فهرست مطالب

فهرست مطالب

الدرس14

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.

 

مسائل متفرقة:

المسالة الاولى: يجوز البكاء على الميّت و لو كان مع الصوت، بل قد يكون راجحاً، كما إذا كان مسكّناً للحزن و حرقة القلب بشرط أن لا يكون منافياً للرضا بقضاء اللّٰه تعالى، و لا فرق بين الرحم و غيره، بل قد مرّ استحباب البكاء على المؤمن.

الكلام في هذه المسالة في انه ما هو حكم البكاء على الميت، يذكر صاحب العروة ان البكاء على الميت جائز سواءا كان مع الصوت او بدون الصوت، هذه المسالة في قبال رواية وردت في كتب العامة فقد روى البخاري في صحيحه و كذا مسلم في صحيحه ان الميت يعذب ببكاء اهله، و هذه الرواية بظاهرها مع غمض العين عن ضعف سندها مخالفة للكتاب الكريم حيث يقول و لا تزر وارزة وزر اخرى، فلابد من طرح الرواية او تأويلها بان نقول المراد بالعذاب هو التأذي اي الميت يشعر ببكاء اهله فيتأذى من ذلك لا انه يعذب عذابا الهيا ببكاء اهله.

و اما ما ورد في صحيحة معاوية بن وهب عن ابي عبد الله عليه السلام كل الجزع و البكاء مكروه ما سوى الجزع و البكاء لقتل الحسين عليه السلام، فظاهر هذه الصحيحة ان البكاء على غير الحسين عليه السلام مكروه فلو قلنا بان الكراهة ليست ظاهرة في الحرمة كما عليه المشهور فتدل هذه الصحيحة على الجامع بين الكراهة و الحرمة و هي الحزازة و ان قلنا بما يقول به السيد السيستاني من ان الكراهة في الروايات ظاهرة في الحرمة فتكون هذه الصحيحة ظاهرة في حد ذاتها في حرمة البكاء لغير قتل الحسين عليه السلام، لكن لابد من توجيه هذه الرواية ايضا حتى لو استفدنا الكراهة من لفظ الكراهة فلابد من تأويل هذه الرواية لان سيرة المتشرعة كما وردت في الروايات البكاء على الاموات، فالبكاء على الميت ليس محرما قطعا حسب ما يقتضيه السيرة و الروايات و ليس مكروها لان اهل البيت عليهم السلام بكوا عند موت واحد منهم و قد بكى النبي على ابراهيم ابنه و قال صلى الله عليه و آله تدمع العين و يحزن القلب و لا نقول ما يسخط الرب. و في العرف المتشرعي لا خصوصية لابراهيم ابن النبي صلى الله عليه و آله لانه لم يكن شهيدا و لا معصوما، و قد بكى النبي صلى الله عليه و آله على جعفر و على زيد بن حارثة و نقل في التاريخ ان فاطمة سلام الله عليها بكت على وفات اختها رقية. نعم لا نستدل ببكاء فاطمة عليه السلام على وفات النبي فانه لا يستكشف منه عدم كراهة البكاء على الاموات لان الاموات لا يقاسون بالنبي صلى الله عليه و آله كما لا نستدل ببكاء الامام زين العابدين على قتلى كربلاء لاننا نجد خصوصية في البكاء على قتلى كربلاء كما ورد في تلك الرواية كل جزع و بكاء مكروه الا على قتل الحسين عليه السلام. و لكن يكفينا بكاء النبي لوفات ابراهيم ابنه و بكائه لوفات زيد بن حارثة فاذن كيف نفسر هذه الصحيحة كل الجزع و البكاء مكروه ما سوى الجزع و البكاء لقتل الحسين عليه السلام. قطعا ليس محرما لانه خلاف سيرة المتشرعية و من الامور التي لو كانت محرمة لبانت و انتشرت و ظهرت حرمة البكاء على الاموات بين المسلمين، لكن كيف نفسر كراهة البكاء على الاموات و لو بقرينة بكاء النبي صلى الله عليه و آله على وفات ابنه ابراهيم فان النبي لا يفعل المكروه فكيف هذه الرواية تقول كل الجزع و البكاء مكروه.

يمكن ان نقول بان المراد من المكروه هو المكروه العرفي يعني مما لا يرغب اليه عرفا مما لا يحثّ الشارع عليه فكما قال النبي يحزن القلب و تدمع العين كما في حالات الكآبة النفسية الانسان حين ما يموت بعض اعزّائه يصير عندها كآبة نفسية هذا ليس مكروها شرعا لانه قد يخرج ذلك عن الاختيار لكنه مكروه عرفيا يعني مما لا يحبه الانسان بخلاف البكاء على الحسين عليه السلام فانه امر محبوب و مرغب فيه لمثل هذا فليبك الباكون ان كنت باكيا على احد فابك على جدي الحسين عليه السلام ترغيب الى البكاء على الحسين عليه السلام اما البكاء على الاموات ليس مما يرغب فيه الشارع فهو مكروه عرفي اي مما لا يحب الانسان و انما امر تابع للحزن النفسي فيبكي الانسان.

او نقول بان المراد كراهة مجموع الجزع و البكاء يعني صدور المجموع من الجزع و البكاء مكروه، الجزع هو حالة فقدان الصبر يفقد الانسان صبره فيجزع، الجزع قد يكون مكروها شرعا مثل بعض ما يفعله الناس يخرجون عن حالة الوقار، البكاء لا يخرج الانسان عن حالة الوقار نعم بعض القدماء بعض الاعاظم بعض المراجع الكبار كالسيد الاصفهاني لما قتل بعض الطلبة ابنه في صلاة الجماعة في الحضرة قتلوا سيد حسن الاصفهاني ابن السيد ابي الحسن يقال بانه لم يبك أمام الناس و كان يبكي سرا و كذلك بعض المراجع المتاخرين. و لكن البكاء بحسب النوع لا يخرج الانسان عن الوقار الا ان الجزع يخرج الانسان عن الوقار فلعل الكراهة ثابتة لمجموع الجزع و البكاء، و هذا خلاف الظاهر لكن نحن مضطرون الى هذا التأويل لاجل ما ورد في الروايات من البكاء النبي صلى الله عليه و آله على ابنه ابراهيم و انا اقول لو كان البكاء على الميت مكروها ايضا ظهر و انتشر امره لان بعض المؤمنين الاتقياء الورعين ملتزمين بان لا يفعل المكروه، فلو كان البكاء على الميت مكروها لاجتنبوا عنه فكما يمكن ان نقول بان حرمة البكاء على الميت لو كانت لبانت و ظهرت و انتشر هذا الحكم بين الناس لكثرة الابتلاء به و حيث لم يظهر ذلك بين الناس فعرفنا بان البكاء على الميت ليس محرما فيمكن ان ندعي ذلك في كراهة البكاء على الميت.

سوال و جواب: يمكن ان نلغى الخصوصية عن الامام الحسين عليه السلام الى المقتولين من اهل البيت عليهم السلام هذا اولا و ثانيا نحن نبكي على مصاب فاطمة سلام الله عليها لا نبكي على وفاتها، نبكي على الظلم الذي ابيحت حرمتها و ظلموها نحن نبكي على هتك حرمتها.

سوال و جواب: هذه الرواية منصرفة عن البكاء على ظلم الظالمين نبكي لان الظالم ظلم محمدا و آل محمد صلى الله عليه و آله لماذا البكاء و الجزع على قتل الحسين ليس مكروها، المتركز المتشرعي نلغي الخصوصية منه الى كل بكاء و جزع يكون لاجل الظلم الذي ظلم اعداء اهل البيت فاطمة سلام الله عليها او امير المؤمنين، و الجزع ايضا ليس مكروها عند مصاب فاطمة سلام الله عليها لان العرف لا يرى خصوصية للجزع على قتل الحسين عليه السلام الا ان الحسين عليه السلام معصوم مظلوم قتل في سبيل الله و هذا يجري في حق فاطمة سلام الله عليها و هي ام الأئمة.

صاحب العروة بعد ذلك يقول يجوز البكاء على الميت بشرط أن لا يكون منافياً للرضا بقضاء اللّٰه تعالى و كرر ذلك قال اما البكاء المشتمل على الجزع و عدم الصبر فجائز ما لم يكن مقرونا بعدم الرضا بقضاء الله نعم يوجب حبط الأجر، و لا يبعد كراهته.

البكاء الذي لا يشتمل على الجزع ليس مكروها بشرط ان لا يكون مقرونا بعدم الرضا بقضاء الله تعالى و البكاء المشتمل على الجزع جائز على كراهية و لكن جوازه ايضا مشروط بعدم كونه منافيا للرضا لقضاء الله تعالى. جمع من الاعلام كالسيد السيستاني اشكلوا على صاحب العروة و قالوا ما هو الدليل على حرمة عدم الرضا لقضاء الله تعالى هل يجب على الانسان ان يكون راضيا لقضاء الله تعالى، لا، هذا مقام المعصوم حين يقول الهي رضا بقضائك حتى اظهار عدم الرضا بقضاء الله تعالى ليس محرما لا ينسب الله تعالى الى انه ظالم و لكن يقول يا الله لماذا اخترت وفاة مثلا امي في ايام شبابها لماذا اخترت وفاة ولدي و اصبت بوفاة ولدي و امثال ذلك لا ينسب الله تعالى الى انه ظالم يقول انا لست راضيا بقضائك يا الهي بل قد يكون هذا شايعا اترى ان الفقراء راضين لقضاء الله تعالى في حقهم؟! اترى ان المرضى راضين لقضاء الله في حقهم؟! خصوصا اذا كان ذلك بظلم الظالمين من اعتدي عليه يرضى بقضاء الله تعالى؟! هذا واجب؟! لا، و لاجل ذلك ورد في الرواية المنقولة عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم و لا نقول ما يسخط الرب انه ليحزن القلب و تدمع العين و لا نقول ما يسخط الرب الحرام ان يقول الانسان ما يسخط الله سبحانه و تعالى ينسب سبحانه و تعالى الى انه ظالم مثل ما السيد الكلبايكاني نقل عنه انه كان له زميل و صديق في ايام شبابه فقالوا بانه نلقى على السرير و على وشك الموت و ذهب الى عيادته فقال للسيد الگلبايگاني الله سبحانه و تعالى ظلمني اولادي صغار فاماتني في صغرهم و هو يبقون يتامى و قيل انه قال هم ظلمني انا كنت زمیلک انت صرت مرجع انا بعد ما عدي حظ لا صرت مرجع و لا كل شي ماكو، نسب الله سبحانه و تعالى الى انه ظالم ظلمني و هذا حرام اما انا يقول لا ارضى بقضاء الله تعالى هذا لا بأس ليس محرما.

المسألة الثانية: يجوز النوح على الميّت بالنظم و النثر ما لم يتضمّن الكذب و ما لم يكن مشتملًا على الويل و الثبور، لكن يكره في الليل، و يجوز أخذ الأُجرة علي النوح إذا لم يكن بالباطل، لكن الأولى أن لا يشترط أوّلًا.

في هذه المسالة تكلم صاحب العروة عن حكم النوح على الميت النياحة على الميت خب البكاء صار جائزا اما النوح على الميت اشلون يقول صاحب العروة النوح ايضا جائز اذا لم يكن نوحا بالباطل يعني اذا لم يكن متضمنا للحرام كالكذب و نحوه و لم يشتمل على الويل و الثبور اما ان اصل النوح على الميت جائز فقد ناقش فيه على ما نقل جمع من الفقهاء كابن حمزة و الشيخ الطوسي حيث ذهبا الى حرمة النوح على الميت بل نقل عن الشيخ الطوسي في المبسوط انه ادعى الاجماع على حرمة النوح على الميت اما الاجماع فقطعا ليس قائما على حرمة النوح على الميت كيف و المشهور التزموا بجواز ذلك اما ما ورد في بعض الروايات من النهي عن النوح على الميت فلابد من توجيهه الرواية الاولى ما رواه الكليني في الكافي عن عدة من اصحابنا عن سهل بن زياد عن احمد بن محمد بن ابي نصر و الحسن بن علي جميعا عن ابي جميلة عن جابر عن ابي جعفر عليه السلام قُلْتُ لَهُ مَا الْجَزَعُ قَالَ أَشَدُّ الْجَزَعِ الصُّرَاخُ بِالْوَيْلِ وَ الْعَوِيلِ وَ لَطْمُ الْوَجْهِ وَ الصَّدْرِ وَ جَزُّ الشَّعْرِ من النَّوَاصِي، من الناصية، وَ مَنْ أَقَامَ النُّوَاحَةَ فَقَدْ تَرَكَ الصَّبْرَ وَ أَخَذَ فِي غَيْرِ طَرِيقِهِ.

الرواية الثانية مرسلة الصدوق في الفقيه يقول من الفاظ رسول الله صلى الله عليه و آله الموجزة الذي لم يسبق عليها انه قال النياحة من عمل الجاهلية.

الرواية الثالثة ما رواه شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليه السلام في حديث مناهي النبي قَالَ: وَ نَهَى رسول الله صلى الله عليه و آله عَنِ الرَّنَّةِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَ نَهَى عَنِ النِّيَاحَةِ وَ الِاسْتِمَاعِ إِلَيْهَا.

الرواية الرابعة ما رواه في معاني الاخبار عن عمرو بن ابي المقدام قال سمعت ابا الحسن و ابا جعفر عليهما السلام فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لٰا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله قَالَ لِفَاطِمَةَ عليها السلام إِذَا أَنَا مِتُّ فَلَا تَخْمِشِي عَلَيَّ وَجْهاً وَ لَا تُرْخِي عَلَيَّ شَعْراً وَ لَا تُنَادِي بِالْوَيْلِ وَ لَا تُقِيمِنَّ عَلَيَّ نَائِحَةً‌. هذه الرواية دلت على النهي عن النوح على الميت يأتون ببعض المداحين و لاجل الميت لا لاجل اهل البيت تقام مجلس الفاتحة يجيبون بالرادود مداحية خب يقرئون اشعار في اهل البيت هذا لا بأس به هذا امر راجح ، نياحة على الميت اما بالشعر او بالنثر و هذا العمل كان معروفا في زمان الجاهلية و بعد الجاهلية يأخذون اجرة للنياحة على الميت هذه الرواية نهت عن النياحة على الميت و لكن الصحيح كما ذكره صاحب العروة ان النياحة على الميت جائزة ما لم تشتمل على الحرام كالكذب و موجود في الروايات ان الامام الباقر عليه السلام اوصى ان يقيم الامام الصادق عليه السلام النياحة في منى عشر سنوات.

اما هذه الروايات اولا ضعيفة سندا مثلا الرواية الاولى رواية جابر مشتملة على سهل بن زياد و ابي جميلة فلو وثقنا سهل بن زياد لكن لا يمكننا توثيق ابا جميلة لان النجاشي يقول غمز فيهم و ضعّفوا منهم ابو جميلة كما ان الرواية لا تدل على الحرمة و من اقام النواحة فقد ترك الصبر و اخذ في غير طريقه، هذا لا يعني انه حرام نعم تدل الرواية على كراهة النياحة و لكن المهم ضعف سندها.

و الرواية الثانية مرسلة الصدوق و المرسلة لا عبرة بها، اما ما ذكره السيد الخوئي من ان الرواية قابلة للحمل على ارادة النياحة الباطلة المرسومة عند الجاهلية تلك النياحة التي كانت مشتملة على الاباطيل على بيان امور باطلة مثلا في فقد امرأة يذكر جمالها و ايام شبابها مثلا، هذا نوح بالباطل، هذا الاشكال من السيد الخوئي في دلالة هذه الرواية قابل للجواب، النياحة من عمل الجاهلية يعني جنس النياحة من عمل الجاهلية ظاهره النهي عن النياحة و اهل الجاهيلة كانوا يقرنون النياحة بامور باطلة امر آخر هذه الرواية تقول النياحة من عمل الجاهلية كانه يقول لا نياحة في الاسلام هذا معناه كما ان الرهبانية من عمل المسيحين بعد الانحراف او على اي حال او قبل الانحراف مو مهم يعني لا رهبانية في الاسلام هذا ايضا ظاهره انه لا نياحة في الاسلام النياحة في العمل الجاهلية فالدلالة تامة و لكن السند الضعيف و كذا حديث مناهي النبي سنده ضعيف.

سوال و جواب: مطلقة النياحة من عمل الجاهلية سواءا كانت صادرة من انسان حسن الصوت صوت حلو او مو حلو.

سوال و جواب: الحديث مطلق النياحة من عمل الجاهلية.

الرواية الاخيرة ايضا ضعيفة السند نهي النبي فاطمة سلام الله عليها عن اقامة النائحة لا تقيمن عليّ نائحة و من الممكن ان يكون ذلك لاجل حب النبي لبنتها لا تقيمن عليّ نائحة لانك تتأذين لا يظهر من ذلك ان النبي نهى بنته عن اقامة النائحة لاجل بيان حكم الشرعي لا طلب منها ذلك طلب والد من بنته.

سوال و جواب: معروف لا يعصينك في المعروف اي مباح ما نهى عنه النبي لم يكن نهيا عن الواجب و لا نهيا عن المستحب. لا يعني النبي ما طلب من فاطمة سلام الله عليها كان معروف طلب لامر معروف اما مثلا يقول لبنته سلام الله عليها لا تبكين عليّ كما الامام الحسين عليه السلام طلب من سكينة لا تبكي عليّ هذا طلب معروف بعد و لكن هذا لا يدل الكراهة الشرعية للبكاء.

مضافا الى ضعف سند هذه الروايات يستفاد من روايات اخرى جواز النياحة كما سنتكلم عن ذلك في الليالة القادمة ان شاء الله.

و الحمد لله رب العالمين.