الدرس 5-20
السبت – 18 ربيعالأوّل 44
الفهرس:
الاستدلال علی مشروعية اقامة الحدود في عصر الغیبة بما اشتمل علی كلمة الامام 1
ملاحظة الروايات التي ورد فيها لفظ الامام 2
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلّی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في اقامة الحدود في عصر الغيبة فذكرنا اشكالا من جمع من الاعلام حول صلاحية غير المعصوم في عصر الغيبة لاقامة الحدود الشرعية و حاولنا ان نقوي هذا الاشكال و لكن بعد ذلك ذكرنا عدة شواهد علی صلاحية المتصدي للولاية العامة لاقامة الحدود في عصر الغيبة كاطلاق ما دل علی ان حد شرب الخمر مثلا ثمانين جلدة من دون ان يخاطب بهذا الخطاب احدا، يختلف عن قوله تعالی الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة لانا قلنا بانه لايعلم بان المخاطب اعم من المعاصرين للنبي صلی الله عليه و آله و غير المعاصرين. هنا ليس الكلام مشتملا علی الخطاب، يضرب شارب الخمر ثمانين، و اطلاقه يشمل عصر الغيبة. كما استشهدنا علی ما دل علی اهتمام الشارع بامر اقامة الحدود مثل ما ورد انه لا شفاعة في الحدود، لا كفالة في الحدود، ليس في الحدود نظرة ساعة. فما مر من احتمال ابتلاء اقامة الحدود في عصر الغيبة بمزاحم اقوی و ان كان احتمالا صحيحا في حد ذاته لكن يبعده هذه الشواهد كما يبعده ان ملاك اقامة الحدود قوي بحد قد يكون احتمال المزاحم له غير عرفي.
نعم، يجب علی من يقيم الحدود بل التعزيرات ان يتحذر عن المفاسد المترتبة علی اقامة الحدود و التعزيرات. و لاجل ذلك ورد في صحيحة ابيمريم الانصاري عن ابيجعفر عليه السلام قال قال اميرالمؤمنين لايقام علی احد حد بارض العدو. و في رواية غياث بن ابراهيم عن جعفر عن ابيه عن علی عليه السلام انه قال لايقيم علی رجل حدا بارض العدو حتی يخرج منها مخافة علی تحمله الحمية فيلحق بالعدو. و هذا امر مهم يجب ان يلتفت اليه.
الاستدلال علی مشروعية اقامة الحدود في عصر الغیبة بما اشتمل علی كلمة الامام
و يمكننا الاستدلال علی صلاحية المتصدي للولاية العامة في عصر الغيبة لاقامة الحدود بما اشتمل علی كلمة الامام و ان الامام يقيم الحد. ففي صحيحة الحلبي اذا اقر علی نفسه عند الامام انه سرق ثم جحد قطعت يده. و في صحيحة الحلبي الاخری عن ابيعبدالله عليه السلام قال سألته عن الرجل يأخذ اللص يرفعه أو يتركه فقال ان صفوان بن امية كان مضطجعا في المسجد الحرام فوضع رداءه و خرج يهريق الماء فوجد رداءه قد سرق حين رجع اليه فقال من ذهب بردائي فذهب يطلبه فقال من ذهب بردائي فذهب يطلبه فاخذ صاحبه فرفعه الی النبي صلی الله عليه و آله فقال اقطعوا يده فقال الرجل تقطع يده من اجل ردائي يا رسول الله؟ (لعله وضع رداءه في حرز و الا اذا لميضع رداءه في حرز لاوجه لقطع يد السارق) قال نعم قال فانا اهبه له فقال رسول الله صلی الله عليه و آله فهلّا كان هذا قبل ان ترفع الیّ قلت فالامام بمنزلته؟ (يعني الحلبي قال للامام الصادق عليه السلام) فالامام بمنزلته (يعني بمنزلة النبي) اذا رفع اليه؟ قال نعم، الامام بمنزلة النبي. و في رواية عبدالله بن الحسن عن علی بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر قال سألته عن يهودي أو نصراني أو مجوسي اخذ زانيا أو شارب خمر ما عليه؟ قال يقام عليه حدود المسلمين اذا رفعوا الی حكام المسلمين. و في معتبرة الحسين بن خالد عن ابيعبدالله عليه السلام الواجب علی الامام اذا نظر الی رجل يزني أو يشرب الخمر ان يقيم عليه الحد لان الحق اذا كان لله فالواجب علی الامام اقامته.
فورد في تعبير رواية عبدالله بن الحسن حكام المسلمين فهذا يشمل غير المعصوم لكن الرواية ضعيفة سندا لاجل ضعف عبدالله بن الحسن و عدم ثبوت وثاقته.
اما الروايات التي طبّق عليها عنوان الامام و ان الامام له ان يقيم الحد فهذه روايات معتبرة و لكن ينبغي لنا ان نتكلم حول اطلاق كلمة الامام لكل حاكم يجوز له تصدي الولاية العامة و ان لميكن معصوما.
السيد الخوئي نقلنا انه ناقش في التعبير بالامام و اطلاقه لغير المعصوم. انقل عبارة السيد الخوئي، يقول السيد الخوئي في مستند العروة كتاب الصوم الجزء 2 صفحة 82: الظاهر من الامام في الروايات هو الامام بقول مطلق أي الامام لجميع الناس و كافة المسلمين المنحصر بالائمة المعصومين عليهم السلام. الامام بقول مطلق غير امام الجماعة، غير امام الجمعة. الامام ظاهر في امام المسلمين عامة و ليس امام المسلمين عامة الا المعصوم عليه السلام.
ملاحظة الروايات التي ورد فيها لفظ الامام
نحن ينبغي ان نلحظ الروايات المختلفة التي ورد فيها لفظ الامام. فان هذه الروايات علی طوائف:
الطائفة الاولی ما لايشك في اختصاصها بالامام المعصوم. كقوله عليه السلام ذروة الامر و سنامه و مفتاحه و باب الاشياء و رضاء الرحمن الطاعة للامام بعد معرفته أما لو ان رجلا قام ليله و صام نهاره و تصدق بجميع ماله و حج جميع دهره و لميعرف ولاية ولي الله فيواليه و يكون جميع اعماله بدلالته اليه ما كان له علی الله حق في ثوابه و لا كان من اهل الايمان. فانه لايشك في ان المراد من الامام في هذه الرواية المعتبرة المعصوم الذي من ترك ولايته لميكن من اهل الايمان و لميقبل اي عمل من اعماله. و هكذا قوله عليه السلام الارض كلها لنا فمن احيا ارضا من المسلمين فليعمرها و ليؤد خراجها الی الامام من اهل بيتي. و هكذا قوله عليه السلام ان لكل امام عهدا في عنق اولياءه و شيعته و ان من تمام الوفاء بالعهد زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم و تصديقا بما رغبوا فيه كان ائمتهم شفعاءهم يوم القيامة. و هكذا قوله عليه السلام تمام الحج لقاء الامام. و هكذا قوله عليه السلام الامام علم فيما بين الله و بين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا و من انكره كان كافرا. و هكذا معتبرة ابن ابييعفور انه سأل اباعبدالله عليه السلام هل تترك الارض بغير امام؟ قال لا قلت فيكون امامان؟ قال لا الا و احدهما صامت. و من الغريب جدا ان بعضهم ذكر في كتابه انه لايتعدد ولي الفقيه في عصر الغيبة لاجل هذه الرواية: لايكون امامان الا و احدهما صامت. و لميفكر ان هذه الرواية لا علاقة لها بقضية ولاية الفقيه، امام معصوم، هل تترك الارض بغير امام قال لا. يعني الله سبحانه و تعالی ممكن ما ينصب احدا للامامة في زمان من الازمنة؟ قال لا قلت فيكون امامان قال الا و احدهما صامت.
الطائفة الثانية: روايات قد ورد فيها عنوان امام المسلمين كقوله عليه السلام و ان كان الميت لميتوال الی احد حتی مات (يعني ليس له ولي اي وارث في اي طبقة من الطبقات) فان ميراثه لامام المسلمين. و هكذا قوله عليه السلام فان عجز المكاتب فلاعاقلة له انما ذلك علی امام المسلمين. من رغب عن جماعة المسلمين سقطت عدالته و وجب هجرانه و ان رفع الی امام المسلمين انذره و حذّره. و هكذا قوله عليه السلام متي امره امام المسلمين بالطلاق فامتنع ضرب عنقه لامتناعه علی امام المسلمين. و هكذا قوله عليه السلام علی ما في هذه الرواية: ويحك ان امام المسلمين يؤمن من امورهم علی من هو اعظم من ذلك.
الطائفة الثالثة ما ورد فيها التعبير بالامام العادل: الجهاد واجب مع الامام العادل. و في رواية اخری سألت اباجعفر عليه السلام عن مؤمن قتل رجلا ناصبا غضبا لله تعالی يقتل به؟ فقال اما هؤلاء فيقتلونه و لو رفع الی امام عادل ظاهر (اي مبسوط اليد) لميقتله. و في رواية اخری ان خرجوا علی امام عادل أو جماعة فقاتلوهم و ان خرجوا الی امام جائر فلاتقاتلوهم يعني الخوارج فان لهم في ذلك مقالا اذا سرق السارق من البيدر من امام جائر فلاقطع عليه انما اخذ حقه فاذا كان من امام عادل عليه القتل.
هذه الطائفة الثالثة لااشكال في اطلاقها لغير المعصوم لكن بشرط ان تقبل امامته من قبل الشارع لان الشارع حينما يقول الامام و لايريد به مطلق الامام و لو كان جائرا بل يريد منه الامام المشروع فلابد ان تثبت مشروعية امامته بدليل آخر. و لكن لو تم الدليل علی مشروعية امامته و ولايته العامة فيشمله عنوان الامام العادل. و لكن الكلام في ان هذه الروايات التي دلت علی ان الامام يقيم الحد لميرد فيها ان الامام العادل يقيم الحد و انما ورد فيها عنوان الامام يقيم الحد. فاطلاق الامام العادل لغير المعصوم لانه في قبال الامام الجائر لايقتضي ان يشمل الامام بقول مطلق لغير المعصوم. فحينئذ لابد ان نلحظ الروايات التي عبّر فيها بالامام بقول مطلق، فهل يستظهر منها ان الامام و لو بمناسبة الحكم و الموضوع يشمل غير المعصوم؟
فقد يدعی ذلك كما ادعاه بعضهم في كتاب دراسات في ولاية الفقيه. و يستشهد علی ذلك بعدة روايات الاولی معتبرة محمد بن مسلم التي قرأت لكم الليلة السابقة، عن ابيجعفر عليه السلام رجل جنی علیّ اعفو عنه أو ارفعه الی السلطان؟ قال هو حقك ان عفوت عنه فحسن و ان رفعته الی الامام فانما طلبت حقك و كيف لك بالامام. فيقال بان السلطان اعم من السلطان الحق و الباطل، و عدول الامام عن التعبير بالسلطان الی التعبير بالامام، و انه كيف لك بالامام يعني ان الامام جالس في بيته فلايمكن الترافع اليه، فهل قوله و كيف لك بالامام يعني كيف لك بامام عادل في قبال سلطان الذي قد يكون جائرا؟ قد يقال بان ظاهره عرفا مطلق الحاكم الشرعي الذي يجوز المرافعة اليه.
الرواية الثانية التي يستشهد بها علی كون الامام شاملا لمطلق الحاكم الشرعي المتصدي لا كل فقيه عادل علی قولة السيد السيستاني الولاية العامة تثبت في الامور الحسبية العامة، تثبت للفقيه الجامع للشرائط المقبول لدی عامة المؤمنين، الفقيه الجامع للشرائط يعني فقيه عادل لكنه حتی جيرانه ما يعرفونه، ليس مقبولا لدی عامة المؤمنين، هذا لايسمی بالامام.
جواب سؤال: المقبول لدی عامة المؤمنين كالسيد السيستاني.
فاذا يستشهد بهذه الروايات علی ان الامام شامل لغير المعصوم بشرط ان يكون مقبولا لدی عامة المؤمنين. مثل السيد البروجردي. لايعني انه لابد ان يكون له قوات برية و بحرية و جوية، لا، السيد البروجردي اذا اريد من الامام غير المعصوم فقطعا السيد البروجردي مصداق للامام.
الرواية الثانية ما ورد في فرض ادعاء المرأة عنن الرجل، يقول فعلي الامام ان يؤجله سنة فان وصل اليها و الا فرّق بينهما. فيقال ان الواضح فقهيا انه ليس المراد به خصوص الامام المعصوم، زوجة العنين في عصر الغيبة ماذا تصنع؟ نقول لها ارجعي الی الامام الحجة لانه لاينطبق عنوان الامام علی غير الامام الحجة؟ هذا خلاف الواضح الفقهي. و هذا مما قبله عامة الفقهاء. لكن لعل السيد الخوئي يقول نلغي الخصوصية عن عنوان الامام الی مطلق حاكم الشرعي حتی لايلزم الهرج و المرج و الفوضا و تحير الناس في عصر الغيبة و الا فالحكم لااشكال فيه انه يعم هذا الحكم غير المعصوم، انما الكلام انه يقال يستشهد بهذه الرواية علی ان الامام اريد به الاعم من المعصوم و غيره.
الرواية الثالثة ما ورد في الايلاء: سئل عن رجل آلی من امرأته متي يفرق بينهما؟ قال اذا مضت اربعة اشهر و وقف قلت له من يوقفه قال الامام (رجل آلا من امراته يعني حلف ان لايطئها. فالامام يأمره إما بالطلاق أو الكفارة حتی يرجع عن الايلاء. يوقفه يعني يوقفه في المحكمة الشرعية بالطلاق أو الكفارة عن الايلاء) قلت فان لميوقفه عشر سنين قال هي امرأته. فيقال بان المناسبة تقتضي ان يراد به مطلق الحاكم الشرعي المبسوط اليد و الا الامام الذي ليس مبسوط اليد كيف يوقفه و يحبسه؟
و انشاءالله نتكلم عن بقية الروايات حتی نشوف هل نستظهر ان ظاهر كلمة الامام عن اطلاقها مطلق الحاكم العادل فاذا ضم الی ذلك ثبوت الولاية العامة لشخص من فقيه أو غيره فيستدل بهذه الروايات التي تدل علی ان الامام يقيم الحد. فهنا نحتاج الی ثلاث مقدمات تاملوا فيها! المقدمة الاولی: اطلاق ما دل علی ان الامام يقيم الحد. و المقدمة الثانية:: ان الامام استعمل في الروايات و صار ظاهرا في مطلق الحاكم العادل و هذا مما نحتاج الی اثباتها. المقدمة الثالثة: ان نثبت و لو بدليل عقلي ثبوت الولاية العامة لفقيه أو غير فقيه اذا وصلت النوبة الی عدول المؤمنين. فاذا تمت هذه المقدمات الثلاث فهذا يكون صالحا للاستدلال به علی صلاحية الحاكم العادل في عصر الغيبة لاقامة الحدود.
تاملوا في ذلك الی الليلة القادمة انشاءالله.
و الحمد لله رب العالمين.