موضوع: العام و الخاص/ لزوم الفحص عن المخصص
رقم الدرس 31
تاريخ: السبت 8 جمادي الاولى 1444 ميلادي 03/12/2022
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و صلی الله على سيدنا محمد و آله الطاهرين و لعنة الله على أعدائهم اجمعين.
كان الكلام في لزوم الفحص عن المخصص المنفصل فوصلنا الى الوجه الذي ذكره صاحب الكفاية في كفاية الأصول من ان وجه لزوم الفحص كون العام في الخطابات الشرعية في معرض التخصيص و قلنا بان معنى المعرضية ان كان هو الاحتمال العقلائي للتخصيص فلا وجه لدعوى لزوم الفحص عن المخصص المنفصل بمجرد الاحتمال العقلائي فانه خلاف ما نشاهده في الخطابات العرفية بل خلاف ما نعلمه من سيرة المتشرعة و الروات في زمان الائمة عليهم السلام، فيا ترى هل كان زرارة يراجع الى كتب محمد بن مسلم او ان محمد بن مسلم كان يراجع الى كتب زرارة للفحص عن المخصص المنفصل؟ ابدا لا يحتمل في حقهم ذلك.
سؤال و جواب: اذا كان الفحص عن المخصص المنفصل لازما في حجية العام فمن الواضح ان زرارة لم يكن يفحص عن المخصص المنفصل في كتب الآخرين. غاية الامر انه كان يراجع الى كتاب نفسه و هذا لا يكفي في الفحص عن المخصص المنفصل.
و قد يقال في توضيح معنى المعرضية للتخصيص ان عادة الشارع جرت على الاعتماد على المخصص المنفصل كثيرا ففي مثل مولى جرت عادته على الاعتماد على المخصص المنفصل كثيرا لا اشكال في بناء العقلاء على لزوم الفحص عن المخصص المنفصل و لا اقل من الشك في حجية العام المذكور عند العقلاء قبل الفحص و الشك في الحجية مساوق للقطع بعدم الحجية فنقول اذا كانت عادة الشارع تختلف عن منهج العرف العام فاصلا لا ينعقد ظهور في خطاب المولى الصادر بنحو العموم في كونه في مقام الإرادة الجدية فلا يظهر من الخطاب العام نفي المخصص فكيف نعتمد عليه عند الشك في وجود المخصص المنفصل حتى بعد الفحص.
في البحوث قال ليس منهج الشارع شاذا و متغايرا عن منهج العرف العام فلم يحرز كثرة ورود المخصصات المنفصلة في خطابات الشارع فان من المحتمل ان ما نجده من المخصصات المنفصلة نشأت نتيجة عدم دقة الروات في تمام النقل خاصة اذا كان النقل بالمعنى.
نقول اما ان ندعي كما يدعي جمع من كثرة المخصصات المنفصلة في خطابات الشارع كما قال المحقق النائيني انه خصص كل عام في الشريعة بمخصص و اقوى العمومات قوله عليه السلام لا يضر الصائم ما صنع اذا اجتنب اربع خصال، و هذا العام أيضا ورد عليه مخصصات فان تم ما يدعيه هولاء الاعلام فلا ريب في اختلاف منهج الشارع عن منهج العرف العام. و ان لم نحرز ذلك فلا اقل من احتماله و مع احتمال اختلاف منهج الشارع عن منهج العرف العام كيف نطبق على خطابات الشارع السيرة العقلائية القائمة بالنسبة الى الموالي العرفية الذين نعرف منهجهم في عدم الاعتماد على المخصص المنفصل عادة.
السيد الزنجاني هنا ذكر ان تخصيص العموم مطابق لمنهج العقلاء و العام أصلا ليس ظاهرا في نفي المخصص المنفصل و انما نتمسك بالاطلاق المقامي للروايات و الخطابات الشرعية في عدم وجود المخصص المنفصل كما انه بالاطلاق المقامي في خطابات العرف أيّ مولى كان أي عرف كان نتمسك بالاطلاق المقامي لخطاباته في نفي المخصص المنفصل و التمسك بالاطلاق المقامي لا ينعقد و لا يتحقق الا بعد الفحص عن المخصص المنفصل لانه ما دام لم يفحص عن المخصص المنفصل لا يحرز الاطلاق المقامي، الاطلاق المقامي يعني عدم وجود المخصص المنفصل في خطابات هذا المولى و لا يحرز ذلك الا بعد الفحص عن المخصص المنفصل.
نقول جوابا عن هذا الكلام انه لو تم ما ادعي فماذا نصنع بفرض ضياع كتب روائية ككتاب مدينة العلم للشيخ الصدوق و كتب ابن ابي عمير التي قال النجاشي عنها بانها تلفت حينما سجن ابن ابي عمير و اختها خلّت تلك الكتب في غرفة فجرى عليه المطر فهلكت تلك الكتب نحن نحتمل وجود مخصصات منفصلة في تلك الكتب الضايعة فكيف نحرز الاطلاق المقامي الذي يعني عدم وجود مخصص منفصل في جميع خطابات الشارع؟!
انا أقول ان احرزنا او احتملنا اختلاف منهج الشارع عن منهج العرف العام، و الذي اَعتقد انه لا يعتمد على المخصص المنفصل كثيرا خلافا لمن ادعاه السيد الزنجاني، ان علمنا او احتملنا اختلاف منهج الشارع عن منهج العرف العام و ان الشارع كان يعتمد على المخصص المنفصل كثيرا فلا يمكن التمسك بالسيرة العقلائية العامة و الشاهد على ذلك انه لو جاء مرجع و قال انا اسير على نهج الائمة عليهم السلام فاعتمد على القرائن المنفصلة كثيرا حسب ما يدعى من اعتماد الائمة عليهم السلام على القرائن المنفصلة كثيرا لمصالح لمصلحة التقية او نحوها فاذا رأى مقلدوه مرة مرتين ثلاث مرات انه صدر الخطاب العام من هذا المرجع كفتوى ثم بعد ما عمل المقلدون لذلك الخطاب العام نقل عنه مخصص منفصل فسُئل هل عدلتم عن الفتوى السابقة قال لا، ما من عام الا و قد خص، اشلون عملنا بذلك الخطاب العام يجوز تزويج يهودية او نصرانية يجوز التزوج من يهودية او نصرانية فعملنا بهذا الخطاب العام من يعمل به ثم ورد عنكم لا يجوز ذلك الا باذن الزوجة المسلمة او كما يقول السيد السيستاني لا يجوز ذلك على الاحوط الا لمن لم تكن لديه زوجة مسلمة، صار شبهة المرجع يقول مي خالف انتم معذرون، خب المرة عذرتون و الشبهة لكن معذورين مي خالف، لعله تولد منها ولد لهذا الرجال مي خالف ولد حلال لان ولد الحلال يشمل ولد وطي الشبهة، يوم آخر صدر من هذا المرجع عام آخر هم صار نفس الشيء فبعد ذلك الناس ما يثقون بهذا المرجع يقولون اكيد ما یصدر من عندكم من سماحتكم مخصص منفصل في المستقبل؟.
فكيف نعمل بالروايات الصادر من المعصومين عليهم السلام بناءا على اختلاف منهج الائمة عن منهج العرف العام في الاعتماد على المخصص المنفصل كثيرا نقول وجه العمل بروايات الائمة المعصومين سلام الله عليهم اجمعين انه مصدر التشريع، هم امرونا بالعمل برواياتهم و خطاباتهم كما نعمل بالخطابات الصادرة من العرف العام، نعم القدر المتيقن من ذلك العمل برواياتهم بعد الفحص عن المخصص المنفصل لا قبله لكن بعد ما فحصنا عن المخصص المنفصل المعرض للوصول و لو لم نطمئن بعدم المخصص المنفصل واقعا مع ذلك امر الائمة عليهم السلام ان نعمل برواياتهم و ان نتحفظ على رواياتهم نكتب رواياتهم، احتفظوا بكتبكم فانكم سوف تحتاجون اليها، سيأتي زمان هرج و مرج.
و اما اذا لم يختلف منهج الشارع عن منهج العرف العام نحن نقول عدم الرجوع الى المخصص المنفصل انما يكون في ما اذا لم يكن الفحص امرا سهلا و اما اذا كان الفحص سهلا لم يكن فيه كلفة معتد بها او مزاحمة للآخرين فلا يحرز بناء العرف العام على الاعتماد على العمومات حتى العمومات الصادرة من العرف العام، اذا جمع واحد كل كلمات منقولة بواسطة الثقات عن المولى مجموعة آثار المولى، جمعوها و صنفوها، الفرق بين المصنف و الأصل، حسب ما يقال ان الأصل كاصل زرارة لم يكن مبوبا بينما ان المصنف لا، مبوب، باب الطهارة باب الصلاة باب الصوم فهنا صار الفحص عن المخصص المنفصل سهلا عادة هنا أيضا العقلاء لا يوجبون الفحص؟ ابدا لا نحرز ذلك و لاجل ذلك اختلف حالنا عن حال الزرارة لو كان في زمن زرارة شخص يأتي و يجمّع كل ما روي عن الامام الباقر و الصادق عليهما السلام و يعطيك هذا الكتاب الذي جمع فيه كلمات منقولة عن الصادقين عليهما السلام يعطي هذا الكتاب لزرارة زرارة بس ينظر الى اصله و لا يفحص عن ذلك الكتاب المبوب، الموجود لديه؟ ابدا لا نحرز انه لم يكن يراجع ذلك الكتاب، الآن صار امرنا هكذا لدينا كتاب مبوب جمع فيه روايات اهل البيت عليهم السلام فلا نراجع، نقول العقلاء يعتبرون العام حجة، ابدا لا نحرز ذلك.
السيد الداماد قال نحن نتمسك لاثبات وجوب الفحص عن المخصص المنفصل بالاجماع و انتم ترون ان هذا الاجماع مدركي لا اعتبار به يحتمل استناده الى الوجوه السابقة لكنه هو استشهد بعدة روايات كصحيحة زرارة ان الخليفة الثاني صار عند حديث حول المسح على الخفين فالمغيرة بن شعبة لعنة الله عليه قال انا رأيت النبي مسح على الخفين، امير المومنين عليه السلام قال اكان قبل سورة المائدة او بعدها؟، سورة المائدة يعني آية الوضوء وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، فالامام عليه السلام قال هذا الآية نسخت ما كان قبلها. يقول السيد الداماد الامام عليه السلام احتج عليهم بان فعل النبي منسوخ بآية الوضوء، احتج عليهم بذلك، يعني انتم لا تعرفون الناسخ من المنسوخ.
و كذا ما رواه في كتاب الاحتجاج ان الامام الصادق عليه السلام قَالَ لِأَبِي حَنِيفَةَ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، قَالَ عليه السلام مُفْتِي أَهْلِ الْعِرَاقِ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ بِمَا تُفْتِيهِمْ؟ قَالَ بِكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ عليه السلام وَ إِنَّكَ لَعَالِمٌ بِكِتَابِ اللَّهِ نَاسِخِهِ وَ مَنْسُوخِهِ وَ مُحْكَمِهِ وَ مُتَشَابِهِهِ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ قَدَّرْنٰا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهٰا لَيٰالِيَ وَ أَيّٰاماً آمِنِينَ أَيُّ مَوْضِعٍ هُوَ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ، فَالْتَفَتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام إِلَى جُلَسَائِهِ وَ قَالَ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَسِيرُونَ بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ وَ لَا تَأْمَنُونَ عَلَى دِمَائِكُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَ عَلَى أَمْوَالِكُمْ مِنَ السَّرَقِ؟ فَقَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَيْحَكَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقُولُ إِلَّا حَقّاً أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً أَيُّ مَوْضِعٍ هُوَ؟ قَالَ ذَلِكَ بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ فَالْتَفَتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام إِلَى جُلَسَائِهِ وَ قَالَ نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ دَخَلَاهُ فَلَمْ يَأْمَنَا الْقَتْلَ؟ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَيْحَكَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقُولُ إِلَّا حَقّاً- فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ لِي عِلْمٌ بِكِتَابِ اللَّهِ إِنَّمَا أَنَا صَاحِبُ قِيَاسٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَانْظُرْ فِي قِيَاسِكَ إِنْ كُنْتَ مُقِيساً أَيُّمَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ الْقَتْلُ أَوِ الزِّنَا؟ قَالَ بَلِ الْقَتْلُ قَالَ فَكَيْفَ رَضِيَ فِي الْقَتْلِ بِشَاهِدَيْنِ وَ لَمْ يَرْضَ فِي الزِّنَا إِلَّا بِأَرْبَعَةٍ؟ ثُمَّ قَالَ لَهُ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ أَمِ الصِّيَامُ؟ قَالَ بَلِ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ قَالَ علیه السلام فَيَجِبُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِكَ عَلَى الْحَائِضِ قَضَاءُ مَا فَاتَهَا مِنَ الصَّلَاةِ فِي حَالِ حَيْضِهَا دُونَ الصِّيَامِ وَ قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا قَضَاءَ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ قَالَ لَهُ علیه السلام الْبَوْلُ أَقْذَرُ أَمِ الْمَنِيُّ؟ قَالَ الْبَوْلُ أَقْذَرُ قَالَ علیه السلام يَجِبُ عَلَى قِيَاسِكَ أَنْ يَجِبَ الْغُسْلُ مِنَ الْبَوْلِ دُونَ الْمَنِيِّ- وَ قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْغُسْلَ مِنَ الْمَنِيِّ دُونَ الْبَوْلِ قَالَ إِنَّمَا أَنَا صَاحِبُ رَأْيٍ، يعني صاحب استحسان يعني يتخلى عما يدعيه بنقوض الامام عليه السلام.
على أي حال يقول السيد الداماد الامام احتجّ على ابي حنيفة بانك كيف تدعي انك فقيه و لا تعرف الناسخ من المنسوخ؟ و المراد من الناسخ اعم من النسخ المصطلح او الناسخ للعموم او فقل النسخ المصطلح أيضا تقييد للعموم لانه ليس نسخا حقيقا لا معنى للنسخ الحقيقي بالنسبة اليه تعالى فكل ناسخ مقيد زماني للخطاب المنسوخ و ليس كاشفا عن تبدل رأي الشارع لانه لا معنى لتبدل رأي الشارع فيكشف عن كون رأي الشارع من الأول مقيدا و مضيقا فالامام احتج على ابي حنيفة انت لا تعرف الناسخ من المنسوخ يعني لا تعرف العام من الخاص، من لا يفحص عن المخصص المنفصل لا يعرف العام من الخاص و هكذا توجد رواية أخرى لم ينقلها السيد الداماد رواية سليم بن قيس الهلالي سأل امير المومنين عليه السلام فاجابه الامام عليه السلام، راجع الى الكافي الجزء الأول صفحة اثنين و ستين إِنَّ فِي أَيْدِي النَّاسِ حَقّاً وَ بَاطِلًا وَ صِدْقاً وَ كَذِباً وَ نَاسِخاً وَ مَنْسُوخاً وَ عَامّاً وَ خَاصّاً وَ مُحْكَماً وَ مُتَشَابِهاً وَ حِفْظاً وَ وَهَماً، الامام عليه السلام يريد ان يبين ان منشأ خطأ الناس هو عدم معرفتهم بالناسخ و المنسوخ و العام و الخاص و المحكم و المتشابه.
فهل يستفاد من هذه الروايات لزوم الفحص عن المخصص المنفصل ام لا سنتكلم عن ذلك في الليلة القادمة انشاء الله ثم نتكلم عن بحث عموم خطابات القرآن لغير المشافهين.
والحمد لله رب العالمين.