فهرست مطالب

فهرست مطالب

الدرس54

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.


كان الكلام في وجوب الفحص عن وجود الماء و الغاء استصحاب بقاء فقدان الماء فقلنا بان الدليل عليه منحصر في رواية النوفلي عن السكوني قال عليه السلام يطلب الماء في السفر ان كانت الحزونة فغلوة و ان كانت السهولة فغلوتين لايطلب اكثر من ذلك و لكن هذه الروايات كانت مبتلاة بالمعارض و المعارض رواية علي بن سالم عن ابي عبدالله عليه السلام قلت له ا تيمم؟ فقال له داوود الرقي ا فاطلب الماء يمينا و شمالا و قال عليه السلام لا تطلب الماء يمينا و لا شمالا و لا في بئر ان وجدته في الطريق فتوضأ منه و ان لم تجده تمضي.

فقلنا بان هذه الرواية لايبعد تمامية سندها لان الظاهر من علي بن سالم هو علي بن سالم الكوفي الذي روى عنه ابن ابي عمير و هو ثقة و حمل هذه الرواية على عدم وجوب طلب الماء اكثر من مقدار غلوة او غلوتين مما يأبى عنه الذوق العرفي. فمقتضى القاعدة اما حمل طلب الماء في رواية النوفلي على الاستحباب او يتعارضان و يتساقطان و يكون المرجع القاعدة الاولية النافية لوجوب الفحص و كفاية جريان استصحاب بقاء الفقدان للماء.

و ما ذكره السيد السيستاني من ان رواية علي بن سالم من المحتمل ان تكون مقابلة لما وردت في رواية عن داوود الرقي قال قلت لابي عبدالله أَكُونُ فِي السَّفَرِ وَ تَحْضُرُ الصَّلَاةُ وَ لَيْسَ مَعِي مَاءٌ وَ يُقَالُ إِنَّ الْمَاءَ قَرِيبٌ مِنَّا أَ فَأَطْلُبُ الْمَاءَ وَ أَنَا فِي وَقْتٍ يَمِيناً وَ شِمَالًا قَالَ لَا تَطْلُبِ الْمَاءَ وَ لَكِنْ تَيَمَّمْ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ التَّخَلُّفَ عَنْ أَصْحَابِكَ فَتَضِلَّ فَيَأْكُلَكَ السَّبُعُ. فيقول السيد السيستاني بعد هذه الرواية لا يحصل لنا الوثوق بتمامية متن رواية علي بن سالم فمن المحتمل ان يكون المقصود في رواية علي بن سالم فرض الخوف من الضرر في طلب الماء. لكن هذا الكلام من السيد السيستاني اولا مناف لما هو المشهور من حجية خبر الثقة و لو لم يفد الوثوق و الاطمئنان، ان السيد السيستاني يرى حجية خبر الثقة ليست تعبدية و انما تختص بموارد افادة الوثوق الشخصي، حتى الوثوق النوعي لايكفي عند السيد السيستاني، و لكن بناءا على ما ذكرناه في الاصول من حجية خبر الثقة و ان لم يفد الوثوق اما لما ذكره الاعلام كالسيد الخوئي من استقرار بناء العقلاء على الاعتماد على خبر الثقة او لاجل وجود روايات كصحيحة الحميري الواردة في قبول قول الثقة، العمري و ابنه ثقتان و ما اديا اليك فعني يؤديان و ما قالا لك عني فعني يقولان فاسمع لهما و اطع فانهما ثقتان المأمونان. و ماذكره السيد السيستاني من ان هذه الصحيحة واردة في تعيين المنصب للوكلاء الاربعة فقد جعلهم الامام ثقته كمنصب و البناء العقلائي في من نصب كناطق رسمي و ثقة عن جهة او زعيم ان يقبلوا قوله، و اين هذا من حجية خبر الثقة مطلقا؟

فقد اجبنا عن ذلك بان ظاهر التعليل انه يقبل قول العمري و ابنه لعلة كونهما ثقتان مأمونان لا لاجل انهما عيّنا كنائبين عن الامام عليه السلام، و عليه فبعد اعتبار خبر علي بن سالم و خبره حجة و لا يشتمل هذا الخبر على فرض خوف الضرر و يمكن ان نذكر وجها ثانيا فنقول ان رواية داوود الرقي ضعيفة سندا لان داوود بن كثير الرقي متهم بالكذب بينما ان رواية علي بن سالم يروي عن داود الرقي و لايعتمد عليه، يقول كنت عند ابي عبدالله عليه السلام فقال له داوود الرقي فلا نحتاج فيه الى وثاقة داوود بن كثير الرقي. ان قلت نحتمل ان داوود بن كثير الرقي ثقة واقعا فلا يحصل لنا الوثوق من خبر علي بن سالم قلت هذا يؤدي الى نتيجة غريبة و هو ان ابتلاء خبر الثقة بخبر ضعيف يكفي ان لا نعمل بخبر الثقة بدعوى ان نفس وجود خبر الضعيف في قبال خبر المعتبر يمنع من حصول الوثوق بذلك الخبر المعتبر في حد ذاته و هذا لا ادري هل يلتزم به السيد السيستاني او لا يلتزم به؟ ماذا يصنع اذا تعارض خبر ضعيف مع خبر ثقة فهل لايعمل بخبر الثقة بحجة ان وجود خبر الضعيف منع من افادة ذلك الخبر الذي رواه الثقة للوثوق و الاطمئنان ان التزم بذلك فهذا فهذا يؤدي الى نتيجة غريبة في الفقة ما ادري.

فعلى اي حال فوصلنا الى نتيجة انه لادليل في موارد استصحاب بقاء فقدان الماء لادليل على وجوب الفحص و الغاء هذا الاستصحاب، نعم لو لم تكن الحالة السابقة فقدان الماء فيجب الاحتياط و الفحص لمنجزية العلم الاجمالي لوجوب الوضوء او التيمم.

و هناك بعض روايات اخرى قد يستدل بها على عدم وجوب الفحص كصحيحة الحلبي انه سأل عَنِ الرَّجُلِ يُجْنِبُ وَ مَعَهُ قَدْرُ مَا يَكْفِيهِ مِنَ الْمَاءِ لِوُضُوءِ الصَّلَاةِ أَ يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ أَوْ يَتَيَمَّمُ قَالَ لَا بَلْ يَتَيَمَّمُ أَ لَا تَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا جُعِلَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْوُضُوءِ فيقال بان الامام عليه السلام في فرض ان الرجل مجنب و معه مقدار من الماء لا يكفيه للغسل و انما يكفيه للوضوء لم يأمر الامام هذا المكلف بالفحص و طلب الماء بل امره بالتيمم و هذا ينفي وجوب طلب الماء و هكذا صحيحة ابن ابي يعفور او موثقته قال سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنِ الرَّجُلِ يُجْنِبُ وَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَكْفِيهِ لِشُرْبِهِ أَ يَتَيَمَّمُ أَوْ يَتَوَضَّأُ قَالَ التَّيَمُّمُ أَفْضَلُ أَ لَا تَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا جُعِلَ عَلَيْهِ نِصْفُ الطَّهُورِ.

و الجواب عن ذلك ان هذه الرواية ناظرة الى ان من فقد الماء للغسل و كان عنده ماء يكفيه للوضوء لاتنتقل وظيفته من الغسل الى الوضوء و انما تنتقل وظيفته من الغسل الى التيمم بدل الغسل و ليست الرواية ناظرة الى وجوب الفحص و عدمه و لااقل من ان دلالتها على نفي وجوب الفحص تكون بالاطلاق فيقيد هذا الاطلاق برواية النوفلي ان تمت دلالتها و سلمت عن المعارضة.

ثم انه بناءا على ما هو المشهور من وجوب الفحص عن الماء يقع الكلام في جهات، الجهة الاولى وجوب الطلب فيه احتمالات الوجوب النفسي الوجوب الشرطي الوجوب الطريقي الوجوب الارشادي، فصار اربع وجوبات اما الوجوب النفسي بان يقال بانه لو لم يفحص يعاقب على ترك الفحص فهذا غير محتمل لان ظاهر التعبير بوجوب طلب الماء هو كونه طريقيا كوجوب طلب العلم مضافا الى ما ورد في ذيل صحيحة زرارة حيث قال فاذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم و ليصلي، فيعلم منه ان الطلب كان لاجل ان يتوضأ و يصلي فاذا خاف فوت الوقت يدع ذلك و يتيمم و يصلي. اما الوجوب الشرطي فهو ما اختاره صاحب الجواهر و كذا السيد السيستاني في بحثه الاستدلالي و نتيجة الوجوب الشرطي انه لو تيمم من دون فحص بطل تيممه و ان كان في علم الله فاقدا للماء فشرط مشروعية التيمم في حق فاقد الماء واقعا هو ان يفحص فلا يظفر بالماء، السيد السيستاني استدل بظاهر الآية الكريمة قال فلم تجدوا ماءا ظاهر في ان يطلب و يفحص و لايظفر كان يقال لم اجد ضالتي قاعد ببيتك ابد ما افحص يقول لم اجد ضالتي هذا غير صحيح، لم اجد ضالتي انما يستعمل في ما اذا طلبها فلم يجدها و اما الروايات فيقول السيد السيستاني القدر المتيقن منها مشروعية التيمم عند العلم بفقدان الماء ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا لكن متى تكون التراب طهورا لا اطلاق له، القدر المتيقن منه من علم بعدم وجوب الماء فهذا الذي يشك في وجود الماء و لا يفحص فحصا واجبا عليه و يتيمم فتيممه باطل لعدم دليل على كونه سببا لحصول الطهارة، لا تتمسكوا قدام السيد السيستاني باصالة البرائة لا تقولوا اصل البرائة ينفي ان يكون التيمم مشروطا بان يكون بعد الفحص، هذا انما يتم بالنسبة الى مثل السيد الخوئي الذي يري ان الشرط في الصلاة هو نفس التيمم اما السيد السيستاني الذي يقول بان شرط الصلاة هو الطهارة المسبب من التيمم فاذا شك في مشروعية التيمم مع عدم الفحص و ان كان فاقدا للماء واقعا فيجري استصحاب عدم حصول الطهارة بسبب هذا التيمم.

و لكن حيث ان الصحيح عندنا اولا ظاهر الآية الكريمة عدم الوجدان بمعنى ان يكون الانسان فاقدا للشيء لا ان لايظفر به كان يقال فلان لايجد المال، لايجد ما يحج به اي ليس عنده ما يحج به، لا انه فحص عنه فلم يظفر به. و ثانيا نحن ذكرنا مرارا ان كون الطهارة التي هي شرط الصلاة مسببة عن الوضوء و التيمم و الغسل او عنوان منطبق على نفس هذه الافعال؟ الروايات مختلفة في ذلك و لاجل ذلك السيد الخوئي يقول الادلة دلت على ان التيمم طهور الغسل طهور الوضوء طهور، و لا صلاة الا بطهور، يعني لاصلاة الا بوضوء او غسل او تيمم في مواردها. السيد السيستاني وافق المشهور فقال الطهور هو آلة الطهارة و ليس هو الطهارة نفسها، الوضوء طهور لكن يعني ان الوضوء آلة التطهير يعني ما يحصل به الطهارة و لاجل ذلك ورد في بعض الروايات المعتبرة هكذا صلى بطهر بتيمم، هذه الباء باء مباركة باء سببية بعد، طهر بتيمم، صحيحة زرارة و محمد بن مسلم قُلْنَا لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام- رَجُلٌ لَمْ يُصِبْ مَاءً وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَتَيَمَّمَ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَصَابَ الْمَاءَ أَ يَنْقُضُ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ يَقْطَعُهُمَا وَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ فَيُتِمُّهَا وَ لَا يَنْقُضُهَا لِمَكَانِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ دَخَلَهَا وَ هُوَ عَلَى طُهْرٍ بِتَيَمُّمٍ. الباء ظاهر في السببة و هو على طهر بسبب التيمم فالتيمم سبب الطهر و ليس نفس الطهر.

