الدرس21
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم
كان الكلام في المسالة 21 في تزاحم كفن الميت من تركته مع حق الغرماء في الفلس و مع حق الرهانة و حق الجناية، مثال الاول ما اذا حكم على شخص بالفلس و حُجر عن التصرف في امواله لعدم وجدانه لاداء جميع ديونه ثم مات، فهو تعلق بماله حق الديان بعد حكم الحاكم بتفلسيه، بينما انه لو لم يحكم بتفليسه و انما كان مدينا بدون حجر الحاكم فهنا يكون الامر اوضح في تقديم الكفن على الدين لقوله عليه السلام اول ما يبدأ به من مال الميت الكفن ثم الدين.
اما فرضنا انه تعلق بمال الميت حق الغرماء لحكم الحاكم على هذا الشخص بالتفليس، فهنا قد يستشكل في تقديم اخراج الكفن، لان حق الغرماء سابق فيستصحب بقاء حقهم، لكن ذكرنا ان ظاهر قوله عليه السلام اول ما يبدأ به من مال الميت الكفن ثم الدين ان كل ما كان لاجل دين الميت فهو تابع لدين الميت، فاذا قدّم الكفن على دين الميت فيقدّم على ما يكون تابعا للدين و منه حجر الحاكم على الميت بعد الحكم بتفليسه.
و اما تقدم اخراج الكفن من مال الميت على حق الرهانة في ما اذا كان رهن مال الميت لدين شخص آخر، فهنا لا يكون هذا الرهن تابعا لدين الميت، كي يقال بان تقدّم اخراج الكفن على دين الميت يدل بالاولوية على تقدم اخراج الكفن على الرهن الذي يكون لدين الميت، لا، مال الميت كان مرهونا لاجل دين شخص آخر للبنك او كان مال الميت عبدا جنى على غيره فتعلق به حق الجناية، فقلنا بانه اذا لم يكن خوف من تضييع حق الدائن او حق المجني عليه، فلا باس ببيع مال الميت لشراء الكفن، لان بيعه لا يضيّع حق الآخرين، يسري حق الرهانة على الصحيح الى ملك المشتري، لو اشترى شخص مال الميت الذي تعلق به حق الرهانة، فيبقى حق الرهانة في مال المشتري، و كذا لو اشترى المشتري العبد المملوك لهذا الميت الذي تعلق به حق الجناية فيبقى حق الجناية في هذا العبد، و يمكن لولي المقتول العمدي إما ان يسترقّ هذا العبد و يأخذه من ملك المشتري او يقتصّ منه، كما انه في الجناية خطأيا اذا اعطى المشتري دية المقتول فهو و الا فبامكان ولي المقتول الخطأي ان يسترقّ هذا العبد و يخرجه من ملك المشتري.
ولكن هذا لا يكفي في حكمنا بجواز بيع مال الميت الذي تعلق به حق الرهانة و حق الجناية مطلقا كما ذكره السيد الخوئي، بل قد يكون هذا معرضا لتضييع حق المرتهن او ولي المقتول، شرعا يبقى الحق في هذا المال و ان انتقل الى المشتري، لكن قد يكون نقل هذا المال الى هذا المشتري في معرض تضييع حق الآخرين، يذهب بهذا العبد الى مكان بعيد فيخرج عن سيطرة ولي المقتول، فهنا لابد من تقديم حق الجناية و حق الرهانة.
و لكن هذا الذي قلنا وفاقا للسيد السيستاني من لزوم تقديم حق الرهانة في هذا الفرض و حق الجناية اذا صار مزاحمة بين حق الرهانة اذا كان مال الميت رهنا لدين لشخص آخر، زيد مدين للبنك و جعل عمرو ماله رهنا، فلو باع ولي الميت هذا المال لشراء الكفن قد يكون هذا في معرض التضييع حق البنك في استيفاء دينه من هذا المال الذي جعل رهنا لدين زيد، كما ذكر السيد السيستاني هنا يقدّم حق الرهانة و حق الجناية في فرض المزاحمة على اخراج الكفن.
اولا قد يُسأل ما هو الدليل على ذلك؟ فان كانا متزاحمين فما هو المرجح لتقديم حق الرهانة و الجناية على حق الميت لاخراج الكفن من ماله، هل احرزت اهمية حق الرهانة و الجناية، وان كانا متعارضين، تعارض دليل حق الرهانة و الجناية مع حق اخراج الكفن من مال الميت، فبعد تعارضهما فيكون المرجع البرائة، فيتخير الولي بين الامرين، او اذا كان هناك علم اجمالي بثبوت تكليف في البين فحيث لا يمكن الموافقة القطعية فيتخير الولي للميت بين احدهما، و ان لم يكن علم اجمالي له بثبوت تكليف في البين و احتمل التخيير فباجراء البرائة عن وجوب كل منهما تكون النتيجة التخيير كأصل عملي.
سوال و جواب: قطعا لا يجب على ولي الميت ان يخرج الكفن من ماله، انا نذكر لكم مثالا لو كان زيد مدينا لعمرو او لبكر اجمالا، و ليس له مال الا بقدر ما يفى لتسديد دين احدهما، فهنا اذا مات هذا الشخص فالوصي ماذا يصنع؟ هل يتبرع من نفسه و يحتاط يدفع هذا المال لزيد ثم يدفع من جيبه مثله لعمرو؟! قطعا لا يجب ذلك، فهنا اما ان يخرج و يعين الدائن بالقرعة لانه شبهة موضوعية او اذا كانت الشبهة شبهة حكمية، فيتخير بينهما اذا كانت الشبهة شبهة حكمية لا شبهة موضوعية، لا تصل النوبة الى القرعة، فيتخير بينهما لانه لا يجب ان يدفع من كيسه شيئا و هذا المال لا يفي الا لاحدهما، و قد لا يمكن التوزيع و التبعيض حتى يقال بوجوب التوزيع يعطى نصفه لهذا و نصفه الآخر لذاك، لا، قد لا يمكن التبعيض فهنا يتخير الوصي بين ان يعطي لهذا او لذاك، لا يجب الاحتياط بان يبذل نفقة الاحتياط من كيسه، ما هو الدليل على وجوب ذلك؟.
فحاصل الاشكال ان ما ذكره السيد السيستاني و ذكرنا نظيره من انه اذا وقعت المزاحمة بين حق الجناية و حق الرهانة و بين حق الميت في اخراج كفنه من ماله فهنا يقدم حق الجناية و الرهانة عليه اي على اخراج الكفن، ما هو الدليل على لزوم هذا التقديم؟.
ان كان من موارد التعارض بين الدليلين لان اطلاق قوله اول ما يخرج من تركة الميت الكفن يدلّ باطلاقه على لزوم بيع هذا المال لشراء الكفن بثمنه، و اطلاق ما دل على ثبوت حق الجناية او حق الرهانة ان لا يباع، بل يُبقى هذا المال، فيتعارض الاطلاقان فتكون النتيجة التخيير،
إما من باب البرائة او من باب التنزل من الموافقة القطعية لعدم امكانها الى الموافقة الاحتمالية، و ان كان من باب التعارض فحكم التعارض التخيير الا مع العلم باهمية احدهما او احتمال اهميته بعينه، و لا ينطبق هذا المرجح على المقام لانه كما يحتمل اهمية حق الجناية على حق الميت في اخراج الكفن من ماله فكذلك يحتمل اهمية اخراج كفن الميت من ماله على حق الجناية و الرهانة.
فاذن تبقى هذه الشبهة، أما تعيين انه من باب التعارض او التزاحم، فالظاهر انه من باب التزاحم لا التعارض، لانه نظير ان يكون واجبا اكرام زيد و اكرام عمرو و ليس لانسان مال يتمكن من اكرامهما معا، قال اعطي عشاءا لزيد اكرمه بتقديم عشاء له، و اكرم عمروا بتقديم عشاء له و انا ذهبت الى مجلس عزاء او مجلس فرحة فاعطوني وجبة عشاء، فنقول ما عندي فلوس حتى اشتري عشاء ثاني للثاني منهما، بس هذه الوجبة، ابقى جوعان و يقدم هذا العشاء لاحدهما، هذا من باب التزاحم و ليس من باب التعارض، فالامر في المقام من هذا القبيل، ليس لهذا الميت مال يفي باخراج الكفن به و بحفظ حق الجناية او الرهانة، فيكون من باب التزاحم فمن يقول بتقديم حق الجناية او الرهانة فيقول بان حق الناس اولى و اهم، و لكن قد يقال بان اخراج الكفن من مال الميت ايضا حق له، و هو من الناس، مضافا الى ان كبرى تقدم حق الناس مطلقا على حق الله تعالى اول الكلام، فقد يكون واجب من حقوق الناس و لكن حق ضعيف، الامر دائر بين ان يشرب الانسان خمرا او يضرب شخصا، خب يضربه ولايشرب الخمر، او مثلا بعض المحرمات، فالحق ان المورد من موارد التزاحم و لو كان من موارد التعارض فبناءا على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية يجري استصحاب بقاء حق الجناية وحق الرهانة، و استصحاب عدم نفوذ هذا البيع، ان كان المورد من موارد التعارض لا تصل النوبة الى البرائة، لتقدم الاستصحاب عليها بناءا على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية، لكن المورد من موارد التزاحم و لا تعارض بين الادلة، فالظاهر هو التخيير و ان كان مقتضى الاحتياط ما ذكروه من تقدم حق الجناية على اخراج الكفن من مال الميت، لانه رأي المشهور.
المسالة 22: إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن فالظاهر عدم وجوبه على المسلمين، لأنّ الواجب الكفائي هو التكفين لا إعطاء الكفن لكنّه أحوط اي استحبابا، و إذا كان هناك من سهم سبيل اللّٰه من الزكاة فالأحوط وجوبا صرفه فيه و الأولى بل الأحوط يعني استحبابا أن يعطى لورثته حتّى يكفّنوه من مالهم إذا كان تكفين الغير لميتهم صعباً عليهم.
هذا الاخير من باب حق الفقراء اذا كانت الورثة فقراء يعطى لورثته الزكاة، لانهم فقراء، فيكفّنوه من مالهم.
ادلة عدم وجوب اعطاء الكفن للمسلمين اذا لم يكن للميت مال:
الدليل الاول الاجماع، فقد ذكر السيد الحكيم في المستمسك انه هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء كما ذكره في المدارك او انه بلا خلاف ظاهر كما ذكره السبزواري في ذخيرة العباد او انه اجماعي كما في الرياض، و في كشف اللثام الاجماع على استحباب بذل الكفن، و يقول السيد الحكيم هذا هو العمدة في المسالة.
و لكن يرد عليه ان الاجماع ليس تعبديا يحتمل استناده الى الوجوه اللاحقة فلا ينحصر وجهه في ارتكاز المتشرعة حتى نستكشف من خلال ارتكاز المتشرعة راي المعصوم، يحتمل استناد المجمعين الى الوجوه الآتية، و لابد ان نفكر في تمامية تلك الوجوه.
الوجه الثاني ما دل على ان ثمن الكفن يخرج من جميع المال، ثمن الكفن يخرج من جميع المال اي من اصل المال فهذا يعني انه لا يجب بذله من قبل الآخرين، الكفن يخرج من تركة الميت، و هذا يشكل قرينة على ما دل على وجوب التكفين على المسلمين كفايةً انما هو بمعنى وجوب القيام بعملية التكفين، لا وجوب بذل الكفن.
و فيه ان ما دل على ان ثمن الكفن يخرج من جميع المال ظاهره فرض وجود المال للميت، اذا لم يكن للميت مال فلا يشمله هذا الدليل الخاص، فلا مقيد لاطلاق ما دل على وجوب تكفين الميت كفايةً على المسلمين، فان مقتضى وجوب التكفين وجوب مقدمته، و هو بذل الكفن خرجنا عن ذلك في ما ذا للميت مال فان المقيد يختص بهذا الفرض، الكفن يخرج من جميع المال هذا مختص بما اذا وجد للميت مال.
سوال وجواب: اذا لم يوجد للميت مال ولكن تبرع متبرع بالكفن، لايجب تكفينه؟!
سوال و جواب: عملية التكفين واضح، الكلام في انه هل يدلّ ما ورد من ان كفن الميت يخرج من اصل تركته على انه لا يجب بذله على الآخرين و لو لم يكن للميت مال؟ ام لا، يختص هذا المقيد بما اذا كان للميت مال؟ هنا لا يجب على الاخرين بذل الكفن، و هذا صحيح و اما اذا لم يكن للميت مال هنا نرجع الى الاطلاق الدال على وجوب تكفين الميت كفايةً، و مقدمة التكفين اذا لم يكن للميت كفن شراء المسلمين الكفن للميت.
الوجه الثالث لعدم وجوب بذل الكفن على المسلمين صحيحة سعد:من كفّن مؤمناً فكأنما ضمن كسوته إلى يوم القيامة، فيقال بان هذا دليل على الاستحباب، لان كون اثر بذل الكفن للمومن ان يضمن الانسان كسوة نفسه الى يوم القيامة، هذا يعني انه ليس بواجب، و انما هو مستحب فهذا يدل على ان تكفين المؤمن مستحب و ليس بواجب.
السيد الخوئي هنا اشكل على هذه الرواية بضعف السند لقول النجاشي حديثه يعرف و ينكر، و لكن كما ذكر في المعجم هذا التعبير لا ينفي وثاقته، حديثه متضمن لأمور لا تقبله العقول، و لكن هذا لا ينفي وثاقته في نفسه، فنرجع الى شهادة الشيخ الطوسي على وثاقته، لان الشيخ الطوسي قال في حقه هو صحيح الحديث، صحيح الحدىث ظاهر في الوثاقة، كيف يكون الانسان صحيح الحديث و لا يكون ثقة، و لا معارضة بين قوله صحيح الحديث مع قول النجاشي يعرف حديثه و ينكر، صحيح الحديث يعني ثقة و لكن بعض احاديثه منكرة اي مما يأبى عن قبوله العقل العادي.
و اما ما نقل عن ابن غضائري من تضعيفه له، فيبتني على ثبوت كتاب الرجال لابن غضائري، هذا امر مختلف فيه السيد السيستاني و السيد الزنجاني قالا بان كتاب ابن الغضائري معتمد و الكتاب و ان لم يكن موجودا اليوم، لكن ينقل عنه العلامة الحلي في كتاب خلاصة الرجال، و لكن كما ذكر كثير من الاعلام و منه السيد الخوئي انه بعد شهادة الشيخ الطوسي و النجاشي بانه ضاع كتاب ابن الغضائري، كان له كتاب رجال ضاع، فلا دليل على اعتماد العقلاء على نقل العلامة الحلي لكلمات ابن الغضائري، من اين ظفر العلامة الحلي على كتاب ابن الغضائري بعد شهادة الشيخ الطوسي بان كتابه قد ضاع.
جواب سوال: الشيخ الطوسي لم يجد هذا الكتاب، يعني هذا الكتاب لم يكن مشهورا في زمان الشيخ الطوسي فكيف نعتمد على نقل العلامة الحلي لمطالب هذا الكتاب مع انه لم يذكر سنده الصحيح الى هذا الكتاب.
وكيف كان، المهم الاشكال الدلالي على هذه الرواية يقول من كفّن مؤمناً فكانما ضمن كسوته إلى يوم القيامة، هل ينفي الوجوب الكفائي لتكفين الميت و بذل الكفن الميت؟!، هذا الواجب الكفائي مستحب عيني، من تفقه وضعت الملائكة اجنحته تحت قدم هذا الطالب للفقه، هذا يدل على استحبابه، اما انه ينافي وجوبه الكفائي؟ لا ينافي، من كفّن مؤمن فكأنما ضمن كسوته الى يوم القيامة، فهذا مستحب عيني، و لكن هذا لا ينافي اذا لم يكن للميت مال فيصير واجبا كفائيا.
خلاصة الاشكال الدلالي بان الرواية تكون من قبيل ورد في بعض الروايات من غسّل مومنا غسله الله من ذنوبه كيوم ولدته امه، هذا يدل على استحباب تغسيل المومن، استحباب عيني، و لكنه لا ينافي الوجوب الكفائي.
الوجه الرابع موثقة الفضل بن يونس ذكرت لنفي وجوب بذل الكفن على المسلين فاذا لم يكن للميت مال يدفن بلا كفن، في موثقة فضل هكذا وردت: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ مَا تَرَى فِي رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا يَمُوتُ وَ لَمْ يَتْرُكْ مَا يُكَفَّنُ بِهِ أَشْتَرِي لَهُ كَفَنَهُ مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ أَعْطِ عِيَالَهُ مِنَ الزَّكَاةِ قَدْرَ مَا يُجَهِّزُونَهُ فَيَكُونُونَ هُمُ الَّذِينَ يُجَهِّزُونَهُ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ لَا أَحَدٌ يَقُومُ بِأَمْرِهِ فَأُجَهِّزُهُ أَنَا مِنَ الزَّكَاةِ قَالَ كَانَ أَبِي يَقُولُ إِنَّ حُرْمَةَ بَدَنِ الْمُؤْمِنِ مَيِّتاً كَحُرْمَتِهِ حَيّاً فَوَارِ بَدَنَهُ وَ عَوْرَتَهُ وَ جَهِّزْهُ وَ كَفِّنْهُ وَ حَنِّطْهُ وَ احْتَسِبْ بِذَلِكَ مِنَ الزَّكَاةِ وَ شَيِّعْ جَنَازَتَهُ قُلْتُ فَإِنِ اتَّجَرَ عَلَيْهِ بَعْضُ إِخْوَانِهِ بِكَفَنٍ آخَرَ وَ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَ يُكَفَّنُ بِوَاحِدٍ وَ يُقْضَى دَيْنُهُ بِالْآخَرِ قَالَ لَا لَيْسَ هَذَا مِيرَاثاً تَرَكَهُ إِنَّمَا هَذَا شَيْءٌ صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلْيُكَفِّنُوهُ بِالَّذِي اتَّجَرَ عَلَيْهِ وَ يَكُونُ الْآخَرُ لَهُمْ يُصْلِحُونَ بِهِ شَأْنَهُمْ، لان هذا ليس تركة الميت حتى يسدد ديونه به، بذل شخص كفنا للميت و هم هيّأوا كفن الآخر من الزكاة له، يكفّن بالذي اتّجر عليه، و يؤخذ الكفن من الزكاة للورثة الذين هم فقراء، فيقال بان جواز او وجوب شراء الكفن من الزكاة يدل على عدم وجوب بذل الكفن على المسلمين كفايةً.
و لكن هذا غير صحيح، لان هذا يدل على جواز او وجوب اخذ الكفن من مال الزكاة مع وجود الزكاة، اذا وجدت زكاة لا تكفن الميت عاريا، بل يجب عليكم ان تكفّنوه و لو بشراء الكفن من الزكاة، اما اذا لم يكن زكاة، هنا لا يجب على المسلمين بذل الكفن من باب وجوب الكفائي؟ من اين ذلك؟. فاذن لم يتم دليل على نفي وجوب بذل الكفن كوجوب كفائي على عامة المسلمين من باب مقدمة تكفين الميت الذي هو واجب كفائي.
السيد الخوئي قال انا استدل بقاعدة لاضرر، فان وجوب شراء الكفن على المسلمين كفايةً ضرر عليهم و ينفيه قاعدة لاضرر، و ليس وجوب التكفين ضرري دائما لانه اذا كان للميت مال ليس هذا الحكم ضرريا و انما يتفق ان الميت ليس له مال بمقدار شراء الكفن به هنا يكون وجوب التكفين على المسلمين حكم ضرريا لان يُلجأهم الى بذل الثمن لشراء الكفن.
و لكن ذكرنا مرارا اولا ان قاعدة لاضرر لم يحرز كونها لنفي الحكم الضرري، فمن المحتمل ان يكون مفادها النهي عن الاضرار بالآخرين و ثانيا من اين علمنا بان هذا الحكم ضرري بقول المطلق، من اين ان هذا حكم ضرري؟ بعض الاحكام اذا انتفى في الشريعة الاسلامية و لم يكن ذلك الحكم ثابتا في الشريعة الاسلامية فعدم ذلك الحكم يعد ضررا عرفا، الدين الذي لا خمس فيه الدين الذي لا زكاة فيه الدين الذي لا دفاع فيه الدين الذي لا حدّ فيه، هذا دين ضرري، الدين الذي لا يجب بذل الكفن للميت المسلم عاش معهم سنين طويلا يدفنونه بلا كفن، لعل هذا دين ضرري، الموقف الشرعي هنا بعدم وجوب بذل المومنين كفايةً مالا ضئيلا، و لو بان يجمعوا هذا المال، عدم وجوب ذلك قد يكون حكما ضرريا، من اين علمنا بان وجوب بذل الكفن على المسلمين حكم ضرري عليهم، الضرر لابد ان يلحظ بقول مطلق قد ذكرت مرارا ان من يذهب الى كربلاء و يزور الحسين عليه السلام و يرجع و ان كان صرف ملايين، لكن اذا قال فمرة السنة انا تضررت، صرفت ملايين، يقولون لا، انت تضررت؟! انت صرفت ملايين و حصلت ثواب زيارة الحسين عليه السلام هذا ضرر؟ و هكذا شخص صرفت شخصا ملايين و ذهب الى سفر نزهة، سفر سياحي، لا يقول انا تضررت، فكيف بما حصّل الثواب و الفضيلة في تكفين الميت، خصوصا بعد ما يصل نفعه الى الميت، فليس ضرريا بقول مطلق، و خصوصا اذا كان يكفي تجميع المال من عدة اشخاص بحيث يكون تحمل كل شخص بعض ثمن الكفن قد يكون اقل مقدار بحيث لا يصدق عليه انه ضرر معتد به، و لاجل ذلك الاحوط و ان كان ما ذكرته خلاف الاجماع، و لكن الاحوط اذا لم يكن للميت مال يشترون به كفنه و لم يقدم البلدية كفنا لكفن هذا الميت و لم توجد زكاة يشترون بها كفن الميت، فالاحوط وجوبا بذل المومنين كفن الميت من باب الوجوب الكفائي.
و الحمد لله رب العالمين