الدرس 33-238
الإثنين – 16 جمادي الاولی 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن
الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله
الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام فيمن صام و بعد ما صام انكشف له ان صومه كان
مضرا بحاله فهل يصح صومه؟
قلنا بانه كما اشكل السيد اليزدي صاحب العروة و السيد الخوئي
و السيد السيستاني و جماعة من الاعلام في صحة صوم هذا الشخص فقالوا بان المريض حسب
ما ورد في القرآن الكريم يجب عليه الصوم في غير شهر رمضان و من كان مريضا أو
علی سفر فعدة من ايام أخر. ليس الرافع لوجوب الصوم في حق المريض قاعدة لاضرر
حتی نقول بان شمولها لهذا الشخص الجاهل بكونه مريضا خلاف الامتنان في حقه بل
الرافع لوجوب الصوم عنه و وجوب القضاء هو الآية الكريمة و اطلاق الآية يقتضي ان يجب
عليه القضاء سواء صام في شهر رمضان لجهله بكون الصوم مضرا بحاله أو لا.
قد يقال في الجواب ان الآية الكريمة مذيلة بذيل و هو قوله
تعالی يريد بكم الله اليسر و لا يريد بكم العسر و من كان مريضا أو علی
سفر فعدة من ايام أخر يريد بكم الله اليسر و لا يريد بكم العسر فهذا الذيل مما يصلح
للقرينية علی ان لا ينعقد اطلاق في صدر هذه الآية اي قوله تعالی و من كان
مريضا أو علی سفر فعدة من ايام أخر بالنسبة الی ما لو صام و هو لا يعلم
بكونه مريضا فانه لو وجب عليه القضاء هذا ينافي ارادة اليسر.
هذا بالنسبة الی الآية الكريمة و اما بالنسبة الی
الروايات فلا توجد رواية ينعقد لها ظهور في وجوب القضاء في حق هذا المريض الذي صام
و هو جاهل بان الصوم مضر بحاله. الا مرسلة الصدوق قال عليه السلام كل ما اضر به
الصوم فالافطار له واجب، لو تم سند هذه الرواية امكن التمسك باطلاقها بالنسبة الي
هذا الذي يضر به الصوم و لكنه جاهل بان الصوم يضر بحاله. لكن مراسيل الصدوق لا
اعتبار لها حتی لو كانت جزمية. الله يرحم السيد الخوئي قدس روحه، في
الدراسات في كتاب لاضرر قبل حجية مراسيل الصدوق الجزمية لكنه في مصباح الاصول في
نفس كتاب لاضرر رجع عن ذلك. و هو الصحيح، لا وجه مقنع لدعوی حجية مراسيل
الصدوق الجزمية و ان كان يدعيها السيد الخميني و بعض المعلقين علی البحوث لكن
تكلمنا عن ذلك مرارا و قلنا بان العقلاء لا يرون حجية خبر يعلم بارساله، افرض
انتم اخبرتم عن شيء وقع في زمان الشيخ الانصاري، انتم ما كنتم موجودين ذاك الوقت، قطعا
سامعين من شخص، انت متدين، حينما تقول وقعت حادثة في زمان الشيخ الانصاري اذا ما
تقطع بذلك ما تخبر عنه جزما، لكن العقلاء يقولون ممن سامع؟ لعله سمع من بعض
الاشخاص و حصل له الوثوق. هذا لا يعني انه لو نقل لي الوسائط ايضا يحصل لي الوثوق.
مضافا الی انا لم نجزم بان الشيخ الصدوق كان يفرق بين التعبير بقال و التبعير
بروي، مو معلوم انهم حينما كانوا يعبرون بقال يقصدون من ذلك اننا ننسب هذا الحديث
الی الامام نسبة جزمية، لا، لعلهم لو سئلوا لقالوا واضح انا مو سامع من
الامام الصادق عليه السلام، انا حينما اقول قال الصادق عليه السلام يعني علی
ما روي عنه، مثل كثير من الخطباء شنو؟ هل يصعدون المنبر يقولون روي؟ عادتا ما يقولون
روي بل يقولون قال. اذا سألته ليش قلت قال، واضح انا ما التقيت بالامام عليه
السلام، من اقول قال يعني علی ما هو موجود في الكتب.