نحن كثيرما دأبنا هكذا نقف بين الاتجاهين المتعاكسين فنقول الروايات مختلفة او فقل الادلة مختلفة نعم الطهور ليس ظاهرا في الطهارة فالوضوء سبب الطهارة لابأس بذلك، و لكن ما هو شرط الصلاة؟ هل شرط الصلاة الطهارة او الطهور؟ الوضوء طهور التيمم طهور لكن قد يكون نفس هذا الطهور شرطا في الصلاة كما هو ظاهر الادلة لاصلاة الا بطهور، لاتعاد الصلاة الا من خمس الطهور، ماقال الطهارة، و مفاد الآية الكريمة شرطية نفس الافعال الثلاث، اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم، و ان كنتم جنبا فاطهروا اي اغتسلوا و ان كنتم مرضى الى آخر الآية فلم تجدوا ماءا فتيمموا. و لا اقل من الشك اما ان نستظهر من الادلة ان نفس الطهور شرط او نتردد و التردد يؤدي ان نجري البرائة مرتين، تأملوا نجري البرائة مرتين مرة عن شرطية الطهارة لان السيد السيستاني خوّفنا قال لو كانت الطهارة شرطا في الصلاة ماذا تصنعون؟ لابد من الاحتياط و احراز حصول الطهارة الذي هي شرط الصلاة فنقول للسيد السيستاني نجري البرائة عما تقول، رفع امتي في ما لا يعلمون، انا لاادري ان الطهارة شرط في الصلاة ام لا؟ اجري البرائة عن شرطيتها، هذه المرة الاولى في اجراء البرائة. ثم تنتقل الى المرة الثانية نقول لاندري لعل شرط الصلاة هو التيمم بعد الفحص تجري البرائة عن ان يكون التيمم بعد الفحص شرطا في الصلاة. فباجراء البرائة مرتين نكتفي بالتيمم مع عدم الفحص ثم نصلي نعم لابد من ان نحرز بعد ما تيممنا انا كنا فاقدين للماء ذاك بحث آخر اما دعوى السيد السيستاني من ان مقتضى الاحتياط ان تحرزوا حين التيمم فقدانكم للماء و لا يكفي احراز فقدان الماء بعد التيمم بان تيمموا ثم تفحصوا فلا تقطعوا بعدم وجدان الماء هذا لايكفي عند السيد السيستاني و صاحب الجواهر، نقول لا، نجري البرائة عن الشرطية الزائد المشكوكة في التيمم و هي كون التيمم بعد الفحص و اليأس.

و اما الوجوب الطريقي، الوجوب الطريقي يختلف عن الوجوب النفسي كما هو واضح و عن الوجوب الشرطي كما هو واضح و عن الوجوب الغيري، الوجوب الغيري الامر بالمقدمة اما الوجوب الطريقي فهو الامر بما هو طريق الى الواقع بغرض تنجيز الواقع، الامر بطلب الماء امر طريقي يكون بغرض تنجيز وجوب الوضوء عند وجدان الماء واقعا او وجوب التعلم (كان قصدي وجوب التعلم)، وجوب طلب الماء او وجوب التعلم بشكل عام وجوب التعلم وجوب طريقي اي بغرض تنجيز الواقع و ان التعلم كثيرما لايكون مقدمة للواجب لا يتوقف امتثال الواجب على تعلم احكامه، كثيرما يمكن الاحتياط ولكن الامر بالتعلم انما هو من اجل تنجيز الواقع فيسمى هذا بالوجوب الطريقي، و هناك ما يسمى بالوجوب الطريقي لكنه ليس بغرض تنجيز الواقع وجوب نفسي طريقي، مثلا وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر وجوب نفسي و لكن وجوب نفسي طريقي يعني وجب بوجوب نفسي الامر بالمعروف لكن بملاك اقامة المعروف فلو احرزتم ان الذي يرتكب المنكر او يرتكب المعروف لا يتأثر من الامر و النهي يسقط الامر و النهي، و ان احتمل السيد الصدر في بعض كلامته انه لا يسقط وجوب الامر بالمعروف او احتمل ذلك في بحث تعريف اللقطة قال تعريف اللقطة واجب نفسي حتى لو تعلموا بانك لا تظفر بمالكها، نقول لا، هذا مو صحيح، وجوب نفسي ليس لغرض تنجيز الواقع لكن بملاك طريقي اي بملاك التحفظ على امر آخر، فوجوب الامر بالمعروف بملاك التحفظ على تحقق المعروف و وجوب النهي عن المنكر بملاك التحفظ على ترك المنكر، فاذن يتضح المطلب.

