موضوع: الاكل و الشرب /المفطرات / کتاب الصوم
الثلثاء – 10 جماديالثانية 44
فهرس المطالب:
مفطرية الاكل و الشرب من طريق غير المتعارف. 1
النقاش في كلام السماحة السيد الزنجاني من مبطلية الطعام و الشراب باي وجه 1
أكل الطعام و الشراب غير المتعارف. 3
النقاش في الدليل الاول لمفطرية الطعام و الشراب غير المتعارف، (الاجماع) 4
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم للّه ربّ العالمين و صلّی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في مفطرية الاكل و الشرب للصوم فذكر هنا مطلبان: المطلب الاول في مفطرية الاكل من طريق غير المتعارف أو مفطرية الشرب من طريق غير المتعارف. و المطلب الثاني في مفطرية المأكول غير المتعارف كما لو أكل ذبابا أو أكل ترابا و هكذا مفطرية المشروب غير المتعارف.
مفطرية الاكل و الشرب من طريق غير المتعارف
اما المطلب الاول و هو ما اذا كان المأكول متعارفا لكن أكله من طريق غير متعارف، أكله من طريق انفه أو كان المشروب متعارفا، ماء، و لكن شربه من طريق انفه. نقلنا عن المرحوم الايرواني و هو الشيخ محمد الايرواني لا المحقق الايرواني، الشيخ محمد الايرواني الذي له تعليقة علی الرسالة العملية للميرزا الشيرازي الكبير انه منع من مفطرية الاكل أو الشرب غير المتعارف. و لعله لاجل انصراف الادلة عنه. و لكنه لا وجه له بعد ان كان يصدق عليه الأكل و الشرب، من طريق انفه يستنشق الماء فيدخل في حلقه. هذا يصدق عليه انه لميجتنب الشرب.
السيد الخوئي نقض عليه بانه لو شرب الخمر من طريق انفه فهل تلتزمون بجواز ذلك؟ نقول: هذا النقض غير صحيح، لانه لو من طريق المغذي، صبّ في المغذي مقدار من الخمر، من طريق الوريد جذب الخمر، شاف روحه سكران، ان الله لميحرم الخمر لاسمها و لكن حرمها لعاقبتها، عاقبة شرب الخمر الاسكار فالسكر باي طريق، من طريق الوريد، من طريق الجذب من الدبر، سامعنا ان بعض السرسرية ما يفيدهم شرب الخمر، هكذا يريدون، ينسون مشاكلهم في الدنيا، هذا حرام. فاذاً النقض علی الشيخ محمد الايرواني بقضية الخمر مو صحيح. لا، المهم انه لا وجه للانصراف.
نعم، اذا كان جذب الطعام أو الشراب بنحو لايصدق عليه الاكل و الشرب كاستخدام المغذي، عادة الفقهاء استشكلوا و احتاطوا في ذلك. السيد السيستاني افتی بان استخدام المغذي ليس مفطرا، لانه لايصدق عليه الاكل و لا الشرب و الظاهر ان مثله ما لو ثقب فوق بطنه ثقب و اوصل الطعام أو الشراب من طريق هذا الثقب الی معدته بخلاف ما اذا ثقب من حنجرته ثقب فان الطعام و الشراب يصلي الی حلقه فيصدق انه أكل أو شرب.
