فهرست مطالب

فهرست مطالب

 

الدرس 14

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.

المسألة التاسعة: يشترط في كون كفن الزوجة على الزوج أُمور: أحدها: يساره بأن يكون له ما يفي به أو ببعضه زائداً عن مستثنيات الدين، و إلّا فهو أو البعض الباقي في مالها، قلنا بان كفن الزوجة واجب على الزوج بمقتضى موثقة السكوني: كفَن الزوجة على زوجها او كفْن الزوجة على زوجها، و لكن ذكر صاحب العروة انه يشترط في كون كفن الزوجة على الزوج امور، الشرط الاول ان يكون موسرا لان هذا دين و يشترط في وجوب اداء الدين اليسار، فان كان المدين معسرا لا يلزم باداء الدين، فان كان له بيت يسكن فيه لا يلزم بيع بيته لان البيت الذي يسكن فيه الشخص من مستثنيات الدين.

اشكل جمع من الاعلام على ذلك فقالوا بانه لادليل على كون كفن الزوجة دين في ذمة الزوج بل الظاهر انه تكليف محض بوجوب بذل الزوج كفن الزوجة فهو حكم تكليفي محض و ليس دينا فاذا لم يكن دينا يجري فيه ما يجري في عامة التكاليف من انه يجب امتثال التكليف ما لم يكن حرجيا.

ان قلت ظاهر قوله عليه السلام كفن الزوجة على زوجها، ان نفس الكفن ثابت في ذمة الزوج و هذا ظاهر في كونه دينا على ذمته. قلنا في الجواب: ان من المحتمل ان يكون الصحيح الكفْن لا الكفَن، كفْن الزوجة على زوجها يعني التصدي بتكفين الزوجة واجب على الزوج، فانه ورد في بعض الروايات التعبير بالكفْن مثلا ورد في الوسائل في ابواب الاغسال: فَإِنَّهُ أَمَرَنِي بِغُسْلِهِ وَ كَفْنِهِ وَ دَفْنِه‏، ورد في رواية الاخرى: السِّقْطِ إِذَا اسْتَوَى خَلْقُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَ اللَّحْدُ وَ الْكَفَنُ قَال‏ نعم، فانه ظاهر في كونه من الكفْن بسكون الفاء و هذا ما ذكره السيد الخوئي.

ان قلت المشهور قرأوا هذا اللفظ بفتح الفاء، كفَن الزوجة على زوجها و هذا يعني ان الواصل اليهم من طريق قرائة الروايات هو الكفَن بفتح الفاء، فاحتمال كونه بسكون الفاء خلاف المنقول من طريق الرواة. يجاب عن ذلك بان المشهور لم يعلم روايتهم حسا هذا اللفظ بفتح الفاء لانه من المحتمل وصول الرواية اليهم من طريق الكتابة، فهم قرأوا من عند انفسهم هذه الرواية المكتوب بفتح الفاء و هذا لا يكون حجة علينا، نعم صدر صحيحة ابن سنان لا اشكال في كونه بفتح الفاء لان الوارد في صدر صحيحة ابن سنان هكذا: ثمن الكفن من جميع المال و قال كفْن الزوجة او كفَن الزوجة على زوجها، فيقال بان صدر صحيحة ابن سنان لا اشكال في كونه بفتح الفاء لان ثمن الكفْن غير صحيح، ثمن الكفَن من جميع المال، الثمن بازاء العين، بازاء الكفَن لا بازاء الفعل كما يقال ثمن الثوب، بقرينة السياق يقال بان اللفظ الوارد في ذيل الرواية ايضا بفتح الفاء و كفَن الزوجة على زوجها.

السيد الخوئي اجاب عن هذا البيان فقال لا يعلم كون الذيل من نفس كلام الامام في مجلس الواحد، بل الصدر رواية و الذيل رواية اخرى عن ابن سنان لوجود قوله و قال، اذا كانت الرواية واحدة صادرة عن الامام في مجلس واحد لكان ينبغي ان يقال قال الامام عليه السلام ثمن الكفن من جميع المال و كفن الزوجة على زوجها، فلماذا جاء بلفظ و قال، هذا يكشف انه جمع بين روايتين عن الامام عليه السلام فالرواية الثانية صادرة في مجلس آخر غير الرواية الاولي فلا يكون لفظ الكفَن في الرواية الاولى قرينة علي كون هذا الفظ في رواية الثانية بفتح الفاء فلعله بالسكون الفاء.

انا نقول نحن اشكلنا على كون الذيل رواية ابن سنان بل قلنا بان من المحتمل انه رواية مرسلة نقلها الصدوق كما هو المتعارف في كتاب من لا يحضره الفقيه و لا يعلم ان الذيل من رواية ابن سنان و لكن مع غمض العين عن الاشكال السابق، فالظاهر تمامية قرينية السياق لان قرينية السياق تنتقل الى جمع ابن سنان بين الروايتين، ابن سنان لمّا جمع بين الروايتين و قرأ الرواية الثانية في ذيل الرواية الاولى فهذا يعني انه فهم من لفظ الكفَن في الروايتين شيئا واحد و لا محالة نقله ظاهر في الحس لانه ينقل عن الامام مباشرة. فالمهم اشكالنا السابق من ان ذيل هذه الرواية لم يعلم كونها رواية ابن سنان فلعلها مرسلة للصدوق فالمهم موثقة السكوني و موثقة السكوني كما ذكره السيد الخوئي مجملة، كفْن الزوجة على زوجها او كفَن الزوجة على زوجها لايعلم اي منهما هو الصحيح ومع الاجمال فلا يعلم كون الكفن دينا.

ان قلت ان كان الكفن دينا كما هو بناءا على قرائة لفظ الكفن بفتح الفاء فلا يجب ادائه على الزوج المعسر و ان كان الصحيح كفْن الزوجة على زوجها، وجب على الزوج الاستقراض و كفْن الزوجة ما لم يقع في حرج، فيدور امر ما ثبت في ذمة الزوج بين حكم وضعي لا يجب عليه ادائه ان كان الثابت في حقه الكفَن كدين على ذمته لا يجب عليه ادائه لانه معسر و من كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة، و ان كان الواجب عليه واجب تكليفي محض فيجب عليه ادائه ما لم يقع في حرج فيكون من قبيل دوران الامر بين ما يقبل التنجيز و ما لا يقبل التنجيز، مثلا انا لا اعلم هل يجب عليّ اكرام زيد او يجب عليّ اكرام عمرو، ان وجب عليّ اكرام زيد فيرفعه قاعدة لاحرج و ان كان الواجب عليّ اكرام عمرو فيجب عليّ بالفعل اكرامه، هذا العلم الاجمالي لا يكون منجزا، لماذا؟ لانه يدور امر الواجب بين ما يرفعه لاحرج و بين ما لايرفعه لا حرج، ان كان الواجب هو اكرام زيد فليس متنجزا في حقه للحرج، ان كان الواجب اكرام عمرو فيقبل التنجز، العلم الاجمالي بالجامع بين ما يقبل التنجيز و بين ما لا يقبله ليس منجزا، نظير ما قالوا بانه اذا علم بانه اما يجب اكرام زيد امس و قد خرج من محل ابتلائه اليوم او يجب عليه اليوم اكرام عمرو، هذا العلم الاجمالي لا يكون منجزا و لا يمنع عن جريان برائة عن وجوب اكرام عمرو اليوم، لماذا؟ لان من المحتمل ان يكون المعلوم بالاجمال هو وجوب اكرام زيد امس و قد خرج عن محل الابتلاء اليوم و العلم الاجمالي حصل هذا اليوم و لا يصلح وجوب اكرام زيد امس لتنجز العلم الاجمالي الحاصل في هذا اليوم، و الامر هنا من هذا القبيل.

و حاصل الاشكال على السيد الخوئي حيث ذكر السيد الخوئي ان اللفظ مجمل فان كان اللفظ كفَن الزوجة على زوجها فيكون ظاهرا في الدين و لا يجب على الزوج المعسر اداء هذا الدين لادلة الانظار، فنظرة الى ميسرة، و ان كان الصحيح الكفْن بسكون الفاء فيكون الواجبا تكليفي محضا و يجب عليه امتثاله ما لم يقع في حرج فهذا الذي لا يقع في حرج و ان كان معسرا يمكنه الاستقراض عن الاخرين و القيام بالواجب، و لاجل ذلك يقول السيد الخوئي يجب على هذا الزوج التصدي لتكفين زوجته ما لم يقع في حرج، يشكل على السيد الخوئي يقال يا سيدنا الخوئي ان كنتم تستظهرون الكفْن بسكون الفاء، تستظهرون ان الواجب تكليفي محض فكلامكم صحيح، تكليف محض لا يرفعه الا دليل نفى الحرج و حيث لا حرج فيجب امتثاله و اما مع الاجمال و احتمال كونه بفتح الفاء فيكون دينا ثابتا في ذمة الزوج و لا يجب عليه اداء الدين لكونه معسرا فيكون هذا العلم الاجمالي بانه دين في ذمته فلا يجب عليه ادائه لاعساره، او فعل واجب عليه فيجب عليه امتثاله ما لم يقع في حرج يكون من قبيل العلم الاجمالي بالجامع بين ما يقبل التنجيز و ما لا يقبله.

و حاصل الكلام ان صاحب العروة كالمشهور اشترط في وجوب قيام الزوج بتكفين زوجته ان لا يكون معسرا لانه دين على ذمته و المدين ان كان معسرا لايجب عليه اداء الدين، السيد الخوئي اشكل عليه فقال هذا مبني على الاستظهار كون الكفَن على ذمته الزوج فيكون بمعنى اشتغال ذمة الزوج بدين و هو ثمن كفن الزوجة فهنا يقال بانه معسر و من كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة و لكن يا سيدنا الخوئي يتوجه عليكم الاشكال و هو انه بعد احتمال كون اللفظ بفتح الفاء فعلى هذا التقدير هو معسر و لا يجب عليه اداء الدين لان فتح الفاء يعني ان الكفَن دين في ذمة الزوج انتم تقولون بعد احتمال كون اللفظ بسكون الفاء نحكم بوجوب قيام الزوج بتكفين زوجته ما لم يقع في حرج فيشكل على السيد الخوئي فيقال بان مجرد الاحتمال لا يكفي لذلك من يستظهر ان اللفظ بسكون الفاء و يستظهر ان الواجب تكليفي محض فيجب علي الزوج اداء هذا الواجب ما لم يقع في حرج اما مع دوارن الامر بين كونه واجبا تكليفيا فيجب عليه قيام به لعدم وقوعه في حرج بعد امكان استقراضه من الاخرين و بين كونه دينا فلا يجب ادائه لاعساره، فيا سيدنا الخوئي كيف يكون هذا العلم الاجمالي منجزا بعد كونه علما بالجامع بين ما يقبل التنجيز و هو واجب تكليفي و بين ما لا يقبل التنجيز و هو كونه دينا و لا يتنجز علي المكلف ادائه في فرض اعساره.

سوال و جواب: لا انهم لا يتركون الزوجة بلا كفن، يشترون الكفن من مال الزوجة بعد قال الزوج انا معسر و لا يجب عليّ شراء كفن الزوجة لاني معسر و المدين لا يلزم باداء دينه في فرض الاعسار، ما يدفنون الزوجة بلا كفن يشترون الكفن من مال نفسها او من مال مومن متبرع و يكفنون الزوجة به، المهم هو هذا الاشكال على السيد الخوئي، الاشكال بانه بعد اجمال الرواية و احتمال كون اللفظ بفتح الفاء فلا يسظهر من الرواية ان الواجب تكليفي محض و يجب على الزوج قيام به ما لم يقع في حرج، و يحتمل ان يكون دينا و الدين لا يجب في فرض الاعسار ادائه فلا يتنجز في حال الفرض.

هذا الاشكال الذي وجهنا على السيد الخوئي يمكن ان يجاب عنه فيقال بان هنا قدر مشترك بين الدينة و التكليف فان الدين ايضا يستلزم التكليف، يعني هذا الزوج لو كان يجب عليه تكليفيا تكفين الزوج فهو لو كان دينا في ذمته فيستتبع ذلك وجوب اداء الدين، فهو يعلم بوجوب قيامه بتكفين الزوجة على اي تقدير لولا الدليل الحاكم يعني في حد ذاته هذا الزوج يعلم تفصيلا بوجوب قيامه بتكفين الزوجة اما لكون الكفن دينا على ذمته او لكون التكفين واجبا تكليفيا محضا عليه، فهنا الاثر مشترك لو علمنا بكونه ناشئا عن دينية الكفن، كنا نحرز ارتفاع الوجوب بدليل النظرة الى الميسرة، و لكننا لا نعلم بذلك فيقال بالدفاع عن سيدنا الخوئي بان العلم بالجامع بين ما يقبل التنجيز و بين ما لا يقبل التنجيز لا يكون منجزا في ما اذا كان دائرا بين المتباينين كاكرام زيد امس و اكرام عمرو اليوم، احد طرف علم الاجمالي بوجوب اكرام زيد امس او بوجوب اكرام عمرو اليوم خرج عن محل الابتلاء و لكن اذا كان هناك اثر مشترك، فهذا الاثر المشترك قابل للتنجيز ليس العلم الاجمالي جامعا بين ما يقبل التنجيز و بين ما لا يقبله، هذا العلم الاجمالي تولد منه علم باثر مشترك، كما في المقام سواء كان دينا او واجبا تكليفيا فيجب على الزوج القيام بتكفين الزوجة، لولا الدليل الحاكم و نشك في وجود الدليل الحاكم لهذا الفرض، نشك في شمول الدليل لهذا الفرض يعني اطلاق الادلة يقتضي وجوب قيام الزوج بتكفين الزوجة و ان كان منشأ وجوب التكفين مرددا بين كونه دينا او كونه تكليفا محضا و لكن الدين ايضا يستتبع الوجوب التكليفي، فالوجوب التكليفي ثابت لولا الدليل الحاكم و حيث ان الدليل الحاكم انما يكون حاكما في فرض الدينية و هذا مشكوك فلا يعلم بجريان الدليل الحاكم، الاصل عدم جريانه و لعل السيد الخوئي لاجل ذلك قال بعد الاجمال بين كون اللفظ بفتح الفاء او بسكون الفاء، قال اذا يجب على هذا الزوج المعسر القيام بتكفين الزوجة.

ان تم هذا الجواب كدفاع عن السيد الخوئي فهو، و الا فنحن نقول دفاعا عن اصل اشكال السيد الخوئي على صاحب العروة نقول يا صاحب العروة ما هو الدليل علي وجوب انظار المدين المعسر ، دليله قوله تعالى: وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة، و هذا الدليل يختص بما اذا كان الانظار لا يفوت اصل الدين، فنظرة الى ميسرة، انتظروا الى يسير المدين موسرا فيؤدي دينه، هنا ننتظر الى اي وقت ننتظر؟ ننتظر حتي يسير هذا الزوج المعسر موسرا ثم نؤخذ منه كفن الزوجة، كفن الزوجة على زوجها، هنا لا معنى للانظار، دليل الانظار لا يشمل المقام و هذا دين يجب ادائه على المدين و هو الزوج ما لم يقع في حرج لان دليل الانظار لا يشمله. فعليه الاحوط ان لم يكن اقوى ان الاعسار لا يرفع التكليف بقيام الزوج بتكفين زوجته.

الشرط الثاني: عدم تقارن موتهما، اذا مات الزوج و الزوجة في آن واحد فمن الواضح لا موضوع لقوله عليه السلام كفَن الزوجة على زوجها اذا ماتت او كفْن الزوجة على زوجها اذا ماتت، لان معنى ذلك ان الزوجة ماتت و الزوج حي.

الشرط الثالث: عدم محجوريّة الزّوج قبل موتها بسبب الفلس، لو كان الزوج مفلّسا و حجره الحاكم الشرعي فصاحب العروة يقول يخرج ثمن الكفن من مال هذا الزوج المفلّس لانه محجور، هذا الشرط ايضا مبتلى بنفس الاشكال الذي وجّه على الشرط الاول فيقال بان الحجر بالفلس و نحوه انما يمنع من اداء الدين و نحوه، بل الامر يكون بيد حاكم الشرعي و لا يمنع من اداء الواجب لو وجب على هذا المفلّس الحج و يجب عليه شراء الهدي، لانه مفلس لا يجب عليه شراء الهدي؟! لا، يجب عليه شراء الهدي غايته انه قد يقال بلزوم الاستئذان من الحاكم الشرعي لكن ليس معناه ان لا يجب عليه شراء الهدي لانه تكليف متوجه اليه هناهم بناءا على كون تكفين الزوجة واجبا على الزوج و ليس دينا كسائر الديون فلا يشمله الحجر بسببه الفلس.

الرابع: أن لا يتعلّق به حق الغير من رهن أو غيره، اذا تعلق حق الغير بمال الزوج فمال الزوج مرهون لا يجوز التصرف فيه فاذن لا يجب عليه اداء الكفن، نقول يا صاحب العروة هذا ايضا مبني على كون الكفن دينا على الزوج و اما اذا كان تكليفا محضا فمقتضى هذا التكليف او مقتضى ما ذكرناه من ان دليل الانظار لا يشمل هذا الفرض وجوب قيام الزوج بتكفين الزوجة اذا تمكن من ذلك بدون حرج كما لو تمكن من الاستقراض و نحو ذلك.

الخامس: عدم تعيينها الكفن بالوصية، لو عيّنت الزوجة كفنها بالوصية، قال اكفنوني في هذا الكفن الذي شريته من كربلاء، لا يجب على الزوج تكفين الزوجة من ماله، لعل مقصود صاحب العروة انه بعد ما نفّذت الوصية، حيث ان تنفيذ الوصية واجب، بعد ما نفّذت الوصية لا يبقى موضوع لتكفين الزوجته من مال نفسه و الا مجرد وجوب تنفيذ الوصية لا يمنع من وجوب تكفين زوجته من ماله، افرض لم ينفّذ وصية الزوجة، وراثة الزوجة لم ينفّذ وصيتها، فهل لايجب على الزوج تكفين الزوجة من مال نفسه، لان الزوجة اوصت بان تكفن في كفن اشتريته من كربلاء؟! المهم تنفيذ الوصية لا الوصية بنفسها و بمجردها، و لعل هذا هو المقصود من كلام صاحب العروة. هذا تمام كلام في هذه المسالة. و الحمد لله رب العالمين.