الدرس 36-241
الأحد – 22 جمادي الاولی 46
موضوع: حکم الصوم المندوب لمن
کان علیه الصوم الواجب/ شرائط صحة الصوم
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن
الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله
الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في المسألة الثالثة حيث ذكر صاحب العروة انه يشترط
في صحة الصوم المندوب مضافا الی ما ذكر انه لا يكون عليه صوم واجب من قضاء
أو نذر أو كفارة أو نحوهما مع التمكن من اداءه.
ذكرنا ان عدم مشروعية الصوم المندوب يختص بمن عليه قضاء صوم
رمضان كما صرح بذلك السيد السيستاني في تعليقته علی العروة.
بعد ذلك ذكر صاحب العروة انه يختص
عدم مشروعية الصوم المندوب لمن عليه قضاء صوم رمضان بما اذا تمكن من القضاء اما مع
عدم التمكن منه كما اذا كان مسافرا و قلنا بجواز الصوم المندوب في السفر أو كان في
المدينة و اراد صيام ثلاثة ايام للحاجة فالاقوی صحته.
المشهور قالوا بان عدم مشروعية الصوم
المندوب لمن عليه قضاء صوم رمضان يختص بما اذا تمكن المكلف من القضاء و لكن استشكل
فيه السيد السيستاني و اشكاله في محله. مثلا شخص سافر الی المدينة المنورة و
عليه قضاء صوم و لكنه لا يتمكن من صوم القضاء و هو مسافر لم ينو اقامة عشر ايام، فقال
المشهور بانه يجوز له ان يصوم صوم المندوب إما بالنذر أو صوم ثلاثة ايام من الحاجة
من دون حاجة الی النذر و لكن كما ذكر السيد السيستاني هذا الانصراف لعله بدوي،
من عليه صوم القضاء لا يتطوع، لعل عدم اتيانه بالصوم المندوب حكمته ان يصوم صوم
القضاء لكنه حكمة و الحكمة لا توجب تضيقا في الخطاب. نعم المشهور ادعوا الانصراف و
لكن هل هذا الانصراف انصراف مستقر أو انصراف بدوي، قد يقال بانه انصراف بدوي.
علی اي حال اشكال السيد السيستاني في محله.
ثم قال صاحب العروة و كذا اذا نسي
الواجب و اتی بالمندوب فان الاقوی صحته اذا تذكر بعد الفراغ و اما اذا
تذكر في الاثناء قطع.
يقول صاحب العروة من عليه صوم القضاء اذا نسي ان عليه
القضاء فنوی صوما مندوبا و التفت الی ذلك في اثناء النهار، هنا يبطل
صومه المندوب حتی لو كان بعد الزوال فانه اذا التفت بعد الزوال لا يمكنه نية
القضاء و لكن مع ذلك يبطل صومه. و اما اذا التفت الی ذلك بعد النهار يصح
صومه.
هنا ليس بعيدا ان نقول بانصراف الدليل كما قبله السيد السيستاني.
النهي عن التطوع لمن عليه صوم القضاء ينصرف الی من يلتفت الی ان عليه
القضاء، هذا امر غير بعيد. فان لم يلتفت الی ذلك الا بعد ما دخل الليل لا يبعد
ان نقول بصحة صومه المندوب و لو كان صومه قضاءً عن الغير يصح هذا الصوم، هذا غير
بعيد.
ثم ان صاحب العروة طرح مسألة صوم
النذر قال من عليه القضاء لا يبعد ان يقال بانه يمكنه ان يصوم صوم المندوب بالنذر،
لا يبعد ان يقال انه لا يجوز صوم المندوب بوصف التطوع و بالنذر يخرج عن الوصف. و يكفي
في رجحان متعلق النذر رجحانه و لو بالنذر. و بعبارة اخری هو وصف الندب و
بالنذر يرتفع المانع.
هذا التعبير لصاحب العروة من انه يكفي
رجحانه بالنذر لا يخلو عن مسامحة، كان ينبغي ان يقول يكفي ثبوت رجحانه بدليل آخر
لا بدليل وجوب الوفاء بالنذر لكن يكفي ثبوت رجحانه و لو في طول النذر. التعبير
بانه يكفي في رجحان متعلق النذر رجحانه و لو بالنذر فيه مسامحة واضحة لان دليل
وجوب الوفاء لا يمكنه ان يكشف عن رجحان متعلقه. نعم العبارة الثانية له واضحة :
المانع هو وصف الندب اي التطوع و بالنذر يرتفع المانع، هنا ايضا كان ينبغي و بوجوب
الوفاء بالنذر يرتفع المانع لانه بالنذر لم يرتفع المانع. تارة بالنذر يرتفع
المانع كما مثّل السيد الخوئي قال شخص اذا نذر ان يفعل شيئا يقدر عليه و يرتفع
مرضه، نذر ان يصوم بمجرد انه ينذر يصوم يصير صحيحا و يرتفع مرضه و لا يضر به
الصوم. هذا المثال لا ينطبق علی المقام، النذر تكوينا اذا رفع المانع لا اشكال
في ان دليل وجوب الوفاء بالنذر يأتي بعد ذلك، بعد ما كان عموم دليل رجحان الصوم يشمله
حينما ارتفع المانع، النذر رفع المانع و انطبق عليه عمومات رجحان الصوم فيشمله دليل
وجوب الوفاء بالنذر.