و اما بقية الروايات مثلا موثقة سماعة سألته ما حد المرض
الذي يجب علی صاحبه فيه الافطار، هذا ورد في السؤال قال ان وجد ضعفا فليفطر،
هذا لا يشمل المريض الجاهل بمرضه، المريض الذي لا يعلم ان الصوم يضر بحاله لا يعبر
عنه بانه وجد ضعفا، وجد ضعفا يعني احس بالضعف.
و اما رواية علی بن جعفر سألته عن حد ما يجب
علی المريض ترك الصوم، في السؤال هكذا ورد لكن الامام ماذا اجاب؟ قال كل شيء
من المرض يضر به الصوم فهو يسعه ترك الصوم. لو قال الامام عليه السلام فيجب عليه
ترك الصوم كان يدل علی وجوب الافطار علی المريض لكنه قال فهو يسعه ترك
الصوم. مضافا الی الاشكال في سند الرواية.
بل يقول السيد الزنجاني يمكن التمسك لتصحيح صوم الجاهل برواية
عقبة بن خالد بعد ما صحح سند الرواية كما نقلناه سابقا عن ابي عبدالله عليه السلام
عن رجل صام شهر رمضان و هو مريض قال يتم صومه و لا يعيد يجزيه. ذكر السيد الزنجاني
ان العرف هكذا يجمع بين هذه الرواية و بين ما دل علی ان المريض لا يصوم فيحمل
هذه الرواية علی المريض الذي إما جاهل بالموضوع أو جاهل بالحكم يعني عمم السيد
الزنجاني صحة صوم المريض الی مريض يعلم بان الصوم يضر بحاله لكنه لا يعلم
بان رفع وجوب الصوم عن المريض علی نحو العزيمة، استوی صار شيعي، الفقه
السني مؤثر عليه و هو يری ان وجوب الصوم رفع عن المريض و المسافر و لكن يشرع
في حقهما الصوم و هذا صار شيعي لكن في الفقه جاهل بكثير من الاحكام الفقهية فيجهل
ان صوم المريض باطل، يقول السيد الزنجاين نحمل هذه الرواية علی الفرض
الغالب في صوم المريض و الا المريض الذي يعلم بانه مريض و صومه باطل اشلون يصوم؟ يدري
انه مريض و يدري ان صوم المريض باطل اشلون يصوم؟ ميصوم، الذي يصوم عادة لا يعاند،
إما جاهل بكون الصوم مضرا بحاله أو انه جاهل بان صوم المريض باطل.
هذا غاية ما يمكننا تقريب القول بصحة صوم المريض الجاهل بكون
الصوم مضرا بحاله. لكن الانصاف ان هذه الرواية الاخيرة هذا الجمع الذي ذكره السيد
الزنجاني ليس جمعا عرفيا بنظرنا، جمع تبرعي. و لاجل ذلك قلنا بان هذه الرواية مخالفة
لظهور الكتاب و موافقة للعامة فتطرح في مقام المعارضة بين الروايات الصحيحة كموثقة
سماعة. فالعمدة النظر الی مفاد الآية الكريمة، الظاهر العرفي من قوله تعالی
فمن شهد منكم الشهر فليصمه و من كان مريضا أو علی سفر فعدة من ايام أخر يريد
الله بكم اليسر، رفع وجوب الصوم عن المريض ناشئ عن نكتة اليسر اما بعد ما كان ظاهر
الآية انه يجب عليه القضاء و لا يجوز له الصوم فما هو الموجب للتشكيك في هذا
الاطلاق؟ ارادة اليسر لاجل رفع وجوب الصوم عن المريض و اما انه يجب عليه القضاء
فهذا لا يستفاد من ارادة اليسر، و الا لكان اليسر الكامل ان يقول لا يجب عليك لا
الاداء و لا القضاء بل مضافا الی ذلك ندفع اليك فلوسا!! ارادة اليسر اوجبت
نفي وجوب الصوم عن المريض، هذا هو، هذا يكفي في تذييل الآية بهذه الجملة و لا يخل
بظهور الآية في انه يجب علی المريض ان يصوم عدة ايام أخر كما ورد في مرسلة ابن
ابي عمير ان الله اهدی الی مرضی امتي و مسافريهم بالافطار، قريب
بهذا المضمون، فمن صام في مرض أو سفر فقد رد علی الله هديته، بل ورد هذا
التعبير في رواية السكوني بالنسبة الي المسافرين. فالانصاف ان التشكيك في اطلاق
الآية مشكل جدا و لا ينبغي رفع اليد عن الاحتياط الوجوبي للقضاء في حق من صام و هو
جاهل بكونه مضرا بحاله ثم انكشف له ذلك.
