موضوع: المفطر الرابع (الاستمناء)/ المفطرات/ کتاب الصوم
الدرس 64-79
الأحد – 28 رجبالأصبّ 44
فهرس المطالب:
النقاش في الثمرة التي ذكره السيد الخوئي للشك في الدخول. 1
النقاش في كلام المحقق الخوئي من ان المفطر هو مطلق الإمناء 3
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلّی اللّه علی سيدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين
النقاش في الثمرة التي ذكره السيد الخوئي للشك في الدخول
بقيت نكتة ينبغي ان نشير اليها و هي انه لمّا ذكر السيد الخوئي ثمرة لما اذا شك في الدخول حيث قال السيد الخوئي اولا لا اثر للشك في الدخول في فرج المرأة في حال الصوم لانه ان كان ناويا للدخول فيبطل صومه و لو لميتحقق الدخول من باب نية المفطر و لو لميكن ناويا للدخول فحتی لو تحقق الدخول لما بطل صومه لان الدخول لا يكون حينئذ عمديا.
فذكر ثمرة حتی تظهر نتيجة كلام صاحب العروة فقال: اذا نوی الدخول في فرض الشك في طلوع الفجر ثم تبين طلوع الفجر فهنا تظهر الثمرة لانه لو احرز الدخول فيندرج في من ارتكب المفطر و هو جاهل بطلوع الفجر حيث ورد في الروايات انه يبطل صومه ما لميفحص عن الافق، و ان لميتحقق الدخول لما بطل صومه. و هنا اذا شك في الدخول في زمان كان يعتقد أو يحتمل طلوع الفجر ثم تبين له طلوع الفجر في ذلك الوقت ان كان شاكا في الدخول يفيد هذا الشك لانه يستصحب عدم الدخول فيحكم بصحة صومه بينما انه لو الحرز ادخول حكم ببطلان صومه و وجوب القضاء عليه.
هنا يأتي اشكال علی السيد الخوئي. السيد الخوئي ذكر في بحث من ارتكب المفطر و هو جاهل بطلوع الفجر و لكن الفجر كان طالعا واقعا فقال هذا صومه باطل علی مقتضی القاعدة لانحتاج الی النص. و انما نفعنا النص في العدول عن مقتضی القاعدة في فرض واحد و هو ما اذا قام فنظر الی الافق فاطمئن بعدم طلوع الفجر أو ظن بعدم طلوع الفجر فأكل المفطر فالشارع منّ علينا اي تفضل علينا فحكم بان هذا الصوم صحيح و لو لميمن علينا الشارع لكنا نقول ببطلان هذا الصوم ايضا. لماذا؟ لان الصوم هو الامساك عن المفطرات في واقع النهار يعني في واقع ما بين طلوع الفجر الی غروب الليل.
هذا الكلام يعني انه يجب الامساك من واقع طلوع الفجر و الامساك ليس ترك المفطرات فقط و انما هو قصد الاجتناب عن المفطرات فلو ان شخصا قام من النوم و لايدري هل الساعة خمسة صباحا أو ستة صباحا، شاك أو يعتقد ان الساعة خمسة فقام فدخل المطعم حتی يتسحر فنظر الی الساعة فشاف ان الساعة ست صباحا، عاف الاكل، فهل يلتزم السيد الخوئي ببطلان هذا الصوم؟ لازم كلامه ذلك. لماذا؟ لانه لميكن ناويا للامساك في هذه الساعة التي هي واقعا ساعة نهارية فان السيد الخوئي الذي يقول هذا اذا اكل بطل صومه لانه لميكن مجتنبا عن المفطرات في واقع النهار فهذا الذي كان ناويا للاكل أو مترددا في الاكل في هذا الوقت فهو اذن ليس ممسكا عن الاكل في واقع النهار و انما اتفق انه نظر الی الساعة فشاف ان الساعة ستة صباحا فامتنع عن الاكل.
فيقال حينئذ كاشكال علی السيد الخوئي يا سيدنا! هذا الذي نوی ان يدخل بزوجته في هذا الوقت باعتقاد عدم طلوع الفجر فاقترب من زوجته و عمل عملا الان يشك انه كان مصداقا للدخول ام لا، هذا يعلم بانه لميكن ناويا عن الاجتناب عن الجماع في هذه الساعة التي تبين انها ساعة نهارية، فلماذا تقول يستصحب عدم الدخول، ما هي فائدة هذا الاستصحاب؟ هذا يعلم بانه لميكن ناويا للامساك عن الجماع في هذه الساعة التي تبين انه ساعة ستة، كان يتخيل ان الساعة خمسة فقال ماكو مجال لنأكل السحور لكن اك مجال لعمل آخر، فعمل عملا الان يشك انه تحقق معه الدخول بزوجته ام لا، خب هذا لميكن ناويا للامساك عن الجماع في هذا الوقت الذي تبين انه وقت نهاري.
و لكن ما ادري ماذا يجب السيد الخوئي عن هذا الاشكال الفني و يا ليته طرح هذا الاشكال فاجاب عنه بجواب حتی نتأمل في جوابه. لكن انا اقول: مضافا الی استبعاد انه يحكم ببطلان صوم هذا الشخص الذي كان يتخيل عدم طلوع الفجر أو يشك في طلوع الفجر فيستصحب عدم طلوع الفجر و يريد ان يأكل شيئا يشرب ماءا لمّا اخذ الكأس بيده ليشرب عليه صاحوا عليه شتسوي؟ ساعة ستة قم صل صلاة الصبح، فعاف الماء، كثير من الناس حينما يقومون من النوم و يشكون في طلوع الفجر أو يعتقدون عدم طلوع الفجر من نيتهم اكل شيء فاذا اكلوا يبطل صومهم. اذا لميأكلوا هل نقول بانه ايضا يبطل صومهم لانهم لميكونوا ناوين للاجتناب عن الاكل في هذا الوقت؟ مضافا الی استبعاد الحكم ببطلان صومهم و كذا استبعاد الحكم ببطلان صوم من تخيل دخول الليل فاراد ان يأكل الفطور فقالوا له: لا، بعدُ ما اذّن، فامتنع عن الاكل، انتظر حتی يؤذّن ثم يأكل الفطور، نحكم ببطلان صومه لانه اراد ان يأكل لتخيل انه دخل الليل. بدلوا قناة قم الی قناة مشهد مثلا و هو سمع اذان المشهد سمع صلاة المغرب و العشاء يصلون في المشهد هذا تخيل انه صلاة في حضرة السيدة معصومة فقام يأكل الفطور، قالوا له: لا، هذه قناة مشهد مو قناة قم، هل يبطل صومه؟ بعيد جدا.
و يمكننا مضافا الی هذا الاستبعاد ان نستدل بما ورد في الرواية المعتبرة الواردة في من تخيل دخول الليل يقول من أكل قبل ان يدخل الليل ثم تبين له عدم دخول الليل فعليه قضاءه لانه أكل متعمدا. موثقة سماعة: قال سألته عن قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم السحاب السود عند غروب الشمس فرأوا انه الليل فافطر بعضهم ثم ان السحاب انجلی فاذا الشمس فقال علی الذي افطر صيام ذلك اليوم و من أكل قبل ان دخل الليل فعليه قضاءه لانه أكل متعمدا. هذا مفهومه انه من لميأكل ليس عليه القضاء، مطلق، سواء نوی ان يأكل أو لمينو ان يأكل. و لاجل ذلك نلتزم بان من شك في الدخول في زوجته في هذا الوقت الذي تبين له كان بعد طلوع الفجر أو كان قبل دخول الليل فيستصحب عدم تحقق الدخول و يحكم بصحة صومه و مجرد نيته للدخول لايوجب بطلان صومه.
المفطر الرابع (الاستمناء)
يقع الكلام في المفطر الرابع و هو الاستمناء.
القدر المتيقن من بطلان الصوم بالاستمناء ما اذا لعب مع زوجته أو قبّلها بقصد الانزال و اما اذا نظر الی امرأة مع قصد الشهوة أو استمع الی صوتها و لو كان بقصد الانزال فقد يناقش في بطلان الصوم به.
و ممن ناقش في ذلك المحقق الحلي فقال في الشرائع: لو استمنی أو لمس امرأة فامنی فسد صومه و لو احتلم بعد نية الصوم نهارا لميفسد صومه و كذا اي لايفسد صومه لو نظر الی امرأة فامنی علی الاظهر أو استمع فامنی.
السيد الخوئي قال لابد من توجيه هذا الكلام لصاحب الشرائع، نقول مقصوده ما اذا نظر لا بقصد الانزال، اتفق الانزال، استمع الی صوم امرأة لا بقصد الانزال اتفق الانزال هنا يحكم بعدم بطلان صوم هذا الشخص.
لكن ماذا يصنع السيد الخوئي بالنسبة الی صريح كلامه في المعتبر يقول قال الشيخ لو نظر الی محرّمة أي امرأة اجنبية بشهوة فعليه القضاء و لو كانت محللة فلاشيء عليه و كذا لو تسمّع أو اصغی الی حديث فامنی و الصواب انه لا قضاء في الجميع. يعني حتی لو نظر الی اجنبية بشهوة فامنی لا قضاء عليه.
و وجه كلامه قصور الروايات الواردة في مفطرية الاستمناء. مثلا ورد في صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن الرجل يعبث باهله في شهر رمضان حتی يمني قال عليه من الكفارة مثل ما علی الذي يجامع. و نحوها موثقة سماعة و غيرها من روايات هذا الباب.
النقاش في كلام المحقق الخوئي من ان المفطر هو مطلق الإمناء
السيد الخوئي قال: ظاهر هذه الروايات ان المفطر هو الإمناء، الرجل يعبث باهله حتی يمني، فالامام يقول عليه الكفارة يعني هذا الامناء يوجب بطلان الصوم.
و لكن انتم ترون ان هذا ليس صحيحا. ليست كلمة حتی في هذه الروايات ظاهرة في مقدمية ما قبلها لما بعدها بل لعل المراد من كلمة حتی تضييق ما قبلها بمرتبة خاصة. مثلا فرق بين ان تقول اضربه حتی يتأدب فان الظاهر هنا ان المقصود بالاصالة هو تأدب هذا الشخص و لكن حينما تقول اضربه حتی يصيح، هذا قام يصيّح من دون ان تضربه، لا، بمجرد ان سمع ان المولي قال اضربه حتی يصيح قام يصيّح، هل تقول حصلت الغاية؟ الغاية كانت صياح هذا الشخص، شنو هذا الصياح؟ الصياح الذي يكون نتيجة الضرب، هذا هو المطلوب، اضرب حتی يصيح، فرق بين ان تقول اضربه حتی يصيح و بين ان تقول اضربه حتی يتأدب.
في صحيحة ابن بزيع ورد فينزح حتی يطيب طعمه و يذهب ريحه. بعضهم قال الغاية هو طيب الطعم و لو كان بغير النزح، تلقي علی ماء البئر عطرا يزول ريحه الكريه و يصير ذا رائحة طيبة. نقول: لا، فينزح حتی يطيب يعني النزح المؤدي الی طيب الطعم، الواجب مرتبة خاصة من النزح. فهنا ايضا يعبث باهله حتی يمني يعني المفطر هو العبث المؤدي الی الامناء لا مطلق ما يؤدي الی الامناء.
و هكذا لايتم استدلال السيد الخوئي علی كون الإمناء مفطرا للصوم باي سبب كان، لايتم استدلاله علی ذلك بمثل صحيحة الحلبي: عن رجل يمس من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه؟ فقال عليه السلام ان ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة ان يسبقه المني. يقول السيد الخوئي فالمهم خوف نزول المني و لو باي سبب كان. نقول: لا، يكره للرجل الشاب ان يمس زوجته لانه يخاف ان يؤدي هذا المس الی امناءه. و لاجل ذلك لايمكن الاستدلال بهذه الروايات علی مفطرية مطلق الإمناء، حتی اذا كان بتخيل قضايا شهوانية فكيف بما اذا سحب من الرجل المني في المختبر بالإبرة و نحوها.
