بسمه تعالی
موضوع: الاكل و الشرب /المفطرات / کتاب الصوم
السبت – 11 جماديالثانية 44
فهرس المطالب:
الوجوه علی عدم مفطرية الطعام و الشراب غير المتعارفين. 1
الروایة الاولٱ: “لايضر الصائم ما صنع”. و بيان المناقشتان فيه 1
الرواية الثانية: “الذباب يدخل في حلق الصائم” 2
الرواية الثالثة: رواية الكحل. 3
نقاش السماحة السيد الزنجاني في دليل المشهور علی بطلان الأكل و الشرب غير المتعارفين. 4
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم للّه ربّ العالمين و صلّي اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في انه هل يعتبر في الصوم الاجتناب عن كل ما يمكن اكله أو يمكن شربه و لو لميكن طعاما متعارفا أو شرابا متعارفا؟
المشهور علی اعتبار ذلك في الصوم فلو اكل الصائم شيئا و لو غير متعارف بطل صومه و كذا لو شرب ما لايتعارف شربه بطل صومه فيقول صاحب العروة الاكل و الشرب مبطل للصوم من غير فرق في المأكول و المشروب بين المعتاد كالخبز و الماء و نحوهما و غيره كالتراب و الحصا و عصار الاشجار و نحوها و لا بين الكثير و القليل حتی انه لو بلّ الخياط الخيط بريقه ثم رده الی فمه و ابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه الا اذا استهلك ما كان عليه من الرطوبة بريقه علی وجه لايصدق عليه الرطوبة الخارجية و كذا لو استاك و اخرج المسواك من فمه و كان عليه رطوبة ثم رده الی الفم فانه اذا ابتلع ما عليه بطل صومه الا مع الاستهلاك علی الوجه المذكور و كذا يبطل بابتلاء ما يخرج من بقايا الطعام من بين اسنانه.
الوجوه علی عدم مفطرية الطعام و الشراب غير المتعارفين
خالف بعضهم في لزوم الاجتناب عما لايتعارف اكله أو شربه و استدلوا علی ذلك بعدة وجوه:
الروایة الاولٱ: “لايضر الصائم ما صنع”. و بيان المناقشتان فيه
الوجه الاول هذه الرواية الصحيحة المشهورة لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب اربع خصال الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء. صحيحة محمد بن مسلم. فيقال بانه لايصدق الطعام الا علی ما يطعم عادة، و لايصدق الشراب الا علی ما يشرب عادة، و اما الذي لايتعارف اكله فلايسمي بالطعام، هل احد يسمي التراب بالطعام؟ هل احد يسمي الدم بالشراب؟
اجاب صاحب الجواهر و المحقق الهمداني و السيد الخوئي عن هذا الوجه بان الحصر فيه اضافي، اي ناظر الی نفي مفطرية امور اخری في قبال الطعام و الشراب كالنوم مثلا و الا فلو ان شخصا ارتكب الحرام مع غير النساء و انزل اجنب، لايبطل صومه؟ فكما ان عنوان النساء لاخصوصية له و انما ذكر هذا العنوان لا لاجل الاجتناب عن مفطرية الاستمتاع بغير النساء بل لاجل بيان عدم مفطرية امور اخری، كالنوم مثلا و كذلك ذكر عنوان الطعام ليس لاجل الاحتراز عما يؤكل و لايصدق عليه انه طعام أو يشرب و لايصدق عليه انه شراب، ليس لاجل الاحتراز عن مثل ذلك و بيان عدم مفطريته.
هذا الكلام صحيح، انصافا لايظهر من هذه الصحيحة انها بصدد نفي مفطرية مثل اكل التراب أو شرب عرق الجبين أو شرب ماء الفم الذي وصل الی خارج الفم ثم يرجّعه الی فمه، ليس بصدد نفي مفطرية هذه الامور بل بصدد نفي مفطرية امور اخری في قبال المأكول و المشروب.
و لكن انا اذكر وجها آخر و هو اننا ذكرنا في الاصول ان قوله عليه السلام لايضر الصائم اذا اجتنب ثلاث خصال أو اربع خصال الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء، المقسم فيه المفطر المتعارف المباح و الا فليس عرفيا ان يحصر المفطرات في اربعة اشياء مع انه عدّ في الصوم عشر مفطرات فلايختص المفطر بهذه الاربعة، توجد ست مفطرات اخری.
