فهرست مطالب

فهرست مطالب

الدرس 52

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.


كان الكلام في وجوب الفحص عند الشك في وجود الماء فاستدل على ذلك بعدة وجوه:

الوجه الاول ما يقال من ان خطاب الامر بالوضوء مطلق و ليس مشروطا بالقدرة و القدرة شرط تنجز التكليف و هذا ما ذكره السيد الخميني في كتاب الطهارة و عليه فالعقل لا يرى المكلف معذورا في مخالفة التكليف بمجرد الشك في القدرة فان اطلاق الخطاب يقتضي تنجز التكليف و انما العلم بالعجز مانع عقلا عن ذلك و اما الشك في القدرة فالعقل لا يحكم بالمعذورية كما لا تجري البرائة عن التكليف يعني القدرة بعد ما لم تكن شرطا في نفس التكليف و انما ترجع الى حكم العقل في مرتبة التنجز فالعقل لا يرى العذر الا في فرض العلم بالعجز، فاذن تكون النتيجة ان العلم بالعجز مانع عن تنجز التكليف و قد سبق الجواب عن ذلك فقلنا اولا بانه القدرة في خطاب الوجوب ظاهرة في كونها شرطا في التكليف بقرينة التقابل مع قوله تعالى فلم تجدوا ماءا فتيمموا اي ان وجدتم ماءا فتوضأوا و ثانيا ان التكاليف منصرفة الى فرض القدرة و لااقل انها مقيدة بفرض القدرة بالمقيد اللفظي المنفصل كقوله تعالى و لا يكلف الله نفسا الا وسعها.

الدليل الثاني لوجوب الفحص لاجل قاعدة الاشتغال في مورد الشك في القدرة و هو ما يقال من ان التكليف بعد ماكان مطلقا فالعقل انما يقيده بمورد العلم بالعجز بنكتة اللغوية و نكتة اللغوية لاتجري الا في مورد العلم بالعجز و اما في مورد الشك في القدرة فلا يلغو ثبوت التكليف لان اثر ثبوت التكليف هو ان ينتجز على المكلف الفحص و هذا ما ذكره مقرر السيد الصدر في تعليقة البحوث و كان يميل اليه شيخنا الاستاذ قدس سره و قد اشكلت عليه بان كلامكم لو تم فماذا تصنعون بالمقيد اللفظي المنفصل كقوله تعالى ولا يكلف الله نفسا الا وسعها فالشيخ الاستاذ قبل هذا الاشكال و التزم بان القدرة شرط التكليف و الخارج عنه فرض العجز واقعا لا فرض العلم بالعجز.

مضافا الى ان نكتة عدم شمول خطاب التكليف للعاجز ليست اللغوية و انما انصراف خطاب البعث و التحريك الى ما يمكن للمكلف ان ينبعث اليه و يتحرك نحوه فما لا يمكن للمكلف ان ينبعث اليه و يتحرك نحوه فينصرف عنه خطاب التكليف كما قلنا بان الامر بوجوب الاستهلال ينصرف عن الاعمى كما مثل به السيد السيستاني، هذا مضافا الى ان خطاب الامر بالوضوء بقرينة التقابل مشروط بالقدرة و لا نحتاج الى تكلف.

الدليل الثالث لوجوب الفحص عن وجود الماء ما يقال من انه حتى لو انتفى وجوب الوضوء في موارد العجز لكن الملاك فيه محرز و معلوم فاذن يعلم المكلف بانه لو ترك الفحص و لم يتوضأ فقد فات منه الملاك الملزم للوضوء و لا يعذره العقل في فوت هذا الملاك الملزم الا اذا احرز انه عاجز عنه، التكليف مشروط بالقدرة و لكن الملاك الملزم ليس مشروطا بالقدرة فهو ثابت و العقل لا يرى معذورية المكلف في فوت هذا الملاك الملزم ما لم يحرز انه لا يستند اليه ما لم يحرز انه عاجز عن استيفائه فالعقل لا يراه معذورا.