النقاش في كلام السماحة السيد الزنجاني من مبطلية الطعام و الشراب باي وجه
السيد الزنجاني قال هذا مناف لحكمة الصوم. العرف يفهم من تحريم الطعام و الشراب ان لايستخدم الصائم الطعام و الشراب باي وجه و يؤيد ذلك ما ورد في الرواية المعتبرة لايضر الصائم ما صنع اذا اجتنب عن ثلاثة خصال أو اربع خصال الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء، فيقال بانه لميجتنب الطعام. هذا الذي ثقب علی بطنه ثقب و يدخل منه الطعام أو الشراب الی جوفه هذا لميجتنب الطعام و الشراب. و كذا ذاك الذي من طريق المغذي وصل المغذي الی وريده و من طريق المغذي ينتفع من الشراب، يتقوّی، و قد يعيش الی اشهر بهذا الاسلوب لايأكل و لايشرب من فمه و انما من طريق المغذي أو من طريق الثقب الذي خلي علی بطنه يوصل الی جوفه الطعام و الشراب، هل يصدق انه اجتنب عن الطعام و الشراب؟
فاذاً استدلال السيد الزنجاني حتی فيما لميصدق الاكل و الشرب علی ان ايصال الطعام و الشراب بمقدار معتدبه الی جوفه أو الی وريده من طريق الثقب أو من طريق ضرب الابرة و ايصال المغذي اليه مبطل للصوم، استدلاله باحد وجهين: الوجه الاول هو ان العرف يستفيد من حكمة مفطرية الاكل و الشرب للصائم ان الشارع يريد ان يحس الصائم بالجوع و العطش. نقل عن السيد الزنجاني حتی في قضية التدخين قال هذا ينافي بالمناسبات العرفية شأن الصائم. علی اي حال. و الوجه الثاني التمسك بالاطلاق. لايضر الصائم اذا اجتنب ثلاث خصال الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء. هذا اربعة لكن يقال الاكل و الشرب فرضا شيء واحد.
انا اقول: اما الوجه الثاني فيجاب عنه بان الاجتناب عن الطعام يحتاج الی التقدير اي الاجتناب عن فعل. فما هو ذلك الفعل؟ الفعل المناسب للطعام هو الاكل و الفعل المناسب للشراب المقدر قبله هو شربه.
و ان شئت قلت: انه هنا حذف المتعلق و حذف المتعلق ان كان ظاهرا في اثر ظاهر فينصرف اليه و الا فيوجب الاجمال فلابد ان يؤخذ بالقدر المتيقن. حرمت عليكم امهاتكم الاثر الظاهر هو التمتع بالنساء، اي حرمت عليكم التمتع بامهاتكم. و ان لميكن هناك اثر ظاهر فيؤخذ بالقدر المتيقن كما في قوله عليه السلام انهاكم عن آنية الذهب و الفضة. القدر المتيقن انه نهی عن الاكل و الشرب من آنية الذهب و الفضة لا الوضوء منها و لا استعمالها لان النهي عن آنية الذهب يحتاج الی تقدير، النهي عن فعل، المنهي ليس الا الفعل.
قد يجاب عن هذا الاشكال فيقال هذا البيان مو صحيح، لايوجد اي تقدير في هذه الموارد. حرمت عليكم امهاتكم أي ان نفس الام مما حرم منه الناس، لايحتاج الی تقدير، لكن وجه انتساب كون الناس محرومين من امهاتهم هو كونهم محرومين من التمتع بامهاتهم. الخمر حرام لايحتاج الی التقدير اي ان الخمر ممنوع، هذا ممنوع، و انما قيل هذا ممنوع هذا حرام ممنوع لان الناس منعوا من شرب الخمر. فاذاً لانحتاج الی التقدير اجتنب عن الطعام لايعني انه اجتنب عن اكل الطعام، اجتنب عن الشراب لايعني انه اجتنب عن اكل الشراب، لا، اجتنب عن نفس الطعام، اجتنب عن نفس الشراب.
فيقال لا وجه لانصرافه الی الاكل أو الشرب بل مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي ان يجب علی الصائم الاجتناب من الانتفاع بالطعام اي يطعمه باي نحو كان، يتمتع بالطعام يتمتع بالشراب، هذا الذي يستخدم المغذي ينتفع بالشراب، هذا الذي يوصل الطعام الی جوفه من طريق الثقب هذا يتمتع بالطعام. و لاجل هذا يصرّ السيد الزنجاني علی اطلاق هذه الرواية المعتبرة بالنسبة الی ايصال الطعام و الشراب الی الجوف اذا كان بمقدار معتدبه.
