دانلود فایل صوتی 221023_1847

فهرست مطالب

فهرست مطالب

پخش صوت

221023_1847

الدرس العاشر الاحد 26 ربيع الأول 1444.

الموضوع: المفاهیم (مفهوم التعلیل)

 


 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين و لعنة الله على أعدائهم اجمعين.

 

مفهوم التعلیل

آخر مفهوم يبحث عنه هو مفهوم التعليل فانه قد يذكر للحكم المدلول عليه في الخطاب علة لا تستوعب جميع افراد موضوعه كما لو قيل يحرم اكل الرمان لأنه حامض، فالمشهور على ان مفهومه يقيد الخطاب فيدل على عدم تحريم اكل الرمان غير الحامض فحتى لو وجد خطاب آخر مطلق فهذا الخطاب المشتمل على التعليل يقيده.

و لكن قد يمنع عن ذلك لعدة وجوه: أولها ما يقال من احتمال كون المذكور من قبيل الحكمة التي لا ينتفي الحكم بانتفائها كما يرى ذلك في روايات علل الشرائع و انتم ترون انه قد يقع الخلاف في كون المذكور حكمة او علة كما في قوله عليه السلام ” هُوَ حِينَ يَتَوَضَّأُ أَذْكَرُ مِنْهُ حِينَ يَشُكُّ” فقد ذهب جمع من الاعلام الى كونه علة لجريان قاعدة الفراغ فقيدوا اطلاقات قاعدة الفراغ بهذا التعليل، و قالوا اذن لا تجري قاعدة الفراغ في موارد العلم بالغفلة.

بينما ان بعضهم كالمحقق العراقي حمله على الحكمة و التزم بإطلاق قاعدة الفراغ لفرض العلم بالغفلة. و استفاد السيد السيستاني منه قاعدة أخرى غير قاعدة الفراغ و ذكر ان بين قاعدة الفراغ و قاعدة الأذكرية حال العمل عموم و خصوص من وجه و لاجل ذلك لو ان شخصا كان يعتقد مانعية شيء في الصلاة و لكن كان في الواقع جزءا في الصلاة فصلى و بعد الصلاة شك في انه هل ترك ذلك الذي يعتقد مانعيته او اتى به نسيانا فانطبق على الذي اتى به الامر الشرعي لانه اتى بجزء الواجب و قاعدة الفراغ تقتضي اتيانه بذلك الجزء و قاعدة الأذكرية حال العمل تقتضي عدم اتيانه به لانه لو كان متذكرا حال العمل لما كان يأتي بما يعتقد بكونه مانعا.

و كيف كان نحن لا نتكلم في الصغريات نقول ان استظهرنا من جملةٍ كونها في مقام التعليل فحملها على الحكمة خلاف الظاهر لا يجوز اكل الرمان لانه حامض، هذا ظاهر في التعليل و حمله على الحكمة خلاف الظاهر.

الوجه الثاني ما ذكره السيد الزنجاني من احتمال كون المنظور في الخطاب نوع الرمان او فقل الرمان المتعارف يحرم اكل الرمان ناظر الى الرمان المتعارف و منشأ حرمة اكل الرمان المتعارف حموضته و هذا لا ينافي ان يكون هناك منشأ آخر لحرمة اكل الرمان غير المتعارف و هو الرمان غير الحامض، يعني يحرم اكل الرمان لم يعلم كونه مطلقا حتى بالنسبة الى الفرض غير المتعارف بل لعله ناظر الى الفرض المتعارف و الفرض المتعارف من الرمان مساوق لحموضته فلا يمكن ان نقيد الاطلاقات الدال على حرمة الرمان ان كانت مطلقة و شاملة للفرد غير المتعارف.

هذا الكلام أيضا خلاف الظاهر لان حمل الخطاب على كونه ناظرا الى الفرض المتعارف لا قرينة عليه و ما ذهب اليه السيد الزنجاني أخيرا من الاشكال في ظهور الخطابات الشرعية في اطلاقها بالنسبة الى الفروض غير المتعارفة كإشكاله في شمول دليل وجوب الصوم للبلاد التي يكون نهارها أطول جدا من البلاد المتعارف (و هذا الاشكال طبعا يختلف عما ذهب اليه بعضهم من انه يصام هناك في الساعات المتعارفة للنهار، سبعة عشر ساعة او ثمانية عشر ساعة ثم يفطرون و الشمس فوق رأسهم و بعد ان افطروا يقومون يصلون صلاة الظهر و العصر و الناس تضحك عليهم، هذا شيء ليس قابلا لان يتفوه به) اما ما يذكر السيد الزنجاني هو ان خطاب وجوب الصوم منصرف عن الصوم في البلاد التي يكون النهار فيها غير متعارف فلا يجب عليهم أداء صوم شهر رمضان لان نهارهم تقريبا اثنين و عشرين ساعة في بعض الفصول فهم يقضون صيامهم في وقت آخر، و لازم ذلك انه لا يجوز لهم القضاء أيضا في النهار الذي يكون اقل من المتعارف ساعتين ثلاث ساعات.

و لكن هذا القول أيضا غير قابل للقبول لعدم مانع من شمول الاطلاقات في الخطابات التي تكون على نهج القضية الحقيقة للفروض غير المتعارفة.

الوجه الثالث ما ذكره السيد الزنجاني أيضا من انه قد يكون لحكم علل متعددة و هذا لا يمنع من الاكتفاء بعلة واحدة فلعل هذه العلة علة غالبية لا دائمية و لكن تذكر في الخطاب لكونها اوقع في النفوس و هذا لا يعني انه لا يوجد علة أخرى لحرمة اكل الرمان مثلا فهناك علة غالبة و هي كون الرمان حامضا تعليل حرمة اكل الرمان بهذه العلة اوقع في النفوس من تعليل حرمة اكل الرمان بعلة أخرى دائمة و مستوعب لكل افراد الرمان.

و لاجل ذلك منع السيد الزنجاني من قاعدة ان العلة تخصص و لكنه أيضا يمكن النقاش على فرض الأخير بان العرف اذا سمع من المولى خطابين يحرم اكل الرمان لانه حامض و خطاب آخر و هو انه يحرم اكل الرمان فيجمع بينهما و يحمل الخطاب المطلق على كونه ناظرا الى فرض حموضة الرمان.

نحن لم نقبل من السيد الزنجاني دعواه من العلة لا تخصص المطلقات الأخرى غير هذا الخطاب الذي اشتمل على ذكر هذه العلة نحن قلنا بان هذا الاطلاق المشتمل على العلة قيد بهذه العلة و لكن التقييد لا يختص به بل يقيد سائر الاطلاقات، و لكن نوافق السيد الزنجاني في شيء آخر و هو دعواه ان العلة كالحكمة في تعميم الحكم كما ان العلة تعمم كذلك الحكمة تعمم فلو منع المولى عبده من ان يرخص في لقاء الأجانب معه في الليل و قال له لا تُدخل علي أحدا في الليل بنكتة اني أخاف ان يكون شخص يريد ان يغتالني، فاذا كان النهار مثل الليل صار مظلم فالعرف يتمسك بنفس النكتة و يقول للعبد لا تدخل على المولى أحدا في هذا النهار المظلم، مثاله الشرعي ما ورد في النهي عن اكل الميتة من بيان انه موجب لفساد البدن لا اشكال في ان هذا حكمة لان اكل الميتة بمقدار یسیر لا يوجب فساد البدن او اكل الميتة الشرعية أي الحيوان الذي ذبح على غير وجه شرعي لا يكون اكل لحمها موجبا لفساد البدن فحرمة اكل الميتة من باب ان اكلها موجب لفساد البدن قطعا يكون من باب الحكمة لا العلة و لكن العرف يفهم منه ان كل ما كان مثل الميتة موجبا لفساد البدن كاستخدام الهروئين فالشارع لا يرضى به لكونه موجبا لفساد البدن و هذا امر صحيح نحن نقبله و قد تبع السيد الزنجاني في هذا المطلب استاذه المحقق الداماد.

