دانلود فایل متنی الدرس الثاني (2)

فهرست مطالب

فهرست مطالب

الدرس 2-207

الثلاثاء – 6 ربيع الاول 46

أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلي اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.

 

كان الكلام فيما ذكره صاحب العروة من اعتبار الاسلام و الايمان في صحة العبادة فلا تصح عبادة ‌الكافر كما لو صام في شهر رمضان برجاء أو من باب الاحتياط فقال لعل الاسلام حق فانا احتياطا يوم الاحد اروح للكنيسة و في شهر رمضان اصوم مثل المسلمين، اجمع، مثل ما انتم تجمعون بين القصر و التمام، انا ايضا اقول اجمع بين العبادة كالمسيحيین و بين العبادة كالمسلمين، احتياطا، هل يصح صومه؟ و هكذا المخالف هل تصح عبادته؟

تكلمنا حول ادلة السيد الخوئي في بطلان عبادة الكافر الی ان وصلنا الی دليله الاخير و هو التمسك بفحوی ما يدل علی بطلان عبادة المخالف و اهم ما يدل علی بطلان عبادة المخالف صحيحة محمد بن مسلم. و بعد ما ننتهي من البحث عن هذه الصحيحة نذكر عدة روايات اخری يستدل بها علی بطلان عبادة المخالف.

البحث عن الفقرات الثلاث فی صحیحة محمد بن مسلم لاثبات بطلان عبادة المخالف

ففي صحيحة محمد بن مسلم كان ثلاث فقرات استدل بها علی بطلان عبادة المخالف. الفقرة الاولی: كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه و لا امام له من الله فسعيه غير مقبول و هو ضال متحير. فذكر السيد الخوئي انه اذا قيل بقول مطلق هذا العمل مو مقبول عندي، شخص استؤجر علی ان يصبغ بيتك فانت حينما عاينت عمله قلت هذا مو مقبول عندي يعني مرفوض أو حينما شخص مثلا امرته بان يتصدق علی فقير فهو تصدق علی فقير معيّن بداعي الرياء مثلا أو ضم الی تصدقه عليه الايذاء، هذا تكلم بكلمات أو تصرف بتصرفات فانت قلت لهذا الشخص تصدقك علی هذا الفقير مو مقبول عندي، ما يفهم منه العرف؟‌ يفهم منه العرف انه لم يمتثل امرك بالتصدق علی فقير، ‌يفهم منه انه يجب عليه ان يعيد عمله لانك قلت له عملك مو مقبول عندي يعني مرفوض مردود.

المراد من "الامام" فی الصحیحة هو الامام المعصوم

هنا ينبغي ان اشير الی نكتة و هي انه قد يقال كما ورد في كتاب دراسات في ولاية الفقيه ان الامام في الروايات بمعنی القائد اعم من المعصوم، الامام العادل الامام الجائر، افرض الامام ينصرف الی الامام العادل كما هو الصحيح في الاطلاقات لكن الامام العادل اعم من المعصوم، و حيث لا يحتمل اشتراط صحة العبادة بقبول ولاية الولي الفقيه، الحاكم العادل، بضرورة الفقه، فلابد ان نحمل هذه الرواية علی محامل اخری.

فجوابه انه حتی لو فرض ان الامام بقول مطلق اعم من المعصوم مع انه قابل للنقاش كما ذكر السيد الخوئي في نفوذ حكم الحاكم في الهلال قال: الامام بقول مطلق يعني امام المسلمين كلهم و الحاكم العادل ليس امام المسلمين كلهم لانه ليس اماما للامام الحجة عليه السلام، الامام الحجة امام مطلق اما غيره ليس اماما مطلقا، امام لجمع من الناس، و لكن افرض ان الامام في الروايات اعم من المعصوم لكن هنا توجد قرينتان علی كون المراد هو المعصوم": القرينة الاولی: التعبير بقوله امام من الله، و لا امام له من الله، لا يطلق علی مالك الاشتر انه امام من الله مع انه حاكم عادل، ‌امام من الله يعني امام منصوب من الله سبحانه و تعالی‌. و القرينة الثانية انه ورد في ذيل الرواية ‌و ان مات علی هذه الحالة ‌مات ميتة كفر و نفاق يعني من مات و لم يعرف امام زمانه مات ميتة الجاهلية، قطعا هذا يختص بالامام المعصوم، و لا يحتمل احد انه من لا يعرف الحاكم العادل في زمانه انه يموت ميتة جاهلية. فاذن الامام هنا يختص بالامام المعصوم.

مورد الصحيحة العبادة لا مطلق الاعمال القربية

فالفقرة الاولی من هذه الصحيحة دلت علی ان عبادة المخالف ليس مقبولة. و لكن انتم ترون ان العبادة اخص من الواجبات و المستحبات التقربية. الصلاة عبادة، الحج عبادة، الصوم عبادة، اما الصدقة ليست عبادة و ان اعتبر فيها قصد القربة، لا صدقة الا ما اريد به وجه الله، العتق ليس عبادة و ان قلنا باعتبار قصد القربة فيه، لا صدقة و لا عتق الا ما اريد به وجه الله. فعبادة المخالف و الكافر ليست مقبولة و اما سائر اعمال بره من صدقة و بر للوالدين و صلة رحم و خدمة للمجتمع بقصد القربة ليس عبادة، لا كلام فيه، الكلام في صحة عبادة الذي لا يوالي ولي الله و العبادة كما ذكرت لكم لا تنطبق الا علی عبادة الله لا مطلق الاعمال القربية.

الفقرة الثانية ما ورد من ان الله شانئ لاعماله و ليس معنی ذلك ان صوم المخالف و الكافر حرام ذاتي، لا، لا يحتمل ان يكون قيام السني أو الكافر في الليل، افرض ان الكافر هم يريد صلاة الليل يتقرب الی الله، يتوضأ قربة الی الله و يصلي صلاة الليل قربة ‌الي الله و لكنه كافر أو ليس بشيعي، لا تقولوا يحتمل ان صلاته تكون حراما ذاتيا كالزنا، لا، نحن لا نقول بذلك، لكن مجرد ان عمله فاسد يكفي في ان يقال ان الله شانئ لعمله. مثل من يصلي في السفر صلاة التمام، التمام في السفر معصية، يعني فاسد، لا انه حرام ذاتي حتی لا يمكن الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام حين الجهل بالحكم الشرعي، لا يكون حراما ذاتيا. فاذن الله شانئ لاعماله يعني مبغض لعبادته اي يری ان عبادته فاسدة فيكرهها مثل الصلاة بغير ركوع، ‌فاسدة فيكرهها الله، ‌لا ان هذه الصلاة بغير ركوع حرام ذاتي.

كما قلنا بان مناقشة جمع من الاعلام كالسيد الزنجاني في هذه الفقرة بانه لا يحتمل ان يكون احسانه و تصدقه للفقراء مبغوضا شرعا أو فاسدا، اجبنا عنه بان هذه الصحيحة تختص بعبادة غير المؤمن، احسانه، تصدقه علی الفقراء صحيح، عمل محبوب، انه لا يثاب عليه هو شيء آخر و لكن عمل محبوب، الله يحب البر، يحب التصدق علی الفقراء و يحثّ علی ذلك، لكن الكلام في العبادة، من دان الله بعبادة و ليس له امام من الله فسعيه غير مقبول و الله شانئ لاعماله يعني شانئ لعبادته يعني يحكم بفساد عبادته، شنو العلاقة بانه لا يحتمل ان يكون تصدق المخالف علی الفقراء حرام أو فاسد، كلامنا في العبادة لا في مطلق الاعمال القربية.

الفقرة الثالثة قوله عليه السلام: اعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.

السيد الروحاني هنا قال هذه الفقرة تدل علی صحة عبادة المخالف لا علی فسادها لانه يعني ان عبادته مثل الرماد، الرماد موجود، لكن الريح لا تبقي له اثر، ‌فلو كانت عبادة المخالف فاسدة من اساس يعني لا توجد شيء صحيح، لا، عبادة المخالف كرماد، الی ان تجيء الريح فلا تبقي و لا تذر.

انصافا هذا التدقيق لو اعمل في مكان آخر لكان احسن. هذا التعبير اعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون علی شيء مما كسبوا يعني يتعب روحه ما يحصّل شيئا، المخالف يتعب روحه، اشگد يصلي صلاة التراويح، ‌انتم شافهين، ساعات يصلون و لا يتعبون، لكن هذا التعب كل شيء ما يحصّل من عنده، تعب لا نتيجة له كرماد اشتدت به الريح، العمل موجود حتی لو كان فاسدا، هو متعب لكن تركهم للولاية صار كريح جاءت و لم تبق لعملهم اثرا.

تشمل الصحيحة القاصرين

فانصافا هذه الفقرات الثلاثة تدل في حد ذاتها علی فساد عبادة المخالفين. و لا تختص بالمقصرين منهم، حتی القاصرين، حتی المستضعفين منهم، مشمولون لهذه الصحيحة لانه لم يرد فيها انهم يعذبون في الآخرة حتی تقولوا بان القاصر يقبح عذابه، لا، سعيه غير مقبول و هو ضال متحير و ان كان قاصرا، ‌انا اقول و ان كان قاصرا، ‌و الله شانئ لاعماله يعني عبادته فاسدة. ان مات علی هذه الحالة مات ميتة كفر و نفاق و ان كان قاصرا. فلا فرق بين القاصر و المقصر في شمول هذه الصحيحة لكل من لم يوال ولي الله فتدل هذه الصحيحة علی بطلان عبادته.

الجواب عن عدم ذکر "و الله شانئ لاعماله" في المحاسن

لكن هناك قرائن قد تقام علی لزوم حمل هذه الصحيحة علی خلاف ظاهرها.

قبل ان اذكر القرائن التي تقام علی خلاف ظهور هذه الصحيحة لا بأس ان نشير الی نكتة و هي ان فقرة و الله شانئ لاعماله لا توجد في نقل المحاسن، محاسن البرقي الجزء 1 صفحة 91 و ان كان سند المحاسن نفس سند الكافي، في الكافي يقول صفوان عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم، ‌في المحاسن يقول حسن بن محبوب عن العلاء‌ بن رزين عن محمد بن مسلم، و لا توجد في كتاب المحاسن هذه الفقرة و الله شانئ لاعماله.

لكن هذا قابل للجواب كما يقول السيد السيستاني نسخ المحاسن كانت مختلفة اختلافا شديدا و لم يصل الينا كتاب المحاسن بطريق مستفيض، ‌بخلاف الكافي ‌وصل الينا بطريق مستفيض. علی انه قد يكون عدم نقل البرقي لهذه الفقرة ‌من باب السهو أو شك في هذه الفقرة فلم يأت بها. هذه ليست شهادة سلبية من البرقي في نفي هذه الفقرة ‌لان السكوت عن ذكر هذه الفقرة ‌ليس نفيا لها. ‌تارة ‌السكوت عن بيان جملة قد يكون مغيرا لمعناها، ذاك يقول رأيت اسدا، ذاك يقول رأيت اسدا يرمي، يرمي مغير للمعنی، هذا يوجد بينهما تعارض، اما اذا لا، رأيت اسدا و اكلت طعاما، ذاك يقول رأيت اسدا، ماكو منافاة، جملة ‌زائدة ‌لا يوجب حذفها تغييرا في معنی الجملة ‌السابقة. هنا ايضا من هذا القبيل. مو مهم.

القرائن لحمل الصحيحة علی خلاف ظاهرها و الجواب عنها

القرينة الاولی التي قد تقام لاجل ان يقال بانه يجب حمل هذه الصحيحة ‌علي غير معناه الظاهر بان نقول و الله شانئ لاعماله مثلا يعني الله شانئ لهذا المخالف أو للكافر و بالتسامح قيل شانئ لعمله لانه يبغض هذا الفاعل فقيل يبغض عمله. أو بيان كنائي عن ان عمله لا يكون عادة صحيحا لان لم يؤخذ معالم دينه من الامام فهو عادة يعمل اعمالا فاسدة فاقدة للشرائط لكن هذا خلاف الظاهر لان اطلاق الصحيحة يقتضي ان نقول حتی لو كان عمله واجدا للشرائط مع ذلك عمله مبغوض و فاسد لانه ترك الولاية، ‌لكن قد يقال بان هذه القرائن التي ستذكر توجب حمل هذه الصحيحة علی المعنی المخالف للظاهر.

القرينة الاولی:‌ صحيحة ‌عمر بن اذينة قال كتب الیّ ابوعبدالله عليه السلام كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه ثم منّ‌ الله عليه و عرّفه هذ الامر فانه يؤجر عليه و يكتب له الا الزكاة فانه يعيدها لانها وضعها في غير موضعها و انما موضعها اهل الولاية و اما الصلاة و الصوم فليس عليه قضاءهما. فيقال بان الامام قال السني اذا استبصر يعيد ما ادّاه من زكاة لانه ادّی الزكاة الی غير الموالي و اما الصلاة و الصوم و الحج و امثال ذلك لا تقضی يعني كان صحيحة. و انما لم تصح زكاة ادّاها لانه اخلّ بشرطها حتی لو ان الشيعي ادّی زكاة الی غير المؤمن حكم بفساد ما ادّی.

يمكن الجواب عن هذه الصحيحة بان نقول الولاية قد تكون شرطا متاخرا لصحة ‌الاعمال السابقة، اذا كانت الاعمال السابقة واجدة للشرائط الركنية فلحوق الايمان بالولاية يكفي في تصحيح تلك الاعمال السابقة، ‌لا يستفاد من هذه الصحيحة اكثر من ذلك فلا منافاة بين هذه الصحيحة و صحيحة محمد بن مسلم التي تقول و ان مات علی هذه الحالة مات ميتة ‌كفر و نفاق.

و اما بقية القرائن نتكلم عنها في ليلة الاحد ان‌شاءالله.

و الحمد لله رب العالمين.