السيد السيستاني اجاب عن هذا الدليل بانه اذا كان للمولى شريعة و قوانين فالعقل لا يرى المكلف ملزما برعاية ملاكات و اغراض احكام المولى اذا كان المولى صاحب شريعة و قوانين فالعقل و العقلاء يرون تنجز التكاليف على العبيد في اطار تلك الشريعة في اطار تلك القوانين و لا ينجزون على المكلف رعاية اغراض المولى و ملاكات احكامه. ان تم هذا البيان فهو و الا فنقول اضافة على ما ذكره السيد السيستاني نقول من اين احرزتم ان الملاك فعلي عند العجز عن وجدان الماء بعد ان كان خطاب الوضوء بقرينة التقابل مشروطا بالقدرة نعم لو كان الخطاب مطلقا فهناك بحث في انه بعد ما قيد بالمقيد اللبي المتصل او المقيد اللفظي المنفصل قيد خطاب التكليف بفرض القدرة فما هو الكاشف عن ثبوت الملاك.

السيد الخوئي قال بعد سقوط اطلاق خطاب التكليف لا كاشف عن ثبوت الملاك و لكن بعضهم كالمحقق العراقي و المحقق الاصفهاني اثبتا وجود الملاك بالدلالة الالتزامية للخطاب فقالا و الظاهر من السيد السيستاني انه وافقهما في ذلك فقالا و قال السيد السيستاني دام ظله ان الدلالة الالتزامية ليست تابعة للدلالة المطابقية في الحجية فاذا سقطت الدلالة المطابقية عن الحجية لمقيد منفصل فيمكن التمسك بالدلالة الالتزامية.

و لكن هذا المبنى غير متجه عندنا فان الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية في الحجية بل نقول بعد كون خطاب التكليف مقيدا بالقدرة بالمقيد اللبي المتصل لا ينعقد ظهور اطلاقي في خطاب التكليف في فرض العجز كي ينعقد ظهور التزامي له في ثبوت الملاك في فرض العجز و الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية في الانعقاد بلا اشكال، يعني لو كان هناك مقيد متصل يمنع عن انعقاد الدلالة المطابقية فلا تنعقد الدلالة الالتزامية نعم لو كان اطلاق خطاب التكليف مقيدا بالمقيد اللفظي المنفصل فالمقيد اللفظي المنفصل لا يمنع من انعقاد الظهور و انما يمنع من حجية ذلك الظهور فهنا يأتي البحث في ان الدلالة الالتزامية بعد انعقدت هل تبقى حجيتها بعد سقوط حجية الدلالة المطابقية ام لا فهنا يقول جماعة كالسيد السيستاني بانه نعم تبقى حجية الدلالة الالتزامية و لو بعد سقوط حجية الدلالة المطابقية و نحو وفاقا للسيد الخوئي لا نرى ذلك و تفصيل الكلام في محله في الاصول.

الدليل الرابع ما ذكره السيد السيستاني فقال نحن في موارد الشك في القدرة نتمسك باثبات لزوم الفحص و الاحتياط بالظهور الاندماجي لخطاب التكليف. ابيّن كلام السيد السيستاني السيد السيستاني اسس نظيرة في الاصول و هي نظيرة الدلالة الاندماجية، ما هي هذه النظرية؟ يقول السيد السيستاني الامر بالصعود الى السطح مثلا و ان كان بظاهره امرا واحدا لكنه مستبطن للامر بنصب السلم التي هي مقدمة الصعود الى السطح ما هو منشأ هذا الظهور الاستبطاني و الاندماجي نقول بان منشأ هذا الظهور كثرة التقارن بين الامر بالمقدمة و الامر بذي المقدمة في التاريخ، سابقا كان الموالي حينما يأمرون العبيد بشيء يذكرون مقدمات ذلك الشيء اذهب الى السوق و اشتر اللحم، ليس الظهور الاندماجي ناشئا عن الملازمة العقلية بين الامر بالمقدمة و الامر بذي المقدمة و انما ينشأ من كثرة التقارن و الترابط في سالف التاريخ بين الامر بذي المقدمة و الامر بالمقدمة فمن ذلك نشأ ظهور اندماجي، و يقيس السيد السيستاني ذلك بظهور البيع في اشتراط خيار الغبن يقول هذا ظهور اندماجي من كثرة التقارن بين جعل خيار الغبن و انشاء البيع نشأ ظهور اندماجي و استبطاني لخطاب انشاء البيع في اشتراط خيار الغبن خب فاذن الامر بالشيء نستبطن الامر بالمقدمة.

هنا اضاف السيد السيستاني و لم ار ذلك في ابحاثه الاصولية قال الامر بالشيء يندمج فيه الامر بالاحتياط في فرض الشك في القدرة و بلحاظ هذه النظرية تفريعات تختص بالسيد السيستاني مثلا يقول كل امر مولوي يستبطن الوعيد بالعقاب لان الموالي سابقا كان يقولون افعل و الا عاقبتك ثم حذف هذا الوعيد و لعل بعضهم يقول افعل و الا ، يعني و الا عاقبتك و اذا سكت المولى مع ذلك يبقى هذا الظهور الاندماجي في الوعيد بالعقاب و هذا هو المصحح للعقاب على العصيان و حيث لا يوجد هذا الوعيد بالعقاب في موارد التجري لانه ليس هناك امر و انما هو توهم الامر او النهي و لاجل ذلك لايصح العقاب على التجري لانه لا يوجد فيه وعيد من المولى على العقاب هذه تفريعات لنظيرة الدلالة الاندماجية.

سوال و جواب: و لولا استطبان الامر بالشيء من المولى للوعيد بالعقاب لم يصح عقاب العبد لماذا يعاقب العبد لانه ظلم المولى؟ من هو هذا العبد الذي يظلم المولى؟ المولى خالق السموات و الارض ما هي قيمة الارض في هذا العالم، هكذا يقول السيد السيستاني، ما هي قيمة الارض؟ ما هي نسبة الارض من هذا العالم الكبير؟ و ما هي قيمة هذا العبد و ما هي نسبة هذا العبد في هذه الكرة الارضية. هذا العبد الضعيف ظلم مولاه الحقيقي؟ و ما ظلمونا و لكن كانوا انفسهم يظلمون ولاجل ذلك يقول هذا العبد لم يظلم مولاه لم يظلم سبحانه و تعالى و لم يهتك حرمته فلماذا يصح العقاب؟ انما يستحق العقاب لاجل وعيد بالعقاب يستبطنه خطاب الامر.

كل هذه الابحاث بحثنا عنها بتفصيل في محلها و قبلنا بعضها و اشكلنا في بعضها علي اي حال هذا نظرية تسمى بنظرية الدلالة الاندماجية. طبق السيد السيستاني في المقام هذه النظرية فقال الامر بالشيء كما يستبطن الامر بمقدمته يستبطن الامر بالاحتياط عند الشك في القدرة عليه و لكن هذا انما يفيد في مقام انكار على من يرى مثل السيد الخوئي و الشيخ التبريزي انه في الخطاب المطلق غير مشروط بالقدرة في الخطاب تجري البرائة عن التكليف لان القدرة شرط للتكليف و السيد السيستاني يقول لا، القدرة شرط للتكليف لكن استفدنا امرا اندماجيا من خطاب التكليف امرا بالفحص و الاحتياط عند الشك في القدرة.

لكن السيد السيستاني يقول في المقام لاتنطبق هذه النظرية لان خطاب الامر بالوضوء بمقتضى التقابل بين وجوب التيمم المشروط بوجدان الماء مشروط في خطابه بالقدرة و الخطاب المشروط في لسانه بالقدرة لا يستبطن امرا بالاحتياط و الفحص عند الشك في القدرة.

فاذن لم تتم هذه الادلة الاربعة بالنسبة الى وجوب الفحص عن وجود الماء و السيد السيستاني يقول ينحصر الدليل في ما ذكرناه من ان الآية الكريمة تقول من لم يجد ماءا اي فحص و لم يظفر بماء هو الذي يشرع في حقه التيمم نعم استفدنا من الروايات ان من يعلم بعدم وجود الماء ايضا و ان لم يفحص هو يشرع في حقه التيمم اما الذي يشك في وجود الماء و لم يفحص لادليل على مشروعية التيمم في حقه، و اصلا الوضوء ليس واجبا نفسيا حتى يقال بانه عند الشك في القدرة عليه لابد من الاحتياط بالنسبة اليه يقول السيد السيستاني وجوب الاحتياط عند الشك في القدرة على امتثال التكليف يختص بالشك في القدرة على امتثال التكليف النفسي، الوضوء اصلا ليس متعلقا للتكليف التيمم ليس متعلقا للتكليف الوضوء موضوع لحكم وضعي و هو الطهارة.

