دانلود فایل صوتی 230121_1853

فهرست مطالب

فهرست مطالب

پخش صوت

230121_1853

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الدرس: 51 الأستاذ: الشيخ محمد تقي الشهيدي 

التاريخ: السبت، 28 جمادي الثانية، 1444 ه

موضوع: انقسامات الماهية/ المطلق و المقید

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

 

 

كان الكلام في انقسامات الماهية، حيث ذكر السيد الخوئي رحمه الله أنّ الماهية المتصوّرة في الذهن على أربعة أقسام:

القسم الأول: أن تُلحظ الماهية بلا لحاظ شيءٍ زائدٍ عليها، وتسمّى بـ الماهيّة المهملة، كما لو تصوّرنا الإنسان.

القسم الثاني: أن تُتصور الماهيّة مع لحاظ إطلاقها وسريانها في أفرادها إمّا بنحو السريان البدليّ كقوله “أعتق رقبةً” أو السريان الشمولي كقوله “أكرم العالم”.

القسم الثالث: أن تُتصور الماهيّة مع لحاظ كونها بشرط شيء، كتصور الإنسان العالم.

والقسم الرابع: أن تُتصور الماهيّة مع لحاظ كونها بشرط لا، كالإنسان اللاعالم.

 

 

[التحقيق في المسألة]

ولكن ما ذكره السيد الخوئي رحمه الله غير صحيح؛ فإنّ الماهيّة المتصوّرة في الذهن لا تعدو عن ثلاثة أقسام ولا رابع لها، فإنّه: قد يتصور شخصٌ “الإنسان”، وقد يتصور “الإنسان العالم”، وقد يتصور “الإنسان اللاعالم” ولا نتعقّل تصوّراً رابعاً للإنسان:

1. إذا تصوّر شخصٌ “الإنسان” ولم يلحظ أي لم يتصور- معه شيئاً آخر فهذا هو اللابشرط القسمي.

2. وإذا تصور مع الإنسان شيئا آخر وجوديّ فهذا هو الـ بشرط شيء.

3. وإذا تصور الإنسان مع اشتراط أمرٍ عدمي فهذ هو الـ بشرط لا، كتصور الإنسان اللاعالم.

فنحن لا نتعقّل تصورين: تصور الإنسان وتصور الإنسان مع لحاظ سريانه وإطلاقه.

نعم، في الكلام الذي يشتمل على مدلولٍ جدّيّ كقوله “أعتق رقبةً” فالفارق بين كون المولى في مقام الإهمال وبين كونه في مقام البيان يكون بلحاظ المولى أنّ الرقبة مثلاً تمام الموضوع في مراده الجدّيّ، بينما أنّه في مقام الإهمال لا يتصوّر ذلك.

فهذا الذي ذكره السيد الخوئي رحمه الله من أنّه قد تلحظ الماهية بنفسها وقد تلحظ الماهية مع لحاظ سريانها وإطلاقها فهذا مختصٌّ بالكلام الذي يشتمل على مدلولٍ جدّي ويكون فارقاً بين مقام الإهمال ومقام البيان، وأين هذا من البحث الذي نحن بصدّده؛ فإنّنا بصدد معرفة انقسامات تصوّر الماهيّة.

وما ذكره السيد الخوئي رحمه الله من أنّ الإطلاق الثبوتي يعني الإطلاق في مقام الجعل- يتقوّم بلحاظ السريان ففي مقام الجعل إذا جعل المولى وجوب عتق الرقبة فالإطلاق الثبوتي يعني لحاظ سريان الرقبة في أفرادها، فهذا أيضاً غير صحيح؛ فإنّ سريان الطبيعة في أفرادها ذاتيٌّ، بمجرد أن جعل الشارع وجوب عتق رقبة إذا لم يلحظ قيداً زائداً عليها فلا محالة يتحقق لها إطلاقٌ ذاتيّ؛ لأنّ اتحاد الطبيعة مع أفرادها عقليٌّ.