و هذا ليس عرفيا ان نقول ما من عام الا و قد خص كما قال به المحقق النائيني قدس سره، لا، العرف يقول لابد ان يكون المقسم الملحوظ في هذه الصحيحة شيئا خاصا و هو المفطر المتعارف المباح. بقيد المباح نقول لماذا لميقل: و الكذب علی الله و رسوله لانه ليس امرا مباحا، و بالمتعارف نحترز عن مفطرية القيء و الاحتقان بالمايع فان هذه الامور ليست متعارفة، الاحتقان بالمايع و التقيء ليس امرا متعارفا و قد ذكر في هذه الصحيحة ما هو متعارف و مباح. و لاجل ذلك اكل ما لايتعارف اكله ليس متعارفا، شرب ما لايتعارف شربه ليس متعارفا، فهذه الصحيحة اصلا ليست ناظرة الی هذه الاشياء.
فاذا التمسك بعموم هذه الصحيحة لنفي مفطرية ما أكل و لايكون طعاما عرفا أو شرب و لايكون شرابا عرفا غير صحيح.
نعم، يمكنكم ان تطالبونا بالدليل علی مفطرية اكل ما لايتعارف اكله كاكل التراب، تطالبوننا بالدليل علی اثبات مفطرية شرب ما لايتعارف شربه كشرب عرق الجبين أو شرب البلة الموجودة في الخيط. نعم، علينا ان نذكر لكم دليلا يثبت مفطرية هذه الاشياء و الا فمقتضی اصل البراءة عدم مفطريتها. فعلا كلامنا في انه هذه الصحيحة ليست دليلا لفظيا لنفي مفطرية اكل ما لايتعارف اكله أو شرب ما لايتعارف شربه.
الرواية الثانية: “الذباب يدخل في حلق الصائم”
الوجه الثاني لنفي مفطرية اكل ما لايتعارف اكله أو شرب ما لايتعارف شربه كأكل التراب رواية مسعدة عن ابيعبدالله عليه السلام ان عليا عليه السلام سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم قال ليس عليه قضاء لانه ليس بطعام. فيقال علل الامام عليه السلام عدم بطلان صوم مَن دخل الذباب في حلقه بانه ليس بطعام، لميستدل الامام عليه السلام بانه ليس بأكل بل قال ليس بطعام. الذباب ليس بطعام، مو مهم، فما يوجب بطلان الصوم؟ فيقال بان هذا التعليل يأتي في اكل التراب، التراب ايضا ليس بطعام. من أكل التراب مو مهم، هذا ليس بطعام.
جواب سؤال: يعني لو اكل طعاما مختصرا لقمة صغيرة أكلها لايبطل صومه بذلك؟
الجواب عن ذلك ان من المحتمل قويا ان يكون هذا الجواب بمعنی ان الذباب ليس بطعام حتی هو يأكله، هو لميأكله، اذا كان طعاما قد يأكل الانسان المتعارف الطعام، الذباب مو طعام فاذا لميكن طعاما فاذا دخل في حلق الصائم و هو ليس بطعام، يعني لميتحقق اكله، ليس بطعام حتی يؤكل، فهو ليس بطعام حتی يؤكل.
جواب سؤال: الكلام في البلاد المتعارفة.
الذباب يدخل في حلق الصائم قال ليس عليه قضاء لانه ليس بطعام، من المحتمل ان يكون كناية عن انه ليس بطعام حتی هو يأكله فهو لميأكله و انما دخل في حقه. هذا الذي يقول. اذا كان السؤال هكذا: سئل عن شخص أكل الذباب فقال ليس عليه قضاء لانه ليس بطعام تم الاستدلال بهذه الرواية، لكن السؤال عن الذباب يدخل في حلق الصائم، هذا ليس أكلا، فحينما الامام عليه السلام يقول صومه صحيح لانه ليس بطعام من المحتمل قويا ان يراد بذلك بيان انه ليس بطعام حتی نقول هذا أكله، هذا لميأكله لان الانسان المتعارف لايأكل غير الطعام، لايأكل الذباب.
جواب سؤال: يعني لانه ليس بطعام يعني انه مادام ليس الذباب طعاما فلايأكله الانسان المتعارف، فهذا الانسان الذي دخل في حلقه الذباب لميأكل الذباب، لان الانسان المتعارف لايأكل غير الطعام، لايأكل الذباب. فالمهم عدم صدق الأكل علی دخول الذباب في حلق الصائم. … هذا الذي اقول، اقول: “لانه ليس بطعام” عنوان عرفي لان ينفي الامام عليه السلام اكل هذا الشخص للذباب، لا انه حتی لو أكل الذباب باختياره كما انه في بعض البلدان يأكلون الذباب كما في الصين، هم يأكلون انقص من الذباب، لا، الانسان المتعارف في بلادنا لايأكل الذباب، فقوله ليس الذباب بطعام بيان عرفي لابراز انه لميأكله و انما دخل في حلقه فلايظهر من الرواية انما ليس بطعام عرفي فلايبطل الصوم ببلعه الاختياري. … طبع جنابك ما يقبل، روح للصين شوف اشلون يأكلون الذباب يأكلون الكلاب (تكرمون) يأكلون البزّون و الخفافيش و كل شيء.
الرواية الثالثة: رواية الكحل
الرواية الثالثة التي استدل بها علی جواز اكل ما ليس بطعام و شرب ما ليس بشراب، في الكحل يقول الصائم يكحل أو يكحل قال لابأس ليس بطعام و لا شراب. وسائل الشيعة الجزء 10 صفحة 74، رواية ابن ابيعمير عن سليم الفراء عن غير واحد عن ابيجعفر عليه السلام في الصائم يكتحل قال لابأس به ليس بطعام و لا شراب.
اقول: هذه الرواية و ان كانت بلسان ان الكحل ليس بطعام و لا شراب لكن كما ذكرنا في الرواية السابقة ذكر هذا التعليل لبيان ان الاكتحال لابأس به و الاكتحال ليس أكلا، الاكتحال قد يوجب دخول طعم الكحل من طريق عين الانسان الی حلقه فيحس بطعم الكحل احيانا، و لكن هذا ليس أكلا، فحينما يقول ليس بطعام و لا شراب لايظهر منه ان اكل ما ليس بطعام متعارف جائز و شرب ما ليس بشراب متعارف جائز.
نقاش السماحة السيد الزنجاني في دليل المشهور علی بطلان الأكل و الشرب غير المتعارفين
لكن عدم تمامية هذه الوجوه لنفي مفطرية أكل ما ليس بطعام متعارف أو شرب ما ليس بشراب متعارف لايكفي في اثبات مفطريتها فما هو الدليل علی مفطرية أكل ما ليس بطعام متعارف، هذا هو المهم. و لاجل ذلك السيد الزنجاني قال: المشهور تمسكوا باطلاق النهي عن الأكل و الشرب فكلوا و اشربوا حتی يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر يعني بعد ان طلع الفجر لاتأكلوا و لاتشربوا، لاتأكلوا شيئا و لو لميكن بطعام، لاتشربوا شيئا و لو لميكن بشراب. لكن اجاب عنه السيد الزنجاني بان العرف لايثق بهذا الاستظهار لان الخطاب ان كان قد خفيت فيه نكتة الشمول للفرد النادر فلايظهر منه شموله للفرد النادر. الفرد النادر قد توجد فيه نكتة الشمول للخطاب له، كشمول وجوب اكرام كل عالم للاعلم، هل احد يشك في شمول خطاب وجوب اكرام العالم للاعلم؟ لا، و لا احد يشك في ذلك، لا لاجل الفحوي بل لاجل شمول الخطاب. و لكن في مثل المقام العرف يشكك في شمول قوله تعالي فكلوا و اشربوا حتی يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر أو ما دل علی النهي عن الاكل و الشرب في حال الصوم الی الاكل المتعارف، اما أكل الدود، أكل ما يشمئز الطبع من أكله، أكل التراب لميظهر من الادلة شمول دليل مفطرية الأكل له. و لاجل ذلك مقتضی الصناعة عدم مفطرية أكل ما لايؤكل لاشمئزار الطبع منه، لا لاجل انه طعام ليس بمحترم غالي و لا احد يشتريه، لا، طعام الملوك مفطر و ان كان نادرا، لا، الذي يأكله الانسان الذي هو علی طبيعة شاذة، يأكل شيئا يشمئز منه الطباع، يشرب ما يشمئز من شربه الطباع، مشكل التمسك بالاطلاقات لاثبات مفطرية هذه الاشياء.
و لعله لاجل ذلك قال بان من سوْی عملية جراحية في اسنانه و دائما يكون نظيف دم يصل الی حلقه، يقول هذا لايبطل الصوم حتی لو يتعمد و يبلع هذا الدم ما يضر بصومه. بينما ان السيد السيستاني يقول حتی لو يطمئن بانه لو نام يصل و ينزل نظيف الدم الی حلقه يبطل صومه و اذا لايقع في حرج لابد ان لاينام و اذا يقع في حرج ينام و لكن يبطل صومه، السيد الزنجاني يقول لا، ما عندنا اطلاق لاثبات مفطرية هذه الشيء.
تاملوا في هذه المسألة الی الليلة القادمة انشاءالله.
و الحمد لله رب العالمين.