هناك خلاف بين السيد الخوئي و السيد السيستاني السيد الخوئي يقول الامر انصب على نفس الوضوء الامر انصب في حال فقدان للماء على نفس التيمم و شرط الصلاة هو نفس الوضوء و نفس التيمم و لاجل ذلك لو دار امر الوضوء بين الاقل و الاكثر شككنا في شرط او جزء هل هو معتبر في الوضوء ام لا، السيد الخوئي يقول تجري البرائة عن شرطية هذا الشرط المشكوك او جزئية هذا الجزء المشكوك في الوضوء، السيد السيستاني يقول لا الوضوء ليس متعلقا للتكليف الوضوء و كذا التيمم و الغسل موضوع للحكم الوضعي بالطهارة و الشرط في الصلاة هو الطهارة فاذن هذا الذي لا يفحص عن وجود الماء و يتيمم لا لاجل الشك في القدرة نقول بانه يتنجز عليه الاحتياط بل للشك في حصول الطهارة بهذا التيمم يكون مقتضى الاستصحاب عدم حصول الطهارة، و قد رتب على هذا المبنى ايضا كون الوضوء مثلا موضوعا للطهارة لامتعلقا للتكليف رتب على هذا بعض الآثار من جملة هذا الآثار قال الوضوء بماء مغصوب عن جهل تقصيري صحيح، هكذا ذكر في بعض الابحاث في مسائل الحج الوضوء بماء مغصوب و لو كان عن جهل تقصيري لانه قصد القربة و ليس هناك امر بالوضوء حتى نتكلم عنه بينما انه اشكل في الصلاة في مكان المغصوب عن جهل تقصيري لان الصلاة متعلق للتكليف.

فيقول السيد السيستاني الوضوء موضوع لحكم وضعي فاذن لا يأتي فيه بحث الاحتياط عند الشك في القدرة و انما يأتي في هذا البحث و هو انه في الآية الكريمة ثبت مشروعية التيمم لمن فحص و لم يظفر بالماء اما هذا الذي لم يفحص فلا تدل الآية على مشروعية التيمم في حقه و اما الروايات فقد استفيد منها مشروعية التيمم لمن علم بعدم وجود الماء فالشاك في وجود الماء خارج عن مدلول الخطاب لانه لم يفحص و خارج عن مدلول السنة لانه لا يعلم بعدم وجود الماء.

هناك شبهة تطرح على هذه المطالب الذي ذكره السيد السيستاني في ابحاث حول التيمم على ما هو موجود في تقرير ابحاثه، و الشبهة ان السيد السيستاني في ذيل المسألة الاولى التي تأتي هكذا قال، تأملوا حتى تشوف هل هناك تهافت في الكلامين المنقولين عن السيد السيستاني ام لا. الكلام الاول كان ان الثابت بالسنة مشروعية التيمم لمن علم بعدم وجود الماء فالشاك في وجود الماء لم يثبت مشروعية التيمم في حقه لان الروايات انما دلت على مشروعية التيمم في حق من علم بعدم وجود الماء و اما الآية فدلت على مشروعية التيمم لمن لايجد ماءا اي يفحص و يطلب الماء فلا يجده كما يقال طلبت الضالة فلم اجدها. و هذا الشاك في وجود الماء الذي لم يفحص خارج عن مدلول الكتاب و مدلول الروايات لكن في ذيل المسألة الاولى من مسائل التيمم قال اذا قامت البينة على عدم وجود الماء فهل تقوم البينة على عدم وجود الماء اما مطلقا او عدم وجود الماء في هذه المنطقة التي كان يجب عليه الفحص فيها دائرة بمقدار رمي سهم من المركز الى كل محيط هذه الدائرة اذا قامت البينة على عدم وجود الماء في هذه الدائرة فهل يكفي في عدم وجوب الفحص على هذا المكلف؟ يقول شهد عدلان بانه لايوجد ماء في هذه المنطقة فبعضهم اشكل قال لادليل على قيام البينة مقام العلم الموضوعي فانه يجب على المكلف الشاك ان يفحص الى ان يعلم بعدم وجود الماء في هذه المنطقة و لادليل على قيام البينة مقام العلم الموضوعي نعم لو حصل العلم الوجداني من شهادة البينة فلا كلام فيها.

السيد السيستاني هكذا قال اذا الغى الشارع احتمال وجود الماء بعد قيام البينة على عدم وجوده فيندرج تحت عنوان فاقد الماء فالبينة تقوم مقام العلم الطريقي و هو العلم بعدم وجود الماء.

اولا قال فيندرج تحت عنوان فاقد الماء كانه هنا يرى ان الموضوع لوجوب التيمم هو فاقد الماء و هذا خلاف ما ذكره اولا من ان الثابت بالكتاب ان موضوع التيمم من فحص فلم يظفر بالماء و الثابت بالروايات من علم بعدم وجود الماء، لا من كان فاقدا للماء واقعا فلماذا قال حسب هذا التقرير لفضيلة الشيخ مهدي مرواريد حفظه الله لماذا قال اذا الغى الشارع احتمال وجود الماء فيندرج تحت عنوان فاقد الماء، فاقد الماء ليس موضوعا على قولكم الاول، على قولكم الاول موضوع هو حسب ما في الروايات العالم بعدم وجود الماء ثم ذكر بعد ذلك فالبينة تقوم مقام العلم الطريقي و هو العلم بعدم وجود الماء.

هذا كانه يظهر منه ان الموضوع في الروايات لمشروعية التيمم مضافا الى ما في الآية من ان موضوع مشروعية التيمم من فحص فلم يظفر بالماء، الثابت بالروايات ان موضوعه العالم بعدم وجود الماء لكن اخذ العلم في موضوع الخطاب على وجه الطريقية، ليس العلم طريقيا محضا بحيث لا يكون مأخوذا في موضوع الخطاب واقعا، لا، العلم مأخوذ في الخطاب، علم موضوعي ليس مثل قوله تعالى فكلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود حيث ان الظاهر من هذه الآية ان التبين اخذ طريقا محضا الى واقع طلوع الفجر و لاجل ذلك لو اكل ثم تبين ان الفجر كان طالعا حين اكله بطل صومه لان الحكم لايدور مدار التبين، التبين اخذ طريقا محضا الى واقع الموضوع، هنا لا، كانه بهذه العبارة السيد السيستاني يريد ان يقول العلم مأخوذ في الموضوع قد يؤخذ فيه على وجه الطريقية و قد يؤخذ فيه على وجه الصفتية هذا تقسيم مذكور في كفاية و في كلام المحقق النائيني و السيد الخوئي من ان العلم على العلم الموضوعي غير العلم الطريقي المحض العلم الموضوعي قد يؤخذ على وجه الطريقية و قد يؤخذ على وجه الصفتية، مثلا في الاستصحاب اخذ العلم بالحدوث ركنا على مسلك المشهور و اخذ العلم بالارتفاع مانعا عن الاستصحاب مأخوذ في موضوع الاستصحاب ليس طريقا محضا يعني الاستصحاب لا يدور مدار واقع الحدوث عند المشهور يدور مدار العلم بالحدوث فالعلم بالحدوث موضوع للاستصحاب كما ان عدم العلم بالارتفاع موضوع آخر للاستصحاب العلم بالحدوث و عدم العلم بالارتفاع لكن هذا العلم اخذ في الموضوع على وجه الطريقية يعني بما هو طريق الى الواقع لا بما هو صفة للمكلف و لاجل ذلك تقوم الامارات مقامه خلافا لجمع من الاعلام حيث انكروا قيام الامارات مقام العلم الموضوعي مطلقا حتى و لو كان مأخوذ على وجه الطريقية، و لاجل ذلك ذكر السيد الخميني في تحرير الوسيلة انه لو قام بينة على عدم التأثير للنهي عن المنكر مع ذلك يجب النهي لان العلم بعدم التأثير لو اخذ مانعا عن وجوب النهي عن المنكر او فقل اخذ الشك في التأثر موضوعا لوجوب النهي عن المنكر فلادليل على قيام الامارات مقامه فالبينة على عدم التأثير لاتفيد شيئا اما السيد السيستاني يرى ان العلم الموضوعي على وجه الطريقية تقوم الامارات مقامه بخلاف العلم المأخوذ في الموضوع على وجه الصفتية كان يقال للطالب اذا علمت جواب هذه المسالة فنعطيك جائزة العلم في هذا الحكم اخذ على وجه الصفتية اما اذا اخذ العلم على وجه الطريقية في الموضوع فتقوم الامارات مقامه.