و اما بالنسبة الی من خاف من
الضرر فصام برجاء عدم الضرر يقول انا خائف علی روحي احتمال خوف عقلائي اك اني
لو اصوم فصومي يضر بحالي، طبعا هذا يفترض اذا كان الاضرار غير محرم و الا لو كان
الاضرار محرما يكون مصداقا للتجري يدخل في بحث آخر، نتكلم عنه، فعلا نتكلم عن فرض
اني اقول حتی لو يضر بحالي، خب هذا الاضطرار بهذه المستویمو وحرام.
تطول قرحة معدتي الی عدة اشهر، مو مهم، احس بوجعة في معدتي فلا اكون بطران،
افكّر بالآخرة، مو حرام خب، فيقال كما ذكر السيد الخوئي لو خاف من الضرر فصام ثم
انكشف له عدم الضرر فصومه صحيح، قد يقال بناءا علی ما في صحيحة حريز: الصائم
اذا خاف علی عينيه من الرمد افطر، هذا الذي يخاف علی عينيه من الرمد يجب
عليه الافطار، ظاهره ان الوظيفة الواقعية في حقه ذلك، الله يرحم السيد الخوئي في
بحث الوضوء الجبيري يقول من كان به كسر أو قرح أو جرح اذا خاف من الضرر يمسح
علی جبيرته، اذا خاف من الضرر و مسح علی جبيرته ثم انكشف له بعد ذلك
انه كل شيء ما كان، كان بي كسر أو جرح أو قرح لكن الاطباء قالوا له خوفك ما كان من
منشأ صحيح، يعني انت خوفك عقلائي كان، ما يقول غير عقلائي لكن حسب تشخيصنا الطبي
ابدا الماء ما كان يضر بك بل كان اصلح بحالك لو تتوضأ وضوء عادي، ما كان يضر بك، يقول
السيد الخوئي كل ما سوی من وضوء جبيري صحيح، ليش؟ لان الظاهر من قوله عليه
السلام في معتبرة كليب الاسدي اذا خاف من الضرر فليمسح عليه، هذا موضوع لحكم
واقعي ليس موضوعا لحكم ظاهري حتی نقول بان الامر الظاهري لا يقتضي الاجزاء.
فهنا ايضا قد يقال كاشكال علی السيد الخوئي يا سيدنا
لماذا لم تقل بمثل مقالتك في الوضوء الجبيري؟ هناك قلت بان الخوف تمام الموضوع لحكم
واقعي و هو جواز الوضوء الجبيري فلماذا لم تقل به في المقام من ان خوف الضرر تمام
الموضوع لوجوب الافطار. فهذا الذي كان خائفا من الضرر و لكنه صام ثم انكشف له انه
ابدا ما كان صومه مضرا بحاله لماذا تقول بان صومه صحيح؟
يجاب عنه باحد وجهين: إما بان يقال بان هذا وارد في مقام
توهم الحظر، الصائم اذا خاف علی عينيه من الرمد افطر، في مقام توهم الحظر
فلا ينعقد له ظهور في وجوب الافطار. لكن هذا ليس صحيحا. بل هنا نحن ذكرنا مرارا
انه اذا كان المورد مورد توهم الحظر فقط لا ينعقد ظهور في خطاب الامر في الوجوب
اما اذا كان هناك جهل بالوظيفة يحتمل ان عمله حرام يحتمل انه عمله واجب، مثل ما
ورد في قاعدة التجاوز اذا شك في السجود بعد ما قام فليمض، من يشك في السجود ما يقوم
يحتمل ان عوده لتدارك السجود واجب كما يحتمل ان عوده لتدارك السجود حرام من باب
الزيادة، فهنا حينما يقول الامام فليمض ينعقد له ظهور في وجوب المضي. هنا ايضا كذلك.