اما المثال الصحيح للمقام هو ان يكون نفس وجوب الوفاء
بالنذر رافعا للمانع لا النذر نفسه. فانه لو لم يشمل وجوب الوفاء بالنذر لنذر
الصوم المندوب لمن عليه قضاء الصوم فمجرد انه نذر لا يكفي لرفع عنوان التطوع عنه.
هنا تحدث مشكلة و هي انه قد يقال بان شمول دليل وجوب الوفاء بالنذر للمقام دوري، فانه
يتوقف علی زوال عنوان التطوع عن هذا الصوم يعني يتوقف شمول دليل وجوب الوفاء
بالنذر علی رجحان هذا الصوم و رجحانه موقوف علی ارتفاع عنوان التطوع
عنه و ارتفاع عنوان التطوع عنه يتوقف علی شمول وجوب الوفاء بالنذر فصار
وجوب الوفاء بالنذر دوريا. وجوب الوفاء بالنذر، هذه المشكلة لا بد من حلها، وجوب
الوفاءبالنذر يتوقف علی رجحان متعلقه، رجحان متعلقه يتوقف علی ارتفاع
عنوان التطوع عن هذا الصوم و الا الصوم التطوعي ليس راجحا لمن عليه قضاء الصوم، فوجوب
الوفاء بالنذر توقف علی رجحان الصوم، رجحان الصوم توقف علی ارتفاع
عنوان التطوع عنه و ارتفاع عنوان التطوع عنه موقوف علی نفس وجوب الوفاء
بالنذر فصار وجوب الوفاء بالنذر دوريا.
لكن يمكن الجواب عن هذه الشبهة العقلية فان اطلاق وجوب
الوفاء بالنذر يشمل ما لو كان المانع يرتفع و لو في طول جريان وجوب الوفاء بالنذر.
انا اذكر لكم مثالا: زيد يقول حينما نعظمه علی ضيافة في بيتنا افرض كفرض
محال!! يقول اذا عمرو يجيء فانا اجيء، عمرو يقول حينما نعظمه اذا زيد يجيء فانا ايضا
اجيء. هذا دوري؟ لا لان مجيء زيد لا يتوقف علی مجيء عمرو مع قطع النظر عن
مجيئه لان زيد يقول يكفي في مجيئه الی ضيافتك انه اذا انا اجيء عمرو ايضا يجيء،
اذا انا اجيء عمرو ما يجيء مو مهم، المهم اني اذا اجيء عمرو يجي، يعني اريد اتباحث
وياه في مسائل اصولية فيتوقف مجيء زيد علی قضية شرطية، القضية الشرطية هكذا:
اذا جاء زيد فيجيء عمرو، هذه القضية الشرطية ثابتة لان عمرو قال اذا يجيء زيد
فانا اجيء. فكل من مجيء زيد و مجيء عمرو يتوقف علی قضية شرطية أو فقل
علی مجيء شخص آخر و لو في طول مجيئه. هنا ايضا لا دليل علی اكثر من ذلك
انه يتوقف وجوب الوفاء بالنذر علی رجحان متعلقه و لو في طول شمول وجوب
الوفاء بالنذر له، المهم ان دليل وجوب الوفاء بالنذر لا يمكنه ان يكشف عن رجحان
متعلقه، فيتوقف وجوب الوفاء بالنذر علی رجحان متعلقه بزوال عنوان التطوع عنه
و لو في طول شمول وجوب الوفاء بالنذر له، لا دليل علی اكثر من ذلك فارتفع
الدور.
