الدرس 35-240
السبت – 21 جمادي الاولی 46
موضوع: حکم الصوم المندوب لمن
کان علیه صوم واجب/ شرائط صحة الصوم
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن
الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله
الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في صحة الصوم المندوب لمن كان عليه قضاء صوم
رمضان فتمت الادلة علي عدم مشروعية ذلك لانه ورد انه لا تطوع لمن عليه قضاء الصوم.
لكن وقع الكلام في انه لو صام بنية القضاء عن غيره و عليه
صوم القضاء علی هذا المؤمن، عليه صوم القضاء و لكنه يريد صوم شخص آخر قبل ان
يقضي صوم نفسه فهل هذا القضاء عن الغير صحيح ام لا؟
نقلنا عن السيد السيستاني انه قال هذا القضاء عن الغير صحيح
لانه ليس مصداقا للتطوع. اجبنا عن ذلك بان التطوع يعني ان هذا متبرع لا ينافي ان
ما اتی به في حد ذاته فريضة، هذا ليس عليه فريضة حينما يقضي عن غيره، هذا
القضاء عن غيره ليس فريضة عليه، صومه قضاءا عن غيره ليس فريضة عليه و انما قام بذلك
تبرعا و تطوعا.
كما ذكر السيد الخوئي انه لو اوجب هذا الصوم بعنوان ثانوي، خرج
بذلك عن عنوان التطوع و لاجل ذلك السيد الخوئي يقول الاجير باجارة صحيحة علی
صوم القضاء عن غيره صومه صحيح و لو كان عليه قضاء لنفسه لانه بعد ما وجب عليه
الوفاء بالاجارة لا ينطبق عنوان التطوع علی عمله. فاهله اذا تريد تساعد زوجه،
هذه الزوجة ليست هي طرف عقد الاجارة، فاذا كان عليها قصوم قضاء، علی رأي السيد
الخوئي لا يصح قضاءها عن الغير بخلاف مبنی السيد السيستاني.
كما ان السيد السيستاني لا يقبل نذر الصوم المستحب لمن عليه
قضاء الصوم يقول نذر الصوم المستحب تطوع حتی لو وجب الوفاء بالنذر بالعنوان
الثانوي بينما ان السيد الخوئي يقول: لا، بعد ما وجب الصوم المندوب لاجل النذر
لاجل اليمين لاجل العهد يندرج في عنوان الواجب و يخرج عن عنوان التطوع.
اشوف ان كلام السيد الخوئي ايضا قابل اللنقاش. التطوع لا ينافي
ان يوجب الانسان علی نفسه باختياره هذا العمل التطوعي، يسجل اسمه للمشاركة في
الحرب، متطوع بعد، مو جندي، لكن بعد ما سجل اسمه هم يحسبون حسابهم، يقولون قائمة
المتطوعين الف مقاتل، هذا يستثني ما يجيء، ذاك يقول بوي مريض أو عندي ما خلق، ميصير
هكذا، بعد ما سجلت اسماءكم في قائمة المتطوعين يكون تشاركون في الحرب. لكن تاليها
اسمهم شنو؟ المتطوعين. التطوع لا ينافي ان يوجب الانسان علی نفسه باختياره
القيام بهذا العمل التطوعي كما هو رأي السيد السيستاني.
نحن اخذنا بالجانب السلبي لكلام كلي العلمين. السيد الخوئي يقول
صوم القضاء عن الغير اذا لم يجب بالعنوان الثانوي تطوع. السيد السيستاني قال ليس
تطوعا و انما هو فريضة لا يجب بالفعل. قلنا كلام السيد الخوئي صحيح. فيما اذا وجب
الصوم بالنذر مثلا السيد الخوئي قال هذا صار واجبا بالعرض خرج عنه عنوان التطوع.
السيد السيستاني قال صوم مندوب تطوع، اوجبت علی نفسك بالنذر لا يخرج بذلك عن
عنوان التطوع. قلنا كلام السيد السيستاني صحيح. اتأثرنا من كلي العلمين في الجانب
السلبي مالتهم، ايضا زين.
فنحن نقول عليه القضاء لا يصح منه صوم القضاء عن غيره سواء
وجب بعنوان ثانوي كالنذر أو الاجارة أو لم يجب.
هذا كله فمن عليه صوم القضاء. و
اما من كان عليه صوم واجب كالكفارة فتارة الكفارة مخيرة، اطعم ستين مسكينا أو صم
ستين يوما، هذا ليس عليه الصوم، هذا عليه الجامع بين الصوم و الاطعام، هذا يجوز له
الصوم المندوب أو صوم القضاء عن الغير. لا، من وجب عليه خصوص الصوم كواجب تعييني كما
لو كانت الكفارة متعينة في الصوم [فهو لا يجوز له الصوم تطوعا].
فقد يستدل لعدم مشروعية الصوم المندوب بالنسبة الي هذا الذي
عليه صوم واجب تعييني، يستدل علی ذلك بما رواه الصدوق في كتاب من لا يحضره
الفقيه باسناده عن الحلبي و اسناده عن ابي الصباح الكناني جميعا عن ابي عبدالله عليه
السلام لا يجوز ان يتطوع الرجل بالصيام و عليه شيء من الفروض أو عليه شيء من الفرض،
ما قال و عليه شيء من القضاء، ما قال هكذا بل قال و عليه شيء من الفرض أو عليه شيء
من الفروض.
ان قلت ورد في صحيحة اخری للحلبي و رواية لابي الصباح
الكناني و صحيحة زرارة النهي عن صوم المندوب لمن عليه صوم القضاء فنقيد هذا
الاطلاق في رواية الحلبي و ابي الصلاح الكناني المروية في كتاب من لا يحضره الفقيه
بما دل علی ان من كان عليه صوم القضاء لا يشرع ان يصوم صوم المندوب.
هذا جوابه واضح، الخطابان المثبتان لا تنافي بينهما لان ما
دل علی ان من عليه صوم القضاء لا يجوز له ان يتطوع ليس له مفهوم، ان كان
وصفا زائدا علی الموصوف كما لو ورد اكرم العالم العادل فينعقد له مفهوم
مخالف في الجملة علی انه لا يجب اكرام العالم مطلقا فنقيد قوله اكرم العالم
لكن هنا ليس الوصف زائدا علی الموصوف. الرجل عليه من شهر رمضان طائفة هذا
ورد في السؤال، الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أيتطوع فقال لا حتی يقضي ما
عليه من شهر رمضان. و هكذا في صحيحة زرارة لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوع
اذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة، ليس له مفهوم مخالف. فخطابان مثبتان كما
لو ورد في خطاب اكرم العالم و ورد في خطاب آخر اكرم الفقيه لا منافاة بينهما، مثبتان.
لكن هنا يوجد اشكال اعمق من ذلك و هو ان من المحتمل جدا ان
الصدوق نقل رواية الحلبي الواردة فيمن عليه قضاء شهر رمضان و انه لا يجوز له
التطوع و نحوه رواية ابي الصباح الكناني نقلهما بالمعنی بعد الغاءه الخصوصية
من صوم القضاء الی ايّ صوم واجب آخر لانه هكذا عنون في الفقيه قال باب
الرجل يتطوع بالصيام و عليه شيء من الفرض وردت الاخبار و الآثر عن الائمة عليهم
السلام انه لا يجوز ان يتطوع الرجل بالصيام و عليه شيء من الفرض و ممن روی
ذلك الحلبي و ابو الصباح الكناني عن ابي عبدالله عليه السلام. و لعله اجتهد في فهم
صحيحة الحلبي و رواية ابي الصباح الكناني السابقتين حيث ورد في صحيحة الحلبي المروية
في الكافي سألت اباعبدالله عليه السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أيتطوع
فقال لا حتی يقضي ما عليه من شهر رمضان و في رواية ابي الصباح الكناني عن
رجل عليه من شهر رمضان ايام أيتطوع فقال لا حتی يقضي ما عليه من شهر رمضان.
فلعل الصدوق فهم عدم الخصوصية لمن عليه قضاء شهر رمضان، الغی هذه الخصوصية الی
كل من كان عليه صوم واجب فقال وردت الاخبار و الآثار عن الائمة عليهم السلام انه
لا يجوز ان يتطوع الرجل بالصيام و عليه شيء من الفرض و ممن روی ذلك الحلبي و
ابو الصباح الكناني عن ابي عبدالله عليه السلام. خصوصا و ان كتاب الفقيه كتاب فتوی
و ليس كتاب رواية. كثير من المحصلين بل فوق المحصلين يشتبهون، ابتناءهم ان هذا حديث
مروي في كتاب الفقيه، لا، اورد الفقيه هذا الذيل ككلام لنفسه و النص ما يميّزون
ابتناءهم ان هذا ذيل تلك الرواية السابقة الله يرحم السيد الخوئي، مو انسان عادي،
يقول في صلاة المسافر ورد في صحيحة زرارة ان رسول الله صلی الله عليه و آله
اذا اتی ذبابا قصّر و ذباب علی رأس بريد يعبر عنه بصحيحة زرارة. يا
مولانا يا سيدنا من اين هذا الذيل تتمة لصحيحة زرارة؟ هذه الصحيحة منقولة في كتب
اخری بدون هذا الذيل، فلعل قوله و كان رسول الله اذا اتی ذبابا قصّر و
ذباب علی رأس البريد كلام الصدوق نفسه.