ولأجل ذلك ترون أنّ السيد الخوئي رحمه الله يقول: إذا لم يأخذ المولى قيداً في موضوع جعله ولو لأجل استحالة التقييد فالإطلاق يكون ضروريّاً؛ لأنّ الإطلاق هو لحاظ عدم أخذ القيد الزائد، وإذا لم يأخذ المولى قيداً زائداً فلا محالة يلحظه ويتصوّره إذ لا يعقل جهل المولى بكيفية جعله، هذا كلام السيد الخوئي.

مثلاً: لا يمكن للشارع أن يقول “المكلف العالم بوجوب الجهر يجب عليه الجهر”، لا يمكن ذلك لامتناع أخذ العلم بالحكم في موضوع نفس ذلك الحكم.

المحقق النائيني رحمه الله يقول: إذا امتنع التقييد امتنع الإطلاق وتعيّن الإهمال الثبوتي، أي الإهمال في مقام الجعل.

السيد الخوئي رحمه الله اعترض عليه وقال: إذا امتنع التقييد فلا محالة لا يأخذ المولى هذا القيد الزائد لاستحالته، فإذا أوجب الجهر على المكلّف لا محالة يلتفت إلى أنّه لم يأخذ هذا القيد في موضوع جعله، فيكون الإطلاق ضروريا.

نقول: يا سيدنا الخوئي: إذاً الماهية المهملة على تفسيركم هي الماهية التي لم يلحظ المولى شيئاً زائداً عليها. هل المولى ملتفتٌ إلى أنّه لم يلحظ شيئاً زائدا عليها أو ليس بملتفتٍ؟

أ. إذا تقولون: ليس بملتفت، هذا خلاف ما صرّحتم به من امتناع عدم التفات المولى إلى كيفية تصوّره.

ب. وإذا لاحظ والتفت إلى عدم أخذه قيداً زائداً على ذات الماهيّة فمعنى ذلك أنّ الماهية المهملةَ أيضاً المولى يلتفت إلى عدم لحاظه شيئاً عليها. والماهية المطلقة أيضاً على تفسيركم لحاظ الماهية ولحاظ عدم أخذ قيدٍ زائدٍ عليها، فما هو الفارق بين الماهية المهملة والماهية المطلقة أي اللابشرط القسمي؟!

والحاصل: أنّ الإطلاق الثبوتي أي الإطلاق في مقام الجعل- لا يتقوّم إلا بجعل الحكم على ذات الماهيّة من دون حاجةٍ إلى لحاظٍ زائدٍ عليه.

[التقابل بين الإطلاق والتقييد في مقام الثبوت]

ولأجل ذلك خالفنا السيد الخوئي رحمه الله حيث اختار أنّ التقابل بين الإطلاق الثبوتي أي الإطلاق في مقام الجعل- والتقييد الثبوتي تقابل التضادّ، حيث يرى أنّ الإطلاق لحاظ السريان -لحاظ عدم أخذ القيد الزائد- فيكون أمراً وجوديا.

قلنا: لا، الإطلاق الثبوتي أمرٌ عدمي، عدم لحاظ أي عدم تقييدٍ زائدٍ على ذات الماهيّة، هذا هو الإطلاق في مقام الجعل، فنرى أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد في مقام الثبوت تقابل السلب والإيجاب كما اختاره السيد البروجردي وصاحب البحوث .

 

ولا بأس أن نقول بأنّ المحقق النائيني رحمه الله والسيد السيستاني أيضاً رأيهما هو أنّ الإطلاق الثبوتي أمرٌ عدميٌّ ولكن سمّوا تقابل الإطلاق والتقييد الثبوتيين بتقابل العدم والملكة حيث إنّ الإطلاق ليس هو عدم التقييد مطلقاً وإنّما هو عدم التقييد في مكانٍ في محلٍّ- قابلٍ للتقييد.