هذا الذي يخاف علی عينيه من الرمد لا يدري هل صومه واجب أو انه افطاره واجب
عليه، لا يعلم بوظيفته، ليس مقام توهم الحظر فقط بل مقام توهم الحظر و الوجوب، يحتمل
ان الافطار حرام عليه كما يحتمل ان الافطار واجب عليه فهنا ينعقد له ظهور في وجوب
الافطار.
الوجه الثاني ما يستفاد من كلمات السيد الحكيم من ان العرف يجمع
بين قوله المريض يفطر و بين قوله من خاف من الضرر يفطر، فيحمل قوله المريض يفطر
علی الحكم الواقعي و من يخاف من الضرر علی الحكم الظاهري، من يضر به
الصوم يجب عليه الافطار، من يخاف ان يضر به الصوم يجب عليه الافطار، هنا العرف يحمل
الخوف علی الطريقية المحضة فيكون الموضوع للحكم الواقعي هو واقع الضرر و خوف
الضرر طريق محض و بعد ما انكشف الخلاف فينكشف له ان الواجب كان عليه هو الصوم لانه
لم يكن يضر به الصوم و هذا امر غير بعيد.
هذا كله اذا لم يكن الاضرار محرما و اما اذا كان الاضرار
محرما فيكون صومه هذا مصداقا للتجري. افرض انه تمشی منه قصد القربة بان
احتمل احتمالا وجدانيا ان صومه و ان كان محرما لكنه اجتمع فيه الامر و النهي مثلا كما
يقول بعض الاعلام فتمشی منه قصد القربة اذا لم يتمشی منه قصد القربة فالصوم
لا يصح، احتمل احتمالا وجدانيا ان الصوم المريض و ان كان ان صوم المريض و ان كان
المرض يضر بحاله اضرارا محرما لكنه مشروع، علی اي حال تمشی منه قصد
القربة، فيكون كما لو توضأ بماء يعتقد انه غصب، ثم انكشف له هذا مباح كان أو علم
اجمالا بغصبية احد المائين فتوضأ من احدهما ثم انكشف له ان المغصوب كان هو الماء
الآخر فهناك كلام في ان هذا الوضوء من الماء الذي تنجز كونه حراما و لكن انكشف بعد
ذلك انه لم يكن حراما هذ الوضوء صحيح ام لا؟
المحقق العراقي قال هذا الوضوء مو صحيح، ليش؟ لان الفعل
المتجری قبيح و مبعد عن المولی سبحانه و تعالی مثل من يضرب
راژدي علی عدو المولی باعتقاد انه ابن المولی هذا العمل هو هو
محبوب للمولی ان المولی يبغضه، انت ضربت هذا الرجال باعتقاد انه ابني؟
اشلون؟ يقول الحمدلله انكشف انه كان عدو لك، يقول انت كنت تعتقد انه ابني فضربته و
هكذا من يجامع زوجته باعتقاد انها اجنبية هل عمله هذا ليس مبغوضا؟ فالفعل المتجری
به بهذا العنوان الثانوي يصير مبغوضا و مبعدا عن المولی سبحانه و تعالی
و ما كان مبغوضا و مبعدا عن المولی لا يصلح للمقربية. هذا الكلام للمحق
العراقي ارتضاه السيد الصدر لكن ينبغي ان نتكلم عن مبنی السيد الخوئي و السيد
السيستاني و جماعة حيث قالوا بانه لا، هذا تمشی منه قصد القربة و تبين انه
وضوءه بماء مباح، انطباق عنوان التجري علی فعله لا يخرجه عن العبادة الصحيحة.
تاملوا في ذلك الی الليلة القادمة ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين.