فهرست مطالب

فهرست مطالب

 

الدرس العاشر

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.

كان الكلام فيما ذكره المشهور من انه لايجوز تكفين الميت بالحرير الخالص فقلنا بان عمدة الدليل عليه رواية الحسن بن راشد و مفاد هذه الرواية اكثر من عدم جواز تكفين الميت بالحرير الخالص، فان مفاد هذه الرواية عدم جواز تكيفن الميت بثوب مشتمل على الحرير و شيء آخر مع التساوي، حيث قال اذا كان القطن اكثر من القزّ فلا بأس، مفهوم هذه الجملة انه اذا لم يكن القطن اكثر من القزّ ففيه بأس سواء كان متساوين او كان القز اكثر، و هذا امر يمكن الالتزام به و لم نعلم بان هذا الاطلاق معرض عنه بين الاصحاب، المهم ان هذه الرواية قد يورد عليها بان في بعض النسخ الكافي الحسين بن راشد، و الحسين بن راشد لم يوثق في الرجال، اذا كان هو الحسن بن راشد فقلنا بان المراد به الحسن بن راشد ابو علي البغدادي الثقة، و لكن اذا كان هو الحسين بن راشد فلم يوثق في الرجال، لكن الظاهر ان نسخ الحسين بن راشد مغلوط، و الصحيح الحسن بن راشد لان من ينقل عنه محمد بن عيسى هو الحسن بن راشد، لا الحسين بن راشد، كما ان الموجود في التهذيب هو الحسن بن راشد، حينما نقل هذه الرواية فقد نقلها بعنوان الحسن بن راشد و ان كان نسخ الكافي مختلفة.

وكيف كان فقد يستدل على عدم جواز تكفين الميت بالحرير الخالص بعدة وجوه اخرى كلها مخدوشة:

الوجه الاول الاستصحاب فيقال بان الميت كان في حياته يحرم عليه ثوب الحرير مباشرة و تسبيبا يعنى لو امر غيره ان يلبسه الحرير كان محرما كما كان يحرم عليه ثوب الحرير بنفسه و نستصحب هذا الحكم الى بعد وفاته.

و لكنكم ترون ان هذا الاستصحاب مضافا الى كونه استصحابا في الشبهات الحكمية و مضافا الى انه قد يكون محكوما باطلاق ادلة التكفين حيث انما مقتضى اطلاقها لا بشرطية الكفن من حيث كونه حريرا مضافا الى ذلك نقول هذا الاستصحاب لايجري لان المحرم في زمان الحياة المكلف هو لبس مستند اليه للحرير، لبس الحرير اذا استند الى هذا المكلف، و اما بعد الوفاة فالذي يتحقق هو إلباس الحرير على الميت و ليس لبسا مستندا اليه و تعدد الموضوع.

سوال و جواب: انتم استصحابكم كان يقول كان يحرم على هذا المكلف في زمان حياته ان يلبس الحرير مباشرتا او يامر غيره فيلبس الحرير و اما انه كان يحرم عليه الباس الرجال الآخرين الحرير فاي علاقة يقول بان نثبت حرمة إلباس الاحياء لهذا الميت الحرير.

سوال و جواب: اذا كان مقصودكم ان هذا المكفن كان يحرم عليه الباس هذا الميت حينما كان حيا فالآن يحرم عليه الباسه الحرير فجوابه أن حرمة الباس الحرير من باب حرمة تسبيب الى الحرام و ليس عنوانا شرعيا، يعني ليس هناك عنوان محرم باسم الباس الغير الحرير، المحرم هو لبس الحرير و عنوان آخر التسبيب الى الحرام، مثلا انا يحرم علي شرب النجس فاذا ألجأني شخص الى شرب النجس فيحرم عليه لان ينطبق اليه عنوان تسبيب الى الحرام لا ان عنوان الجاء الغير الى شرب النجس حرام بل كان هناك عنوان محرم عام و هو حرمة تسبيب الآخرين الى الحرام، فعليه بعد ان توفي هذا الرجل فلا يصدق على الباس الآخرين الحرير عليه انه تسبيب الى الحرام، و لم يدعي احد اجراء الاستصحاب بهذه الكيفية، انما حسب ما ببالي و حسب ما هو الموجود في بعض الكلمات انما هو اجراء استصحاب بقاء حرمة لبس الميت الحرير، اعم من المباشرة و التسبيب، و تبعا هذا الاستصحاب لايفيد، لان المكفن حينما يلبس الميت الحرير هذا الالباس ليس مستندا الى الميت لامباشرة كما هو واضح و لا تسبيبا.

الوجه الثاني لاثبات حرمة كون تكفين الميت بالحرير هو الاجماع، و جوابه واضح الاجماع مدركي او محتمل المدركية، فلايكشف عن رأي المعصوم عليه السلام لاحتمال استناده الى بعض الوجوه الاخرى.

الوجه الثالث الاستدلال برواية محمد بن مسلم عن ابى عبدالله عليه السلام قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَا تُجَمِّرُوا الْأَكْفَانَ وَ لَا تَمْسَحُوا مَوْتَاكُمْ بِالطِّيبِ إِلَّا بِالْكَافُورِ فَإِنَّ الْمَيِّتَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْرِم، فيقال بان هذا التعبير، الميت بمنزلة المحرم، نزّل الميت منزلة المحرم، و قد ثبت في محله انه لايجوز للمحرم لبس الحرير و لابد ان يكون الثوب الذي يحرم فيه المحرم من غير الحرير.

و فيه اولا ان هذاه الرواية ضعيفة سندا، لان في احد طرقيها محمد بن سنان و احمد بن محمد بن كوفي و ابن جمهور و والد ابن جمهور، و هم بين ضعيف و مجهول، و الطريق الثاني طريق الصدوق و هو ضعيف بنظرنا لان الصدوق رواه عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد، و ان كان السيد الخوئي في المعجم وثقهما لوجودهما في رجال كامل الزيارات و نحن ناقشنا في هذه النظرية، و بيّنا عدم ظهور عبارة كامل الزيارات في اكثر من توثيق مشايخ بلا واسطة لابن قولويه صاحب كامل الزيارات، فاذن هذه الرواية ضعيفة سندا، مضافا الى ان هذه الرواية يحتمل فيها تنزيل الميت منزلة المحرم في عدم استعمال الطيب، و لاتمسحوا موتاكم بالطيب، فان الميت بمنزلة المحرم كما ان المحرم لا يقربوا الطيب كذلك لايقربوا الطيب الى الميت، و لايظهر منه التنزيل بلحلظ جميع الاحكام، على ان مضمون هذه الرواية من عدم مس الميت للطيب، لايمس الميت الطيب، معارض بموثقة السماعة فَقَالَ يُغَسَّلُ وَ يُغَطَّى وَجْهُهُ يُصْنَعُ بِهِ كَمَا يُصْنَعُ بِالْمُحِلِّ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُمَسُّ الطِّيبَ، يعني يصنع بالمحرم الميت كما يصنع بالمحل الميت عدا ان المحرم الميت لايمس الطيب بخلاف المحلّ الميت، و هذا يدل على ان المحل الميت يجوز ان يمس الطيب و هذه رواية معتبرة لو تمت رواية محمد بن مسلم لكنا نحملنا على الكراهة، على اي حال المحلّ يمس الطيب لا وجه لحمل الطيب في موثقة السماعة على خصوص الكافور، فاذن هذه الرواية غير تامة لا سندا و لا دلالة.

الوجه الرابع الاستدلال بما في فقه الرضا و دعائم الاسلام من انه لايكفن الميت في ثوب الابريسم، الدلالة تاما و لكن السند ضعيف بل كتاب فقه الرضا لم يعلم بانه كتاب الرواية و لعله كتاب التاليف اما لوالد الصدوق او للشلمغاني او لشخص الآخر او ملفق من مجموعة كتب.

الوجه الخامس الاستدلال بروايات نهت عن تكفين الميت بكسوة الكعبة، كانو بعد فترة من مضي زمان على كسوة الكعبة ياخذونها و يوضعونها على الآخرين و بعض الاشخاص كان يحصلون شي زين كسوة الكعبة و قد تكفى ذلك لتكفين الميت، الروايات نهت عن ذلك ففي بعض الرويات رجل اشترى من كسوة الكعبة ايكفن الميت فيها قال لا فيقال بان نكتة النهي عن تكفين الميت بكسوة الكعبة ان كسوة الكعبة عادتا حريرخالص كما نشاهده فعلا.

و الجواب عن ذلك اولا ان هذا الروايات الناهية عن تكفين الميت بكسوة الكعبة ضعيفة سندا و ان كان متعددا و ثانيا من اين تقولون بان كسوة الكعبة كانت حريرا و نهى عن التكفين لكسوة الكعبة لكونها من الحرير لعل كسوة الكعبة لها موضوعية لاحترامها لايكفن به الميت لانها في معرض التنجس، فاذن الدليل المنحصر لنهي عن التكيفن الميت بالحرير هو معتبرة الحسن بن راشد و لكن هل يستفاد من هذه المعتبرة النهي التكليفي ان يكفن الميت في الحرير او الارشاد الى المانعية؟ هذا امر سيتكلم منه في الابحاث القادمة.

ثم يقول صاحب العروة: و لا بالمذهّب، لايجوز التكفين الميت بالثوب الذي مشتمل على الذهب خيطه من الذهب و كذا، و لا بما لايؤكل لحم، جلدا كان او شعرا او وبرا، لادليل على كل ذلك ما هو الدليل على انه لايجوز تكفين الميت بالثوب المذهب، لادليل عليه، ما هو الدليل على انه لايجوز التكفين الميت بما لايؤكل لحم اذا صدق عليه الثوب ليس عندنا دليل عليه و هنا لايمكن اجراء الاستصحاب لان اللبس ما لا يؤكل لحم ليس حراما تكليفيا حتى يستصحب و انما هو مانع في الصلاة، نعم اذا تمسكنا برواية محمد بن مسلم من ان الميت بمنزلة المحرم و قلنا بان شرط لباس المحرم ان يكون مما تصح الصلاة فيه فهنا يتم الاستدلال، الميت بنزلة المحرم و المحرم لايحرم في ثوب متخذ من ما لايوكل لحم لان كلما جاز ان تصلي فيه جاز ان تحرم فيه، فنقول اذن لا يجوز التكفين الميت بثوب متخذ من ما لا يوكل لحم و لكن مضى الاشكال في هذا الاستدلال.

ثم يقول صاحب العروة: الاحوط لا يكون من جلد الماكول، ما هو وجه الاحتياط في ان لا يكون الكفن بجلد الماكول، الوجه في ذلك ما قد يقال من انه لايصدق عليه الثوب او انه يستفاد من موثقة عمار من ان الكفن اما ان يكون بردا او قطنا، الكفن يكون بردا فان لم يكن بردا فجعله قطنا.

و لكن لايتمّ اي من الوجهين اما انه لايصدق عليه الثوب فهذا ممنوع لماذا لايصدق عليه الثوب، جلد الحيوان لماذا لايصدق عليه الثوب، ثوب متخذ من جلد ما يوكل لحمه و اما موثقة عمار الكفن يكون بردا فان لم يكن بردا فجعله قطنا، فقد مر ان موثقة عمار تشمل على اوامر كثيرة مما يعلم بعدم وجوبها فينسلب منها الظهور في الوجوب، فاذا امر المولى في مجلس واحد بعدة اوامر اغلبها استحبابيا و كان واحد منها غير معلوم انه استحبابي او وجوبي فالعرف يقول ظهر من مقام هذا المولى انه ليس بصدد بيان الواجبات فقط و هو بيان مطلق الراجح لا خصوص الواجب، بذلك ينسلب ظهور الامر في الوجوب.

والاشكال الآخر على موثقة عمار انه قال الكفن يكون بردا و البرد قد يتخذ من اجزاء الحيوان، ذكر في المنجد ثوب يتخذ من ؟، و الحاصل ان ما في موثقة عمار من ان الكفن يكون بردا فان لم يكن بردا فيكون قطنا، اولا ليس بظاهرا في الوجوب لما قلنا من اشتمال الموثقة من عدة اوامر استحبابي مضافا الى ان وجوب كون الكفن بردا و الا فقطنا مما نعلم بعدمه لانه لو كان لبان و اشتهر مع كثرة ابتلاء به، نعم لو اريد من الاحتياط الاحتياط الاستحبابي فلا بأس به لان الاحتياط حسن على كل حال.

ثم يقول صاحب العروة: هذا في حال الختيار و اما في حال الضطرار فيجوز تكفين بالجميع، هنا لابد من التفصيل ذكر صاحب العروة انه لايجوز تكفين بالمغصوب فاذا لم يكن هناك كفن مباح و انحصر الكفن في المغصوب فهل يجوز التكفين بالمغصوب او يدفن الميت عريانا، لا اشكال في انه يدفن عريانا لحرمة الغصب و صدق اننا لانجد ما نكفن به الميت.

سوال و جواب: حرمة الغصب ترفع موضوع وجوب التكفين لان وجوب التكفين موضوعه اذا وجد ما يكفن به الميت و من لا يجد الا كفنا مغصوبا فلا يصدق انه يجد ما يكفن الميت لا يجد ما يكفن به الميت مضافا الى انه ليس مجال التزاحم، التزاحم فيما اذا وجب فعلان مثلا و لم يتمكن المكلف من الجمع بينهما هنا فعل واحد تكفين الميت بالثوب المغصوب الفعل الواحد لا يعقل ان يتعلق به الامر و النهي مع عدم مندوح هذا غير معقول، انما يرتبط ببحث التزاحم فيما اذا كان مصب النهي و الامر مختلفا.

سوال و جواب: اجتماع الامر و النهي مع عدم المندوح يدخل في باب التعارض لا في باب التزاحم لان هنا فعل واحد لا يمكن ان يتعلق به الامر و لا النهي نعم اذا كان هناك مندوح فبناءا على جواز الاجتماع الامر تتعلق بطبيعي الفعل و يمكن اختيار الفرد المباح و لكن اذ انحصر طبيعة في الفرد الحرام هذا يسري، يكون من طلب المحال كيف يامر بإيجاد هذا و ينهى عنه في آن واحد، و لا اشكال ان تحريم الغصب وارد على دليل وجوب تكفين الميت لمن يجد ما يكفنه الميت.

اما بالنسبة الى بقية المذكورات، اذا انحصر الكفن بالكفن النجس هل يكفن الميت عريانا او يجب تكفينه بالكفن النجس، يقول صاحب العروة يجب تكفينه بالكفن النجس و هذا هو الصحيح وذلك لانه لا اطلاق في دليل مانعية النجاسة لحال الضطرار.

المورد الثالث انحصار الكفن بالحرير فهنا ماذا نصنع؟ نكفن الميت بالحرير او ندفنه عاريا، المشهور على انه يجب تكفينه بالحرير و لايجوز دفنه عريانا و ذلك اما لاجل عدم الاطلاق في دليل مانعية الحرير و هو رواية حسن بن راشد كما سنوضحه او لما يقال من ان قاعدة الميسور لا تسقط بالمعسور تقتضى وجوب المقدار الميسور من تكفين الميت و المقدار الميسور تكفينه بالحرير.

قاعدة الميسور ليست تامة عندنا فلا نتكلم عنها المهم الوجه الاول و هو قصور رواية الحسن بن راشد لان الوارد في رواية الحسن بن راشد: ان عندنا بالبصرة ثوب مشتمل على القز و القطن فهل نكفن به الميت فقال عليه السلام اذا كان القطن اكثر من القز فلا باس، مفهومه اذا لم يكن القطن اكثر من القز كما لو كان القز اكثر ففي التكفين به باس يعني يكفن الميت بغيره هذا هو الظاهر منه كما ذكره الشيخ النصاري ففي تكفين الميت بالقز الغالب او الخالص باس يعني لا تكفن الميت به و كفنوه بثوب آخر هذا هو الظاهر منه هل يصلح ان يكفن فيه الموتى قال اذا كان القطن اكثر من القز فلا باس يعني اذا كان القز اكثر او مساوي ففي تكفينه به باس يعني لا تختار الحرير لتكفين الميت و اختار غيره، ظاهر السوال و الجواب هو هذا، سالته ان ثياب تعمل في البصرة على عمل العَصَب اليماني من قز و قطن هل يصلح ان يكفن فيه الموتى؟، هذا التعبير يناسب ماذا؟ يناسب حال المندوح، هل يصلح ان يكفن فيه الموتي، هل يجوز ان نختار هذا الثوب لتكفين الميت به قال عليه السلام اذا كان القطن اكثر من القز فلا باس باختياره لتكفين الميت به يعني اذا كان القز اكثر ففي الاختيار التكفين الميت به باس هذا ظاهر او لا اقل من انه منصرفا الى فرض المندوح و امكان تكفين الميت بغيره كما استظهره الشيخ النصاري و لاجل ذلك نلتزم بانه اذا انحصر الكفن بالحرير، جاز بل وجب تكفين الميت به، انما الكلام فيما اذا لم يمكن تكفين الميت بثوب واجد لشرائط و لكن لم ينحصر الكفن بالنوع خاص كان هناك كفن النجس و كفن من الحرير و افرض كفن مما لا يوكل لحمه بناءا على مانعيته، ماذا نصنع هل نختار التكفين بثوب النجس او نختار التكفين بالحرير او نحن مخيرون بين اي منهما هذا بحث سنتكلم عنها في ليلة الاثنين ان شاء الله.