موضوع: المفطر الخامس (الکذب علی الله و الرسول و الائمة علیهم السلام)/ المفطرات/ کتاب الصوم
الدرس 69-84
الإثنين – 6 شعبانالمعظّم 44
فهرس المطالب:
الاشكال الاول علی مفطرية هذا الكذب: الروايات موثقات لا صحاح. 1
الاشكال الثاني: عدم عرفية التخصيص لعموم “لايضر الصائم” 2
الاشكال الثالث: التعبیر ب “و هو صائم” قرينة علی استحباب القضاء 3
الاشكال الرابع: اقتران قوله نقض صومه بقوله نقض وضوءه 5
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلّي اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين
كان الكلام في مفطرية الكذب علی الله و رسوله و الائمة عليهم السلام حيث افتی المشهور من القدماء بمفطريته، و ذهب المشهور من المتاخرين علی ما نسب اليهم الی عدم مفطريته، و كثير من الاعلام احتاطوا وجوبا في تعليقة العروة، و منهم السيد السيستاني.
ما هو وجه الاشكال في مفطرية الكذب علی الله و رسوله و الائمة عليهم السلام؟ ذكرت عدة اشكالات:
الاشكال الاول علی مفطرية هذا الكذب: الروايات موثقات لا صحاح
الاشكال الاول: كان من الاعلام الذين يقولون باختصاص حجية الخبر بالخبر الصحيح دون الخبر الموثق قالوا بان كل هذه الروايات موثقات لا صحاح. مثلا موثقة سماعة: عثمان بن عيسی واقفي، سماعة بن مهران واقفي، قال سألته عن رجل كذب في رمضان قال قد افطر و عليه قضاءه قلت فما كذِبَته قال يكذب علی الله و علی رسوله. الرواية الثانية ما رواه الشيخ باسناد عن الحسين بن سعيد عن ابن ابيعمير عن منصور بن يونس عن ابيبصير قال سمعت اباعبدالله عليه السلام الكذبة تنقض الوضوء و تفطر الصائم قال قلت هلكنا قال ليس حيث تذهب انما ذلك الكذب علی الله و رسوله و الائمة عليهم السلام. فيقال بان منصور بن يونس واقفي كما قال الشيخ الطوسي. و ابوبصير مردد بين ليث المرادي و بين يحيی بن القاسم و قد نوقش في وثاقة يحيی بن القاسم، و لكن هذه المناقشة غير صحيحة؛ يحيی بن القاسم ان لميكن اجل شأنا من ليث المرادي فليس اقل شأنا منه. لكن المهم ان منصور بن يونس متهم بكونه واقفيا.
الجواب الصغروي و الکبروي
السيد الزنجاني لميقبل الصغری، السيد الخوئي لميقبل الكبری يعني ان السيد الخوئي قال الصغری مقبولة ان هذه روايات ثقات، روايات موثقات ليست روايات صحاح، و لكن الكبری و هي اختصاص حجية الخبر بالخبر الصحيح ليست صحيحة لبناء العقلاء علی العمل بخبر الثقة و ان لميكن عادلا.
السيد الزنجاني قال هذه الرواية الثانية التي يرويها ابن ابيعمير عن منصور بن يونس رواية صحيحة. لماذا؟ لامرين: الاول ان النجاشي قال في حق منصور بن يونس كوفي ثقة. و لميشر الی انه واقفي. يقول السيد الزنجاني الثقة بقول مطلق ظاهر في الامامي العدل في كلمات القدماء. و لا مانع من ان نلتزم ان الشيخ الطوسي اخطأ في نسبة منصور بن يونس الی كونه واقفيا لانه اعتمد علی نقل في الكشي حول كونه واقفيا.
الوجه الثاني انه يقول السيد الزنجاني ان ابن ابيعمير يروي عن الامامي العدل و لايروي عن الثقة (حسب المصطلح المتاخرين) الا اذا كان اماميا عدلا بشهادة الشيخ الطوسي في كتاب العدة. فحينما يروي عن منصور بن يونس فلامحالة يتعين ان نقول بانه روی عما اخبره به منصور بن يونس قبل ان يصير واقفيا أي حينما كان اماميا عدلا.
قد تسأل من اين علمت بان ابن ابيعمير لايروي الا عن الامامي العدل؟ نقول: لتصريح الشيخ الطوسي بذلك فانه بعد ما قال لو تعارض خبر المتحرز عن الكذب غير الامامي مع خبر الامامي العدل فلااعتبار بخبر غير الامامي و ان كان متحرزا عن الكذب، هذا في المسانيد، نعلم بان هذا المسند راويه السكوني مثلا و ذاك المسند راويه زرارة، لانعمل بخبر السكوني و لايعارض خبر السكوني خبر زرارة. و اما اذا كان احدهما مرسلا و الآخر مسندا، ماذا نصنع؟ يقول الشيخ الطوسي: نظر في حال المرسل، ان كان المرسل مثل ابن ابيعمير و صفوان و البزنطي ممن عرفوا بانهم لايروون و لايرسلون الا عمن يوثق بهم فيتعارض مراسيلهم مع مسانيد غيرهم. و لاجل ذلك سوّت الطائفة بين مراسيل هؤلاء و مسانيد غيرهم، هذا صريح في ان الشيخ الطوسي يشهد بان ابن ابيعمير لايروي الا عن الامامي العدل و الا لو كان يروي عن مجرد المتحرز عن الكذب كما يفهمه مثل السيد الخوئي عن كلام الشيخ الطوسي في العدة فيحتمل ان هذا الذي روی عنه محمد بن ابيعمير عامي ثقة و لايصلح خبره للمعارضة مع خبر الامامي العدل.
طبعا هذا الكلام للسيد الزنجاني تام عندنا و لكن لايتم علی مباني مثل السيد الخوئي.
و هناك رواية اخری احمد بن محمد بن عيسی في نوادره. قلنا بانه نوادر الحسين بن سعيد علی ما شهد به المجلسي الثاني رحمة الله عليه بان النوادر المعروف كونه لاحمد بن محمد بن عيسی انما هو للحسين بن سعيد الاهوازي و احمد بن محمد بن عيسی انما هو راوي كتاب الحسين بن سعيد. هو يروي في كتاب النوادر عن ابيبصير، و اذا قلنا بان ابابصير امامي عدل كما هو الصحيح فقد يقال بان هذا الخبر يكون خبرا صحيحا. و لكن هذا مو صحيح، لان هذا الخبر الموجود في كتاب النوادر يشتمل علی تعليق السند، قبله قال و عنه عن القاسم بن محمد عن علي أي علي بن ابيحمزة البطائني عن ابيبصير قال كذا، و عن ابيبصير عن ابيعبدالله، هذا تعليق في السند، فاذن صار اسوء، تبدل من خبر صحيح الی خبر غير موثق بناءا علی ان علي بن ابيحمزة البطائني كذاب كما هو المشهور.
الاشكال الثاني: عدم عرفية التخصيص لعموم “لايضر الصائم”
الاشكال الثاني هو ان عموم صحيحة محمد بن مسلم لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء كيف يخصص؟ تخصيصه ليس عرفيا.
فلابد من حمل ما دل علی ان الكذب علی الله و رسوله و الائمة مفطر علی كونه مفطرا لكمال الصوم. فيكون نظير ما دل علی مفطرية الغيبة و النميمة و سباب المؤمن للصوم.
الجواب الاول، و النقاش فيه
السيد الخوئي اجاب عنه بما اجاب به استاذه المحقق النائيني فقال اقوی العمومات هذا العموم لايضر الصائم ما صنع، مع ذلك نلتزم بتخصيصه، اي اشكال في الالتزام بالتخصيص؟ التخصيص امر عرفي. السيد الخوئي مثّل لذلك بما ورد من انه لاينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك الاسفلين فقال قد خصصنا هذا العموم بما دل علی ان النوم ناقض للوضوء و نحو ذلك.
الانصاف عدم تمامية هذا الجواب. العرف لايقبل ان تقول كعام في مقام التعليم لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء مع انه يوجد مفطرات اخری الا لنكتة، اذا لمتكن هناك نكتة فالعرف يأبی عن قبول هذا التخصيص. اما في مورد الحديث الذي يقول لاينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك الاسفلين فلعله نفي اضافي بالنسبة الی ما كانت العامة يرونه ناقضا للوضوء كمس النساء و نحو ذلك. و اما عدم ذكر النوم فلعله لاجل التقية مثلا.
الجواب الثاني
و لكن الجواب الصحيح انه بعد ما ورد في روايات اخری بيان مفطرية اشياء اخری فالعرف يجمع بين تلك الروايات و هذه الرواية التي تقول لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب ثلاث خصال علی ان هذه الصحيحة ناظرة الی متعارف الحلال، الحلال المتعارف، و الكذب علی الله و رسوله و الائمة عليهم السلام حرام، و القيء و الاحتقان بالمايع خلاف المتعارف، ففي هذه الصحيحة المقسم يكون الحلال المتعارف، هكذا يفهم العرف. و لايكون تأخير البيان عن وقت الحاجة في مثله قبيحا كي نقول بانه اذا کان عام ترخيصي و ورد في مخصص منفصل ما هو ظاهر في الالزام عليه فالعرف قد يحمل هذا الخطاب الظاهر في الالزام علی الكراهة. نقول بعد ما كان ارتكاب الكذب علی الله و رسوله و الائمة اعتدادا علی الخطوط الحمراء للاسلام، الناس يقولون ليش تعديت عن هذا الخط الاحمر، فلايكون تاخير البيان عن وقت الحاجة في مثله القاءا في المفسدة من قبل الشارع. كما ان هذه الصحيحة في مقام التعليم و السيد السيستاني يری ان العام الترخيصي اذا كان في مقام الافتاء اي في مقام بيان وظيفة السائل العامي، هناك يقول بانه لايصح عرفا تاخير البيان عن وقت الحاجة.
الاشكال الثالث: التعبیر ب “و هو صائم” قرينة علی استحباب القضاء
الاشكال الثالث ما يقال من انه ورد في موثقة سماعة و هو صائم، عن رجل كذب في شهر رمضان فقال قد افطر و عليه قضاءه و هو صائم، يقضي صومه و وضوءه اذا تعمد، فالعرف يقول هو صائم و يحمل الامر بقضاء الصوم علی الاستحباب لانه صرح بانه صائم. قد افطر و عليه قضاءه و هو صائم.
اجوبة السيد الخوئي
السيد الخوئي اجاب عنه بعدة اجوبة. قال:
اولا: روي عن سماعة روايتان، في احداهما لميرد هذا التعبير. علی بن مهزيار عن عثمان بن عيسی عن سماعة قال سألته عن رجل كذب في رمضان قال قد افطر و عليه قضاءه فقلت فما كذبته؟ قال يكذب علی الله و رسوله لميرد فيه و هو صائم. في نقل الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسی عن سماعة ورد سألته عن رجل كذب في شهر رمضان فقال قد افطر و عليه قضاءه و هو صائم يقضي صومه و وضوءه اذا تعمد، فلم تثبت هذه الزيادة التي يرويها الحسين بن سعيد.
ان قلت لعل هناك روايتين روی احداهما علی بن مهزيار و روی الثانية الحسين بن سعيد. يقول السيد الخوئي بعيد جدا ان يروي عثمان بن عيسی عن سماعة لعلي بن مهزيار احدی الروايتين فقط، و يروي عثمان بن عيسی عن سماعة للحسين بن سعيد الرواية الثانية، هذا بعيد. فهي رواية واحدة، مردد بين الزيادة و النقيصة فلاندري هل ما ينقله الحسين بن سعيد هو الصحيح أو ما ينقله علی بن مهزيار.
الجواب الثاني للسيد الخوئي يقول: علی فرض تعدد الرواية و ان ما يرويه الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسی من سماعة قد افطر و عليه قضاءه و هو صائم، معتبر، ففي هذا الجواب نحو من التهافت، قد افطر و عليه قضاءه و هو صائم، يقضي صومه اذا تعمد، بينهما تهافت. مثل ما يقول يعيد صلاته و قد تمت صلاته.
ثم قال: ان امكن حمل و هو صائم علی معنی صحيح نحمله علی هذا المعنی الصحيح و ان لميمكن فالرواية مضطربة لانعمل بها و نرد علمها الی اهلها. ثم دخل في البحث هل يمكن و هو صائم علی معنی صحيح قال قد يحمل علی المعنی اللغوي للصائم أي و هو ممسك عن المفطرات يعني يجب عليه الامساك عن المفطرات تأدبا، كل من افطر في نهار شهر رمضان فيجب عليه الامساك تأدبا الی آخر النهار و عليه القضاء، قد افطر و عليه قضاءه و هو صائم أي ليس بمعنی الصائم الشرعي، أي و هو ممسك عن المفطرات.
السيد الخوئي قال: هذا المعنی بعيد لان استعمال الجملة الاسمية في مقام الامر غير معهود. انتم هكذا فسرتم الرواية، و هو صائم يعني و هو ممسك عن المفطرات يعني يجب عليه الامساك عن المفطرات.