مثلاً:

– “زيدٌ” لا يصح أن نقول مطلق من حيث إنّه رجل أو امرأة، ليس قابلاً للتقييد فليس قابلاً للإطلاق.

– هذا الجدار مطلق بلحاظ كونه أعمى أو بصير؛ لا معنى له لأنّه ليس قابلاً للتقييد بكونه أعمى أو كونه بصيرا.

  من هذا الحيث كلامهم صحيح، والمهم أنّ الإطلاق أمرٌ عدميٌّ سميّنا التقابل بينه وبين التقييد تقابل السلب والإيجاب أو سمينا التقابل بينهما تقابل العدم والملكة، هذا غير مهم ولا أثر له أبداً.

 

[أقسام تصورات الماهية]

فإذاً، نقسّم تصورات الماهيّة إلى ثلاثة أقسامٍ لا رابع لها:

1. تصوّر ذات الماهيّة.

2. تصوّر الماهيّة مع تصوّر شيءٍ زائدٍ عليها وذلك الشيء الزائد أمر وجودي فيكون بشرط شيء.

3. وتصوّر الماهيّة مع تصوّر شيءٍ زائدٍ عليها وذلك الشيء الزائد أمرٌ عدمي ويسمّى بشرط لا.

وأمّا الماهيّة التي تصوّرناها من دون تصوّرٍ عليها فتُسمّى بالماهيّة اللابشرط القسمي، وذات المتصوّر في الماهية المهملة نفس المتصوّر في اللابشرط القسمي، المتصوّر فيهما واحد إلّا أنّ اللابشرط القسمي لحاظه مقيّدٌ بأن لا يُلحظ مع الماهية شيءٌ آخر، بينما أنّ الماهيّة المهملة مهملةٌ حتى بلحاظ هذا الشرط، فهي ثابتةٌ في ضمن اللابشرط القسمي وبشرط شيء وبشرط لا، ذات الماهية المهملة موجودةٌ في جميع هذه التصورات الثلاثة ولكن لا يصحّ أن نقول بأنّ هناك تصوّر رابع يُسمّى بالماهية المهملة، هذا غير صحيح ولا نقبل من السيد الخوئي رحمه الله ذلك.

 

 

[الكلام في الماهية اللابشرط المقسمي]

وأما الماهيّة اللابشرط المقسمي فلا نتعقّلها إلا إذا لاحظنا التصورات الثلاثة وأردنا أن نأخذ جامعاً لهذه التصورات، والجامع لهذه التصورات ما هو؟ تصور الماهية، تصور الإنسان، نفس المتصور هو الإنسان وهو ماهية مهملة أمّا مفهوم تصوّر الإنسان، مفهوم لحاظ الإنسان، تصور الإنسان، فهذا المفهوم جامعٌ بين هذه التصورات الثلاثة، يعني الإنسان معقول أولي يُنتزع من الخارج، فقد ننتزع من الخارج مفهوم الإنسان وقد ننتزع مفهوم الإنسان العالم وقد ننتزع من الخارج مفهوم الإنسان اللا عالم ، ولكن بعدما انتزعنا من الخارج هذه المفاهيم يمكننا أن نلحظ هذه التصورات بما هي تصورات وننتزع جامعاً من نفس هذه التصورات، نقول: تصور الماهية، لحاظ الماهية، فعنوان تصور الماهية أو قل : تصور إنسان يُسمّى بـ اللابشرط المقسمي وهو جامعٌ بين تصور الإنسان في ضمن اللابشرط وتصور الإنسان في ضمن بشرط شيء وتصور الإنسان في ضمن بشرط لا، فما هو الفارق بين الماهية المهملة واللابشرط المقسمي؟

الفارق بينهما أنّ الماهيّة المهملة معقولٌ أوليٌّ، نفس الإنسان الذي تصورناه ويُرى فانياً في الخارج هذا يُسمّى بـ الماهية المهملة، فإذا لم يُلحظ مع الـ إنسان شيء آخر يكون اللابشرط القسمي، إذا تُصوّر معه قيدٌ وجوديٌ يسمّى بشرط شيء، وإذا تُصوّر معه قيدٌ عدميٌّ يسمّى بشرط لا.