لكن مشكلتنا ما اشار اليه أو صرح به السيد السيستاني من ان
عنوان التطوع لا يرتفع بالنذر. الناذر متطوع و لو في طول وجوب الوفاء، لا يخرج عن
عنوان التطوع. و لاجل ذلك نلتزم بان من عليه صوم القضاء اذا نذر ان يصوم صوم مندوب
فان تمكن من الوفاء بنذره بعد اتيانه بالقضاء وجب عليه ذلك، وجب عليه الاتيان
بالقضاء مقدمة للوفاء بنذره. هو نذر ان يصوم يوما وحدا من هذا الشهر و عليه قضاء
عشرين يوما من صوم رمضان، يتمكن، افرض هو في بداية الشهر، يصوم عشرين يوما صوم
قضاء ثم بعد ذلك يفي بنذره، هذا مقدمة للواجب بعد. و اما اذا لا يتمكن عليه صوم
عشرين يوم و هو نذر ان يصوم في يوم من ايام هذا الشهر، خب ما باقي من هذا الشهر
الا اقل من عشرين يوم، فهنا ينحل نذره لا ينعقد، لانه نذر صوم غير راجح.
اقرأ عبارة صاحب العروة هنا حتی تتأملون في عبارته:
و لو نذر التطوع علی الاطلاق صح فان كان عليه واجب فيجوز ان يأتي بالمنذور
بعد ما صار واجبا، اجبنا عن ذلك، لا يجوز ان يأتي بالمنذور قبله فلا بد ان يقضي ما
عليه فان تمكن بعد ذلك من الوفاء بالنذر يجب عليه ذلك. تأملوا في كلام صاحب العروة،
هذا الفقيه العظيم اشلون احيانا يذكر كلمات غير منسجمة مع المباني الاصولية. يقول
لو نذر التطوع علی الاطلاق صح و ان كان عليه واجب فيجوز ان يأتي بالمنذور
قبله بعد ما صار واجبا و كذا لو نذر اياما معينا يمكن اتيان الواجب قبلها و اما لو
نذر اياما معينة لا يمكنه اتيان الواجب قبلها ففي صحته اشكال من انه بعد النذر يصير
واجبا فحينئذ يصح نذره و من ان التطوع قبل الفريضة غير جائز فلا يصح نذره ثم قال
لا يبعد ان يقال انه لا يجوز لوصف التطوع و بالنذر يخرج عن هذا الوصف.
انا اقول ما هو الفرق بين الفرضين؟ تارة تفرض انه يقول لله
علیّ ان اصوم يوما من هذا الشهر و يتمكن من صوم القضاء قبل الوفاء بالنذر
لان عليه القضاء عدة ايام يمكنه ان يقضي ما عليه من صوم تلك الايام ثم يفي بنذره، هنا
يقول صاحب العروة ينعقد نذره و يمكنه ان يفي بنذره قبل ان يقضي ما عليه. هذا الذي يتمكن
من الوفاء بنذره و لو بان يقضي ما عليه اولا ثم يف بنذره نذره صحيح فبعد ما نذر يمكنه
تقديم الوفاء بالنذر علی القضاء و اما اذا لا يتمكن من صوم القضاء قبل
الوفاء بنذره لانه قال لله علیّ ان اصوم صوم المندوب بكری و عليه قضاء،
هنا لا يمكنه ان يقدم القضاء علی النذر هنا في صحة نذره اشكال. ما هو الفرق
بينهما؟ اذا هنا في صحة نذره اشكال عوفوا ذلك الكلام و لا يبعد ان يقال، قبل ان يقول
و لا يبعد ان يقال، هنا من لا يتمكن من القضاء قبل الوفاء بالنذر في صحة نذره اشكال
لماذا في صحة نذره اشكال؟ لان في صحة صومه اشكال. فاذا في صحة صومه اشكال فلماذا
تقول اذا يتمكن من القضاء قبل الوفاء بالنذر فهنا ينعقد نذره و يمكنه ان يقدم
الوفاء بالنذر علی صوم القضاء، اذا في صحة صومه اشكال اي فرق بين الفرضين؟ مجرد
ان وجوب الوفاء بالنذر فيما اذا يتمكن من القضاء ثم الوفاء بالنذر منجز بلا اشكال،
من ينذر ان يصوم صوم مستحب في هذا الشهر يوم واحد و يمكنه ان يقضي ما عليه قبل
الوفاء بالنذر هنا لا اشكال في ان نذره ينعقد و بعد ما ينعقد نذره يجب عليه الوفاء
به و قلنا انه من باب مقدمة الواجب يجب عليه ان يقدم صوم القضاء علی الوفاء
بالنذر اما لماذا يقول صاحب العروة هنا لا اشكال في انه يمكنه ان يقدم الوفاء
بالنذر علی صوم القضاء؟ لان هذا الصوم صار واجبا عليه. مجرد ان وجوب الوفاء
بالنذر في هذا الفرض لا يتوقف علی شيء هذا يوجب الفرق؟ المهم ان متعلق النذر
هل هو صوم التطوع ام لا؟ اذا بالنذر يخرج عن صوم التطوع فينعقد نذره مطلقا و لو ان
نذر يصوم بكری لانه بالنذر و بوجوب الوفاء بالنذر يرتفع عنوان التطوع عنه.
اذا النذر لا يوجب ارتفاع عنوان التطوع عنه كما هو الصحيح فلا يشرع ان يصوم صوم
مندوب الذي نذره قبل ان يقضي ما عليه.
و الظاهر ان المشكلة التي كانت في ذهن صاحب العروة ذاك
الدور الذي طرحناه، يشوف انه اذا لا يتمكن من صوم القضاء قبل الوفاء بنذره هنا
وجوب الوفاء بالنذر يكون متوقفا علی ارتفاع عنوان التطوع بخلاف ما اذا كان يتمكن
من القضاء قبل الوفاء بالنذر هنا المتعلق للنذر هو الجامع و لا اشكال في انه راجح
حتی لو قلنا بوجوب ان يقضي ما عليه ثم يفي بنذره. لكن هذه الشبهة لا اساس
لها و ما كان ينبغي ان تشغّل ذهن صاحب العروة.
و حاصل كلامنا كما
ذكره السيد السيستاني اذا نذر ان يصوم صوم مندوب و عليه القضاء فان كان يتمكن من
القضاء اولا ثم الوفاء بالنذر وجب عليه ذلك و ينعقد نذره و الا فلا ينعقد نذره هذا
كله في النذر لمن كان عليه القضاء.
و هنا مسألة اخری لا بأس
بطرحها في آخر هذا البحث و هو ان من عليه صوم المنذور أو صوم الاستئجاري هل يمكنه
ان يصوم صوم مندوب بناءا علی ان من عليه صوم الواجب لا يشرع ان يصوم صوم
التطوع كما عليه السيد الخوئي و اما علی مسلك السيد السيستاني و هو المختار
من ان عدم مشروعية صوم التطوع يختص بمن عليه صوم قضاء رمضان فهذه المسألة واضحة الجواب.
هذه المسألة تبتني علی ان نقول من عليه صوم واجب لا يشرع ان يصوم صوم مندوب،
فهل صوم الواجب يشمل صوم المنذور أو صوم الاستئجاري؟
صاحب العروة فصّل قال الظاهر جواز التطوع بالصوم اذا كان عليه
صوم واجب استئجاري. و اما بالنسبة الی من عليه صوم منذور هكذا قال: يشترط في
صحة صوم المندوب ان لا يكون عليه صوم واجب من قضاء أو نذر فمن نذر ان يصوم صوما
مستحبا لا يشرع في حقه ان يصوم صوما مستحبا آخر خارجا عن النذر بل لا بد ان يفي
بنذره ثم بعد ذلك يأتي بذاك الصوم المندوب غير المنذور. و اما من استؤجر لصوم عن
الغير يمكنه ان يأتي بصوم مندوب عن نفسه. ما هو الفارق بينهما؟ بالنسبة الی الصوم
الاستئجاري تقول بان الواجب عليه ليس هو الصوم و انما هو النيابة عن صوم الغير كما
يقول السيد الخوئي، هذا مجرد تفنن في التعبير، من كان اجيرا في صوم القضاء عن غيره
فيجب عليه صوم القضاء عن غيره بعنوان الوفاء بالاجارة كما ان من نذر ان يصوم صوما
مندوبا يجب عليه ذاك الصوم المندوب بعنوان الوفاء بالنذر فاي فرق بينهما؟ مجرد
التفنن في التعبير بان نقول الواجب في الصوم الاستئجاري ليس هو الصوم و انما هو
النيابة عن الغير في الصوم، هذا تفنن في التعبير، يجب عليه من باب الوفاء بالاجارة
ان يصوم صوم القضاء عن غيره. هذا التعبير الوارد في كلام السيد الخوئي لا يفهم فلا
فرق بين المسألتين. من عليه صوم منذور أو من عليه صوم استئجاري حكمهما واحد و لا
وجه لتفريق صاحب العروة و السيد الخوئي بينهما.
نعم نحن نقول لعل الظاهر من قوله لا يتطوع لمن كان عليه صوم
فرض هو ان يكون الصوم بعنوانه مفروضا لا بعنوان آخر كامر الوالدين أو الوفاء
بالنذر أو الوفاء بالاجارة. و هذا الكلام صحيح و لكن لا يفرّق بين النذر و الاجارة.
هذا تمام الكلام في شرائط صحة الصوم و يقع الكلام في شرائط
وجوب الصوم. اولها البلوغ. تاملوا في مسائل و شرائط وجوب الصوم الی الليلة القادمة
ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين.