فهرست مطالب

فهرست مطالب

 

الدرس السادس عشر

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

المسالة14: لا يخرج الكفن عن ملك الزّوج بتكفين المرأة فلو أكلها السبع أو ذهب بها السيل و بقي الكفن رجع إليه و لو كان بعد دفنها.

يقول صاحب العروة ان الكفن الذي بذل الزوج لزوجته بعد وفاتها لا يخرج عن ملكه فلو اكل سبع جسد المراة حتى بعد دفنها او ذهب بها السيل و بقي الكفن، رجع الكفن الى الزوج و هذا صحيح فانه اما ان يقرأ الكفن بسكون الفاء، كفْن الزوجة على زوجها، فهذا لا يدل على اكثر من ان الواجب على الزوج هو تكفين زوجته و اما ان الكفن يكون ملكا لزوجة، فلا يدل عليه و اما بناءا على قرائة الكفَن بفتح الفاء فيقال بان كفَن الزوجة على زوجها فهذا ظاهر في اشتغال ذمة الزوج بكفن الزوجة كما في بحث نفقة الزوجة قال الفقهاء بان ظاهر الادلة ان نفقة الزوجة على زوجها اي على زوجها ما يشبعها يعني نفس الطعام، الطعام و الشراب يعني العين الخارجية من الطعام و الشراب في ذمة الزوج، المال الذي تستحقه الزوجة و تحتاج اليه الزوج ثابت في ذمة الزوج فيكون دينا عليه بخلاف ما ورد في وجوب الانفاق على واجب النفقة فانه لم يرد فيه على الوالد نفقة الولد بل ورد يجب على الوالد الانفاق على الولد فيكون تكليفا محضا، هنا بناءا على قرائة الكفَن بفتح الفاء فيكون ظاهرا في اشتغال ذمة الزوج لكفن الزوجة، و لكن مع ذلك لا يعني ان هذا الكفن الذي كفن الزوج به زوجته مصداق لاداء الدين الذي في ذمة الزوج، لا، ذمة الزوج مشغولة لكفن الزوجة مادمت الزوجة بحاجة الى الكفن فهذا ثابت في ذمة الزوج و لكنه لا يعني انه لو كفن الزوج زوجته بكفن فيخرج الكفن عن ملك الزوج فيصير ملكا لزوجة، كما لو اعطي المديون مالا بقصد اداء الدين الى الدائن فانه بمجرد تسليم المال الى الدائن بقصد اداء الدائن يخرج المال عن ملك المديون، هنا ليس كذلك لان الكفن الذي يبذل الزوج لزوجته و يكفنها به لم يرد دليل على انه لابد ان ينوى اداء الدين به، و لكن هذا لا يعني انه حين تكفين زوجة لابد ان ينوى ان هذا اداء لدين الى زوجته فيخرج الكفن عن ملكه، لا دليل على ذلك، لان هذا دين تعبدي و ليس دينا عقلائيا يقصد حين الاداء انه اداء لدين فيخرج المال عن ملك المديون و نظير ذلك الحج، الحج دين و لكن لا يعني ان الحاج لابد يقصد حين الحج انه يودي دينه، الحج ثبت انه دين على الانسان، ورد في النصوص ان الحج دينا عليه و لكن هذا لايعني انه لابد حين الحج من قصد اداء الدين و العادة جرت انهم لا يقصدون اداء الدين حين الحج او حين تكفين الزوجة من كفن اشتراه الزوج، لايقصدون انه اداء لدين، و لا دليل على ان هذا القصد موثر، فاذن و لو قلنا بان الكفن ثبت في ذمة الزوج لكن لا يعني ان هذا الكفن الخارجي الذي بذل الزوج لزوجته و كفنها به، بمجرد ان كفنها به خرج عن ملكه و هو لا يزال باق في ملكه، و اذا انتفى الموضوع بان تلف جسد الزوجة فلا دليل على حرمة ارجاع الزوج الكفن الى نفسه و بعد ذلك لا يبقى موضوع لاشتغال ذمة الزوج بالكفن لان ظاهر قوله كفَن الزوجة على زوجها مادامت الزوجة عارية و تحتاج الى الكفن فاذا اكل السبع جسد الزوجة او ذهب بجسدها السيل لا يبقى موضوع لاصالة اشتغال ذمة الزوج لكفن الزوجة.

نعم في نفقة الزوجة ايضا نقول مع ان الزوجة تستحق النفقة فاذا امتنع الزوج من اداء النفقة فلا يزال الزوج مدينا لزوجته بالنفقة و يمكن للزوجة اقامة الدعوى في المحاكم فتقول للقاضي هذا زوجي لم ينفق علىّ منذ عشر سنين فتطالب الزوجة بنفقة هذه الفترة، لان النفقة دين ثابت في نفقة الزوج، بخلاف الولد اذا لم ينفق والد على ولده و مضت سنوات و احتاج الولد الى ان يؤخذ اموال من الآخرين، يقدم و يعيش، يطلب الصدقات و يعيش، الوالد خالف وظيفته لم ينفق على ولده فاحتاج الولد الى التكدي و التسأل، مع ذلك لا يجوز لولد ان يقيم دعوى على والده بالنسبة الى الفترة السابقة التي لم ينفق فيها والده عليه لانه ليس دينا، بالنسبة الى نفقة الزوجة دين و لكن مع ذلك لا يجب على الزوج تمليك النفقة لزوجته، يمكنه تقديم الطعام و الشراب فيقول لها كلي و اشربي و قري عينا و اما يكون هذا الطعام ملك عليه؟ لا دليل عليه.

سوال و جواب: لو ملكها فهي تملك و لكن لا يجب ان يملكها فاذا قدم لها طعاما و شرابا و سكنا و لباسا و اباح لها الانتفاع من هذه الاشياء برئت ذمته و بالنسبة الى كفن الزوجة بعد موتها يوجد اشكال في التمليك، الزوجة حي يمكن ان يملكه الزوج الطعام و الشراب و الملبس اما بالنسبة الى الزوجة الميت اصلا لا يتصور عقلائيا تمليك الكفن لها لانها ميت كيف يقبل هذا التمليك.

سوال و جواب: لا يعتبر في الزوجة الحاجة، يثبت في ذمة الزوج نفقة الزوجة و لو كانت غنية و لو كان عندها من اموالها او من اموال غيرها كل شيء، مع ذلك يثبت في ذمة الزوج نفقة الزوجة، الزوج من عنده لابد ان يقدم الطعام، من عندي او من عند متبرع آخر، المهم ان الزوج لابد ان يقدم الا اذا كانت الزوجة راضية فتسقط حقه و لكن المهم ان الزوج لا يجب عليه ان يملك النفقة من زوجته بخلاف سائر الديون، في سائر الديون المدين لابد ان يقصد اداء الدين حين تسليم الدين لو لم يقصد اداء الدين لا يقع اداء للدين، لو اعطيتم مالا للدائن و لم تقصد انه اداء لدين فلا يقع اداءا لدين فالدائن يملك هذا المبلغ ثم يطالبكم بتسليم الدين فاذا قلتم انا اعطيتك المليون يقول لا، انت لم تقصد انه اداء لدين، لم تقصد ذلك و لابد في برائة ذمته من قصد اداء الدين بخلاف الانفاق على الزوجة و نحوه.

سوال و جواب: نعم في مثال الانفاق على الزوج يوجد طريق عقلائي لتمليك الزوجة اذا هي قبلت هذا التمليك و اما في كفن زوجة الميت لا يوجد هذا الحمل العقلائي.

سوال و جواب: الشارع اعتبر كون نفقة الزوجة في ذمة الزوج و اثر ذلك بقاء اشتغال ذمة الزوج و لو بعد سنوات، و لو مات الزوج الزوجة طالب الورثة بنفقة الايام السابقة لان نفقة الدين ثابتة في ذمة الزوج.

المسالة15: إذا كان الزّوج معسراً كان كفنها في تركتها.

سبق الكلام في ذلك فقال المشهور بان اعسار الزوج يمنع من وجوب تكفينه زوجته فيخرج الكفن من مال الزوجة، و لكن ذكرنا هناك وفاقا لجمع من الاعلام بان الرافع لوجوب تكفين الزوج للزوجة الحرج دون غيره، لانه تكليف محض او يحتمل كونه تكليفا محضا و هذا يكفي في ان نتمسك بالاطلاق لاثبات وجوب الكفن على الزوج، اذا كان الزوج معسرا كان كفنها في تركتها و نحن نقول اذا كان بذل الكفن على الزوج حرجيا كان كفنها على تركتها فلو ايسر بعد ذلك، ورثة الزوجة اخرجوا ثمن الكفن من تركة امهم و بعد ان صار الزوج غنيا هل يجوز لورثة الزوج اولاد تلك المراة ان يطالب هذا الزوج بقيمة الكفن يقول صاحب العروة لا يجوز ذلك. فهو اذا امر بان يخرج كفن الزوجة من ماله و لو من ماله المورث من هذه الزوجة يقع في حرج او هو معسر بناءا على مسلك المشهور فلا يجب عليه ذلك، فورثة الزوج قامو باخراج قيمة الكفن من مال الزوجة او من مال انفسهم، ولد هذه المراة غني اخرج الكفن من مال نفسه ثم بعد ذلك ياتي حين ما يرى ان ذاك الزوج صار غنيا، و رجع قيمة الكفن يجوز ذلك لهم؟ يقول صاحب العروة لا يجوز.

هذا الكلام من صاحب العروة صحيح لانه بناءا على قرائة الكفن بسكون الفاء، كفْن الزوجة على زوجها مادام عدم الحرج او مادام عدم اليسار فرفع الحرج وجوب تكفين الزوج لزوجته، رفع الوجوب و ليس الزوج مدينا بشيء لان الواجب تكليفي محض بناءا قرائة الكفْن بسكون الفاء، الزوج ليس مدينا وجب عليه تكفين الزوجة بشرط عدم الحرج فوقع في حرج و رفع عنه التكليف، و لا دين في ذمته حتى يطالبون الورثة، حتى يطالب الورثة بقيمة الكفن، بل انا اقول لو لم يبذل الزوج كفن الزوجة عصيانا نفس الشيء بناءا على قرائة الكفْن بسكون الفاء كان واجب تكليفي على الزوج بذل الكفن و لم يبذل كما في زكاة الفطرة، بنائا على مسلك من يرى انه مجرد تكليف محض افتى جمع من الاعلام كالسيد السيستاني بانه لو لم يعط المكلف زكاة الفطرة الى زوال الشمس من يوم العيد و لم يعزل زكاء الفطرة سقطت التكليف لان زكاة الفطرة ليس دينا، بخلاف زكاة الاموال التي هي ثابت كحق او كدين او كشركة في المال، زكاة الفطرة مجرد تكليفي محض لم يقم بامتثال التكليف هذا المكلف الى ان خرج وقته لا دليل على استقراء زكاة الفطرة عليه و لادليل على وجوب قضائه فهنا ايضا كذلك بنائا على قرائة الكفن بسكون الفاء كان واجب تكليفي على الزوج بذل الكفن لزوجته الميت و لم يقم بذلك الى ان دفنت الزوجة اما عصيانا او نسيانا او لاجل الحرج، رفع التكليف او لم يرفع التكليف عصى هذا الزوج تكليفه فانجبر الورثة الى بذل الكفن من اموالهم او من اموال نفس الزوجة لادليل على اشتغال ذمة الزوج بشيء و جواز مطالبتهم الزوج بقيمة الكفن الذي بذلوه.

كل ذلك بناءا على قرائة الكفْن بسكون الفاء، بناءا على قرائة الكفْن بسكون الفاء يكون الوجوب تكليفي محض يسقط هذا التكليف اما بالحرج او بالعصيان و لا دليل على استقرار ذلك في ذمة الزوج بحيث يجوز لورثة الزوجة مطالبة الزوج بقيمة الكفن، اما بناءا على قرائة الكفن بالفتح كفن الزوجة على زوجها فهنا قد يتوهم ان كفن الزوجة على زوجها حيث صار الكفن دين في ذمة الزوج فورثة الزوجة اشتروا الكفن من مال الزوجة، لان الزوج كان يقع في حرج من ناحية شراء الكفن من ماله بعد ذلك اذا صار موسرا يجب عليه اداء الدين.

الجواب عن ذلك انه ليس دينا عرفيا كما ذكرت لكم، و ظاهر انه مادام بقاء الموضوع ففي ذمة الزوج كفن الزوجة، اذا كفنت الزوجة بكفن يرتفع الموضوع لا يبقى موضوع لقوله عليه السلام كفن الزوجة على زوجها لان ظاهره ان كفن الزوجة العارية التي ليس لها كفن،الزوجة التي لم تكفن كفنها على زوجها لا الزوجة التي كفنت فاذا كفنت الزوجة لا يبقى موضوع لاشتغال الذمة.

سوال و جواب: هناك لا انصراف لقوله لزوجة على زوجها ما يشبع بطنها و يقيم ظهرها و يكسو جثتها حتي لو بذل له الطعام من شخص آخر مع ذلك لها على الزوج ما يشبع بطنها.

و ان شئت قلت بناءا على قرائة الكفن بفتح الفاء فهذا و ان كان دينا في ذمة الزوج لكن الدين هو كفَن الزوجة فاذا كفنت الزوجة بكفن الآخر فكلما يعطيه الزوج لا يصير كفن الزوجة، الذي اشتغل ذمة زوجه هو كفن الزوجة، و لا دليل على انه اذا تعذر بعد دفن زوجة بذل كفن الزوجة تشتغل ذمة الزوج بقيمة الكفن، لادليل على ذلك، لما ذكرنا من انه دين تعبدي و ليس دينا عقلائيا كي نرتب عليه احكام الدين العقلائي.

سوال و جواب: كفَن الزوجة دين في ذمة الزوج هذا المقدار صحيح، في مقام الاعتبار اعتبر كون الكفن الزوج دين في ذمة الزوج.

نقل عن بعض الاعلام انه وجه الفتوي بعدم جواز مطالبة ورثة الزوجة لقيمة الكفن من الزوج الذي كان معسرا حين دفن الزوجة بعضهم وجه هذه الفتوى التي افتى بها صاحب العروة فلو ايسر بعد ذلك ليس على الورثة مطالبة قيمة الكفن من الزوج هكذا وجّه و قال الكفن دين في ذمة الزوج و الزوجة تملك هذا الدين في ذمة الزوج لا غيرها، غير الزوجة لا يملك، كفن الزوجة على زوجها ظاهرها ان المالك لهذا الدين لذمة الزوج الزوجة فصار الكفن ملكا لزوجة بعد وفاتها، بعد ماتت الزوجة ملكت في زوجها الكفن، فلا يكون موضوعا لارث الورثة، يعني ورثة الزوجة كيف يحق لهم مطالبة قيمة كفن الزوجة من الزوج الذي صار موسرا بعد السنوات، ماذا يقولون لهذا الزوج؟ يقولون امنا كان تملك في ذمتك كفنا فهذا الكفن انتقل الينا كورثة زوجتك فآتنا الكفن، هذا انما يتم لو كان موضوع الارث ما ملكه المورث و لو بعد وفاته، و لكن الظاهر من ادلة الارث ان موضوع الارث ما تركه الميت ان ترك خيرا فالوصية لوالدين و الاقربين، موضوع الارث ايضا كذلك ما تركه فلكم نصف ما تركة ازواجكم و هكذا و ما ملكته الزوجة بعد وفاتها من الكفن في ذمة الزوج لا يصدق عليه ما تركته الزوج بل ملكته الزوجة بعد وفاتها فلا يكون لارث الورثة، فكيف يطالب الورثة الزوج لقيمة الكفن. تركة يعني تركة حين موتها لم تترك حين موتها لانها ملكت الكفن بعد موتها تركة يعني ذهبت و ابقت هذا المال، تركة الميت مالا يعني خل هذا المال و راح لا انه راح ثم ملك المال.

ان قلت ماذا تقولون بالنسبة الى ارث الدية، الدية يملكها الميت بعد موته، بعد ان قتلت يملك الدية و هذه الدية يرثها ورثة المقتول كما ورد في الروايات فليس عنوان التركة موضوعا للارث، موضوع الارث كل ما يملكه الميت سواءا قبل وفاته او بعد وفاته، يقول هذا الشخص الدية ارثها ثبت بنص خاص لا يتعدى لى غيرها، فاذن لا دليل على ان الكفن الذي ملكته الزوج في ذمة الزوج لا دليل على انه ينتقل الى ورثة الزوجة.

لكن الانصاف ان هذا ليس صحيحا لو لم يكن عنوان كفن الزوجة مبتلا بالاشكال السابق، فمقتضى الاطلاقات ان كل ما يملكه الميت سواءا قبل موته او بعد موته و هو قابل لارث مثلا لو ان شخصا نصب شبكة في البحر و ينتظر ان ياتي فيه الاسماك و لكنه راح نام في مكان غريب فتوفى او السيل ذهب به الى الآخر، خب فهذه الامساك متى تصيرون ملكا لهذا الميت؟ بعد وفاته ثم تنتقل الى ورثة هذا الميت بعد استثناء الثلث و الدين و نحو ذلك، لان الظاهر من الادلة هذا، هذا الميت استعار شبكة من دائرة حكومية او غير حكومية استعار شبكة و خلاها بالنحر و الحيازة بعد الموت لان الاسماك حين موت هذا الميت كانت تتحرك في البحر ، هذا مقتضى الظاهر العرفي و في موثقة اسحاق بن عمار اذا قوبل دية العمد فصارت مالا فهي ميراث كسائر الاموال، اذا قوبلت دية العمد فصارت مالا فهي ميراث كسائر الاموال.فلو لم يكن الاشكال السابق لم يتوجه هذا الاشكال، الاشكال السابق هو انه لا تشتغل الذمة الزوج بكفن الزوجة بعد ما كفنت بكفن الآخر و الا لو كان تشتغل ذمة الزوج به و تملك الزوجة في ذمة الزوج الكفن و لو بعد تكفينها فلا وجه لان نمنع من ارث ورثة الزوجة هذا المال كسائر اموالها. الحمدلله رب العالمين.