فهرست مطالب

فهرست مطالب

الدرس44


اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.


كان الكلام في ان غسل الاحرام واجب او مستحب فذكرنا عدة روايات كان ظاهرها او ظاهر جمع منها وجوب غسل الاحرام و اخص بالذكر صحيحة الحسين بن سعيد عن اخيه الحسن قال كتبت الى العبد الصالح ابي الحسن عليه السلام رجل احرم بغير صلاة او بغير غسل جاهلا او عالما ما عليه في ذلك و كيف ينبغي له ان اصنع، فكتب عليه السلام يعيده. فقلنا بان هذه الصحيحة ظاهرة في وجوب غسل الاحرام وجوبا شرطيا بحيث لو ترك غسل الاحرام جاهلا او عالما بطل احرامه. و اما ما ذكره السيد الخوئي من ان السائل لم يسأل عن وجوب اعادة الاحرام و انما سأل عن كيفية التدارك كيف يتدارك ذلك الغسل الفائت فلم يكن سؤاله عن وجوب التدارك او استحبابه و انما كان سؤاله عن كيفية التدارك المطلوب و هل المطلوب بنحو الوجوب او بنحو الاستحباب ليست صحيحة بصدد بيان ذلك. فلم نرى وجها لكلام السيد الخوئي الحسن بن سعيد يقول كتبت الى العبدالصالح ابي الحسن عليه السلام رجل احرم بغير صلاة او بغير غسل جاهلا او عالما ما عليه في ذلك و كيف ينبغي له ان يصنع، يسأل عن وظيفته لا انه يريد ان يتدارك ذلك الغسل الفائت فيسأل عن كيفية التدارك و الامام يبين له كيفية التدارك من دون ان يأمره امرا وجوبيا بالتدارك يقول التدارك يكون بهذا النحو، هذا خلاف الظاهر، خلاف الظاهر ان نقول بان السائل سأل عن كيفية التدارك من دون نظر له في ان هذا التدارك واجب او مستحب، يقول كيف اتدارك ذلك الغسل الفائت فيقول الامام له تداركه باعادة الاحرام اليس هذا خلاف الظاهر؟، اليس خلاف الظاهر ان نحمل هذه الصحيحة على ما ذكره السيد الخوئي من ان السائل كان بصدد معرفة كيفية تدارك غسل الفائت فالامام بيّن له ان كيفية تداركه ان يعيد الاحرام بعد الغسل اما ان هذا التدارك واجب او مستحب ليس السؤال و لا الجواب بصدد ذلك.

كأن السيد الخوئي يقول هذا نظير من يقول فاتني ان ادعو زيدا للغداء يوم الجمعة فكيف اصنع فتقول له ادعو زيدا في يوم جمعة آخر، فهذا الكلام منك لا يدل على الوجوب بل انما يدل على ان تدارك ذلك الاطعام الفائت يكون بقضائه في يوم جمعة آخر، فيقول السيد الخوئي الحسن بن سعيد سأل انه كيف يتدارك ذلك الغسل الفائت فيقول الامام تداركه باعادة الاحرام بعد الغسل.

لكن انا اشوف هذا خلاف الظاهر رجل احرم بغير صلاة او بغير غسل جاهلا او عالما ما عليه في ذلك لا يسأل كيف يتدارك ذلك يقول ما عليه في ذلك و كيف ينبغي له ان يصنع يسأله عن وظيفته فلو اجابه الامام بانه يمضي في احرامه لكان جوابا عن سؤال و لكن الامام قال له يعيده.

ان قلت ينبغي ليس ظاهرا في الوجوب كيف ينبغي له ان يصنع ظاهر في الاستحباب بل ذكر السيد الخوئي في مجال ان كلمة ينبغي ليس ظاهرة في اكثر من الجواز ينبغي ذلك يعني يمكن ذلك، و لكن انصافا ظاهر ينبغي هو المطلوبية خصوصا في هذه المجالات و لكن لا تدل على الوجوب قطعا بخلاف لاينبغي، لاينبغي كلمة ظاهرة في الحرمة حتى بناءا على تفسير السيد الخوئي من ان لا ينبغي اي لا يتيسر لا يمكن.