و لكن مع ذلك يمكننا التشكيك في هذا الاستظهار. فنقول: الانصاف ان العرف يتحير، يوجد خطابان: خطاب يقول لايجوز للصائم الاكل و الشرب، و خطاب آخر يقول لابد ان يجتنب عن الطعام و الشراب، و الاثر المتعارف للطعام هو اكله و الاثر المتعارف للشراب هو شربه، فيتحير العرف ان الطعام هل يشمل هذا الفرض؟ الشراب هل يشمل هذا الفرض؟ اذا من طريق الثقب اوصل الطعام و الشراب الی معدته قد يلغي العرف الخصوصية، اما اذا من طريق الوريد يوصل الطعام و الشراب اليه، انصافا الغاء الخصوصية مشكل و يشكل الجزم باطلاق ما دل علی لزوم اجتناب الصائم عن الطعام و الشراب.
و اما الحكمة فقلنا بان الحكمة لاتوجب ظهور الخطاب في تعميم مفطرية الاكل و الشرب الی ما يقوم مقامهما كما لو بلع حباية من طلوع الفجر بحيث يبقی الی ايام من دون ان يحس باي جوع و عطش، هل يحرم هذا؟ قطعا لايحرم. ذبح طلي بالليل أكل كله، اصلا بعد اذان المغرب يقول انا ما احس بجوع، هل هذا يبطل صومه؟ اصلا صومنا خلاف حكمة الصوم، وجب علينا الصوم حتی نحس بجوع الجايعين و عطش العطشانين أو نحس بالجوع و العطش يوم القيامة، اول الاذان الی قريب الفجر يأكلون حلويات، حلوم، علی قول ذلك المرحوم يكاد يتفجر!! كل ذلك مناف لحكمة الصوم.
جواب سؤال: الاحكام لاتتبع الحِكم.
فاذا لايبعد تمامية ما ذكره السيد السيستاني في جواز استخدام المغذي أو الادوية المقوية. اما الادوية غير المقوية، الادوية لعلاج المضادات الحلوية بلااشكال استخدامها جائز علی جميع الفتاوی. السيد الخميني يحتاط في الادوية المقوية الذي تستخدم من طريق الوريد.
الاعلام اختلفوا في ان ايصال الطعام و الشراب الی الجوف من طريق الثقب مبطل للصوم ام لا، فتری ان الشيخ الطوسي في كتاب المبسوط قال بانه مفطر بينما انه في كتاب الخلاف انكر كونه مفطرا، ايصال الطعام و الشراب الی الجوف من غير طريق الاكل و الشرب. العلامة الحلي في كتاب المختلف قال يضر ايصال الطعام و الشراب الی الجوف، بينما انه في كتاب المنتهی و التحرير و التذكرة انكر ذلك فتری ان الاعلام ايضا اختلفوا في هذا الحكم.
أكل الطعام و الشراب غير المتعارف
المطلب الثاني انه هل أكل الطعام غير المتعارف أو الشراب غير المتعارف يبطل الصوم؟ نقل عن الحسن بن صالح بن حي انه ليس مفطرا، و هو من العامة. و نقل عن ابيطلحة الانصاري انه ذهب الی بلاد الشام ظاهرا و كان يأكل الثلج و هو صائم، يقول هذا مو طعام، لانه ليس طعاما متعارفا. و نقل عن ابيحنيفة انه و ان كان يبطل صومه بذلك لكن لاكفارة فيه. المشهور بين الفقهاء الامامية انه لايختص مفطرية الطعام و الشراب بما اذا كانا متعارفين فمن أكل ترابا يبطل صومه، شرب ما لايشربه اي عاقل بطل صومه و ان لميكن شربه متعارفا. ما هو الدليل علی هذا الحكم؟
النقاش في الدليل الاول لمفطرية الطعام و الشراب غير المتعارف، (الاجماع)
الدليل الاول هو الاجماع الذي ادعي في كتاب الخلاف و الناصريات و الغنية و الوسيلة و السرائر و نقل عن الرياض انه لايتم اي دليل علی مفطرية الطعام و الشراب غير المتعارفين الا الاجماع.
