الدرس 28-233
الثلاثاء – 3 جمادي الاولی 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن
الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله
الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في ان المريض لو صام هل يصح صومه أو لا؟
قرأنا رواية و هي رواية محمد بن عبدالله بن هلال عن عقبة بن
خالد عن ابي عبدالله عليه السلام عن رجل صام شهر رمضان و هو مريض قال تم صومه و لا
يعيد يجزيه.
السيد الخوئي صحح سند هذه الرواية بناءا علی مبناه
السابق من نظرية توثيق العام لرجال كامل الزيارات. السيد الزنجاني قال محمد بن
عبدالله بن هلال ممن روی عنه محمد بن الحسين بن الخطاب الذي كان من الاجلاء و
لم يتهم بانه يكثر الرواية عن الضعفاء روی عنه و هذا يكشف عن وثاقته. كما ان
الشيخ الطوسي لم يناقش في هذه الرواية بضعف سندها.
و اما عقبة بن خالد فلم يرد في حقها توثيق خاص و لكن ثبت
انه كان من المخلصين للائمة عليهم السلام ففي رجال الكشي يقول حدثني محمد بن مسعود
العياشي قال حدثني عبدالله بن محمد عن الوشاء قال حدثنا علی بن عقبة عن ابيه،
السند تام الی عقبة بن خالد، يقول عقبة بن خالد قلت لابي عبدالله عليه
السلام ان لنا خادمة لا تعرف ما نحن عليه، لا تعرف الامامة، لا تعرف التشيع، فاذا
اذنبت ذنبا و ارادت ان تحلف بيمين قالت لا و حق الذي اذا ذكرتموه بكيتم، اذا ترتكب
الخطيئة، ما تعرف الائمة ما تعرف التشيع، بدل ان تحلف بالله هكذا تحلف، لا و حق
الذي اذا ذكرتموه بكيتم فقال عليه السلام رحمكم الله من اهل البيت. لا اشكال فان
هذه الرواية تكشف عن مقام عظيم لعقبة بن خالد. نضيف الی ذلك ان ولده الذي
قال عنه النجاشي ثقة ثقة روی كتاب ابيه و عادة اذا رأی ان ابيه ليس
بثقة لا يروي كتابه لان هذا الابن يعرف اباه. فاذا لم يكن ثقة لا يروي عنه بعد ما كان
ثقة ثقة.
ماذا نصنع بهذه الرواية؟ يقول السيد
الخوئي: اولا: يمكن ان نحمل هذه الرواية علی المريض الذي لا يضر به الصوم.
قلنا بان هذا الكلام و ان صدر من الشيخ الطوسي و لكنه ليس تاما، الفرض المتعارف من
المريض هو من يضر به الصوم، نخرج عن اطلاق الخطاب هذا الفرض المتعارف، هذا ليس عرفيا.
ثم قال السيد الخوئي: لو لم يتم هذا البيان نقول بان هذه
الرواية معارضة بروايات دلت علی بطلان صوم المريض و يوجد تسالم من الاصحاب
علی العمل بتلك الروايات الدالة علی بطلان صوم المريض بل موافقة لظاهر
الكتاب و من كان مريضا فعدة من ايام أخر توجب ترجيح تلك الروايات الدالة علی
عدم مشروعية الصوم في حق المريض لان هذا هو الظاهر من الآية الكريمة و من كان مريضا
أو علی سفر فعدة من ايام أخر.
نقول: نحن لا نأبی عن قبول ان بطلان صوم المريض
متسالم عليه بين فقهاءنا، لم ار من قال بصحة صوم المريض العالم بكونه مريضا. لكن
مع غمض العين عن ذلك اولا: جيبوا دليلا واضحا صريحا دلالة و معتبرا سندا علی
بطلان صوم المريض، مرسلة الصدوق نعم ورد فيها: كل ما اضر به الصوم فالافطار له
واجب، لكنها مرسلة لا اعتبار بها.
و رواية علی بن جعفر التي السيد الخوئي صححها لوجودها
في كتاب علی بن جعفر و ان ورد في السؤال فيها قال سألته عن حد ما يجب
علی المريض ترك الصوم، سأل عن حد ما يجب علی المريض ترك الصوم، لكن
الامام قال في الجواب: كل شيء من مرض اضر به الصوم فهو يسعه ترك الصوم، ما قال
فهو يجب عليه ترك الصوم.
و هكذا موثقة عمار: اذا صدع صداعا شديدا و اذا رمدت عيناه
رمدا شديدا فقد حل له الافطار، ما قال صومه باطل.
و في موثقة سماعة ما حد المرض الذي يجب علی صاحبه فيه
الافطار كما يجب عليه في السفر فاجاب الامام ان وجد ضعفا فليفطر و ان وجد قوة فليصم.
فقد يقال بان ظاهره و ان كان وجوب الافطار لكانه لا يأبی عن حمل الامر
علی كونه في مقام توهم الحظر. فليفطر مثل ما يقول الطبيب للمريض افعل كذا يعني
ماكو مشكلة، افعل كذا. اذا توهم المريض انه يضر به اكل الترشي فيقول كل يعني يجوز
لك الاكل.
لكن الانصاف انه من مجموع الروايات
يستفاد بطلان صوم المريض. اولا: نفس هذه الموثقة حينما يسأل السائل ما حد المرض
الذي يجب علی صاحبه فيه الافطار هذا يعني انه لم يكن في مقام توهم الحظر فقط،
بل سأله الحد المرض الذي يلزم فيه الافطار، فحينما يقول له الامام ان وجد ضعفا فليفطر
هذا يكون كالنص في وجوب الافطار، كيف نحمل علی الرخصة في الافطار؟
و ثانيا: ورد في مرسلة ابن ابي عمير عن بعض اصحابنا عن ابي
عبدالله عليه السلام قال سمعته يقول قال رسول الله صلی الله عليه وآله ان
الله عز و جل تصدق علی مرضی امتي و مسافريها بالتقصير و الافطار أيسرّ
احدكم اذا تصدق بصدقة ان ترد عليه؟ اي لا تردوا هدية الله.
و يؤيدها رواية النوفلي عن السكوني.
النوفلي لم يوثق بتوثيق خاص لكن توجد بيانات لاثبات وثاقته
اوضحها عندي ان السكوني ممن قال الشيخ الطوسي في حقه ان الطائفة عملت برواياته و
قطعا الطائفة لا تعمل بروايات عامي غير ثقة فهذا يكشف وثاقته و اغلب روايات السكوني
من طريق النوفلي. و ان كان السيد السيستاني يناقش في ذلك يقول قبل الشيخ الطوسي
لعل اغلب روايات السكوني كانت من طريق آخر. هذا مما يطمئن بعدمه. اشلون صار انقلاب
عسكري أو شنو؟ في الكافي هم نفس الشيء، اغلب روايات السكوني من طريق النوفلي.
قال رسول الله صلی الله عليه و آله ان الله عز و جل
اهدي الیّ و الی امتي هدية لم يهدها الی احد من الامم كرامة من
الله لنا قال و ما ذلك يا رسول الله قال الافطار في السفر و التقصير في الصلاة، ما
ذكر المرض طبعا لكن بقرينة السياق و من كان مريضا أو علی سفر فعدة من ايام
أخر تعتبر الرواية هذا هدية من الله فمن لم يفعل ذلك يعني من لم يفطر في السفر فقد
رد علی الله عز و جل هديته، رد الهدية يصير اذا مسافر يصوم و هكذا قرينه
المريض اذا يصوم يكون رد هدية الله سبحانه و تعالی و هذ يلازم عرفا بطلان
الصوم.
و يمكن تأييد ذلك برواية الزُهْري، في رواية الزهري ورد هكذا
عن علی بن الحسين عليه السلام و اما صوم السفر و المرض يفطر في الحالين جميعا
فان صام في حال السفر أو في حال المرض فعليه القضاء. اذا كان عليه القضاء فصومه مو
صحيح.
فاذن نقبل ان الروايات دلت علی بطلان الصوم المريض.
فتكون هذه الرواية اي رواية عقبة بن خالد معارضة لها و لا يوجد جمع عرفي بينهما مع
غمض العين عن كون هذه الرواية شاذة لا عبرة بها نقول الروايات الاخری الدالة
علی بطلان الصوم موافقة لظاهر الكتاب و الترجيح بموافقة ظاهر الكتاب يكون
موجبا لسلامة تلك الروايات الدالة علی بطلان صوم المريض عن المعارضة.
السيد الزنجاني قال لا حاجة الی
هذه المطالب. العرف يجمع بين الروايات الدالة علی بطلان صوم المريض و هذه
الرواية التي تقول اذا صام المريض تم صومه، العرف يحمل هذه الرواية علي الفرض
المتعارف و هو ما اذا صام المريض و هو جاهل إما بالموضوع أو جاهل بالحكم و الا
المريض الذي يعلم بانه مريض و يعلم بان صوم المريض مو مشروع، اشلون يصوم؟ الا ان يكون
مخبّلا و الا يدري انه مريض و يدري ان صوم المريض باطل فاشلون يصوم؟ فالفرض
المتعارف لرواية عقبة بن خالد هو ما اذا كان جاهلا إما بمرضه أو جاهلا بلزوم
الافطار عليه، فهنا يقال تم صومه.
و هذا مما لم أر احدا افتی به لانهم في المريض الجاهل
بمرضه يفتون، اك خلاف سيأتي، اذا شخص صام يعتقد عدم الضرر، آخر رمضان أو بعد رمضان
احس بوجع شديد في معدته أو احس بمشكلة في السكر مالته راح الی الطبيب، الطبيب
قال ان شاء الله ما صمت هذه السنة، لا، صمت، كل الايام الحمدلله وفّقت اصوم، الطبيب
يقول لا، ليش سويت هكذا؟ انت اجرمت علی نفسك، انت لاجل الصوم تمرضت أو اشتد
مرضك، عندك مرض السكر عندك وجع الالم في المعدة، ليش سويت هكذا؟
اك خلاف ان هذا الصوم صحيح أو مو صحيح. السيد السيستاني افتیی
بان هذا الصوم مو صحيح لان من كان مريضا فعدة من ايام أخر، علم بكونه مريضا أو لم
يعلم. السيد الخوئي هم في بحث الاستدلالي ذكر ذلك و ان كان يحتاط ببالي في تعليقته
علی العروة. بينما ان جمع من الاعلام قالوا بان صومه صحيح كانّ رفع الصوم عن
المريض لاجل الامتنان عليه. انتم تخدمون هذا المريض؟ هو صام باعتقاد انه ما يضر به
الصوم، انتم تخدمون هذا المريض تقولون له صومك باطل، تكون تقضي؟ هذا مو خدمة اليه.
ظاهر رفع الصوم عن المريض و انه هدية من الله، هنا يصح صومه. و تفصيل الكلام في
محله، سيأتي في المسائل القادمة.
اما من علم بكونه مريضا و يجهل ان صوم المريض لا يصح، انا
مو ببالي فالواحد يفتي بان صومه صحيح بخلاف الاتمام في السفر عن جهل بعدم مشروعية الاتمام،
هناك اك تسالم علی ان من اتم في سفره و هو جاهل بعدم مشروعية صلاة التمام
صلاة تمامه صحيحة اما في الصوم انا ما شاف احدا من الفقهاء حسب ما اعلم قال بان
صومه صحيح. السيد الزنجاني من هذه الرواية التي صحح سندها افتی يعني كرأي
فقهي افتی بان من كان مريضا و هو يعلم بانه مريض و لكن جاهل بان الصوم من
المريض مو صحيح يكون صومه صحيحا حسب اطلاق هذه الرواية.
انا اقول: هذه الرواية ما هو الوجه
في حملها علی الجاهل؟ الرواية مطلقة، رجل صام شهر رمضان و هو مريض قال تم
صومه، ما هو الموجب لحمل هذه الرواية علي الجاهل؟ بعض الناس تقوم عندهم الحجة، من
يعلم وجدانا بانه مريض و يعلم وجدانا بان صوم المريض مو صحيح، نعم ما يصوم، اما من
لا يعلم وجدانا بذلك، اخبره ثقة انتم شافهين بعض الناس المرشد الديني مالتهم يخبره
يقول مثلا وظيفتك هكذا، اصلا ما يعتني به، ليش؟ لانهم تعلم من ابيه أو امه هذه
الطريقة، ما يعوفها، لان هذا الكلام من المرشد من العالم مجرد اخبار ثقة بعد و هو
حجة في حقه لكنه ما يؤثر عليه، كثير من الناس هكذا. و فرض قيام الحجة علی بطلان
صوم المريض و مخالفة المريض لهذه الحجة ليس فرضا نادرا. لماذا الامام قال و ان
قوما صاموا في السفر و اتموا صلاتهم فسماهم رسول الله عصاة و نحن نعرفهم و
ابناءهم. يسمعون من الامام ان الصوم في السفر مو صحيح الصوم في المرض مو صحيح لكنهم
كانهم لم يسمعوا شيئا لانهم لاجل عدم اقبالهم علی الائمة عليهم السلام أو عدم
قبولهم لاخبار الثقات ما يعتمدون علی اخبار الثقات أو حتی كلام الامام
عليه السلام. فهذا الجمع من السيد الزنجاني اشوف جمع تبرعي، مجرد ان الفرض المتعارف
منه هكذا لا يوجب الجمع العرفي.
هذا مضافا الی ان هذا السؤال
من اين تقولون سؤال عن قضية وقعت، رجل صام شهر رمضان و هو مريض، كثير من الاسئلة في
الروايات سؤال فرضي، سؤال عن قضية فرضية لا قضية واقعية حدثت الان اجاؤا يمّ
الامام يسئلون الامام عن حكم تلك القضية التي وقعت، رجل صام شهر رمضان و هو مريض يريد
يعرف حكمه ان هذا الصوم صحيح أو مو صحيح حتی يعلن للناس اذا هذا الصوم صحيح يقول
يا ابه! الصوم في حال المرض صحيح، الامام قال تم صومه، روحوا صوموا و انتم مرضی
ما عليكم شيء انما لا يجب عليكم الصوم كما قال العامة بذلك.
فاذن هذا الجمع الذي اختاره السيد الزنجاني لم يتم عندنا.
فالمهم ان هذه الرواية معارضة لروايات
كالصريحة في بطلان صوم المريض مضافا الی تسالم الفقهاء علی بطلان صوم
المريض فهذه الرواية تكون علی خلاف تسالم الفقهاء.
و الحمد لله رب العالمين.