انا اقول ليس ينبغي ظاهرا في الوجوب لكن الامر بالاعادة ظاهر في بطلان الاحرام، قال ما عليه في ذلك و كيف ينبغي له ان يصنع فكتب يعيده، ظاهر الامر بالاعادة الاحرام بطلان الاحرام لم يقل الامام ينبغي له ان يعيد قال له الامام يعيده امره باعادة الاحرم.

فاذن الرواية ظاهرة في بطلان الاحرام بدون الغسل.

سوال و جواب: قد يمكن الحسن بن سعيد متحيرا و جاهلا بوظيفته فسأل رجل احرم بغير غسل او بغير صلاة ما عليه في ذلك و كيف ينبغي له ان يصنع فلو اجابه الامام بانه يمضي في احرامه لاقتنع، و لکن الامام اجابه بانه یعید الاحرام و ظاهر الامر باعادة الاحرام الارشاد الى بطلان الاحرام قبل الغسل او قبل صلاة الاحرام.

السيد الزنجاني قال نعم هذه الصحيحة ظاهرة في الارشاد بفساد الاحرام بدون غسل او بدون صلاة الاحرام لكن صحيحة عبدالصمد بن بشير تمنعنا من العمل بهذا الظهور لانه في صحيحة عبدالصمد بن بشير ينقل عن الامام الصادق عليه السلام انه جاء رجل يلبي حتى دخل المسجد اي المسجد الحرام يعني هو كان لابسا لقميصه هذا الرجل من زمان احرامه الى ان دخل المسجد الحرام، جاء رجل يلبي حتى دخل المسجد اي المسجد الحرام و هو يلبي، فهذا يشير الى انه كان من العامة لان التلبية عند الشيعة لا تشرع بعد الوصول الى مكة، وَ هُوَ يُلَبِّي وَ عَلَيْهِ قَمِيصُهُ فَوَثَبَ إِلَيْهِ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالُوا شُقَّ قَمِيصَكَ وَ أَخْرِجْهُ مِنْ رِجْلَيْكَ فَإِنَّ عَلَيْكَ بَدَنَةً وَ عَلَيْكَ الْحَجَّ مِنْ قَابِلٍ وَ حَجُّكَ فَاسِدٌ فَطَلَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فَقَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَكَبَّرَ وَ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ، هذه هي القرينة على ان المراد من دخول ذلك الرجل للمسجد هو المسجد الحرام لانه عبر هنا ان الامام عليه السلام قام على باب المسجد فكبر و استقبل الكعبة لم يقل استقبل القبلة و استقبل الكعبة يعني كانت الكعبة تجاه الامام عليه السلام، فَدَنَا الرَّجُلُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ يَنْتِفُ شَعْرَهُ وَ يَضْرِبُ وَجْهَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام اسْكُنْ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَلَمَّا كَلَّمَهُ وَ كَانَ الرَّجُلُ أَعْجَمِيّاً، لا يعرف العربية فاشلون افتهم كلام الامام عليه السلام، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام مَا تَقُولُ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا أَعْمَلُ بِيَدِي فَاجْتَمَعَتْ لِي نَفَقَةٌ فَجِئْتُ أَحُجُّ لَمْ أَسْأَلْ أَحَداً عَنْ شَيْ‌ءٍ فَأَفْتَوْنِي هَؤُلَاءِ أَنْ أَشُقَّ قَمِيصِي وَ أَنْزِعَهُ مِنْ قِبَلِ رِجْلِي وَ أَنَّ حَجِّي فَاسِدٌ وَ أَنَّ عَلَيَّ بَدَنَةً فَقَالَ لَهُ مَتَى لَبِسْتَ قَمِيصَكَ أَ بَعْدَ مَا لَبَّيْتَ أَمْ قَبْلَ قَالَ قَبْلَ أَنْ أُلَبِّيَ قَالَ فَأَخْرِجْهُ مِنْ رَأْسِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ‌ بَدَنَةٌ وَ لَيْسَ عَلَيْكَ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ أَيُّ رَجُلٍ رَكِبَ أَمْراً بِجَهَالَةٍ فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ طُفْ بِالْبَيْتِ سَبْعاً،يعني احرامك صحيح، وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَ اسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ قَصِّرْ مِنْ شَعْرِكَ، امره الامام بعمرة التمتع، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَاغْتَسِلْ وَ أَهِلَّ بِالْحَجِّ وَ اصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ النَّاسُ.

يقول السيد الزنجاني الامام صحح احرام هذه الرجل الاعجمي مع انه لم يكن يعرف لزوم الاحرام في ثوبي الاحرام فكيف يعرف ان يغتسل قبل الاحرام او يصلي قبل الاحرام فاذن كيف تقول صحيحة الحسن بن سعيد احرم بغير غسل او بغير صلاة جاهلا او عالما فكتب عليه السلام يعيد ففي الجاهل لابد من حمل الامر بالاعادة على استحباب الاعادة للاحرام الصوري و اذن لا يصح ان نفصل بين الجاهل و العالم في كلمة واحدة فلا تدل صحيحة الحسن بن سعيد على بطلان احرام من احرم بغير غسل عامدا عاملا.

نحن اجبنا عن ذلك بانه اولا من اين يحصل لنا العلم العادي بان هذا الرجل لم يغتسل لعله اغتسل من الجنابة لعله كان معه زوجته و بعد ان يحرم يفارقها الى ثمانية ايام على الاقل او على اي حال يفارقها فترة معتد بها عندهم فلعله جامع زوجته و اغتسل للجنابة و صلى صلاة الفريضة ثم احرم يحتمل هذا المطلب في حق هذا الرجل الاعجمي و ثانيا الجواب يكون على مقدار السؤال لا اكثر، الامام اراد ان يبين هذا الحكم الشرعي و الا فهذا الرجل كان عاميا حسب الظاهر و الامام لعله ليس بصدد بيان جميع الاحكام للعامة، و قد ورد عن الامام ابي الحسن الكاظم عليه السلام في صحيحة خلف بن حماد لا تخبر الناس اسرار دين الله ارضوا لهم ما رضي الله لهم من الضلال. فالامام اراد ان يبين جهل امثال ابي حنيفة و اصحابه فارشد ذلك الرجل الاعجمي بالحكم الواقعي و لا يعلم ان الامام كان بصدد بيان جميع الاحكام لذلك الرجل العامي.

مضافا الى ما ذكرناه من ان التفصيل بين العالم و الجاهل لا يلزم منه استعمال اللفظ في معنيين فيكون نظير اغتسل للجمعة و الجنابة حيث ان الامر بالغسل في حق الجنب يكون الزاميا بتعدد الدال و المدلول وفي حق الذي يريد ان يغتسل للجمعة يكون حكما استحبابيا و لا يلزم منه استعمال اللفظ في معنيين المستعمل فيه هو جامع الطلب و بالاطلاق بمقدمات الحكمة حملنا الامر بغسل الجنابة على الوجوب بتعدد الدال و المدلول ففي غسل الجمعة قام الدليل على انه ليس بواجب.