الوجوب النفسي الوجوب الشرطي فرغنا عنهما، الوجوب الطريقي يعني الذي وجب لا لغرض نفسي و انما لغرض تنجيز الواقع كوجوب التعلم او وجوب الفحص عن وجود الماء مثلا و يختلف هذا الوجوب الطريقي عن وجوب نفسي يكون بملاك طريقي كوجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر او وجوب تعريف اللقطة بملاك طريقي يعني وجوب نفسي ليس ورائه وجوب آخر، الوجوب الطريقي الذي نتكلم عنه يوجد ورائه وجوب آخر مثلا الوجوب الطريقي للتعلم يوجد ورائه وجوب آخر و هو الحكم الواقعي الذي نحن بصدد تعلمه او وجوب الفحص عن الماء يكون ورائه وجوب آخر و هو وجوب الوضوء بالماء الموجود واقعا، فهذا وجوب طريقي محض و ليس وجوبا نفسيا لكن هناك وجوب نفسي بملاك طريقي يعني ليس ورائه وجوب آخر متوجه اليّ، ليس وراء وجوب الامر بالمعروف وجوب آخر متوجه اليّ حتى يكون الوجوب الامر بالمعروف بغرض تنجيز ذلك الوجوب،لا، ليس ورائه وجوب آخر متوجه اليّ و لكن وجوب الامر بالمعروف وجوب نفسي بملاك طريقي اي بملاك تحفظ الواقع و هو المعروف، فلو علمتم بعدم تأثير الامر بالمعروف سقط وجوب الامر بالمعروف و هكذا تعريف اللقطة ليس وراء وجوب تعريف اللقطة وجوب آخر يراد تنجيزه، و لكن وجوب تعريف اللقطة وجوب نفسي بملاك طريقي يعني بنكتة الوصول الى مالكها فلو علمتم بانه لايمكن الوصول الى مالكها سقط وجوب تعريف اللقطة خلافا للسيد الصدر الذي يظهر في كلماته في البحوث انه ليس وجوبا طريقيا حتى مع اليأس عن الظفر بمالك اللقطة يجب الفحص عنه و هذا خلاف الظاهر جدا.

السيد الخوئي هنا قال انا ادعي ان وجوب الفحص عن الماء وجوب طريقي لا وجوب نفسي بملاك طريقي، لا، وجوب طريقي يعني بغرض تنجيز وجوب الوضوء كحكم واقعي، يقول السيد الخوئي انا دائما افصل اذا كان حكم العقل تنجز الواقع لولا الامر الشرعي، نفس الشك يكون كافيا لحكم العقل بتنجز الواقع فالامر الشرعي بالاحتياط او بالفحص يكون ارشادا الى حكم العقل و اما اذا كان الشك لا يكفي لحكم العقل بالتنجز فلولا امر الشارع بالتعلم او بالفحص لكان مقتضى القاعدة الاولية عدم تنجز التكليف،هنا يكون الامر بالفحص او التعلم امرا مولويا شرعيا طريقيا و لاجل ذلك يقول الامر بالاحتياط في موارد العلم الاجمالي يكون وجوب ارشادي لان العلم الاجمالي موضوع لتنجز الاحتياط عقلا فالامر بالاحتياط يهريقهما و يتيمم ارشاد الى حكم العقل لان وجود هذا الامر و عدمه على حد سواء لا اثر لوجوده. و هكذا بالنسبة الى الشبهة الحكمية قبل الفحص قد يكون الامر بالتعلم ارشادا لو كانت الشبهة الحكمية قبل الفحص مجرى لقاعدة الاشتغال، فهنا ايضا كذلك يقول السيد الخوئي لو كان الشك في وجود الماء كافيا في تنجز وجوب الفحص عقلا لكان الامر بطلب الماء ارشادا محضا الى حكم العقل و لكن بناءا على ماذكرناه من ان حكم العقل في مورد الشك في وجود الماء هو عدم تنجز الفحص و كفاية استصحاب عدم وجود الماء و انما لاجل مثل رواية النوفلي بناءا على اعتبارها و عدم معارض لها اوجبنا الفحص فيكون مقتضى ذلك ان يكون وجوب الفحص وجوبا طريقا مولويا. هذا كلام السيد الخوئي.

انا اقول اما بالنسبة الى ما ذكره في الامر بالتعلم و الاحتياط فقلنا في محله انه حتى لو كان العقل يحكم بالتنجز لا اشكال في ان يأمر المولى بالاحتياط تأكيدا لحكم العقل، كما يجعل البرائة الشرعية تأكيدا للبرائة العقلية فهل يلتزم السيد الخوئي بان الخطاب البرائة الشرعية ارشادا الى حكم العقل بالبرائة العقلية؟كلا، و لكنه ليس لغوا تأكيد لحكم العقل فمجرد وجود حكم العقل بشيء لايجعل الخطاب الشرعي الموافق له لغوا، الظلم قبيح و الشارع حرمه هذا لايصير لغوا، تأكيدا لحكم العقل بحكم مولوي شرعي، نعم ان كان السيد الخوئي يريد ان يقول لاظهور في خطاب الامر بالاحتياط في موارد العلم الاجمالي في كون الواجب وجوبه مولويا شرعيا طريقيا فنقبله اما السيد الخوئي يدعي لغوية الامر المولوي بالاحتياط في مورد العلم الاجمالي، هذا مما لانقلبه نعم نقبل عدم ظهور ادلة في وجوب المولوي الطريقي.

و اما ما ذكره هناك في بحث الاجتهاد و التقليد من انه بناءا على انه لولا الامر بالتعلم لكانت الشبهة البدوية قبل الفحص مجرى للبرائة لامجرى لقاعدة الاشتغال فهنا نلتزم بكون الامر بالتعلم امرا طريقيا مولويا، فهذا ايضا مما لا نقبله، الامر بالتعلم لعله ارشاد الى عدم جريان البرائة في الشبهات الحكمية قبل الفحص فيكون حكم العقل بتنجز الاحكام فعليا و الشارع ارشد اليه، افلا تعلمت حتى تعمل، من اين نستفيد انه امر مولويا بالتعلم؟ حتى في الشبهة البدوية قبل الفحص؟ نعم نستكشف من ذلك عدم جريان البرائة في الشبهات الحكمية قبل الفحص.

فاذن امكان الامر المولوي بالتعلم موجود سواءا في اطراف العلم الاجمالي او في الشبهات الحكمية قبل الفحص او كل مورد امرنا فيه بالتعلم، و اما ظهور الخطاب في المولوية لا نلتزم به حتى في الشبهات البدوية قبل الفحص و لا في الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي لاحتمال ان هذه الاوامر بالاحتياط مجرد ارشاد الى تنجز الواقع بحكم العقل و العقلاء، و هكذا في المقام نقول من اين نستفيد من ظاهر الادلة ان الامر بطلب الماء و الفحص عن وجود الماء امر مولوي؟ ان كان المقصود عدم لغوية الامر المولوي بالفحص فهذا مما نلتزم به حتى لو كان مقتضى القاعدة تنجز الفحص، ايّ اشكال في ان يجعل الشارع الامر المولوي الطريقي موافقا للحكم العقل و مؤكدا له؟ و اما اذا يدعي السيد الخوئي ظهور الادلة لطلب الماء في الامر المولوي الطريقي فهذا مما لا نسلمه لاحتمال ان هذه الاوامر ارشاد الى تنجز التكليف الواقعي بمنجز عقلي او عقلائي.

هذا تمام الكلام في هذه المسألة بقية الكلام في الليالي القادمة ان شاءالله.

والحمدلله رب العالمين.