و للسيد السيستاني بيان آخر فيقول اصلا العلم في الخطابات الشرعية عرفا ظاهرا في مطلق البصيرة و الطريق المعتبر، العلم لا يكون ظاهرا في خصوص العلم الوجداني بل مطلق البصيرة العلم بمعنى البصيرة لا بمعنى القطع فقد يكون شخص قاطعا و لا بصيرة له لان قطعه ناشئ عن مناشئ غير عقلائية من امور غريبة من النوم من قضايا غريبة لا يصدقها احد هذا حصل له القطع هذا القطع لا يسمى علما لان العلم بمعنى البصيرة و اما البينة فهي مصداق للبصيرة فهي علم، العلم ليس بمعنى القطع و انما هو بمعنى البصيرة و لاجل ذلك يقول القرآن الكريم عن المشركين ما لهم بذلك من علم ان هم الا يظنون مع انهم كانوا قاطعين كانوا قاطعين بصحة مذاهبهم مع ذلك قال ما لهم بذلك من علم اي ما لهم بذلك من هداية و بصيرة فاذن البينة تقوم مقام العلم بل البينة مصداق للعلم بمعنى الهداية و البصيرة بينما ان القطع الناشئ عن مناشئ غير عقلائية ليس مصداقا للعلم بمعنى الهداية و البصيرة.

هذا كلام السيد السيستاني و نتيجة كلامه ان من فحص و لم يجد ماءا لم يظفر بماء الآية تقول يشرع في حقك التيمم من علم بعدم وجود الماء بسبب عقلائي او بسبب بينة و نحو ذلك السنة و الروايات دلت على عدم وجوب الوضوء في حقه و وجوب التيمم مشروعية التيمم فهذا التيمم محصل للطهارة اما الشاك الذي لم يفحص فالتيمم في حقه ليس مشروعا فلو تيمم ثم علم بعدم وجود الماء بطل تيممه.

و لكن ذكرنا ان هذا خلاف الظاهر ظاهر الآية حيث تقول لم يجد ماءا اي فاقد للماء لا انه فحص فلم يظفر بالماء فهذا الدليل على وجوب الفحص لم يتم لانه كان مستندا الى ان مشروعية التيمم موضوعها احد الامرين طلب الماء و عدم الظفر به ثبت بذلك من الآية، و العلم بعدم وجود الماء ثبت من الروايات قلنا لا، الآية لاتدل على اكثر من ان فاقد الماء يشرع في حقه التيمم فاذا اقتضى الاستصحاب ان هذا فاقد للماء فبالاستصحاب نثبت انه يكون مأمورا بالتيمم.

يبقى التمسك بالرويات هناك روايات قد يستدل بها على وجوب الفحص او فقل عدم مشروعية التيمم قبل الفحص و لو كحكم ظاهري يعني الحكم الظاهري ان تيممه غير صحيح لانه يحتمل وجود الماء استدل بعدة روايات منها صحيحة زرارة اذا لم اجد المسافر الماء فليطلب مادام في الوقت فاذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم و يصلي.

اشكل عليه الاعلام قالوا قطعا هذا ليس بواجب، المسافر يطلب الماء مادام في الوقت؟ من يقول بذلك المسافر غايته ان يفحص عن منطقة دائرية بمقدار رمي سهم او سهمين، في المناطق المستوية غير الذي لايوجد فيها انخفاظ وارتفاع غير متعارف بمقدار رمي سهمين في المناطق التي يوجد فيها انخفاظ و ارتفاع بمقدار رمي سهم محيط دائري، هذا المكلف واقع في مركز هذه الدائرة و يحسب انه لو رمى سهما الى هذا الطرف الى ذاك الطرف الى ذاك الطرف كيف يتشكل محيط دائري فيفحص عن هذا المقدار هذا هو الذي افتى به المشهور و ورد به بعض الروايات اما انه يقوم الماء مادام في الوقت قطعا ليس بواجب، مضافا الى انه روى في التهذيب في رواية مشابه عن زرارة فليمسك عن الصلاة، بدل فليطلب هكذا ورد اذا لم يجد المسافر الماء فليمسك مادام في الوقت، التهذيب الجزء الاول صفحة مأة و اربع و تسعين بدل فليطلب قال فليمسك و الامساك يعني لايبادر الى الصلاة مع التيمم، اما لا يدل على وجوب الفحص فهذه الرواية و ان كان تامة سندا لكن نوقش في دلالتها.

تأملوا في ذلك الى الليلة القادمة ان شاء الله.

والحمدلله رب العالمين.