جواب سؤال: هذا ليس علة. يقول لايلاعب الشاب زوجته مخافة ان يسبقه المني يعني يسبقه المني نتيجة الملاعبة، لايظهر منه ان المفطر هو نزول المني. … اللعب باليد قطعا اذا ادّی الی الانزال فيطل الصوم، ليس كلامنا فيه، الكلام في انه هل يدل علی ان كل ما ادّی الی خروج المني فهو مبطل للصوم؟
السيد الخوئي استدل برواية اخری و هي هذه الرواية الصحيحة التي قرأناها سابقا حينما علل عدم بطلان الصوم بماذا اجنب في الليل ثم نام فقال و ذلك ان جنابته كانت في وقت حلال، يقول السيد الخوئي مفهوم ذلك ان جنابته لو كانت في وقت حرام أي في نهار شهر رمضان فيبطل صومه.
السيد الزنجاني قبل هذا الاستدلال، قال هذا الاستدلال تام، و ذلك ان جنابته كانت في وقت حلال، مفهومه انه لو كانت جنابته في وقت حرام بطل صومه. معتبرة ابيسعيد القماط انه سئل ابوعبدالله عليه السلام عمن اجنب في اول الليل في شهر رمضان فنام حتی اصبح قال لا شيء عليه و ذلك ان جنابته في وقت حلال. فيقول السيد الخوئي مفهوم هذه الصحيحة انه لو كانت جنابته في وقت حرام اي في نهار شهر رمضان فيبطل صومه. و هذه الصحيحة تشمل حتی الاحتلام و لو كنا نحن و هذه الصحيحة لكنا نقول من علم بانه لو نام سوف يحتلم لايجوز له ان ينام لان جنابته في وقت حرام اي في نهار شهر رمضان.
و لكن خرجنا عن اطلاق هذه الصحيحة في خصوص الاحتلام برواية صحيحة اخری و هي رواية القداح، عبدالله بن ميمون القداح، و عبّر عنها السيد الخوئي بالصحيحة، في هذه الرواية قال ثلاثة لاتضر بالصوم و ذكر منها الاحتلام. و لولا هذه الصحيحة لكنا نفتي بان الاحتلام اذا استند الی سبب اختياري فيوجب بطلان الصوم. لكن في خصوص الاحتلام خرجنا عن اطلاق هذه الصحيحة و يبقی كل جنابة لايصدق عليها الاحتلام داخلا تحت الصحيحة ابيسعيد القماط.
قبل ان اذكر جوابا عن كلام السيد الخوئي ينبغي ان اذكر الاتجاه المعاكس للسيد الخوئي و هو ما اختاره السيد الروحاني في كتاب الصوم فقال: المبطل هو ان يتعمد الشخص و يتقصد انزال المني بشهوة، فحتی لو ذهب شخص الی مكان يعلم بانه هناك يری أو يرائی مناظر خلاعية، أو تأتي امرأة و تلعب به بحيث تثير شهوته فيمني، انه حرام شيء آخر، حرام، لكن ما هو الدليل علی انه مبطل للصوم، الدليل هو انه من عبث بامرأته حتی أمنی بطل صومه، من لامس امرأته حتی أمنی بطل صومه، اما من اوجد الموضوع للإمناء، ما هو الدليل علی انه يبطل صومه، هذا اوجد الموضوع، ذهب الی مكان و لو كان يعلم بانه في ذلك المكان يلعب به فيمني، ما هو الدليل علی انه مبطل للصوم؟
لو تم استدلال السيد الخوئي بهذه الصحيحة التي تقول لايبطل صوم من اجنب في ليل شهر رمضان و نام فاصبح جنبا من دون عمد، لايبطل صومه لانه اجنب في وقت حلال، مفهومه انه لو اجنب في وقت حرام بطل صومه، ان تم استدلال السيد الخوئي بهذه الصحيحة لكان دليلا علی ان الجنابة باي سبب كان في نهار شهر رمضان يبطل الصوم. و حينئذ يبطل احتمال ان الجنابة و نزول المني بسبب غير الملاعبة و نحوها لايكون مبطلا للصوم.
تاملوا في اطلاق هذه الصحيحة الی الليلة القادمة انشاءالله.
و الحمد لله رب العالمين.