وأمّا مفهوم تصوّر الماهية لحاظ الماهية فهذا يُنتزع من الذهن فهو معقولٌ ثاني ولا ينطبق على الخارج، الخارج هو الإنسان وليس لحاظ الإنسان، فلحاظ الإنسان جامعٌ بين اللحاظات الماهيّة في الذهن فهذا يُسمّى بـ اللابشرط المقسمي.

وهذا المقدار يكفي لتعريف انقسامات الماهيّة.

 

[النزاع في اسم الجنس]

 

  ندخل في بحث النزاع بين المشهور ما قبل سلطان العلماء رحمه الله وبين سلطان العلماء والمشهور بعده حيث وافقوه.

المشهور قبل سلطان العلماء على ما نُسب إليهم النسبة صحيحة أم لا لا نعلم، فحصنا بمقدار فلم يُقنعنا شيءٌ- لكن حسب ما نُسب إلى المشهور قبل سلطان العلماء يقول المشهور قبل سلطان العلماء أنّ اسم الجنس كالـ الإنسان وُضع للماهيّة المطلقة أي للـ اللابشرط القسميّ، فدلالة اسم الجنس على الإطلاق تكون بالوضع لا بمقدمات الحكمة.

ولكن سلطان العلماء قال: لا وُضع اسم الجنس لذات الماهية أي للماهية المهملة. واستفادة أنّ مراد المولى الماهيّة المطلقة دون الماهية المقيّدة لا محالة لا تستند إلى الوضع بل تستند إلى ماذا؟ إلى مقدمات الحكمة.

فعلى مسلك المشهور قبل سلطان العلماء إذا قال المولى “أعتق رقبةً” وكان مراده الجدّي وجوب عتق رقبةٍ مؤمنة أو كان المولى في مقام الإهمال فقد استعمل هذا اللفظ في غير معناه الحقيقي، فهو استعمالٌ مجازيٌّ وأصالة الحقيقة تنفي ذلك.

بينما أنّه على مذهب سلطان العلماء لا، لا توجد أيُّ عنايةٍ وتجوّز في استعمال اللفظ الموضوع لاسم الجنس وإرادة الإهمال أو إرادة المقيّد؛ لأنّه لم يُستعمل اسم الجنس في غير ما وُضع له.

إن شاء الله في الليلة القادمة ندخل في هذا البحث وهو بحثٌ مهمٌّ؛ لأنّ هذا البحث يرينا أنّنا هل نحتاج إلى مقدمات الحكمة في استفادة الإطلاق كما هو المشهور بين المتأخرين أو لا؟

ولكن التفتوا إلى أنّ بعض الأعلام كصاحب المنتقى وإن قال بأنّ اسم الجنس وُضع للماهيّة المهملة خلافاً للمشهور من القدماء ولكنّه في نفس الوقت حارب المتأخرين، يعني حارب القدماء والمتأخرين معاً، يواجه القدماء يقول: كلا كلا لوضع اسم الجنس للماهية المطلقة، بل وُضع اسم الجنس للماهية المهملة، ثم يواجه مشهور المتأخرين، يقول: كلا كلا للاحتياج إلى مقدمات الحكمة، فهناك طريقٌ ثالث لاستفادة الإطلاق من دون أن يستند الإطلاق إلى الوضع أو إلى مقدمات الحكمة.

  نرى كيف يكون موقفنا في هذا النزاع، نتكلم في ذلك في الليلة القادمة إن شاء الله.

والحمد لله ربّ العالمين