انا اقول: ذكرنا في الاصول انه لا وجه للمنع من استعمال الجملة الاسمية في مقام الطلب. يقول المولی لعبده انا مسافر غدا و انت معي في السفر يعني يجب ان تكون معي في السفر. نعم، لايقال زيد قائم في مقام الامر بقيام زيد، و لكن هذا لايعني انه لاتستعمل الجملة الاسمية في مقام الطلب ابدا، قد افطر و عليه قضاءه و هو صائم يعني يجب عليه القضاء في حين انه صائم الی الليل، نظير ما قلنا ان المولی يقول لعبده انا مسافر غدا و انت معي في السفر، أو تقول لمن شرب الماء في نهار شهر رمضان عليك قضاء ذلك اليوم و انت ممسك في هذا اليوم عن الاكل و الشرب الی آخر الليل، ليس مستهجنا.
فهذا المعنی الاول و ان كان خلاف الظاهر لكن مقتضی الجمع بين كلامين متصلين و رفع التهافت بينهما ان نحتمل هذا المعنی الاول في الرواية.
المعنی الثاني ما قال السيد الخوئي من ان نقول ان هذا الحكم مختص بفرض ما لو كان صائما قبل ان يكذب علی الله و رسوله، قد افطر و عليه قضاءه فيما اذا كان صائما و قد كذب علی الله و رسوله، اما اذا كان شهر رمضان مثلا و لكنه لميكن صائما، هنا لايقال انه قد افطر، قد افطر و عليه قضاءه فيما اذا كان صائما و الا لو لميكن صائما فليس بصائم حتی نقول قد افطر بهذه الكذبة علی الله و رسوله.
السيد الخوئي يقبل ان هذا المعنی الثاني خلاف الظاهر جدا، ابعد من المعنی الاول جدا.
المعنی الثالث ان نقول و هو صائم اضافي نسبي. هذا الشخص مفطر لصومه من حيث انه كذب علی الله و صائم من حيث انه اجتنب عن بقية المفطرات، و عليه القضاء لان من لميصم صوما مطلقا عليه القضاء و ان صام صوما نسبيا.
يقول السيد الخوئي هذا المعنی مع بعده في نفسه لعله اقرب من غيره.
بالعكس، هذا مو اقرب من غيره. المعنی الاول اقرب من هذا. و هو صائم اي صوما نسبيا من حيث انه ممسك عن بقية المفطرات.
السيد الزنجاني احتمل معنی رابعا فقال: ما هو المانع من ان نلتزم ان هذا صائم شرعا، صومه صحيح لكن يجب عليه ضم القضاء، يجمع بين هذا الصوم و بين القضاء. كانّه قضاء عقوبتي.
انتم ترون ان هذا خلاف الظاهر جدا. قد افطر، ان كان يقول عليه قضاءه و هو صائم لامانع من ان نقول هو صائم لكن عليه القضاء عقوبة لكنه يقول قد افطر. مفطر و صائم؟ هذا متهافت.
فالانصاف اقربية المعنی الاول فان قبلنا ذلك و الا فالرواية تصبح مجملة لا يمكن العمل بها. فاذن هذا الاشكال الثالث و هو الاستدلال بموثقة سماعة علی نقل الحسين بن سعيد افطر و عليه قضاءه و هو صائم غير متجه لان هذه الرواية اكثر شيء انها مجملة و لا اعتبار بها.
الاشكال الرابع: اقتران قوله نقض صومه بقوله نقض وضوءه
الاشكال الرابع هو اقتران قوله نقض صومه بقوله نقض وضوءه. الكذب علی الله و رسوله ينقض الوضوء و يفطر الصائم فيقال بان ينقض الوضوء حمل علی نقض كمال الوضوء، و هذه القرينية السياقية توجب ان نحمل المفطرية للصوم علی المفطرية لكمال الصوم. شوفوا! الروايات ابن ابيعمير عن منصور بن يونس عن ابيبصير الكذبة تنقض الوضوء و تفطر الصائم، موثقة سماعة علی نقل الحسين بن سعيد يقضي صومه و وضوءه.
الجواب
اجاب السيد الخوئي عن ذلك بانه يصير مثل اغتسل للجمعة و الجنابة. كما ان حمل اغتسل للجمعة علی الاستحباب لايشكّل قرينة علی ان نحمل اغتسل للجنابة علی الاستحباب، فكذلك المقام. ينقض الوضوء نحمله علی استحباب اعادة الوضوء، و لكن يفطر الصائم نبقيه علی ظهوره في انه يفطر اصل الصوم لا كماله.
تاملوا في هذا الجواب الذي هو احد الاجوبة للسيد الخوئي علی هذا الاشكال الرابع، تاملوا في ذلك الی الليلة القادمة انشاءالله.
و الحمد لله رب العالمين.