لكن مع ذلك كله نحن لا نقول بوجوب غسل الاحرام، لان من المطمئن به ان السيد المرتضى قد اخطأ لشهادته بان اكثر اصحابنا قائلون بوجوب غسل الاحرام، لاننا لم نجد في القدماء من ذهب الى الوجوب عدا ما نسب الى ابن ابي عقيل و اختلف النقل عن ابن جنيد فالعلامة في موضع من المختلف نقل عنه القول بالوجوب و لكن في موضع آخر نقل عنه القول بالاستحباب راجع مختلف الشيعة الجزء الاول صفحة ثلاث مأة و خمس عشر نقل عنه القول بالاستحباب و ذكر الشيخ المفيد في المقنعة غسل الاحرام للحج سنة ايضا بلا اختلاف و السنة في كلامه بمعنى المستحب لانه قال الاغسال المفترضات ستة اغسال خب ليس كل هذه الاغسال الستة ثابت بنص الكتاب الكريم حتى نقول الفرض هنا استعمل فيما ثبت وجوبه من الكتاب الكريم و السنة ما ثبت وجوبه من الروايات و يكون اعم من الواجب و المستحب، لا، قال الاغسال المفترضات ستة اغسال كغسل الميت و غسل مس الميت فيكون المفترض هنا بمعنى الواجب و الاغسال المسنونات ثمانية و عشرون غسلا و اما الاغسال المسنونات فغسل يوم الجمعة سنة مؤكدة على الرجال و النساء و غسل الاحرام للحج سنة ايضا بلا اختلاف. يمكن ان يكون مقصوده نفي الخلاف في مشروعية غسل الاحرام و لكن هذا خلاف الظاهر ظاهره انه لا اختلاف في انه سنة و ليس بفريضة، و لعله لم يعبأ بمخالفة ابن ابي عقيل بعد ما رمي هو و ابن الجنيد بالشذوذ الفقهي و الشيخ في الخلاف يقول يستحب الغسل عند الاحرام و للشافعي قولان الى ان قال دليلنا اجماع الفرقة لان ما ذكرناه مستحب بلا خلاف. و في كتاب الجمل و العقود و المبسوط صرح باستحباب غسل الاحرام. نعم ذكر في النهاية مضمون صحيحة الحسن بن سعيد قال من احرم بغير صلاة و غير غسل كان عليه اعادة الاحرام بصلاة و غسل لكن بقرينة سائر كتبه لابد ان نحمل كلامه في النهاية على بيان مضمون صحيحة الحسن بن سعيد و حمل الصحيحة على استحباب الاعادة، في السرائر نقل القول بوجوب غسل الاحرام عن بعض اصحابنا هذا يعني انه ليس مذهب اكثر الاصحاب ابن حمزة في الوسيلة افتى باستحباب غسل الاحرام سلار في المراسم تقي الحلبي في الكافي ابن زهرة في الغنية افتوا بالاستحباب و ابن الزهرة في الغنية ادعى الاجماع على استحباب غسل الاحرام الكيدري في مصباح الشيعة يحيى بن سعيد الحلي في نزهة الناظر ابن البراج في المهذب، كلهم افتوا باستحباب غسل الاحرام فاذن ما ذكره السيد المرتضى قد اشتبه عليه الامر جزما حينما قال اكثر اصحابنا قائلون بوجوب غسل الاحرام، فما اشتهر عدم وجوبه مع كثرة الابتلاء به كيف يكون واجبا اذا كان غسل الاحرام واجبا و عرفنا ان مشهور الفقاء قديما و حديثا على عدم وجوب غسل الاحرام و قد اخطأ السيد المرتضى حين نسب القول بوجوب غسل الاحرام الى اكثر الاصحاب، فاذن كما ذكر المحقق الهمداني لو كان غسل الاحرام واجب لبان و اشتهر مع كثر الابتلاء به، كيف اشتهر بين الناس وجوب افعال الحج كالمبيت بمنى و كفارات احرام الحج و لم يشتهر بينهم وجوب غسل الاحرام هذا يكشف انه لم يكن واجبا بل نقول احتمال ذلك يكفي ان نحتمل وجود جو متشرعي في زمان صدور هذه الروايات في عدم وجوب غسل الاحرام فيكون ذلك بمثابة قرينة حالية نوعية تمنع من ظهور هذه الروايات في وجوب غسل الاحرام، هذا بالنظر الى ما عليه فقهاء الشيعة اما فقهاء العامة ففي كتاب الفقه عن المذاهب الاربعة ينقل عن الحنفية و المالكية و الحنابلة و الشافعية كلهم ان غسل الاحرام سنة و قالت الحنفية انها سنة مؤكدة يعني مستحب مؤكد فالمشهور بين الخاصة عدم وجوب غسل الاحرام و المتفق عليه بين العامة عدم وجوب غسل الاحرام فاذا ورد الامر بغسل الاحرام الا يحمل العرف او يحتمل العرف ان المراد به الامر الاستحبابي و حتى الامر بالاعادة القدر المتيقن منه هو استحباب اعادة الاحرام اعادة صورية لادراك مرتبة كاملة من الاحرام فالاقوى عدم وجوب غسل الاحرام و لا صلاته.

هذا هو المطلب الاول في بحث غسل الاحرام.

المطلب الثاني اذا قال شخص انا اهتم بغسل الاحرام اما لتأكد استحبابه او لاجل ان بعض الفقهاء افتوا بوجوبه او احتاطوا كالسيد البروجردي احتياطا وجوبيا في غسل الاحرام و لكن اخاف من الضرر اذا اغتسل فهل اتيمم بدل غسل الاحرام؟ السيد الخوئي قال نعم ان التيمم احد الطهورين ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا و لكن في بحث التيمم في الموسوعة الجزء العاشر صفحة ثلاث مأة و ستين ناقش في ذلك قال لا دليل على مشروعية التيمم بدل الاغسال المستحبة كغسل يوم الجمعة و يوم عرفة و نحوهما لان الغسل المستحب له حيثية الاستحباب النفسي مع قطع النظر عن كونه طهورا اي رافعا للحدث الاصغر بناءا على ما هو الصحيح من كل ان غسل مشروع يغني عن الوضوء فللغسل المستحب اذن حيثيتان حيثية الاستحباب النفسي و حيثية الطهورية و الرافعية للحدث الاصغر، دليل بدلية التيمم لا يشمل الغسل المستحب بلحاظ الحيثية الاولى فان ظاهر قوله رب الماء و رب الصعيد واحد فاذا تيمم فقد فعل احد الطهورين قيام التيمم مقام الغسل او الوضوء من حيث الطهورية لا من حيث الاستحباب النفسي فلا يشرع التيمم بدل الوضوء التجديدي لمن لا يتمكن من الماء.

ان قلت لماذا لا تلحظ الحيثية الثانية حيثية كون الغسل المستحب طهورا و رافعا للحدث الاصغر فيقوم التيمم مقامه في هذه الحيثية الثانية فتارة يقول السيد الخوئي الجامع للطهور المائي الرافع للحدث الاصغر هو الغسل المشروع و الوضوء و ليس خصوص الغسل فانت تتمكن من الطهور المائي الطهور المائي اعم من الغسل المشروع و الوضوء فكيف تتيمم و انت تتمكن من الطهور المائي و ذكر تارة انه لادليل على قيام التيمم مقام الغسل في رفعه للحدث الاصغر عدا ان التيمم بدل غسل الجنابة لان ما ورد من ان اي وضوء انقى من الغسل اي وضوء اطهر من الغسل خاص بالغسل و لعل في الغسل خصوصية لا يكون الوضوء انقى من الغسل اما ان الوضوء لايكون انقى من التيمم بدل الغسل من اين ذلك؟ و هذا هو الذي خالف السيد السيستاني فيه السيد الخوئي فقال التيمم بدل الغسل المشروع رافع للحدث الاصغر بمقتضى اطلاق البدلية، ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا او التيمم احد الطهورين نزل التيمم بدل الغسل منزلة الغسل في جميع احكامه و من جملة تلك الاحكام اغناء الغسل عن الوضوء.

سوال و جواب: الكلام في انه كان الغسل مستحبا. افرض الغسل كان واجبا نتكلم في الغسل الواجب كغسل مس الميت لا يجد الماء فتيمم بدل الغسل السيد الخوئي يقول هذا التيمم رافع للحدث الاكبر لانك مبتلى باللحدث الاكبر الناشئ من مس الميت أمروك بالغسل فلم تجد الماء فتيممت لكن هذا التيمم لا دليل على اغنائه عن الوضوء السيد السيستاني يقول هذا خلاف اطلاق بدلية التيمم عن الغسل اطلاق دليل بدليته يقتضي ان يكون بدلا عنه في جميع احكامه ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا التيمم احد الطهورين، هذا محصل كلام السيد الخوئي و اضفنا اليه كلام السيد السيستاني.

الانصاف ان اشكال مشروعية التيمم بدل الاغسال المستحبة او الواجبة وجوبا نفسيا الاشكال على مشروعية التيمم بدلها قوي جدا، لان الروايات الواردة في مشروعية التيمم على طوائف، الطائفة الاولى ما ورد بلسان ان التراب يكفيك كرواية السكوني عن ابي ذر انه اتى النبي صلى الله عليه و آله فقال يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ جَامَعْتُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ قَالَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ ص بِمَحْمِلٍ فَاسْتَتَرْنَا بِهِ وَ بِمَاءٍ فَاغْتَسَلْتُ أَنَا وَ هِيَ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ يَكْفِيكَ الصَّعِيدُ عَشْرَ سِنِينَ‌. فيقال بان هذا التعبير يقتضي ان التراب حال العذر كافي عن كل ما كان الماء مجزءا عنه في حال الاختيار فيشمل الماء للغسل المستحب لا تتمكن من الماء للغسل المستحب التراب يكفيك عشر سنين.

و لكن اولا هذا الحديث ضعيف سندا بجهالة محمد بن سعيد بن غزوان و ثانيا يوجد هنا ما يصلح للقرينية فان اباذر كان مبتلى بالجنابة جامعت على غير ماء يا رسول الله هلكت جامعت على غير ماء فالنبي قال له يكفيك الصعيد عشر سنين يكفيك عماذا المتعلق محذوف يكفيك عن كل ما كان الماء في حال وجدان الماء مطلوبا و مؤثرا او يكفيك عن رفع جنابتك او رفع حدث جنابتك حذف المتعلق لا يفيد العموم يا اباذر يكفيك الصعيد عشر سنين يعني لماذا انت مضطرب يكفيك الصعيد عشر سنين يعني يكفيك عما تهتم به و هو رفع حدث الجنابة لا ظهور للرواية من اكثر من ذلك.

الطائفة الثانية ما ورد في عدة روايات من ان رب الماء و الصعيد واحد كصحيحة ابن ابي يعفور إِذَا أَتَيْتَ الْبِئْرَ وَ أَنْتَ جُنُبٌ وَ لَمْ تَجِدْ دَلْواً وَ لَا شَيْئاً تَغْرِفُ بِهِ فَتَيَمَّمْ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَاءِ وَ رَبَّ الصَّعِيدِ وَاحِدٌ وَ لَا تَقَعْ فِي الْبِئْرِ وَ لَا تُفْسِدْ عَلَى الْقَوْمِ مَاءَهُمْ. ان رب الماء رب الصعيد فيقال يعني هذا تنزيل الصعيد منزلة الماء في حال فقدان الماء في جميع آثاره، و لكن الانصاف ان هذا التعبير ليس ظاهرا في قيام التراب مقام الماء في جميع اثاره عند فقدان الماء بل تقريب عرفي لاغناء السائل فيقول للسائل خب انت لا تجد دلوا تغترف الماء من البئر فلا تدخل في البئر تفسد على القوم ماءهم تيمم بالصعيد فان رب الماء هو رب الصعيد هذا كيف يدل على ان الرب واحد لاان الاثر واحد الرب واحد يعني هو الذي كان يأمرك بالغسل بماء الآن امرك بالتيمم بالتراب اما ان كل من فقد الماء فيقوم التراب مقامه حتى في الاغسال السمتحبة مثلا الاستفادة من هذه الرواية مشكل و هناك روايات اخرى كصحيحة الحلبي الرَّجُلِ يَمُرُّ بِالرَّكِيَّةِ وَ لَيْسَ مَعَهُ دَلْوٌ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ الرَّكِيَّةَ لِأَنَّ رَبَّ الْمَاءِ هُوَ رَبُّ الْأَرْضِ فَلْيَتَيَمَّمْ. و صحيحة محمد بن مسلم رجل اجنب فيتيمم بالصعيد و صلى ثم وجد الماء قال لا يعيد ان رب الماء رب الصعيد فقد فعل احد الطهورين. نتكلم عن هاتين الروايتين في الليالة القادمة ان شاء الله.

والحمدلله رب العالمين.