترون ان هذا الاشكال غير اشكال السيد السيستاني، السيد السيستاني التزم بانه لو اوجب خوف الضرر في اول الوقت، الغلق النفسي فتيمم و صلى و ان زال الغلق النفسي في اثناء الوقت فصلاته صحيحة اذا كان مأيوسا من زوال العذر في اثناء الوقت مع ان السيد السيستاني يرى ان الموضوع لوجوب التيمم هو واقع المرض واقع الضرر و الخوف طريق عقلائي اليه لكن اذا انكشف الخلاف ينكشف عدم تحقق موضوع التيمم واقعا و هذا يعني ان السيد السيستاني يلتزم بانه حتى لو انكشف الخلاف بعد مضي الوقت كان في تمام الوقت خائفا من الضرر لكن ضرر غير محرم، الضرر المحرم يوجب عجز الانسان عن الوضوء حيث يعتقد حرمة الوضوء عليه اما من يخاف من الضرر غير المحرم فاذا تيمم و بعد الوقت بعد خروج الوقت انكشف له ان خوفه لم يكن في محله، مقتضى اطلاق كلام السيد السيستاني انه يجب عليه القضاء لانكشاف ان تيممه لم يكن مأمورا به بعد ان لم يكن يضر به الوضوء واقعا.
و الحاصل انه كما أشار السيد الخوئي في ذيل المسألة التاسعة عشر يستفاد من كلام صاحب العروة ان خوف الضرر تمام الموضوع لوجوب التيمم و لاجل ذلك يفتي بانه لو خاف من الضرر فتيمم و صلى ثم انكشف عدم الضرر صح تيممه. ثم يقول صاحب العروة كما انه اذا تيمم مع اعتقاد عدم الضرر لم يصح و ان تبين وجوده، من يعتقد عدم الضرر و لكنه يضر به الماء فتيمم لم يتوضأ، تيمم و صلى ثم قالوا له خوش سويت، اذا كنت تتوضأ فالوضوء كان مضرا بصحتك، السيد اليزدي صاحب العروة يقول مع ذلك نحكم ببطلان تيممه و لعل وجهه انه يرى ان الخوف من الضرر هو الموضوع الوحيد لوجوب التيمم و لا دخل في واقع المرض و الضرر في هذا الحكم، اذا تخاف من الضرر فيجب عليك التيمم و اذا لا تخاف من الضرر و لو كان الوضوء مضرا بصحتك لا يشرع في حقك التيمم، اما السيد السيستاني ماذا يقول؟ يقول اذا تيمم مع اعتقاد عدم الضرر و تمشى منه قصد القربة صح تيممه لان الموضوع للتيمم واقعا هو واقع الضرر و الخوف مجرد طريق عقلائي اليه و الآن حصل له القطع بواقع الضرر بعد ما تيمم و صلى فاذا تمشى منه قصد القربة فتيممه صحيح.
فانكشف ان في المسألة عدة احتمالات:
الاحتمال الأول ما اختاره صاحب العروة من ان خوف الضرر تمام الموضوع لمشروعية التيمم و لا دخل لواقع الضرر و المرض في ذلك.
الاحتمال الثاني ما اختاره السيد السيستاني و هو ظاهر من السيد الخوئي ان واقع الضرر موضوع للحكم الواقعي بمشروعية التيمم و الخوف طريق عقلائي الى واقع الضرر او كما يقول به السيد السيستاني او ان نفس الآية الكريمة تدل على ذلك كما قال به السيد الخوئي فواقع الضرر موضوع لمشروعية التيمم و الخوف طريق اليه.
الاحتمال الثالث ان يقال بان كلا من الامرين موضوع لمشروعية التيمم، كل من واقع الضرر و خوف الضرر، اذا كان الوضوء مضرا واقعا فيثبت الامر بالتيمم سواءا حصل الخوف من الضرر ام لا، نعم ما لم يحصل الخوف من الضرر هذا الحكم الواقعي لا يكون واصلا الى المكلف لكن اثره انه لو تيمم و تمشى منه قصد القربة انطبق على الواقع كان تيممه مصداقا للامر الواقعي بالتيمم الثابت في حق المريض واقعا فالموضوع الأول لمشروعية التيمم هو واقع الضرر و الموضوع الثاني لمشروعية التيمم هو خوف الضرر، من يخاف على نفسه من البرد يتيمم هذا مطلق سواءا كان الخوف مطابقا للواقع او لم يكن مطابقا للواقع و هذا هو مقتضى القاعدة الأولية من التحفظ على اصالة الموضوعية للخطابات و ما قاله السيد الخوئي من ان الخوف ظاهر في كونه مأخوذ على وجه الطريقية ان اريد به انه ظاهر في كونه طريقا محضا الى موضوع الحكم الواقعي فلا نلتزم به، نعم في مثل التبين و العلم و الرؤية نلتزم بان ظاهر هذه الكلمات الطريقية المحضة، كلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض، صم للرؤية و افطر للرؤية، اما اذا ورد في الخطاب من يخاف على نفسه فليتوضأ جبيرة من يخاف على نفسه فليتيمم، الخوف ليس له كاشفية حتى نقول بانه ظاهر في الكاشفية و الطريقية المحضة، لا، مطلق، من يخاف على نفسه من الضرر فليتيمم هذا كان يخاف على نفسه من الضرر و ان انكشف بعد ذلك انه لم يكن الماء مضرا به، لا وجه لتقييد هذا الاطلاق.
نعم لا نقول بان الخوف مأخوذا على وجه الصفتية و لكن ذكرنا في الأصول ان اخذ القطع و العلم و أمثال ذلك في الموضوع على وجه الطريقية لا ينحصر بكونه جزء الموضوع، مثلا قد يقول المدرس من يعلم جواب هذه المسألة فليعلم غيره او فليبين فليتقدم و يكتب الجواب على اللوح، من يعلم بجواب هذه المسألة هذا ظاهر في كونه تمام الموضوع اذا تقدم هذا الطالب ثم انكشف انه كان مخطأ في اعتقاده كان يجوز له ان يتقدم، جواز الاخبار بالعلم ظاهر في الطريقية لكن مع ذلك العلم تمام الموضوع لجواز الاخبار لا العلم المطابق للواقع و لكنه في نفس الوقت ظاهر في كونه مأخوذ بنكتة الكاشفية عن الواقع، الصفتية انما يعني ما اذا اخذ عنوان كصفة كمال للشخص، يقول من كان خائفا فليراجع الطبيب، هذا صفة نقص، من كان عالما بهذه المسألة نعطيه جائزة، هذا صفة كمال، اخذ العلم او الخوف على وجه الصفتية انما يعني اذا اخذ العلم او الخوف او نحو ذلك كصفة كمال للشخص او صفة نقص له و اما اذا كان اخذ هذه العناوين لجهة كشفه بالذات عن الواقع فيمكن ان يكون كشفه بالذات تمام الموضوع، ليس معنى اخذ العنوان كالعلم و الخوف بما هو طريق، اخذه بما هو كاشف بالعرض الذي يلازم ان يكون مصادفا للواقع، لا، اخذه بما هو طريق أي بما هو طريق و كاشف بالذات و هذا ثابت حتى لو لم يكن الواقع ثابتا، يجوز الاخبار بعلم هذا ليس لاجل ان العلم صفة كمال لهذا الشخص من باب انه يرى الواقع فيخبر عنه لكن رؤية الواقع رؤية بالذات، كاشفية بالذات لا الكاشفية بالعرض حتى تقول بانها تستلزم المطابق للواقع، فنقول يا سيدنا الخوئي نعم ظاهر عنوان الخوف انه مأخوذ على وجه الطريقية لكن لا يعني انه مأخوذ على وجه الطريقية المحضة و لا انه مأخوذ كجزء الموضوع على وجه الطريقية و الكاشفية بالعرض، لا، مقتضى القاعدة ان الخوف كطريق الى الواقع مأخوذ على وجه تمامية الموضوع و لكن يقوم ليس الخوف بما صفة خاصة كقولنا من يخاف فليراجع الطبيب، لا، اذا قامت الامارة الأخرى على الضرر يقوم مقام الخوف.
فاذن مقتضى القاعدة الأولية ان كل من واقع الضرر و خوف الضرر كل منهما موضوع مستقل لمشروعية التيمم، السيد السيستاني هنا قال حيث ان الخوف لم يرد في كلام الامام عليه السلام في الروايات و انما ورد في كلام السائلين كصحيحة البزنطي و صحيحة داود بن سرحان السائل سأل، الرجل تصيبه الجنابة و به جروح او قروح او يخاف على نفسه من البرد، خب الامام بيّن وظيفته الفعلية فقال يتيمم مثل من يقول انا توضأت ثم شككت في بقاء وضوئي او خرج مني مذي فاشك في بقاء وضوئي، الأول شبهة موضوعية و الثاني شبهة حكمية فاذا اجبته قلت لا تتوضأ و صل هذا كافي بعد تبين وظيفته الفعلية و ان كان جواب الفرض الأول حكم ظاهري و جواب الفرض الثاني حكم واقعي فكذلك في هذه الرواية، الامام قال يتيمم بالنسبة الى الجروح و القروح الامر بالتيمم حكم واقعي، بالنسبة الى خوف البرد حكم ظاهري ان لم نحمله على فرض الخوف على النفس من التلف فيوجب الغلق النفسي و الحرج النفسي الرافع لوجوب التيمم واقعا فلا اقل من انه لا يظهر منه الحكم الواقعي.
ثم قال السيد السيستاني نعم في موثقة سماعة و صحيحة عبدالله بن سنان ورد عنوان الخوف، في صحيحة عبد الله بن سنان هكذا فِي رَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فِي السَّفَرِ وَ لَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ إِلَّا قَلِيلٌ وَ خَافَ إِنْ هُوَ اغْتَسَلَ أَنْ يَعْطَشَ قَالَ إِنْ خَافَ عَطَشاً، هذا كلام الامام عليه السلام و ان فرض السائل في كلامه الخوف لكن الامام اكد عليه ان خاف عطشا، فَلَا يُهَرِيقُ مِنْهُ قَطْرَةً وَ لْيَتَيَمَّمْ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّ الصَّعِيدَ أَحَبُّ إِلَيَّ. يقول السيد السيستاني الخوف هنا ورد في كلام الامام عليه السلام لكن لا يكفي ذلك في ان نقول خوف الضرر تمام الموضوع لمشروعية التيمم، يقول السيد السيستاني لانه ورد في ذيل الرواية و ليتيمم بالصعيد فان الصعيد احب اليّ من الماء يعني التيمم احب اليّ من الغسل يعني يشرع الغسل في حقك و لكن اذا تتيمم احب اليّ، متى يشرع الغسل في حق المكلف الذي يجوز له التيمم؟ في مورد الحرج اما اذا كان هناك ضرر فالآية الكريمة تأمر بالتيمم و ان كنتم مرضى فتيمموا. هذه الرواية تقول لا، التيمم افضل فهذا يعني ان المورد من موارد الحرج و الغلق النفسي، ان خاف عطشا هذا الخوف من العطش جعله مضطربا و غلقا و صار الغسل بالنسبة اليه حرجيا و لا حرج لا يرفع مشروعية الغسل و انما يرفع وجوبه. في موثقة سماعة يقول السيد السيستاني ورد الخوف في كلام السائل: عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلته قال يتيمم بالصعيد، خب ورد الخوف في سؤال السائل و لا يظهر من جواب الامام اكثر من كون التيمم وظيفته الفعلية لا انه حكم واقعي في حقه لعله حكم ظاهري في حقه مادام يخاف.
انصافا هذا الكلام قابل للنقاش الامام عليه السلام في صحيحة البزنطي الذي هو من الفقهاء و لا يصح ان نعبر عن الروايات الموجهة الى البزنطي انه روايات واردة في مقام الإفتاء بالوظيفة الفعلية بل روايات في مقام تعليم الاحكام الكلية للفقهاء أصحاب الائمة عليهم السلام، للرجل تصيبه الجنابة و به جروح و قروح او يخاف على نفسه من البرد، الامام قال لا يغتسل و يتيمم، و هذا مطلق يخاف على نفسه من البرد ظاهر الامر بالتيمم هو الامر الواقعي يعني اطلاق هذا الخطاب يشمل من يخاف على نفسه من البرد فيتيمم ثم ينكشف ان خوفه لم يكن في محله.
نعم هنا نكتة و هي انه قد يقال بانه اذا ورد خطابان خطاب جعل واقع الضرر موضوعا للتيمم و خطاب آخر جعل خوف الضرر موضوعا للتيمم و ان لم يكن بينهما منافاة لامكان ان يكن كل منهما موضوع مستقل لكن العرف يجمع بينهما بحمل الأول على الحكم الواقعي و الثاني على الحكم الظاهري كما ذكر السيد الحكيم ذلك في آية الصوم و من كان مريضا فعدة من أيام اخر و ورد في الخطاب من يخاف على نفسه فليفطر يقول على ما ببالي ان الجمع العرفي بين الخطابين يقتضي ان نقول بان الخوف طريق محض الى الموضوع الواقعي لوجوب الإفطار و هو المريض. لكن هنا استدل السيد الحكيم بان الخوف موضوع واقعي لوجوب التيمم بصحيحة البزنطي حيث جمع بين العنوانين به قروح او جروح او يخاف على نفسه من البرد، فقال كل منهما كاف اما واقع الضرر به جروح او قروح، او خوف الضرر و لكن بشكل عام يقول اذا مع غمض العين عن هذه القرينة السياقية في صحيحة البزنطي و داود بن سرحان يقول اذا ورد خطابان احدهما اخذ فيه واقع الضرر موضوعا للحكم و الآخر اخذ خوف الضرر موضوعا للحكم فالجمع العرفي يقتضي حمل الثاني على الطريقية المحضة. و لكن بعد عدم المنافاة بين الخطابين ما هو الموجب لحمل احدهما على الآخر؟ ما هو الموجب؟ نأخذ باطلاق كلا الخطابين و لا موجب لحمل الثاني على حكم ظاهري كل منهما حكمان واقعيان ثابتان لموضوعهما.
فاذن لا يبعد ان يقال بان كل من واقع الضرر و خوف الضرر موضوع مستقل لمشروعية التيمم و ما يقول السيد الخوئي هنا لم يقل غفل رحمة الله عليه هذا الرجل العظيم غفل عن مبناه من ان آية الوضوء خاصة بالمريض الذي يضر به الماء اضرارا محرما لانه هو الذي لا يتمكن من استعمال الماء لا المريض الذي يضر به الماء اضرارا غير محرم و يتمكن من استعمال الماء، يحمل فلم تجدو الماء على عدم التمكن من استعمال الماء، هنا لا يشر الى هذه النكتة و سابقا قلنا ان هذه النكتة مو صحيح و ان كنتم مرضى فتيمموا مطلق أي من يضر به الماء فيتيمم هذا مستفاد من الآية الكريمة و بعض الروايات و من هذه الروايات استفدنا ان من خاف على نفسه من الضرر فليتيمم و مقتضى الاطلاق ان نأخذ بكلا الموضوعين و لا منافاة بينهما.
والحمدلله رب العالمين.