اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.
كان الكلام في وجوب دفن الميت فقلنا بان الظاهر من التعبير بالدفن او ما ورد في بعض الروايات من مواراة الميت هو دفنه في الارض فلا يكفي وضعه في مكان و البناء عليه او حفر جدار و وضع الميت فيه. اما وضع الميت في سرداب فقد تعرض له صاحب العروة في بحث نبش القبر فقال لا يصدق النبش اذا كان الميت في سرداب و فتح بابه لوضع ميت آخر خصوصا اذا لم يظهر جسد الميت، و علق عليه السيد السيستاني فقال في ذيل قول صاحب العروة “لا يصدق النبش اذا كان الميت في سرداب”، فقال “كما لا يصدق الدفن ايضا بمجرد وضع الميت في سرداب و اطلاق بابه و ان كان مستورا فيه بتابوت او شبهه نعم اذا كان مبنيا باللبن (يعني بني على بابه، سد بابه لا بإلقاء قفل على بابه بل ببناء من الحجر او الآجر)، فلا يبعد صدق الدفن على ذلك و لكن يشكل حينئذ فتح بابه لإنزال ميت آخر فيه سواءا ظهر جسد الاول ام لا”.
فصاحب العروة كأنه لا يناقش في صدق الدفن على وضع الميت في سرداب، يقول هذا دفن للميت بينما ان السيد السيستاني قال لا يصدق الدفن الا اذا سدّ بابه ببناء، فحينئذ يصدق انه دفن في هذه الحفيرة و هذه الحفيرة في باطن الارض فيصدق انه دفن في الارض، فانه لا يجب ان يكون المكان الذي يدفن فيه الميت يلتصق بجسد الميت، لا، يوضع جسد الميت في حفيرة كبيرة و يسد باب الحفيرة و هذا دفن للميت بلا اشكال.
و لكن السيد الخوئي قبل كلام صاحب العروة فقال في المنهاج اذا وضع الميت في سرداب جاز فتح بابه و إنزال ميت آخر فيه اذا لم يظهر جسد الميت إما للبناء عليه او لوضعه في لحد داخل السرداب و انما اذا كان بنحو يظهر جسده ففي جوازه اشكال، و ذكر في شرح العروة ان منشأ الاشكال هو احتمال عدم حرمته حتى لو ظهر جسد الميت لانه لا يصدق عليه عنوان هتك الميت كان حرمة النبش عند السيد الخوئي دائر مدار صدق الهتك، بينما انه ذكر جمع من الاعلام ان حرمة النبش شيء و حرمة هتك الميت المؤمن شيء آخر الا ان السيد الخوئي يقول لا، حرمة النبش تدور مدار عنوان هتك الميت، حيث لا يصدق هتك الميت في هذا الفرض في فتح باب السرداب و وضع ميت جديد فيه، فلا دليل على حرمة النبش حتى اذا ظهر جسد الميت، و كيف كان فالسيد الخوئي يقبل ان صدق عنوان دفن الميت حتى لو كان باب بنحو قابل للفتح و السد و لو لم يكن بنحو بناء و سد بابه ببناء.
نحن لو وصلت النوبة الى الشبهة المفهومية في صدق عنوان دفن الميت لأمكننا الرجوع الى اصل البرائة في الشبهات المفهومية للواجب يمكن الرجوع الى اصل البرائة فانه يدور حينئذ امر الواجب بين الاقل و الاكثر فتجري البرائة عن وجوب الزائد على المقدار المتيقن، فيجوز حينئذ اختيار الفرد المشكوك في مقام امتثال الامر بدفن الميت.
و لكن الانصاف انه لا تصل النوبة الى الشبهة المفهومية فانه كما ذكر السيد السيستاني اذا كان للسرداب باب و انما يلقى عليه قفل و يفتح كل ما اريد، فلا يصدق عليه دفن الميت الا اذا حفروا في جوف السرداب مكانا فدفنوا فيه الميت اما لو وضع الميت في السرداب من دون حفر مكان فيه او وضعوا الميت في جدار السرداب، و باب السرداب قابل للفتح و السد، مجرد القاء القفل عليه لا يجعله مصداقا لدفن الميت، و اما اذا بني عليه بناء نعم يصدق عليه انه دفن الميت في هذه الحفيرة الكبيرة التي تسمى بالسرداب و المفروض ان السرداب في جوف الارض، في باطن الارض فالظاهر ما ذكره السيد السيستاني هو الصحيح و لا اقل من الاحتياط.
السيد الگلپايگاني في مجمع المسائل سُئل عن هذه المسألة باستفتاء فارسي كتبوا: در محل ما سردابی است که از قدیم اطفال مرده را در میان آن سرداب روی هم یا کنار هم میگذارند و درب ورودیه آن را با سنگ و خاک و گل می پوشانند و بعد از مدت کوتاهی مجددا درب سرداب را باز کرده و طفل مرده دیگری را در آن میگذراند آیا این نحوه دفن میت را تجویز می فرمایید.؟ الجواب: با صدق دفن و موارات فی الارض جواز آن بعید نیست لکن احتیاط آن است که قبر بکنند و آن ها را دفن بنمایند و این احتیاط ترک نشود.
الظاهر السيد الگپايگاني هم يقبل انه اذا سد باب السرداب بالحجر و الطين و نحوه فيصدق عنوان دفن الميت في الارض و اما اذا اقفل بابه، لا، لا يصدق دفن الميت.
وصلنا الى المسألة الاولى حيث قال صاحب العروة يجب كون الدفن مستقبل القبلة على جنبه الأيمن بحيث يكون رأسه إلى المغرب و رجله إلى المشرق. قلنا وجوب استقبال القبلة في دفن الميت بان يكون وجه الميت نحو القبلة و صدره نحو القبلة فهذا عمدة المستند فيه هو الارتكاز المتشرعي و التسالم الفقهي عليه، و اما ما ذكره صاحب العروة من انه يجب ان يكون رأس الميت الى المغرب و رجله الى المشرق نظر الى مناطقنا حيث ان الكعبة واقعة في جنوب منطقتنا، الكعبة حيث تقع في الوجوب فاستقبال الميت الى القبلة يكون بهذا النحو راسه نحو المغرب و رجله نحو المشرق، طبعا وجهه و صدره يكون مستقبلا للجنوب و اما في المناطق الاخرى كافريقيا او اروبا او الامريكا الجنوبيا او يمن، لا، هناك الكعبة لا تقع في جنوب منطقتهم و هكذا في نفس مكة المكرمة، من يدفن في مكان تكون الكعبة في جنوب ذلك المكان، نعم، رأس ذلك الميت يكون نحو المغرب و رجله نحو المشرق، اما من يدفن في مكان تكون الكعبة في شمال ذلك المكان لابد ان يكون راس الميت الى المشرق و رجله الى المغرب، او اذا كانت الكعبة في مشرق ذلك المكان لابد ان يكون راس الميت الى الجنوب و رجله الى الشمال و هكذا.
و اما ما ذكره صاحب العروة من قوله و كذا في الجسد بلا رأس بل في الرأس بلا جسد بل في الصدر وحده بل في كل جزء يمكن فيه ذلك، يقول لابد من استقبال القبلة حتى لو كان جسد الميت بلا رأس لان المرتكز المتشرعي يشمل هذا الفرض اذا كان جسد الميت بلا رأس يوجّه رأسه الى الكعبة او كان رأس الميت موجودة بلا جسد فالمرتكز المتشرعي ان يوضع رأس الميت بنحو يكون وجهه الى القبلة.
المسألة الثانية إذا مات ميت في السفينة فإن أمكن التأخير ليدفن في الأرض بلا عسر وجب ذلك و إن لم يمكن لخوف فساده أو لمنع مانع يغسل و يكفن و يحنط و يصلى عليه و يوضع في خابية، في ظرف كبير، و يوكأ رأسها،يسد رأس الخابية، و يلقى في البحر مستقبل القبلة، حين الالقاء، على الأحوط و إن كان الأقوى عدم وجوب الاستقبال أو يثقل الميت بحجر أو نحوه بوضعه في رجله و يلقى في البحر كذلك و الأحوط، اي استحبابا، مع الإمكان اختيار الوجه الأول و كذا إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره و تمثيله.
اذا في الميت الذي مات في السفينة لم يمكن الانتظار و الصبر الى ان يصل الى شاطئ البحر و يدفن الميت في شاطئ البحر، المشهور انهم مخيرون بين طريقين إما وضع الميت في ظرف كبير، خابية، و سد باب الخابية بنحو لا يدخل فيها الماء ثم القاء الخابية في البحر و الطريق الثاني ان يثقّل الميت، يثقّل جسده بحجر او نحوه بحيث لا يبقى فوق الماء بل يدخل في الماء، السيد الخوئي يقول لا، نحن لا نرى التأخير بل المتعين هو الطريق الاول، لانما دل على الطريق الاول رواية صحيحة، صحيحة ايوب بن الحر قال سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَ هُوَ فِي السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ قَالَ يُوضَعُ فِي خَابِيَةٍ وَ يُوكَأ رَأْسُهَا وَ تُطْرَحُ فِي الْمَاءِ، ظاهر الامر هو الوجوب التعييني، و من الواضح ان مورد الصحيحة ما اذا لم يمكن الانتظار و الصبر الى ان يصل الى شاطئ البحر، لانه قال السائل كيف يصنع به، يعني ماذا نصنع و نحن في السفينة و مات فيها شخص لا يمكننا ان نعمل بوظيفتنا الاولية، هذا هو الظاهر، مثلا حينما يقال كيف يصنع به ظاهر في انه العمل بالوظيفة الاولية متعذر فماذا نصنع بهذا الميت؟ فالامام امر بوضع الميت في خابية و سد باب الخابية و القاء الخابية في الماء.
و ما ورد من تثقيل جسد الميت روايات ضعيفة، الرواية الاولى رواية ابي البختري، وهب بن وهب عن ابي عبد الله عليه السلام قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ فِي الْبَحْرِ غُسِّلَ وَ كُفِّنَ وَ حُنِّطَ ثُمَّ يُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ يُوثَقُ فِي رِجْلَيْهِ حَجَرٌ وَ يُرْمَى بِهِ فِي الْمَاءِ. اذا كانت الرواية صحيحة سندا لكان المتعين هو قول المشهور، لاننا نرفع اليد عن ظهر صحيحة ايوب بن حر في الوجوب التعييني بهذه الرواية الدالة على امكان اختيار الطريق الثاني، لكن الرواية ضعيفة سندا لمكان وهب بن وهب الذي قيل عنه بانه اكذب البرية، ابي البختري وهب بن وهب اكذب البرية.
الرواية الثانية مرسلة ابان رواها في الكافي عن ابان عن رجل عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ مَعَ الْقَوْمِ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ يُغَسَّلُ وَ يُكَفَّنُ وَ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَ يُثَقَّلُ وَ يُرْمَى بِهِ فِي الْبَحْرِ، هذه الرواية مرسلة، و ان رواها في الكافي فان مجرد نقل الكافي لرواية مرسلة او مشتملة على رجل مجهول لا يجعل الرواية معتبرة، و ان قال الكليني في اول كتابه ما يدل على انه ينقل الآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام، فان ما هو صحيح عند الكليني لا يستلزم ان يكون صحيحا بنظرنا لاحتمال ان الكليني يرى رواية صحيحة و نحن لا نرى ذلك كما يقول السيد السيستاني القدماء كان يرون حجية الخبر المفيد للوثوق النوعي و ان لم يفد الوثوق الشخصي، و لم يكن راويه ثقة، و لكن اوجب الوثوق النوعي يعني اوجب الوثوق لنوع العقلاء و لكن نحن لم يحصل لنا الوثوق الشخصي بصدقه، او يقال بان الكليني نقل ان شخصا قال له اطلب منك ان تكتب لي كتابا يشتمل على الآثار الصحيحة عن الصادقين عليه السلام فقال له الكليني ارجو ان يكون هذا الكتاب كما توخّيت، ارجوا ان يكون هذا الكتاب مطابقا لما كنت ترجوا مني، اما هذا شهادة من الكليني من ان كل رواية رواها في الكافي فهي رواية صحيحة و معتبرة؟! هذا مو معلوم.
الرواية الثالثة ايضا نقله الكليني عن سهل بن زياد رفعه عن ابي عبدالله عليه السلام إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فِي السَّفِينَةِ وَ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى الشَّطِّ قَالَ يُكَفَّنُ وَ يُحَنَّطُ وَ يُلَفُّ فِي ثَوْبٍ وَ يُلْقَى فِي الْمَاء.
المحقق الهمداني قال ثلاث روايات يحصل لنا الوثوق بصدور بعضها، روايات مستفيضة و الاستفاضة تستلزم الوثوق بصدور بعضها و لو اجمالا.
و هذا مندفع لان من المحتمل اتحاد الراوي في هذه الروايات لعل عن رجل في الرواية الثانية مثلا هو نفس وهب بن وهب، الرواية الاولى كانت عن ابي البختري عن وهب بن وهب عن ابي عبدالله عليه السلام و الرواية الثانية عن ابان عن رجل عن ابي عبدالله عليه السلام، لعل ذلك الرجل هو نفس وهب بن وهب عن سهل بن زياد رفعه عن ابي عبد الله عليه السلام، لعل الواسطة بين سهل بن زياد و بين الامام عليه السلام هو نفس وهب بن وهب، فهذا نشكّل الاستفاضة في الرواية؟ كيف نقول بذلك.
نقل سهل بن زياد عن الصادق عليه السلام يحتاج الى اكثر من واسطة.
فاذن يتعين الطريق الاول الا ان يقال بان المرتكز العرفي من الامر بوضع الميت في خابية و سد بابها انه لاجل حفظ احترام الميت، فان حفظ احترام الميت بطريق آخر فلا ملزم لاختيار الطريق الاول، و لكن الجواب عن ذلك اننا لا نحرز مساوات طريق آخر لوضع الميت في خابية و سد بابها لان وضع الميت في خابية و سد بابها يمنع حيتان البحر عن اكل لحم هذا الميت بينما ان تثقيل جسد الميت بحجر و وضعه في البحر في معرض اكل حيتان البحر له، فكيف نحرز مساواة الطريق الثاني مع الطريق الاول.
قال صاحب العروة في آخر كلامه و كذا إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره و تمثيله.
اذا يمكننا دفن الميت في الارض و لكن نخاف من عدو هذا الميت ان ياتي و ينبش قبره و يمثل به، فهنا ايضا يتعين القاء هذا الميت في البحر، ان استند صاحب العروة في ذلك الى الرواية، فالرواية هكذا يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي الْمُسْتَهِلِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ مَا دَعَاكُمْ إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي وَضَعْتُمْ فِيهِ زَيْدا، لانه دفنوا زيدا و لكن جاء العدو و نبش قبره، إِلَى أَنْ قَالَ كَمْ إِلَى الْفُرَاتِ، كم المسافة الى الفرات، مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعْتُمُوهُ فِيهِ فَقُلْتُ قَذْفَةُ حَجَرٍ، يعني مكان قريب، فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَ فَلَا كُنْتُمْ أَوْقَرْتُمُوهُ حَدِيداً وَ قَذَفْتُمُوهُ فِي الْفُرَاتِ وَ كَانَ أَفْضَلَ، افضل من ان ينش قبر زيد لماذا لم تلقوه في البحر.
الرواية الثانية مرسلة ابن ابي عمير عن رجل ذكره عن سليمان بن خالد قال قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام كَيْفَ صَنَعْتُمْ بِعَمِّي زَيْدٍ قُلْتُ إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْرُسُونَهُ فَلَمَّا شَفَّ النَّاسُ أَخَذْنَا جُثَّتَهُ فَدَفَنَّاهُ فِي جُرُفٍ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا جَالَتِ الْخَيْلُ يَطْلُبُونَهُ فَوَجَدُوهُ فَأَحْرَقُوهُ فَقَالَ عليه السلام أَ فَلَا أَوْقَرْتُمُوهُ حَدِيداً وَ أَلْقَيْتُمُوهُ فِي الْفُرَاتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ.
هاتان الروايتان ضعيفتان عند المشهور، فان الرواية الاولى مشتملة على ابى المستهل و هو مجهول و الرواية الثانية من مراسيل ابن ابي عمير.
نحن نقبل مراسيل ابن ابي عمير وفاقا للسيد السيستاني و السيد الزنجاني بتوضيح لعله مر سابقا، فاذن الرواية الثانية معتبرة عندنا و ظاهره فرض خوف ان ياتي العدو فينبش قبر هذا الميت المؤمن، هنا يكفي ان نلقيه في البحر و اما من لم ير تمامية سند الرواية الثانية ايضا كالسيد الخوئي فيفتي على وفق القاعده، و الفتوى على وفق القاعدة تختص بفرض احراز و العلم بان العدو يهتك حرمة هذا الميت المؤمن و ينبش قبره، نعلم بانه لو دفناه هذا الميت في هذا المكان سوف ياتي العدو و ينبش قبره، خب قطعا معناه انه لا يمكن دفن الميت بشكل مناسب في هذا المكان فيتعين ان لم يكن هناك مكان آخر بان نذهب به الى بلد بعيد، اذا لم يمكن ذلك، فيتعين ان نلقيه في البحر، و اما مجرد الخوف لا يكفي وفق القاعدة، الرواية ظاهرة في فرض الخوف و لكن من لم يرى تمامية سند الرواية كيف يقبل كلام صاحب العروة في ان مجرد الخوف من نبش العدو قبر هذا الميت المؤمن يكفي في ان نلقيه في البحر، ان علمنا بذلك نعم، اما مجرد الخوف لا دليل على كفايته حسب القاعدة لولا الرواية المرسلة لابن ابي عمير.
فاذن حاصل الكلام ان من مات في السفينة او مات في مكان آخر و لكن نخاف بان العدو سوف ينبش قبره يتعين القائه في البحر.
و اذكر لكم نكتة و هي ان الرواية الاخيرة مرسلة ابن ابي عمير حيث تتم سندا بنظرنا فيمكننا استنادا الى هذه المرسلة ان نفتي بالتخيير بين وضع الميت في خابية و بين تثقيل جسد الميت و القائه في البحر لان مرسلة ابن ابي عمير دلت على الطريقة الثانية، تاملوا، أَ فَلَا أَوْقَرْتُمُوهُ حَدِيداً وَ قَذَفْتُمُوهُ فِي الْفُرَاتِ.
الا ان في البين شبهة ما هي تلك الشبهة؟ ان كانت الرواية هكذا الا اوقرتموه حديدا و القيتموه في الفرات كانت دليلا على الطريقة الثانية ان نضع حديدا على جسد الميت بحيث يثقله، و لكن مرسلة ابن ابي عمير هكذا الا أَ فَلَا أَوْقَرْتُمُوهُ حَدِيداً أوَ أَلْقَيْتُمُوهُ فِي الْفُرَاتِ، الرواية الاولى رواية سليمان بن خالد هكذا أَ فَلَا كُنْتُمْ أَوْقَرْتُمُوهُ حَدِيداً وَ قَذَفْتُمُوهُ فِي الْفُرَاتِ و لكن مرسلة ابن ابي عمير تشتمل على “او” أَ فَلَا كُنْتُمْ أَوْقَرْتُمُوهُ حَدِيداً أوَ أَلْقَيْتُمُوهُ ُ فِي الْفُرَاتِ فمن المحتمل ان وضع الحديد يعني وضع حديد بحيث لا يمكن نبشه يدفن الميت في ارض و يجعل عليه حديد بحيث لا يمكن نبش قبره او القيتموه في الفرات، فحينئذ لايدل على كيفية القاء في الفرات لان الكيفية هو وضعه في خابية كما مر في الطريق الاول.
فاذن حاولنا ان نستدل بمرسلة ابن ابي عمير على التخيير بين الطريقين حسب راي المشهور لكن الذي يمنعنا مع ذلك من الذهاب الى التخيير هو ان مرسلة ابن ابي عمير تشتمل على “او” و ليس بيانا لكيفية القاء في الفرات بان توضع على جسده حديدا بحيث يثقله.
بقيت نكتة و هي ان الشيخ المفيد ذكر ان من مات في السفينة و لو امكن الصبر و دفنه في شاطئ البحر مع ذلك يجوز اختيارا القائه في البحر، هكذا نسب الى الشيخ المفيد و لعله لاجل اطلاق الروايات بل نسب ذلك الى المحقق الحلي في المعتبر يقولون بان صحيحة ايوب بن حر يقول مات في السفينة كيف يصنع به فقال الامام يوضع في خابية و يوكع بابه و يلقى في البحر ما فصل الامام عليه السلام بين فرض التمكن من الانتظار الى ان يصلوا شاطئ البحر و عدم التمكن منه.
السيد الخوئي اجاب عن ذلك فقال لو فرضنا ان المفيد و المحقق افتيا بذلك لكن لا يمكننا مساعدة على هذه الفتوى، لان في الصحيحة قرينة على فرض عدم التمكن من دفن الميت في شاطئ البحر، القرينة قوله كيف يصنع به فان هذه الجملة ظاهرة في عدم التمكن من العمل بالوظيفة الاولية و الا لو امكن ذلك لما كان وجه لان يقول السائل كيف يصنع به فانه نظير السؤال عن ان الميت اذا مات في بيتك كيف يصنع به، خب هذا ليس للسؤال منشأ عقلائي مات الميت في بيته خب يصنع به كما يصنع بسائر الاموات اذا قيل مات ميت في السفينة كيف يصنع به، يعني نحن متحيرون لا يمكننا عادة الانتظار و دفن الميت في شاطئ البحر.
هل هذا الكلام من السيد الخوئي صحيح ام لا نتكلم عن ذلك في اليلة القادمة ان شاء الله.