لكن نوقش في هذا الاجماع بانه نقل العلامة الحلي في كتاب المختلف عن السيد المرتضی و ابن الجنيد ان الصوم لايبطل بذلك. يقول في كتاب المختلف: قال الشيخ في المبسوط يجب القضاء و الكفارة باكل المعتاد و غيره، المثال لغير المعتاد كأكل التراب و الحجر و الفحم (هم بشر؟ يأكلون الفحم؟!) و الفحم و الحصی و الخذف و الثلج و غير ذلك.
و شرب المعتاد و غيره كماء الشجر و الفواكه، مياه الفواكه، لعله في ذاك الزمان ما كانوا يشربون مياه الفواكه، و ماء الورد و غيرها، و قال السيد المرتضی الاشبه انه ينقص الصوم و لايبطله. و اختاره ابن الجنيد. الوارد في كتاب المختلف الاشبه انه ينقض الصوم و لايبطله. كل ذلك منقول عن كتاب جمل العلم و العمل للسيد المرتضی، فقد ورد فيه علی خلاف ما هو مذكور في كتاب الناصريات و قد الحق قوم من اصحابنا بما ذكرناه في وجوب القضاء و الكفارة ما لايؤكل كالحصی و قال قوم ان ذلك ينقض الصوم و ان لميبطله و هو اشبه. ابن البراج في شرح كتاب الجمل و العمل نقل هكذا: عبارة السيد المرتضی ان ذلك ينقص الصوم و ان لميبطله و هو اشبه.
اولا: تری ان المذكور في كتاب السيد المرتضی بلع الحصی، بلع ما لايؤكل، لماذا لميقل أكل ما لايؤكل، أكل ما لايتعارف أكله؟ قال بلع ما لايؤكل كالحصی. فلو انه كان عنده حصاة مدقوقة فأكلها، هذا أكل، هو قال بلع ما لايؤكل، في خصوص بلع الحصاة استشكل السيد المرتضی. هذا اول شيء. و ثاني شيء: السيد المرتضی الذي قال في كتاب الناصريات يفتي ببطلان الأكل للطعام غير المتعارف و الشرب للشراب غير المتعارف، فهنا يقول بان بلع الحصاة لايبطل الصوم؟ و ابن البراج في شرح كتاب الجمل لمينسب ذلك اليه، قال يوجد قولان في المسألة، ان بلع الحصاة مبطل للصوم و موجب للكفارة، القول الثاني انه مبطل للصوم و ليس موجبا للكفارة، لمينقل انه ليس مبطلا للصوم، و لو كان السيد المرتضی في كتاب جمل العلم يفتي بانه لايبطل الصوم كيف نسي ابن البراج ان يذكر هذا القول الثالث. و لاجل ذلك يحتمل ان يكون المراد انه لايبطل الصوم ابطالا موجبا للكفارة، فيشبه قول ابيحنيفة قال يبطل الصوم و لكن لايوجب الكفارة.
و كيف كان، المهم اننا و لو غمضنا العين عن هذا الكلام للسيد المرتضی فنسب الی ابن الجنيد انه منع من مفطرية الطعام و الشراب غير المعتادين ثم ان هذا الاجماع المنقول في الكلمات حتی لو تم و لميقدح فيه مخالفة ابن الجنيد فاجماع مدركي لا اعتبار به. فلابد من الرجوع الی الادلة حتی نری ان مقتضی الادلة مبطلية الطعام و الشراب غير المتعارفين أو عدم مبطليتهما، انشاءالله في ليلة الأحد نتكلم عن ذلك.
و الحمد لله رب العالمين.