نعم نحن نذكر شيئا و هو ان العلة و الحكمة يختلفان عن بيان الكبرى فتارة يقول الشارع لا تشرب الخمر لانه مسكر هذا ظاهر في بيان الكبرى فنأخذ بالكبرى لا تأكل الحامض و ان كان غير رمان، و لكن لو كان مجرد تعليل لا بيان للكبرى فلا يفهم منها اكثر من ذكر المقتضي للحكم و اما ان هذا المقتضي ليس مبتلى بالمانع كوجود مزاحم اقوى لا يفهم منه، مثلا ورد في الروايات “ان المحرم لا يصارع مخافة ان يسقط منه شعر او يصيبه جراح” السيد الزنجاني يقول كل عمل ارتكبه المحرم و كان يخاف منه على سقوط شعر منه فلا يجوز، لان هذا ذُكر كعلة و العلة تعمم و هكذا ورد في القرآن الكريم” فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ” هذا علة فكل فعل كان موجبا و معرضا لطمع الأجانب فلا يجوز ان يصدر من النساء فاذا علمت المرأة انها لو كشفت عن وجهها في الشارع فبعض الشباب غير الملتزمين ينظرون اليها نظرة شهوة فيجب عليها ستر وجهها للتعليل المذكور في هذه الآية” فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ”.

انا أقول لا يستفاد من هذه الخطابات اكثر من كون هذا المذكور كعلة مقتضيا للحكم و لكن قد يوجد مزاحم اقوى يمنع من فعلية ذلك الحكم، انت حينما ترى ان ولدك اقترب من التلفيزيون و تخاف ان يصيبه صداع فماذا تقول له؟ تقول له لا تقترب من التلفيزيون مخافة ان يصيبك صداع او ان ابنك يلعب في حر الشمس فتصيح بوية ارجع الى البيت لا تلعب في حر الشمس مخافة ان یصيبك صداع فهذا الولد عافی الدرس بعد ما يطالع ما يروه يشتري الخبز تعترض عليه يقول بوية انت ما قلت لا تلعب في حر الشمس مخافة ان يصيبك صداع فهذا استفدت منه ان كل عمل يكون في مخافة إصابة الصداع فلا يجوز انا أخاف اذا اطالع يصيبني صداع أخاف اذا اذهب اشتري الخبز في النهار يصيبني صداع هذا الاستظهار عرفي؟! ابدا ليس عرفيا لان كون مخافة الصداع مقتضية لحرمة اللعب في حر الشمس و لا يوجد هناك مانع عن فعلية الحرمة لا يقتضي ذلك ان لا يوجد مانع و مزاحم اقوى في سائر المجالات و هكذا نقول في مثل قوله تعالى “فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ” نقول قد يكون هناك مقتضي و مزاحم اقوى يوجب ترخيص النساء في ستر وجههن و ايديهن فلو علمت المرأة انها لو ذهبت الى الشارع و هي جميلة جدا بعض الذين في قلوبهم مرض ينظرون اليها نظرة شهوة فلا دليل على وجوب ستر الوجه على هذه النساء، الا اذا كان كما يقول السيد السيستاني هناك مفسدة نوعية فنحرز من مذاق الشارع انه لا يجوّز التسبب الى المفاسد النوعية.

هذا محصل كلامنا في مفهوم التعليل و أخيرا نقول لا يستفاد من مفهوم التعليل الا تخصيص الخطاب المطلق بفرض وجود هذه العلة، يحرم اكل الرمان لحموضته او لانه حامض و هذا لا ينافي ان يثبت هناك حكم مقيد بالنسبة الى اكل الرمان كما لو ورد يحرم اكل الرمان عند حرارة الجو هذا لا يقيد بفرض الحموضة او ورد انه يحرم على المريض اكل الرمان فالتعليل انما يقيد الخطاب المطلق دون غيره.

هذا تمام الكلام في المفاهيم يقع الكلام في العام و الخاص و سنتكلم عن ذلك في الليلة القادمة انشاء الله.

الحمد لله رب العالمين.