الدرس26
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.
كان الكلام في المستثنيات عن حرمة نبش قبر الميت وصلنا الى المستثنى الثامن و هو انه اذا دفن بغير اذن الولي فجوّز صاحب العروة نبش قبر الميت الذي دفن بغير اذن الولي بان الولي يرى ان المصلحة في دفنه في مكان آخر، و لكن اشكل فيه جمع من الاعلام فذكر السيد الخوئي انه لادليل على الاشتراط اذن الولي في الدفن و انما لايجوز مزاحمة الولي اذا اراد ان يدفنه في مكان آخر، لايجوز مزاحمته، و اما ان اذنه شرط في صحة الدفن فلا دليل عليه، فاذن هذا الذي بغير اذن الولي فدفنه صحيح، فلا موجب لنبش قبره.
لكن نقول تعليقا على كلام السيد الخوئي ياسيدنا، انتم جعلتم المدار على هتك حرمة الميت فاذا رأى الولي ان المصلحة في دفن الميت في مكان آخر كان ولي الميت يريد ان يدفن الميت في قريته او في بلده و جاء شخص و أخرج الميت و دفنه في مكان آخر، هتك حرمة الميت لايصدق على نبش قبره من طرف الولي، مضافا الى ان الدفن و ان لم يكن مشروطا باذن الولي لكن انتم ذكرتم انه لايجوز مزاحمة الولي فاذا كان الولي بصدد دفن الميت في زمان خاص او مكان خاص فاستولى شخص آخر على جسد الميت فسرقه و دفنه في مكان آخر او قبل الوقت الذي يريد ولي الميت ان يدفن الميت في ذلك الوقت فهذا الدفن مزاحمة لولي الميت، نعم لو لم يكن ولي الميت بصدد دفنه في موضع آخر او في وقت آخر فدفن شخص آخر لهذا الميت لايكون مزاحما لحق ولي الميت اما اذا كان ولي الميت بصدد دفن الميت في مكان آخر مثلا فيسرقه شخص آخر و يدفنه بموضع آخر هذا الدفن مزاحما لحق ولي الميت.
فاذن حاصل كلامنا ان اشكال السيد الخوئي على فتوى صاحب العروة بجواز نبش قبر الميت اذا دفن بغير اذن ولي الميت لايتم على مبانى السيد الخوئي و لكن لا يختص الاشكال على صاحب العروة بالسيد الخوئي، فقد افتى السيد السيستاني بعدم جواز نبش القبر في هذا الفرض الذي دفن الميت بغير اذن الولي و ذلك لان السيد السيستاني يرى لحرمة نبش قبر الميت موضوعية و ان لم يصدق عليه هتك حرمة الميت لكن لايجوز بنظره و حيث ان يرى ان اذن الولي في دفن الميت واجب تكليفا و ليس شرطا في صحة الدفن، يقول هذا دفن صحيح و لاموجب لنبش قبره.
و هكذا جمع من الفقهاء اشكلوا على صاحب العروة السيد ابو الحسن الاصفهاني قال و فيه و في ما بعده اشكال اقواه عدم جواز النبش فيهما، و قال السيد الخميني قدس سره انما يجوز نبش قبره اذا كان للولي غرض عقلائي لدفنه في غير هذا المكان، و الا ولي الميت يقول انبش قبره و انما يريد ان يفعل ذلك عنادا مع ذلك الذي دفن الميت بغير اذنه، و ليس له غرض عقلائي في دفنه في غير هذا المكان فلايجوز، و هكذا علق السيد الحكيم فقال في جواز نبش قبره مع دفنه بغير اذن الولي اشكال و نظر، الا ان يكون نبشه مصلحة بنظر الولي.
نحن نقول بعد ان كان دليلنا على عدم جواز نبش قبر الميت ارتكاز المتشرعة فالصحيح كما ذكر السيد الحكيم و السيد الخميني قدس سرهما ان نفصل بين ما اذا كان الولي يرى مصلحة بالنظر العقلائي في ان يدفن الميت في مكان آخر و كان دفن الميت في هذا المكان بغير اذنه فلا يوجد ارتكاز متشرعي على حرمة نبش القبر في هذا الفرض، اذ يرون من حق ولي الميت تعيين مكان قبره، و اما اذا لم يكن مصلحة بالنظر العقلائي في دفنه في مكان آخر فالارتكاز المتشرعي قائم على حرمة نبش قبره، لانهم يعتبرون نبش قبره عنادا من ولي الميت و اعمالا لامر غير عقلائي، ينبشون قبر الميت و يدفنونه في مكان مساو لهذا المكان شينوا فائدة؟.
التاسع إذا أوصى بدفنه في مكان معين و خولف عصيانا أو جهلا أو نسيانا.
اذا اوصى الميت بان يدفن في مكان معين و لكن دفنوه في مكان آخر اما عصيانا او نسيانا او جهلا بالموضوع لانهم لم يروا وصيته حين دفنه فيجوز بل يجب اخراجه من القبر للعمل بوصيته نعم قد يكون هناك انصراف في الوصية مثلا هو اوصى بان يدفن في مكان معين لكن العرف يقول هذا ينصرف عما لو لم يطلع الورثة على وصيته الا بعد ان دفن في هذا المكان او يوجد هناك شبهة الانصرف في الوصية حتى لو وجد شبهة الانصرف فنحن نقول الاصل عدم وصيته في هذا الفرض الذي دفن الميت في هذا المكان ثم وجدوا وصيته بان يدفن في مكان آخر، و هكذا اذا اوصى بان يدفن في مكان ثم توفى في مكان آخر توفى في مشهد مثلا و هو اوصى بان يدفن في قم ثم توفى في مشهد، قد يكون هناك انصراف عرفي في انه انما اوصى ان يدفن في قم بقبال ان مثلا يذهب بجسده الى قريته يدفن في قريته لا انه حتى اذا توفى في مشهد او في نجف الاشرف لايدفن في هذين البلدين الشريفين، و بنظري لايحتاج الى الجزم بالانصراف الشبهة العرفية الموجب لاحتمال الانصراف كافية في ان نجري اصالة عدم الوصية، من باب عدم احراز الاطلاق، هو كتب في وصيته انه يدفن في قم لم يوجد وصيته الا بعد دفن في قريته مثلا قد يشك العرف هل يوجد اطلاق في وصيته بالنسبة الى هذا الفرض اذا شك العرف فمعنى ذلك انه لا ظهور في ذلك الكلام او لا يحرز ظهور ذلك الكلام في الوصية المطلقة و الاصل اي الاستصحاب يقتضي عدم وصيته او تجري البرائة ان وجوب دفنه في هذا المكان المعين.
على اي حال هذا يتبع الظهور اذا اوصى بان لا يدفن في قريته خب هذا ظهوره قوي و لكن اذا لم يجدوا وصيته الا بعد ان دفن في قريته، مع ذلك العرف لايشك في ظهور الوصية، اذا تعمدوا و دفنوه في قريته على خلاف وصيته نعم هناك لاوجه للانصراف في الوصية اما اذا دفنوه في قريته مع انه اوصى لا يدفن في قريته الا انهم لم يجدوا وصيته حين دفنه ثم بعد ايام ظفروا على وصيته و رأوا انه كتب فيها انا اريد ان لا ادفن في قريته العرف يشك هل اطلاق الوصية يشمل هذا الفرض اذا شك العرف فهذا يعني انه لا ظهور في هذه الوصية او اختلف العرف، نحن ذكرنا مرارا انه اذا كان العرف مختلفين في الاستظهار هذا يعني انه ليس هناك ظهور عرفي، نعم لو كان المخالفة للظهور من قبل شخص او شخصين مثلا، نقول خفي عليهما الظهور العرفي، لكن اذا تكلمنا مع كثير من الناس و كانوا مختلفين بعضهم يقول الوصية مطلقة و بعضهم يقول لا، الوصية منصرفة او محتمل الانصراف الى فرض الالتفات بوصيته قبل دفنه فاذا لم يكونوا ملتفتين الى وصيته حين دفنه وجدوا وصيته بعد دفنه جماعة معتد بهم من العرف شككوا في اطلاق الوصية فهذا يعني ان الظهور لم ينعقد و الا الظهور هو الظهور لدى العامة الناس، و على اي حال حتى اذا كان هناك ظهور واقعا نحن نشك في ذلك و الاصل عدم وصيته.
العاشر إذا دعت ضرورة إلى النبش أو عارضه أمر راجح أهم.
من مسوغات نبش القبر الضرورة الى النبش ما من شيء محرم الا و قد احله الله لمن اضطر اليه و هكذا اذا تزاحم مع واجب اهم او مساوي لاادري لماذا قيد صاحب العروة التزاحم بان يكون التزاحم مع امر اهم قال اذا دعت ضرورة الى النبش او عارضه امر راحج اهم لماذا لم يقل او مساوي فان المزاحم المساوي ايضا مسوغ لترك هذا المزاحم المساوي و الاشتغال بذلك المزاحم المساوي الآخر.
الحادي عشر إذا خيف عليه من سبع أو سيل أو عدو. لا اشکال فی جواز نبش قبره و لا اقل لاجل انه لايوجد ارتكاز و اجماع يقتضي حرمة نبش قبره او على كلام السيد الخوئي لايصدق عليه هتك حرمة الميت.
الثاني عشر إذا أوصى بنبشه و نقله بعد مدة إلى الأماكن المشرفة.
المحقق النائيني هنا قال لو كان ما اوصى به هو النبش بعد دفنه لا تخلو صحة الوصية عن الاشكال السيد السيستاني هم استشكل بنفس الاشكال، اذا اوصى الميت بان ينبش قبره بعد دفنه و ينقل الى المشاهد المشرفة في اقوائية جواز نبش قبره منع، قال الاقوائية ممنوعة، السيد الخوئي لما رأى تعليقة محقق النائيني على كلام صاحب العروة، قال هذا عجيب من المحقق النائيني لانه سبق من صاحب العروة الفتوى بجواز نبش قبر الميت لاجل نقله الى المشاهدة المشرفة و لو مع عدم وصية الميت، هناك لم يعلق المحقق النائيني على كلام صاحب العروة، يعني امضى فتوى صاحب العروة بجواز نبش قبر الميت لنقله الى المشاهد المشرفة حتى مع عدم وصيته، فكيف هنا فرض وصية الميت بنبش قبره و نقل جسده الى المشاهد المشرفة حينما افتى صاحب العروة بالجواز اشكل عليه المحقق النائيني.
و لكن انا اقول خب هذا يكشف ان المحقق النائيني هناك غفل عن التعليقة على فتوى صاحب العروة لم يعلق هناك بشيء، و انما من سكوته عرفتم انه يمضي كلام صاحب العروة لكنه هنا بعد عدة مسائل قليلة لما رأى ان صاحب العروة افتى بجواز نبش القبر في ما اذا اوصى الميت بان يدفن في مكان موقتة ثم ينقل جسده الى المشاهدة المشرفة لما رأى هذه الفتوى من صاحب العروة اشكل عليه، فهذا يكشف ان اشكاله كان موجودا هناك لكن نسي ان يعلق على فتوى صاحب العروة و الاشكال على فتوى صاحب العروة لا يختص بالمحقق النائيني بل جمع من الاعلام اشكلوا عليه، المرحوم السيد عبد الهادي الشيرازي قال لاتجوز الوصية بالنبش، افتى بانه لاتجوز الوصية بان ادفنوني موقتا في هذا البلد ثم اخرج جسدي و ينقلوني الى المشاهد المشرفة لاتجوز الوصية بالنبش.
نعم على مبنى السيد الخوئي من ان حرمة نبش قبر الميت تدور مدار هتك حرمته نعم ليس هذا هتكا لحرمة الميت بل بالعكس اكرام له لاننا ننقل جسده الى المشاهد المشرفة تبعا فيما اذا لايسلتزم النقل فساد جسده، و اما اذا كان المستند في حرمة نبش قبر الميت هو الارتكاز فقد يقال بانه لايوجد ارتكاز على حرمة نبش قبر الميت فيما اذا اوصى بان يدفن في مكان ثم يخرج جسده من قبره و ينقل الى المشاهد المشرفة و هذا و ان كان غير بعيد لكنه خلاف الاحتياط.
سوال و جواب: فيكون من قبيل دوران الامر بين المحذورين اذا كانت وصيته وصية في حرام لايجوز العمل بوصيته و اما اذا كانت وصيته في حلال يقع الكلام في انه هل يجب العمل بالوصية مطلقا حتى بالنسبة الى نبش قبره و نقله الى المشاهد المشرفة؟ لو قلنا بوجوب العمل بالوصية المباحة حتى في هذا الفرض فيكون من قبيل دوران الامر بين المحذورين، و من يستشكل و يحتاط معناه انه يرجع الى الغير او يكون مخيرا لو لم يكن هناك من يفتي باحد الطرفين، و لكن اصل وجوب العمل بهذه الوصية ليس واضحا لان القدر المتيقن من نفوذ الوصية الوصية باحداث التجهيز اما الوصية بنبش القبر بعد الدفن لادليل على وجوب تنفيذها، نعم الوصية في الاموال يجب تنفيذها فمن بدله بعد ما سمعه فانما اثمه على الذين يبدلونه هذا وصية في تركة الميت و اما الوصية في تجهيز الميت نعم المقدار المتيقن منها الوصية في التجهيز الابتدائي يغسله فلان يصلي عليه فلان ادفنوني في هذا البلد خب يجب العمل بوصيته اما ما يزيد على ذلك بعد سنة اخرجوني من قبري و ينقلوني الى المشاهد المشرفة ما هو الدليل على وجوب العمل بهذه الوصية انا ما أرى دليلا مطلقا يدل على وجوب العمل بالوصية اي ما كانت.
ثم يقول صاحب العروة بعد ذلك بل يمكن أن يقال، هذا ختامه مسك بل يمكن ان يقال، بجوازه، ای جواز نبش القبر، في كل مورد يكون هناك رجحان شرعي من جهة من الجهات و لم يكن موجبا لهتك حرمته أو لأذية الناس و ذلك لعدم وجود دليل واضح على حرمة النبش إلا الإجماع و هو أمر لبي و القدر المتيقن منه غير هذه الموارد لكن مع ذلك لا يخلو عن إشكال.
کل ما كان هناك رجحان شرعي و العمل بذلك الراجح الشرعي یتوقف على نبش قبر الميت يقول صاحب العروة يمكن ان يقال بجواز النبش في هذا الفرض و لكن علق عليه كثير من الاعلام، فالسيد الاصفهاني قال هذه الكلية محل اشكال فلا يترك الاحتياط بالاقتصار على الموارد المزبورة و علق السيد الخميني قال هذه الكلية محل اشكال فلا يترك الاحتياط بالاقتصار على ما تقدم، و هكذا السيد الكلبايكاني هذا منع ما لم يكن واجبا، السيد الحكيم هكذا قال الظاهر ان دليل حرمة النبش هو دليل وجوب الدفن وجوب الدفن يقتضي دفنه حدوثا و بقائا و النبش منافي ذلك لكن لما كان الدفن بلحاظ مصلحة الميت و من حقوقه جاز النبش في بعض الموارد اذا توقفت مصلحة الميت عليه.
هذا الكلام من السيد الحكيم قابل للاشكال وجوب الدفن لايقتضي الا اصل وجوب الدفن لا فوريته، يجب دفن الميت مات قبل ساعة ندفنه الآن هل يجب دفنه فورا؟ لا، يمكن ان يؤخر دفنه الى بعد ايام حتى اقاربه يأتون من البلاد البعيدة لتجهيز جنازته لا اشكال في ذلك فاذن وجوب الدفن لايقتضي الا اصل الدفن و اما المباردة الى الدفن حدوثا غير واجبة و كذلك بقائا يخرج جسده من القبر و يبقى بلادفن ايام قليلة ما هو الدليل على حرمته و اذا كان محرما فلماذا جوزتم نبش قبر الميت بمجرد تشخيص مصلحة في نبش قبره.
سوال و جواب: ان يكون الميت مدفونا هذا واجب تابع لتشخيص مصلحة الناس او واجب شرعي وجب بلحاظ كونه حقا للميت لكن ذكرنا مرارا ان حق المؤمن لايعني انه يمكن التخلف عنه فيما اذا كان مصلحة المؤمن في ترك اداء هذا الحق اليه، مصلحة الامرأة الاجنبية ان ننظر الى شعرها و هي راضية هل يجوز؟ مع ان حق المرأة المؤمنة ان لا ينظر الى شعرها لكن هذا حق الهي لايجوز التخلف عنه ابدا.
بقيت مسائل قليلة نتعرض اليها
المسألة التاسعة إذا لم يعلم أنه قبر مؤمن أو كافر فالأحوط عدم نبشه مع عدم العلم باندراسه.
سوال و جواب: سبق الکلام فی المسالة الثامنة جوز تخريب آثار القبور التي علم اندراس ميتها ما عدا ما ذكرمن قبور العلماء و الصلحاء و أولاد الأئمة، تكلمنا عن ذلك سابقا.
المسألة التاسعة السيد الخوئي اشكل على صاحب العروة حينما قال اذا لم يعلم ان هذا القبر قبر مؤمن او كافر فالاحوط نبش قبره قال مقتضى القاعدة جواز نبش قبره، يقول السيد الخوئي نحن حينما كان الكلام في وجوب تجهيز هذا الميت قلنا بوجوب تجهيزه وجوب تغسيله و تكفينه و دفنه لماذا؟ لان الاطلاقات كانت تقتضي وجوب تجهيز كل ميت خرج منه الكافر، الاستصحاب في العدم الازلي يقول هذا الميت لم يكن كافرا قبل وجوده، و الآن كما كان، فبضم الوجدان الى الاصل احرزنا انه ميت ليس بكافر فوجب تجهيزه بتغسيله و تكفينه و دفنه، اما موضوع حرمة نبش القبر نفس موضوع حرمة هتك الحرمة، الذي لايجوز هتك حرمته هو المؤمن، لا من ليس بكافر، ليس الكلام في ان موضوع هتك حرمة الشخص كونه مؤمنا لا مسلما، لا، افرض انه يحرم هتك حرمة المسلم مؤمنا كان غير مؤمن و هذا بحث نتكلم عنه، السيد الخوئي يقول على اي حال موضوع هتك الحرمة الشخص هو كونه مؤمنا او مسلما، لا عدم كونه كافرا، فهنا استصحاب عدم ايمانه او عدم اسلامه يقتضي عدم حرمة نبش قبره، لانه يقتضي عدم حرمة هتكه، و لا اقل من جريان البرائة عن حرمة نبش قبره و حرمة هتكه.
يمكن ان نناقش في هذا البيان الذي ذكره السيد الخوئي نقول على كلامكم يجوز نبش قبر المخالفين لانه قطعا حرمة الهتك تختص بالمؤمن لا مطلق المسلم، و لذا انتم افتيتم بجواز غيبة المخالفين، لان حرمة الغيبة من باب الاحترام، هكذا قلتم من باب الاخوة التي تقتضي ان لا يغتاب الاخ الديني، و لا اخوة بيننا و بينهم، فاذن لو كان دليل حرمة نبش قبر الميت حرمة هتكه و هذا يختص بالمؤمن و لا يشمل المسلم المخالف، فهل تفتون بجواز نبش قبر الميت المخالف، قطعا لاتفتون بذلك فاذن لا يتحد موضوع حرمة الهتك مع حرمة النبش فان دليل حرمة النبش هو التسالم المتشرعي و النسبة بين حرمة النبش و بين حرمة الهتك عموم و خصوص من وجه، و عليه نقول الارتكاز المتشرعي قائم على حرمة النبش و لو لم يكن مصداقا لهتك الحرمة.
سوال و جواب: قطعا الارتكاز المتشرعي على حرمة نبش قبر المسلم.
لكن هذا لا يدفع الاشكال في ان موضوع حرمة النبش لعله المسلم، لا الميت الذي ليس بكافر، الا ان هناك مطلب و هو ان من كان في مقابر المسلمين فالسيرة المتشرعية قائمة على معاملة المسلم معه، نعم لو كان في مقابر مشتركة او مقابر الكفار فهذا لا كلام فيه يجوز نبش قبره، اما الميت في مقابر المسلمين حسب السيرة المتشرعي يتعامل معه معاملة المسلم، و هكذا الميت في بلد اسلامي يتعامل معه معاملة المسلم حسب السيرة المتشرعية.
انا اذكر مطلبا و هو ان السيد الخوئي في بحث وجوب تجهيز الميت مشكوك الاسلام و الكفر ذكر ان الموضوع هو ميت ليس بكافر و نستصحب عدم كفر الميت و نثبت بذلك وجوب تجهيزه لكنه في بحث تشريح الجسد قال يجوز تشريح جسد المشكوك الاسلام فعلم وجه تفريقه بين المسألتين قد يناقش على السيد الخوئي يقال كيف انتم افتيتم بوجوب تجهيز الميت مشكوك الاسلام و في نفس الوقت افتيتم في المسائل المستحدثة من منهاج الصالحين بجواز تشريح جسد مشكوك الاسلام، و الجمع بينهما انه يقول يجوز تشريح جسده بحيث لا يتنافى مع دفنه اما تشريح جسده جائز لان موضوع حرمة التشريح ان حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا و الاصل عدم ايمانه و لاجل ذلك جوز تشريحه، و لكن يجب دفنه بعد ان يشرح جسده ثم يجمع اعضائه و يدفن لان دفن الميت الذي ليس بكافر واجب بنظر السيد الخوئي و الاصل يقول هذا ليس بكافر فنهتك حرمته بتشريح جسده و نحو ذلك لاستصحاب عدم اسلامه ثم يجب علينا دفنه و الصلاة عليه بمقتضى استصحاب عدم كفره و هذا لا يخلو عن غرابة و لكن عرفنا نكتة تفريق السيد الخوئي بين المسألتين.
و انا اضيف هنا اقول لو كان المدار على كلام السيد الخوئي من ان نلحظ الموضوع من دون ان نلحظ ان هذا الميت مات في بلد اسلامي و السيرة تتعامل معه معاملة المسلم لو كان النظر الى ما ذكره السيد الخوئي لامكن المنع عن وجوب تجهيز الميت المشكوك الاسلام لتعارض الخطابات الشرعية في كشف موضوع من يجب تجهيزه نعم توجد رواية في انه مات نصرانية لا يغسله مسلم و لا كرامة، فالجمع بينه و بين الاطلاقات اقتضى ان نقول كل ميت ليس بنصراني ليس بكافر يجب تجهيزه و لكن توجد روايات اخرى جعلت الحكم مدار الاسلام: صل على من مات من اهل القبلة و حسابهم على الله، جعل في هذه الرواية موضوع من يجب الصلاة عليه هو المسلم، فتعارضت الروايات في موضوع وجوب التجهيز هل هو الميت المسلم حتى نجري استصحاب عدم اسلامه فلا نصلي عليه فلا نجهزه او هو الميت الذي ليس بكافر فنجري استصحاب عدم كفره فيجب تجهيزه، تعارضت الروايات ياسيدنا الخوئي فاذن كيف تقولون بان موضوع وجوب تجهيز الميت هو ميت الذي ليس بكافر تعارضت الروايات فيه.
مضافا الى ما ذكرنا سابقا ان سؤال السائل عن نصراني مات في السفر و جواب الامام بانه لا يغسله مسلم ليس ظاهرا في ان الموضوع مركب من قيد الميت و قيد العدمي و هو عدم الكفر فلعل الموضوع مركب من قيدين الوجودين و هو الميت و الاسلام، اذا كان الامام ذكر انه اذا مات كافر لا يغسل و لا يصلى عليه كنا نستظهر ان الموضوع لوجوب التجهيز هو الميت الذي ليس كافر، السائل سأل قال نصراني مات في السفر فالامام لا يجيبه افرض ان الموضوع لوجوب التجهيز مركب من الميت و الاسلام هذا السائل سئل عن نصراني مات في السفر الامام ماذا يقول له خب يقول له لا يغسل مسلم فاذن لو كان المدار على كلام السيد الخوئي لكان للمنع عن وجوب تجهيز الميت مشكوك الاسلام ايضا مجال، لكن المهم ما ذكرناه من وجود ارتكاز متشرعي و سيرة متشرعية على معاملة المسلم مع من مات في بلد اسلامي و يحتمل عقلائي في حقه كونه مسلما فيجب تجهيزه فلا يجوز نبش قبره بقية الكلام في الليالة القادمة ان شاء و ندخل في بحث الاغسال حيث ان الغسل الواجب و المستحب يغني بنظرنا عن الوضوء الا غسل الاستحاضة المتوسطة كما عليه السيد الخوئي و السيد السيستاني و الشيخ التبريزي فلابد ان نتأمل في كل غسل ادعي استحبابه هل يثبت استحبابه بطريق معتبر ام لا، تأملوا الى الليالي القادمة ان شاء الله.
والحمد لله رب العالمين.