الاشكال ليس فيمن ينقل من الفقيه هذه الكلمات و ابتناءه
انها تتمة الرواية السابقة، الاشكال ناشئ من عدم التتبع الكامل، من عنده التتبع
الكامل كالسيد السيستاني ما اشتبه عليه، هو ملتفت لانه يتتبع يراجع المصادر. ذاك
المجلسي الاول ان من المحتمل ان هذا الذيل و كان رسول الله اذا اتی ذبابا
قصر من كلام الصدوق نفسه، و المجلسي الاولي خبير بشرح كتاب من لايحضره الفقيه. كتاب
فتوی بعد، معذور. يقول فالواحد كاتب من لا يحضره الطبيب، ابو زكريا رازي كاتب
كتاب من لا يحضره الطبيب فالواحد طلب من الصدوق ان يكتب كتابا لمن لا يكون عنده فقيه،
فسمی كتابه من لا يحضره الفقيه. هذا اشكال قوي.
لكن السيد الخوئي قال: لا، هذه المناقشة في غير محله. ليش؟
لتصريح الصدوق بانه لا يشرع الصوم المندوب لمن عليه شيء من الفروض و قد وردت به
الاخبار و الآثار. بس يقصد تلك الروايتين المرويتين في الكافي في خصوص من عليه
قضاء شهر رمضان؟ و الذي يكشف كشفا قطعيا عن عدم كونه ناظرا الی تلك الروايتين
ان طريق الصدوق الی الحلبي بجميع من في سلسلة السند مغاير مغايرة تامة مع
طريق الكليني اليه في تمام افراد السند بحيث لا يوجد شخص واحد مشترك بينهما. و معه
كيف يمكن ان يريد به تلك الرواية المروية في الكافي؟ فالظاهر ان هذه رواية اخری
و لا مانع من عنوان الباب بنحو ما عرفت بعد ان عقّبه بقول روی ذلك الحلبي
الظاهر في ان الحلبي روی عين ما ذكره يعني روی انه لا يجوز صوم
المندوب لمن كان عليه شيء من الفروض.
و لاجل ذلك يقول السيد الخوئي ما ذكره السيد اليزدي تبعا
للمشهور من عدم صحة الصوم المندوب لمن كان عليه مطلق الصوم الواجب هو الصحيح.
انصافا لا يمكن المساعدة علی ما ذكره السيد الخوئي.
بعد احتمال ان هذا اجتهاد من الصدوق، ماكو ظهور في كلام الصدوق في انه لا يجتهد، شأنه
الاجتهاد، يقول روی ذلك الحلبي و ابو الصباح الكناني، رواية الحلبي موجودة في
الكافي، رواية ابي الصباح الكناني موجودة في الكافي، ماكو ظهور في انه ينقل رواية
اخری غير هاتين الروايتين. اما انه ليش قال وردت به الآثار؟ خب اك روايات غير
هاتين الروايتين كصحيحة زرارة أو حتی لو كانت هناك رواية اخری مو
معلوم ان سندها كان تاما.
فاذن يشكل القول ببطلان الصوم المندوب لمن كان عليه صوم
واجب غير صوم القضاء. و لكن بالنسبة الی من عليه صوم واجب غير صوم القضاء
نحتاط في خصوص من كان عليه صوم واجب علی وجه التعيين، لا بالنذر، من نذر ان يصوم
صوما مستحبا يجوز له قبل ان يفي بنذره ان يصوم صوم تطوع آخر، يصوم صوم قضاء غيره، أو
من كان اجيرا لصوم قضاء عن غيره يجوز له ان يصوم تطوعا عن نفسه لانه في الواجب
بالعنوان الثانوي كالنذر و الاجارة و نحوهما لا يصدق عنوان شيء من الفروض، القدر
المتيقن من الفرض هو الواجب بالعنوان الاولي لا ما وجب بعنوان الوفاء بالنذر أو بعنوان
الوفاء بالاجارة. نعم لو وجب بسبب الكفارة و كان الواجب خصوص الصوم لا الجامع بين
الصوم و غير كالاطعام هنا نحتاط في عدم مشروعية صوم المندوب في حقه.
يقع الكلام في موردين:
المورد الاول فيمن سافر الی المدينة المنورة و عليه
صوم القضاء، صوم القضاء لا يشرع في السفر و لكن الصوم المندوب ثلاثة ايام للحاجة في
المدينة المنورة مشروع للمسافر. يقدر يصوم مع ان عليه القضاء، المشهور قالوا ميخالف،
دليل لا تطوع لمن عليه قضاء شهر رمضان ينصرف الی من يتمكن من القضاء، ليش
ما تقضي صومك؟ تصوم صوم مستحب، روح صم صوم القضاء اما هذا المسكين ما يقدر يصوم
صوم القضاء فيجوز له ان يصوم صوم المستحب.
و المورد الثاني من نسي ان عليه صوم القضاء فصام صوما
مندوبا الی ان فات منه محل نية الصوم الواجب، فهل يصح صومه؟ احيانا يصوم صوم
قضاء غيره مع ان عليه القضاء علی نفسه و هو ناسٍ هل هذا الصوم القضائي عن
غيره صحيح لانه ناس ان عليه صوم القضاء؟
نتكلم عن هذين الموردين في الليلة القادمة ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين.