فهرست مطالب

فهرست مطالب

 

الدرس19

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.

كان الكلام في المسالة التاسعة عشر و المسالة العشرين في انه قد يكون الكفن بمقدار الواجب، فلا اشكال في انه يخرج من اصل التركة، بل الظاهر ذلك في سائر مؤنة التجهيز، و لو كانت مؤنة اتفاقية، كما لو انجبرت الورثة في امر دفن الميت الى دفع مال الى ظالم، دفع ضريبة الى حكومة جائرة و نحو ذلك، و ان كان منع عنه بعض الفقهاء بدعوى ان هذه المؤنة ثبتت بسبب غير شرعي، و لكن اطلاق الدليل يشمل هذا الفرض، و يؤيد ذلك ان هذه النفقة هل يتحملها الآخرون، يجب ان يتحملها الآخرون او لاجل هذه النفقة غير المتعارفة يترك ميت المسلم بلا تكفين او بلا تدفين؟ هذا غير محتمل فيتعين ان يكون من اصل التركة.

اما المقدار الزائد على الواجب فهنا فرضان، الفرض الاول ما يستحب باستحباب مستقل ضمه الى الكفن الواجب، كتكفين الميت بازيد من ثلاثة اثواب كتكفينه بالعمامة، حيث انه مستحب، و اخرى في مرتبة التكفين الواجب، كشراء الكفن الواجب بثمن غال، و اختيار كفن ممتاز و غالي، فانه هل يخرج اذا اختارت الورثة كفْن الميت بكفن غال، و قد يكون مستحبا كتكفينه بكفن يماني فهل يجوز ان يخرج من اصل التركة ام لا؟ صاحب العروة بالنسبة الى اخراج ثمن الكفن المستحب المستقل، ككفْن الميت بازيد من ثلاثة اثواب، او شراء الخشب، الجريدتين الذي يضعونهما عند الميت. افتى صاحب العروة بعدم جواز اخراجه ثمنه من اصل التركة و انما يجوز او فقل يستحب للورثة الكبار ان يتبرعوا بثمن ذلك من حصصهم، و اما بالنسبة الى شراء الكفن الواجب من نوع عال و غال، هناك السيد صاحب العروة احتاط وجوبا في الاقتصار على المقدار الاقل قيمة. ما هو الفارق بين المقامين؟ الفارق بين المقامين ان قوله عليه السلام اول ما يبدأ به من مال الميت الكفن او قوله عليه السلام ثمن الكفن يخرج من اصل المال، انه ناظر الى الكفن الواجب، فلو كان الكفن مستحبا، كوضع عمامة على الميت او لف الميت بلفافة ازيد من الاكفان الثلاثة فالخطاب لا يقتضي اخراجه من اصل التركة، و لااقل من الاجمال.

و لكن السيد الگلپایگانی رحمة الله عليه علق على عبارة العروة قال قد مر عدم التوقف في المقدار المستحب خصوصا المتعارف، اذا كان متعارفا بل و ان لم يكن متعارفا لكن بنحو المطلق في الكفن المستحب لا باس باخراج ثمن الكفن المستحب من اصل التركة، لا باس باخراج ثمن تكفين الميت بخمسة اثواب زائدا على الاكفان الواجبة لا باس باخراج ثمنها من اصل التركة. و لكن الانصاف ان مجرد الاستحباب لا يقتضي شمول اطلاق قوله عليه السلام ثمن الكفن يخرج من اصل المال بالنسبة الى هذا الكفن المستحب، نعم اذا كان متعارفا في زمان الائمة عليهم السلام فلا يبعد شمول الاطلاق له ولكن انّى لنا باثبات ان المتعارف في ذلك الزمان كان هو تكفين الميت بازيد من ثلاثة اثواب.

سوال و جواب: و لكن قوله عليه السلام اول ما يبدا به من مال الميت الكفن او ثمن الكفن يخرج من اصل المال، ان لم يكن هناك تعارف لا ظهور له في الكفن المستحب، العرف لا يفهم منه الاعم من الكفن الواجب و الكفن المستحب، الا اذا كان متعارفا في ذلك الزمان، و هذا مشكوك، سواء في الكفن المستقل المستحب كالعمامة او المقدار الزائد من الكفن الواجب، كما ذكر من ان الافضل في القميص ان يصل الى الساق، قالوا الواجب في القميص حصوله الى نصف الساق، و الافضل حصوله الى آخر الساق، هذا ايضا ان لم يحرز كونه متعارفا في ذلك الزمان فيشكل شمول اطلاق الدليل الدال على اخراج الكفن من اصل التركة له.

جواب سوال: لابد ان يكون متعارفا في ذلك الزمان كي نحرز شمول الاطلاق له ولو لاجل الاطلاق المقامي، اما المتعارف في هذا الزمان لايوجب ان يشمله الخطاب الصادر في زمن الائمة عليهم السلام.

جواب سوال: اذا كان ترك ذلك هتكا للميت فذلك بحث آخر، الاقتصار على تكفين الميت بثلاثة اثواب و بالمقدار اللازم ليس هتكا، الهتك هو ان يشترى الكفن الواجب من نوع رخيص ومزهود فيه، من النوعية الرديئة، و الا الاكتفاء بثلاثة اثواب و بالمقدار الواجب عرفا لايعد هتكا في اي عرف، بالنسبة الى شراء الكفن الواجب من نوعية جيدة او من نوعية متعارفة او من نوعية اقل قيمة، هنا صاحب العروة احتاط وجوبا في الاقتصار على ما هو اقل قيمة، الا اذا كان ذلك هتكا للميت، فيختارون ما هو اكثر منه قيمة، بنحو لا يوجب هتكا للميت، فان اراد الورثة او الوصي شراء كفن افضل من ذلك فيكون يتبرعون من اموالهم باختيارهم على الاحوط. هنا لم يفت صاحب العروة بوجوب اختيار الاقل قيمة، لان هناك شبهة طرحها الشيخ الانصاري قدس سره، فقال يمكن ان يقال بان جامع الكفن يخرج من التركة، و الجامع ينطبق على الكفن الرديء و على الكفن الجيد و على الكفن المتوسط، و اختيار الفرد مفوض الى المكلف، مفوض الى الوصي او الوالد، الوصي الذي خوطب باخراج الكفن من اصل التركة مخاطب باخراج جامع الكفن، فهو مخير عقلا بين افراد هذا الكفن، كما من خوطب بالصلاة ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا مفروضا، مخير بين اختيار الصلاة الجيدة و هي الصلاة في اول الوقت و في المسجد او الصلاة الرديئة و هو الصلاة في آخر الوقت في الحمام او الصلاة المتوسطة، لكن نفس الشيخ الانصاري اجاب عن ذلك فقال اذا كان يمكن شراء كفن باقل ثمن فلا دليل على ان ما يزيد على ذلك يزاحم ديون الميت و وصاياه و ميراثه، و كان بامكان الشيخ الانصاري ان يقول: التخيير بين الاقل و الاكثر غير معقول، ما ادري لماذا لم يذكر الشيخ الانصاري هذا البيان، التخيير بين الاقل و الاكثر غير معقول، التخيير بين الاقل و الاكثر يرجع الى ان الاقل ثابت و الاكثر مستحب، كما ورد في عدة روايات تستظهر بيوم او يومين، ف معناه ان الاستظهار بيوم واجب و الاكثر من ذلك مستحب، لانه لا يمكن الامر بالجامع بين الاقل و الاكثر، لان الجامع التخييري معناه جواز ترك الشيء الى بدله و الاقل لا يجوز تركه على اي تقدير و هو مما لابد منه و الزائد عليه مما يجوز تركه، و هذا يعني استحباب الزائد على الاقل، و وجوب الاقل تعيينا.

و الانصاف ان هذا الاشكال قوي و لكن صاحب العروة هنا لاجل الشبهة و ان كان لها جواب لم يفت بوجوب الاقتصار على ما هو اقل قيمة بل احتاط في ذلك، و الانصاف انه لابد ان يفتى بوجوب اختيار ما هو اقل قيمة، الا اذا احرز كون المتعارف اكثر من ذلك، ان كان خلافه هتكا للميت فلا اشكال في وجوب اختياره، لان الاقل من ذلك هتك للميت هذا ميت اما من الاثرياء الكبار، و الوصي يروح لسوق يدور على ارخص الكفن و اردء الكفن هذا هتك لهذا الميت او ان الميت من العلماء و ان كان فقيرا لكنه عالم محترم لا يناسبه ان يكفّن بهذا الكفن الرديء. اذا كان تكفين الميت بما هو اقل قيمة هتكا للميت فلا يجوز، و ان كان اقل من المتعارف فالظاهر كما ذكرنا البارحة ان الاطلاق المقامي يقتضى جواز اختيار ما هو متعارف، لا وجوبه، لا دليل على وجوبه، و لكن الاطلاق المقامي يقتضى جوازه، لانه لو كان يجب على الوصي اختيار كفن اقل من المتعارف، لانه ارخص قيمة، لكان ينبغي ان ينبه عليه و لم ينبه على ذلك في اي رواية.

سوال وجواب: اذا كان اختيار الاقل قيمة هتكا للميت، فلااشكال في وجوبه واختياره من اصل التركة.

سوال و جواب: نعم اذا اختار ما هو اقل قيمة و عد هتكا للميت فالزائد على ذلك حق لليمت لابد ان يصرف في وجوه البر عنه.

و لاجل ذلك علق السيد الامام قدس سره على المسالة العشرين المختصة بشراء الكفن بما هو اقل قيمة حيث احتاط صاحب العروة، يقول السيد الخميني قدس سره: الظاهر خروج ما هو المتعارف اللائق بشانه من الكفن و سائر التجهيزات من الاصل، و ذكر المرحوم آل ياسين الاقوى جواز المتعارف بالنسبة الى ذلك الميت، الاقوى جواز المتعارف، ما ذكر ان الاقوى وجوب المتعارف، الاقوى جواز المتعارف بالنسبة الى ذلك الميت و يخرج من الاصل، جمع بين مطلبين يخرج من الاصل الكفن المتعارف، و ان كان اكثر قيمة من الكفن الرديء و المطلب الثاني انه ليس بواجب بل جائز، و هذا هو الصحيح، جائز لعدم دليل على وجوب هذا الكفن المتعارف، لان الاقل منه لا يعد هتكا للميت، و ان اختاره يخرج من اصل التركة للاطلاق المقامي.

سوال و جواب: اذا شككنا في ظهور الدليل فالمرجع العام الفوقاني”من بعد وصية يوصي بها او دين”، انما رفعنا اليد من هذا العموم الدال على الارث بعد الدين و الوصية في خصوص الكفن، و القدر المتيقن اذا كان الدليل مجملا هو الكفن الاقل قيمة و في الزائد عليه يرجع الى هذا العموم لا الى الاصل العملي، و لكن المهم ان المخصص ان عقد له اطلاق مقامي.

المسالة العشرين: الأحوط الاقتصار في القدر الواجب على ما هو أقل قيمة، هذا بالنسبة الى كيفية الكفن الواجب و المسالة السابقة كانت بالنسبة الى شراء الكفن المستحب، كالعمامة و نحو ذلك، فلو أرادوا ما هو أغلى قيمة يحتاج الزائد إلى إمضاء الكبار في حصّتهم، يعني يحتاج الى ان يتبرع الكبار من حصصهم باختيارهم او يتبرع الوصي بذلك، و كذا في سائر المؤن، فلو كان هناك مكان مباح لا يحتاج إلى بذل مال أو يحتاج إلى قليل لا يجوز اختيار الأرض الّتي مصرفها أزيد إلّا بامضائهم، إلّا أن يكون ما هو الأقل قيمة هتكاً لحرمة الميِّت فحينئذ لا يبعد خروجه من أصل التركة.

هنا السيد البروجردي اشكل عليه قال: اذا فرضنا ان اختيار الاقل قيمة يعد هتكا للميت، فلا دليل على جواز اخراج ما هو اكثر قيمة من اصل التركة، لان الدليل ورد في اخراج الكفن الواجب بالعنوان الاولي من اصل التركة، اما الكفن الواجب بالعنوان الثانوي، اي ما يكون رافعا للهتك عن الميت، فلا دليل على جواز اخراجه من اصل التركة، فهنا يجب على الورثة الكبار ان يختاروا من اموالهم و يتبرعوا من اموالهم بالنسبة الى الزائد على الكفن الاقل قيمة، يتبرع من حصصهم بالنسبة الى الثمن الزائد.

و لكن الانصاف ان هذا الاشكال غير متجه، اذا كان شراء الثمن الرديء الاقل قيمة هتكا للميت فينصرف عنه دليل ما دل على ان ثمن الكفن يخرج من اصل المال عنه، ثمن الكفن الذي يخرج من اصل المال ينطبق على الكفن الذي يعد هتكا للميت؟ قطعا لا يشمله، كما قلنا بانه لا يشمل الكفن غير المتعارف، فاذن اشكال السيد البروجردي في غير محله، لانه ماذا يقول السيد البروجردي يقول لا يجوز اخراج ثمن هذا الكفن الزائد على الكفن الرديء من اصل التركة، و ان كان يجب اختياره حتى لا يهتك الميت، خب يجب اختياره من اين يدفع ثمنه، ثمن الكفن الرديء عشر توامين، ثمن هذا الذي لا يعد هتكا للميت مئة الف، فمن اين يدفعون تسعين الف؟ من اموال الناس؟! من اين يجيئون هذا المقدار الزائد، ما هو الدليل على وجوب تحمل الآخرين لهذا المقدار؟ الظاهر العرفي من قوله عليه السلام ثمن الكفن يخرج من اصل المال و قوله عليه السلام اول ما يبدأ به من مال الميت الكفن، هو الكفن الذي لا يعدّ هتكا للميت، كما ادعينا انه ظاهر في جواز اختيار الكفن المتعارف.

سوال و جواب: الاطلاق المقامي بالنسبة الى الكفن المتعارف اقتضى جواز ذلك لان الاطلاق المقامي هو انه لم ينبه على لزوم اختيار الوصي لما هو اقل قيمة في السوق من الاكفان، و هذا لا يظهر منه اكثر من الجواز، و اما وجوب ذلك، لقى الوصي كفنا اقل من المتعارف لكنه ليس هتكا للميت، و لاجل عطفه و حلاله على الورثة الصغار اختار هذا الكفن الاقل قيمة، و الذي هو اقل من المتعارف، لا دليل على حرمة ذلك، انما الاطلاق المقامي اقتضى انه لا يجب على الوصي ان يدوّر فيلقى ثمنا باقل قيمة و انما عليه اختيار الكفن المتعارف.

المسالة الحادي و العشرون: إذا كان تركة الميِّت متعلّقاً لحق الغير، مثل حق الغرماء في الفلس و حق الرهانة و حق الجناية ففي تقديمه أو تقديم الكفن إشكال.

قد يفرض ان ذمة الميت مشغولة بحق الآخرين، ترك مالا بمقدار شراء الكفن و لكن تعلق بهذا المال حق الغرماء لان هذا الميت كان مفلّسا و ليس عنده مال يفي بديونه لو اخرج الكفن من ماله، او كان هذا الذي يشترى به الكفن رهنا لدين و كان وثيقة للدين او كان ما تركه الميت عبدا جنى على الآخرين، قتل شخص فتعلق بهذا العبد حق الجناية، مات ذلك الشخص بقى هذا العبد الجاني، خب من اين يخرج كفن هذا الميت، اذا باعوا هذا العبد ليشتروا كفن الميت فاين يذهب حق الجناية، فاذن صارت المسالة ذات شقوق ثلاثة:

الشق الاول: ان يتزاحم حق الديان في هذا المال الذي يراد ان يشترى به كفن الميت.

الشق الثاني: ان يكون هذا المال وثيقة للدين، فقد يفرض انه وثيقة لدين هذا الميت نفسه و قد يكون وثيقة لدين شخص آخر.

والشق الثالث: ان يكون هذا المال عبد جانيا تعلق به حق الجناية.

اما الشق الاول فالظاهر انه يقدم شراء كفن الميت عليه، لان الكفن مقدم على الدين، اول ما يبدأ به من مال الميت الكفن، كما ورد في موثقة السكوني ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث.

فانه قد يقال بان اول ما يبدأ به من مال الميت الكفن ثم الدين، هذا فيه الترتيب، لا ما اذا كان هناك مال إما يشترى به كفن الميت او يسدّد به دين الميت، قد يقال بانصراف الرواية عنه و لكننا لانرى وجها بهذا الانصراف.

الشق الثاني حق الرهانة فنقول ان كان هذا المال رهنا لدين الميت فالعرف حين ما يسمع ان الكفن يقدم على الدين، فيفهم منه ان الكفن يقدم على ما هو رهن لهذا الدين، الكفن يقدم على الدين، اول ما يبدأ به مال الميت الكفن ثم الدين، فبالاولوية يقدّم الكفن على ما هو وثيقة لهذا الدين، الوثيقة انما اعتبرت لاجل الاحتفاظ على الدين، فاذا الشارع ضيع الدين قال الكفن مقدم على الدين فظاهره ان الكفن مقدم على وثيقة الدين ايضا، هذا اذا كان وثيقة على دين الميت نفسه.

نعم اذا كان هذا المال وثيقة على دين شخص آخر، هنا يشكل، كيف نقدّم الكفن على حق الرهانة بالنسبة الى دين آخرين، فقد يقال بانه هنا يقدم حق الرهانة على الكفن.

سوال و جواب: المفروض ان زيد مدين للبنك و هذه السيارة وثيقة لدين زيد للبنك فالامر دائر بين بيع هذه السيارة لشراء الكفن الميت او ابقاء السيارة كي يكون وثيقة لدين الميت.

هنا يذكر السيد السيستاني ان حق الرهانة يقدم على الكفن في ما اذا كانت الرهانة لاجل دين الآخرين اذا كان هناك مزاحمة فالاولوية لحق الناس، و هو ان يبقوا هذه السيارة لان يستوفي البنك دينه الذي يطلبه من زيد، تاملوا في هذه المطلب.