الدرس63
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.
المسألة التاسعة إذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت عصى لكن الأقوى صحة صلاته حينئذ و إن علم أنه لو طلب لعثر لكن الأحوط القضاء خصوصا في الفرض المذكور.
ذكر صاحب العروة هنا مطلبين، المطلب الاول انه اذا ترك المكلف الفحص عن وجود الماء الى ان ضاف الوقت كان عاصيا. كان ينبغي لصاحب العروة ان يقول كان متجرئا فان كان في الواقع لو فحص لظفر بالماء، كان عاصيا و الا فلا. فانه لو في علم الله لا يوجد ماء بحيث لو طلب ماءا لم يظفر به، فلماذا يكون عاصيا و ماذكره بعضهم كالسيد الخوئي من انه بناءا على الامر المولوي الطريقي بطلب الماء فهنا يتحقق عصيان هذا الامر الطريقي، نعم لو لم يكن هناك امر مولوي طريقي و انما كان خطاب الامر ارشادا محضا الى تنجز الواقع فلا يكون عاصيا بل يكون متجرئا.
نقول الامر الطريقي لا يفرض له عصيان، العصيان يختص بمخالفة التكليف النفسي اما الحكم الظاهري الطريقي فليس معناه الا تنجيز الواقع على تقدير وجوده او فقل اهتمام الشارع بالواقع على تقدير وجوده و لاجل ذلك نحن نقول ليس روح الحكم الظاهري الالزامي الارادة الطريقية المولوية للاحتياط بل ليس روح الحكم الظاهري الالزامي الا عدم رضى الشارع بمخالفة التكليف الواقعي على تقدير وجوده بحيث اذا لم يوجد حكم تكليفي واقعي فليس في نفس المولى ارادة طريقية للاحتياط مثلا في الارادات التكوينية شخص اشتبه، افرض ذهب له بين اشياء تشبه الذهب فهو يلتقط الجميع، سقطت عنه تلك الاشياء كلها و فيها ذهب مشتبه ببقية الاشياء شبيهة بالذهب، فيلتقط الجميع، ارادته النفسية التكوينية تعلقت باخذ الذهب و لكن ارادته الطريقية تعلقت باخذ الجميع، روح الارادة الطريقية للاحتياط هو هذا و لكن لو فرضنا ان روح الامر الظاهري الالزامي هي ارادة المولى الطريقية بالاحتياط لكان الشخص عاصيا بمخالفته لارادة المولى للاحتياط لا متجرئا. حتى لو كانت الارادية طريقية مثلا بعض الاحكام ارادة المولى فيها طريقية و لكن توجد فيها ارادة كحفظ الفرج يوجد هنا وجوبان وجوب الاجتناب عن الزنا او فقل تحريم الزنا و وجوب حفظ الفرج يعني الاجتناب عما يخاف من انجراره الى الزنا ان قلنا بان حفظ الفرج يراد به حفظ الفرج من الزنا كما هو ظاهر السيد الخوئي و يرى ان الريب بهذا المعنى يعني النظر مع الريبة يعني النظر الذي يكون فيه خوف الوقوع من الزنا فيكون محرما لانه ينافي حفظ الفرج فارادة المولى سبحانه و تعالى بفحظ المؤمنين و المؤمنات لفروجهم بمعنى عدم تعريض الفرج لما يخاف من الانجرار الى الوقوع في الزنا هذا واجب لكن واجب طريقي، ليس لاجل تنجيز حكم نفسي آخر، لا، من ناحية انه ليس لاجل تنجيز حكم نفسي آخر يعبر عنه بالوجوب النفسي لانه ليس بداعي تنجيز واجب آخر و لكن في نفس الوقت ارادته ارادة طريقية بحيث اذا شخص وقع في الزنا لايعاقب بعقابين، عقاب على الزنا و عقاب على عدم حفظ الفرج، لان الارادة الطريقية اذا خولفت فوقع المكلف فيما يخاف منه فيستحق عقابا واحدا على ارتكابه لما يخاف منه و لكن لو لم يقع في ما يخاف منه اي لم يقع في الزنا مع ذلك يعاقب على مخالفته لوجوب حفظ الفرج.
ونظير الامر بحفظ الفرج الامر بحفظ الامانة، حفظ الامانة واجب على الامين او الامر بفحظ الولد على وليه يجب على الولي حفظ الولد من الضرر يعني لايجوز للولي او لمن يكون الولد لحضانته ان يخلي الولد يذهب الى مكان غير مأمون و ان لم يحدث شيء لكن مجرد ان يسمح للولد بالذهاب الى مكان غير مأمون، هذا لايجوز لوليه او لمن يحتضنه، اذا كانت الولد في حضانة الام. يجب عليه حفظ الولد هذا وجوب نفسي يعني ليس لاجل تنجيز تحريم الاضرار بالولد فلو لم يحدث ضرر على الولد مع ذلك يستحق الولي العقاب على عدم حفظه للولد او في مثال الامين يستحق الامين العقاب، هذا المال كان امانة بيدك، وضعته في الشارع؟!، و رجع الحمدلله ماحدث شيء لكنه يعاقب، كان عاصيا لعدم حفظه للامانة فوجوب حفظ الفرج و وجوب حفظ الولد و وجوب حفظ الامانة ليس حكما ظاهريا، حكم واقعي لكن بارادة طريقية، الغرض من الامر بحفظ الفرج هو ان لا يقع في الزنا و الامر بحفظ الولد ان لا يقع في مشكلة بدنية او اخلاقية و الامر بحفظ الامانة لاجل ان لا يتلف المال الذي عوده عنده، الملاك طريقي و الارادة طريقية لكن الوجوب نفسي.
فاذن لماذا نعبر عن الحكم الظاهري الالزامي كوجوب الاحتياط بانه حكم ظاهري؟! لماذا اختلف عن وجوب حفظ الفرج و وجوب حفظ الولد و وجوب حفظ المال، لان هناك في هذه الوجوبات اكو ارادة مولوية طريقية فيعاقب المكلف على مخالفة هذه الارادة بينما انه في الحكم الظاهري لاتوجد ارادة طريقية و انما روح هذا الحكم الظاهري اهتمام المولى بالواقع على تقدير وجوده، عدم رضى الشارع بمخالفة الحكم الواقعي على تقدير وجوده فلو لم يوجد حكم واقعي فلا يوجد شيء،روح الحكم الظاهري قضية تعليقة، عدم رضي الشارع بمخالفة التكليف الواقعي على تقدير وجوده. فاذن لو فرضنا انه حتى لو فحص هذا المكلف عن الماء لم يظفر به فخالف الامر الطريقي بطلب الماء لايكون عاصيا لان الحكم الواقعي بوجوب الوضوء منتف بعد عدم الماء واقعا و الحكم الظاهري بطلب الماء لايعني الا اهتمام الشارع بوجوب الوضوء على تقدير وجود الماء و المفروض انه لم يكن ماء، فتعبير السيد الخوئي او السيد الحكيم بانه لو كان هناك حكم ظاهري مولوي بوجوب طلب الماء لعد عاصيا، لا، لايختلف عن الحكم الارشادي الى تنجز الواقع فلا يكون الا متجرئا.
نعم يختلف هذا التجري عن التجري بمخالفة القطع، قد يقال كما ذكر السيد السيستاني ان التجري بمخالفة القطع لايوجد استحقاق العقاب، لو شخص قطع بان هذا المائع نجس فشربه و لكنه كان طاهرا يقول السيد السيستاني و وافقه جمع من الاعلام قبله و معه، قبله كالسيد الخميني قدس سره ان المتجري بمخالفة القطع لايعاقب على التجري، السيد السيستاني يذكر نكتته بان استحقاق العقاب ينشأ من تضمن خطاب الامر للوعيد بالعقاب، هذا هو مصحح العقاب فمع انتفاء الامر لايوجد وعيد بالعقاب في مورد التجري لايوجد خطاب امر فلا يوجد وعيد بالعقاب فلا منشأ لاستحقاق العقاب. و ما يقال من ان هذا العبد ظلم المولى سبحانه و تعالى و هتك حرمته سبحانه و تعالى يقول السيد السيستاني من هو هذا العبد الذليل بالنسبة الى خالق السماوات و الارض هذا الموجود الضعيف كيف نقول هو ظلم الله سبحانه و تعالى، و ما ظلمونا و لكن كانوا انفسهم يظلمون، و لم يهتك حرمته تعالى، ظلم نفسه.
فاذن يقول السيد السيستاني التجري لايوجب استحقاق العقاب و لكن بالنسبة الى مخالفة الحكم الظاهري يوجد مجال بان يقال بان هذا مولوي ظاهري، امر ظاهري، امر شرعي هكذا نعبر، امر شرعي ظاهري باتباع الامارة او بالاحتياط فهنا قد يوجد منشأ لاستحقاق العقاب، لكن اطلاق كلامهم ان التجري مطلقا لايوجب استحقاق العقاب، اطلاق كلام السيد الخميني و السيد السيستاني انه لايستحق العقاب على التجري، و لعله لاجل نفس النكتة الذي ذكرناه من ان الحكم الظاهري لايستبطن الا اهتمام الشارع بالواقع على تقدير وجوده فمع عدم وجود حكم واقعي فلا شيء، فلا ارادة للمولى.
المطلب الثاني يقول صاحب العروة اذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت فانجبر يتيمم، يصح تيممه حتى و لو علم بانه لو طلب الماء لوجد الماء لكنه لم يفحص عن الماء الى ان ضاق الوقت الآن ضاق الوقت و لايتمكن من الوضوء فيتيمم. تارة يقع الكلام في ما لو علم بانه لو فحص لوجد الماء و اخرى يقع الكلام في ما لو شك في انه اذا فحص وجد الماء، يقول السيد الخوئي بالنسبة الى ما لو علم بانه اذا طلب الماء لوجده و امكنه الوضوء لكنه لم يطلب الماء الى ان ضاق الوقت، مقتضى القاعدة الاولية سقوط التكليف بالصلاة فلا يشرع التيمم في حقه لان قوله تعالى اذا قمتم الى الصلاة فلم تجدوا ماءا فتيمموا ظاهر في عدم الوجدان الطبعي للماء لا عدم الوجدان المستند الى سوء الاختيار و تعجيز النفس فموضوع وجوب الوضوء الوجدان الطبعي للماء و موضوع مشروعية التيمم عدم الوجدان الطبعي للماء لا عدم الوجدان و لو كان ناشئا عن تعجيز النفس و لكن حيث قام الدليل على ان الصلاة لاتسقط بحال كما ورد في صحيحة زرارة في المستحاضة انها لاتدع الصلاة بحال فنقول بان الصلاة مع التيمم مشروعة و ان كان عاصيا بتركه للصلاة مع الوضوء في سعة الوقت.
و تبعا هذا البيان يختص بالصلاة و لاجل ذلك في الصوم قال من اخّر الغسل الى ان ضاق الوقت الجنب اذا اخر الغسل الى ان ضاق الوقت فاشكل في بحثه الاستدلالي في مشروعية التيمم في حقه لان دليل مشروعية التيمم لايشمل فرض هذا التعجيز الاختياري عن الغسل و ليس في باب الصوم دليل على ان الصوم لايسقط بحال. يقول السيد الخوئي في كتاب الصوم الجزء الحادي و العشرون صفحة مأة وتسع و تسعين: بعد الفراغ عن مشروعية التيمم للصوم كما عرفت.فهل يختص بمن كان فاقدا أو عاجزا عن الاستعمال بطبعه أو انه يعم موارد التعجيز الاختياري أيضا كمن أجنب نفسه عمدا في وقت لا يسع الغسل أو انه كان جنبا فاخر الغسل عامدا الى ان ضاق الوقت عن الغسل فهل يسوغ التيمم عندئذ و يكون مشروعا في حقه أولا؟ الظاهر عدم المشروعية لقصور المقتضي، فإن المستفاد من قوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً. بحسب الفهم العرفي هو عدم الوجدان بالطبع، لا ان يجعل الإنسان نفسه غير واجد بان يريق الماء أو يجنب نفسه كما في المقام. نعم في خصوص باب الصلاة التزمنا بالمشروعية و جعلنا ضيق الوقت و ان استند الى العمد من المسوّغات لقيام الدليل الخارجي عليه و هو ما استفيد من صحيحة زرارة الواردة في المستحاضة من ان الصلاة لا تترك بحال، و بما أنها مشروطة بالطهارة، و التراب أحد الطهورين، و المفروض العجز عن الماء، فلا محالة تستكشف المشروعية عندئذ.و أما في باب الصوم فلم يرد مثل هذا الدليل. إذا فكما انه عاص في تعجيز نفسه كذلك لا يصح صومه أيضا لكونه من مصاديق البقاء على الجنابة عامدا. إذا فصحته مع التيمم في غاية الإشكال، فلأجل ذلك احتطنا في المسألة بأن يتيمم و يصوم احتياطا و يقضي يوما مكانه.
لماذا لم يقل و يدفع كفارة العمد؟ اذا بقي على الجنابة متعمدا لم يغتسل و لم يتيمم أ ليس عليه كفارة افطار العمد، أ ليس عليه كفارة اطعام ست ستين مسكينا او صوم ستين يوما؟ هكذا افتوا ان من بقي على الجنابة عمدا توجد رواية يقضي يوما و عليه ان يعتق رقبة او يصوم ستين يوما او يطعم ستين مسكينا، لعل السيد الخوئي خاف الناس يتهربون من هذه الفتاوى.
سوال و جواب: ما نجده في فتاوى السيد الخوئي الآن انه قال يجزي التيمم و لو اخر الغسل الى ان ضاق الوقت او اجنب نفسه عمدا في وقت يضيق الوقت عن الغسل و لكن في البحث الاستدلالي هكذا قال.
سوال و جواب: لانحتاج الى الاستصحاب هذا جنب بالوجدان. ادلة مشروعية التيمم تنصرف عن هذا الفرض فالدليل دل على شرطية غسل الجنابة في حقه فقد خالف الشرط، دليل شرطية غسل الجنابة موضوعها الوجدان الطبعي للماء و هذا كان واجدا للماء بطبه فاطلاق دليل شرطية غسل الجنابة يقتضي بطلان صومه بلا حاجة الى الاستصحاب.
انا اضيف نعيد الاشكال على باب الصلاة ايضا نقول ما ورد في حق المستحاضة من انها لاتدع الصلاة بحال كما ذكر السيد الصدر في البحوث، هذه الصحيحة لا تدل على اكثر من ان المكلف لا يكون مرخص العنوان في ترك الصلاة، يعاقب على ترك الصلاة، لاانه كل ما اوجد مانعا فالشارع يشق له طريقا جديدا لصلاة مشروعة، لا تسقط الصلاة بحال او ما ورد في حق المستحاضة من انها لاتدع الصلاة بحال يعني ذمتها مشغولة بالصلاة قطعا فاذا لم تصل فتعاقب على ترك الصلاة، هذا الذي اخر الصلاة مع الوضوء الى ان ضاق الوقت حتى لو لم يكن التيمم مشروعا في حقه مع ذلك نهي عن ترك الصلاة، نهي عن ترك الصلاة مع الوضوء هو باختياره خالف هذا الامر الشرعي، نعم اذا كان عاجزا طبعا عن شيء فمقتضى انه لاتدع الصلاة جعل البدل الاضطراري في حقه، العاجز عن القيام يجعل له بدل اضطراري و هو الصلاة عن جلوس مثلا اما الذي يعجز نفسه عن الصلاة الاختيارية ليس مقتضى انه لايدع الصلاة بحال ان يفتح له الشارع مصداقا جديدا للصلاة فكل ما هو اوجد مانعا و عجز نفسه عن صلاة اختيارية فالشارع يأتي بالصلاة الجديدة له، لايظهر من صحيحة زرارة هذا المعنى كما اشار اليه في البحوث. اصلا يقول لكن صحيحة زرارة واردة في المستحاضة الكثيرة تغتسل للصبح و للظهر و العصر و للمغرب و العشاء و تنظف موضعها و تبدل القطنة، اي اعمال صعبة يقول الامام عليه السلام تغتسل و تصلي و تحتشي و لا تدع الصلاة بحال فان رسول الله صلى الله عليه و آله قال الصلاة عماد دينكم، ماذا تفهمون من هذه الصحيحة؟ هل تفهمون اكثر من التأكيد على ان الصلاة و ان كانت تشق على هذه المستحاضة مع رعاية وظيفة المستحاضة لكن نوصيها عن لاتدع الصلاة بحال، هل تستفيد عن هذه الصحيحة ان الشارع كل ما عجز الانسان نفسه عن صلاة اختيارية فيجعل له بدلا اضطراريا؟! انصافا هذا الاستظهار خلاف المتفاهم العرفي.
سوال و جواب: الاجماع قائم على عدم سقوط الصلاة اذا كان يتمكن من الاتيان بالفرائض، اجمع الفقهاء على ذلك اذا كان يتمكن من الاتيان بجامع الفريضة يعني بجامع الطهارة، الاعم من طهارة المائية او الترابية فالاجماع قائم على ان الصلاة لاتسقط لكن اذا تتمسكون بالاجماع فالاجماع مدركي و اذا تتمسكون بصحيحة ابن سنان إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ مِنَ الصَّلَاةِ الرُّكُوعَ وَ السُّجُودَ أَ لَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ أَجْزَأَهُ أَنْ يُكَبِّرَ وَ يُسَبِّحَ وَ يُصَلِّيَ. الامام يستشهد بان القرائة ليست فريضة بخلاف الركوع و السجود لان من دخل في الاسلام لايحسن ان يقرأ القرآن لاتسقط عنه الصلاة. خب هذه الصحيحة خاصة بمن كان قاصرا دخل في الاسلام لايحسن أن يقرأ القرآن، لا المسلم الذي يعجز نفسه او لا يتعلم القرائة مع تمكنه من تعلمها.
فاذن ماذا نصنع، فالاشكال لايختص بباب الصوم يأتي حتى في باب الصلاة. يمكن ان نقول كما ذكره السيد الحكيم انه يمكن التمسك بنفس الآية الكريمة فان قوله تعالى فلم تجدو ماءا فتيمموا لاوجه للمنع عن اطلاقه للتعجيز الاختياري، من كان متمكنا من الماء يطلب الماء فيظفر به لكن ترك طلب الماء الى ان ضاق الوقت، الآن لايجد ماءا او نفرض انه اتلف الماء، كان عنده ماء فاتلفه فحصر الامر في ان يتيمم و يصلي، يصدق الآن انه جنب لايجد الماء فعدم وجدان الماء اعم من عدم الوجدان الطبعي و عدم الوجدان الاختياري الناشئ من تعجيز النفس و لو في آخر الوقت. ان قلتم فاذن هل تلتزمون بان وجوب الوضوء موضوعه وجدان الماء بالفعل بحيث انه في اول الوقت اذا اراد ان يصلي و كان واجدا للماء يجب عليه ان يتوضأ و يصلي لكنه يمكنه ان يؤخر الصلاة الى آخر الوقت ففي آخر الوقت لايجد ماءا فيتيمم، هل تجوّزون ذلك اختيارا؟! خب لايجوز احد ذلك اختيارا فيقال في الاشكال بانه لا ريب في ان وجوب الوضوء موضوعه صرف وجود وجدان الماء فمن وجد الماء في اول الوقت فيجب عليه تعيينا الصلاة مع الوضوء لايجوز له يؤخر الصلاة الى ان يتلف الماء فيتيمم و هذا يعني ان الواجب على من كان واجدا للماء بنحو صرف الوجود و لو وجدان الماء في اول الوقت يجب عليه ان يصلي مع الوضوء و ما هو في قبال ذلك من ليس واجدا لصرف وجود الماء فيقال بان التقسيم قاطع للشركة اذا انتم تجعلون موضوع وجوب التيمم عدم الوجدان الفعلي للماء و لو كان ناشئا عن تعجيز النفس، اخّر الصلاة الى ان تلف الماء في اثناء الوقت فاضطر الى التيمم، اذا تقولون بان فلم تجدوا ماءا تشمل هذا الفرض، عدم الوجدان للماء بالفعل لاعدم الوجدان الطبعي للماء كما يقول السيد الخوئي. التقسيم قاطع للشركة فاذن وجوب الوضوء يكون ايضا موضوعه واجد الماء بالفعل يعني من كان واجدا للماء في تمام الوقت اما من كان فاقدا للماء في آخر الوقت فاذا اُمر في آخر الوقت بالتيمم فمعناه ليس مأمورا بالوضوء و نتيجة ذلك ان يجوز له تأخير الصلاة الى ان يفقد الماء فيتيمم فهذا خلاف ضرورة الفقة و خلاف الآية فموضوع وجوب الوضوء في الآية صرف وجود وجدان الماء و لو في اول الوقت و ما يقابل ذلك عدم وجود صرف وجود الماء و المفروض ان هذا الفاقد للماء في آخر الوقت واجد او فقل كان واجدا لصرف وجود الماء فكان مأمورا بالوضوء و التقسيم قاطع للشركة.
فهذا الاشكال يكون بصالح السيد الخوئي. لكن الذي نستظهره من الآية الكريمة ان وجوب الوضوء مطلق فيشمل من كان واجدا للماء و لو في بعض الوقت يجب عليه الوضوء، لكن لاينافي ان فاقد الماء بالفعل و لو لاجل تعجيز النفس يكون مكلفا بتكليف آخر و هو الصلاة مع التيمم فان ترك الصلاة مع التيمم فقد خالف تكليفين التكليف الاول اذا قمتم الى الصلاة فظاهره انه اذا دخل الوقت لا ان نلحظ وجدان الماء و فقدانه حين القيام الى الصلاة، متى قام الى الصلاة في اول الوقت او وسطه او آخره يرى انه واجد للماء فيتوضأ او فاقد للماء فيتيمم هذا خلاف الظهور العرفي للآية الكريمة، فالآية الكريمة ترشد الى شرطية الوضوء و بعد ما كانت الصلاة واجبة في تمام الوقت بنحو صرف وجود الصلاة فظاهر هذه الآية الارشاد الى ان الصلاة مع الوضوء واجبة على من يتمكن من صرف وجود الصلاة مع الوضوء في داخل الوقت فمن كان متمكنا على الصلاة مع الوضوء في اول الوقت فتشمله الآية الكريمة الدالة على وجوب الوضوء. فاذا اخّر الصلاة الى ان ضاق الوقت و فقد الماء او لم يتمكن من الوضوء لضيق الوقت فلامانع من ان نقول الفقرة الثانية من الآية تنطبق عليه ايضا فلا منافاة بين انطباق كلتا الفقرتين على ذاك المكلف، الفقرة الدالة على وجوب الوضوء تنطبق عليه لكونه قادرا على صرف وجود الصلاة مع الوضوء و لو في اول الوقت و الفقرة الثانية تنطبق عليه باعتبار انه صار فاقدا للماء بالفعل في آخر الوقت و لو بتعجيز النفس و نوضح ذلك ان شاء الله في الليلة القادمة ان شاءالله.
والحمدلله رب العالمين.