فهرست مطالب

فهرست مطالب

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

 

الدرس33

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.

كان الكلام في اعتبار الايمان في صحة العبادة فقلنا بان ما ادعاه صاحب الجواهر من الاجماع على شرطية الايمان، بل ذكر السيد الحكيم في المستمسك من ان هذا الاجماع محصل، يرد عليه الاشكال بما ذكره الشهيد الاول في الدروس من ان المشهور بين المتقدمين كان عدم اعتبار الايمان في صحة العبادة، كما انه خالف في شرطية الايمان في صحة العبادة جمع من المتاخرين كالسيد البروجردي و السيد السيستاني و السيد الروحاني، و عمدة ما استدل به المشهور على بطلان عبادة المخالف عدة روايات نذكر اهمها:

الرواية الاولى صحيحة محمد بن مسلم قد قرانا هذه الصحيحة و قلنا بان فيها ثلاث فقرات يمكن ان يستدل بها على بطلان عبادة المخالف، الفقرة الاولى ما ورد من قوله عليه السلام عمله غير مقبول، كل من دان الله بعبادة و لا امام له من الله فسعيه غير مقبول، و هو ضال متحير، و نقلنا عن السيد الخوئي بان ظاهر عدم القبول هو عدم القبول مطلقا حتى في مقام الامتثال، لا في خصوص مقام الثواب، و نظير هذه الفقرة عدة روايات تدل على عدم قبول عبادة المخالف، كموثقة ميسرة قال كنت عند ابي جعفر عليه السلام فقال ولله لو ان عبدا قام ليلا مصليا حتى يجيئه النهار و صام حتى يجيئه الليل و لم يعرف حقنا و حرمتنا اهل البيت لم يقبل الله منه شيئا ابدا، و هكذا صحيحة الحارث بن المغيرة قال كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جَالِساً فَدَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَكْثَرَ الْحَاجَّ الْعَامَ فَقَالَ إِنْ شَاءُوا فَلْيَكْثُرُوا وَ إِنْ شَاءُوا فَلْيَقِلُّوا وَ اللَّهِ مَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا مِنْكُمْ وَ لَا يَغْفِرُ إِلَّا لَكُم‏، و في الكافي بسند صحيح عن عبد الحميد بن ابى الاعلاء عن ابي عبد الله عليه السلام قَالَ لِي يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ إِبْلِيسَ سَجَدَ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ بَعْدَ الْمَعْصِيَةِ وَ التَّكَبُّرِ عُمُرَ الدُّنْيَا مَا نَفَعَهُ ذَلِكَ وَ لَا قَبِلَهُ اللَّهُ كَذَلِكَ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْعَاصِيَةُ الْمَفْتُونَةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا صلى الله عليه وآله وَ بَعْدَ تَرْكِهِمُ الْإِمَامَ الَّذِي نَصَبَهُ نَبِيُّهُمْ صلى الله عليه وآله لَهُمْ فَلَنْ يَقْبَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَهُمْ عَمَلًا وَ لَنْ يَرْفَعَ لَهُمْ حَسَنَةً حَتَّى يَأْتُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ وَ يَتَوَلَّوُا الْإِمَامَ الَّذِي أُمِرُوا بِوَلَايَتِهِ وَ يَدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الَّذِي فَتَحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُهُ لَهُمْ.

اشكل على الاستدلال بهذه الفقرة بان نفي القبول لا يساوق نفي الصحة فقد ذكر السيد الروحاني قدس سره في كتاب المرتقى الى الفقه الارقى في كتاب الحج الجزء الاول صفحة182قال حتى التعبير بعدم القبول لا ينفي ترتب الثواب فضلا عن نفيه للصحة، فقال القبول مرتبة خاصة من مراتب العمل بأن يكون العمل مورد الرضى النفسي للمولا و ليس هو مجرد إعطاء الثواب.و هذا في العرفيات كثير، فقد يترتب على العمل جزاؤه و لكنّه لا يرضى به و لا يقع موقع القبول من نفسه لعدم كماله، فالذي استأجر اجيرا قد يرى نفسه ملزما بدفع الاجر له، و لكن العمل الذي قام به الاجير لا يكون مورد رضاه، لعدم كونه بنحو الكامل، فيقال بانه لم يقع موقع قبوله، فالقبول مرتبة اعلى من مرتبة استحقاق الثواب او من مرتبة الصحة، و بذلك يظهر انه لا تنافى بين قوله تعالى إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اللّٰهُ مِنَ الْمُتَّقِين و بين قوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. فان الاول ظاهر في عدم القبول من غير المتقين بينما ان الثاني و هو قوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ يدل على ترتب الجزاء على فعل الخير و ان فاعله يرى اثره و لو كان الخير مثقال ذرة، و هذا صريح في ترتب الجزاء على فعل الخير و لو صدر من فاسق، اذ لو اريد من قوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ العادل لم يكن وجه للتاكيد على الجزاء على الخير و لو كان الصادر مثقال ذرة، فما ورد من عدم قبول العمل من المخالف يراد به ذلك، و لا يراد به بطلان عمله كما ادعي و لا نفي الثواب عليه كما عليه المشهور.

الانصاف ان ظاهر التعبير بعدم قبول عمل بنحو مطلق هو رفضه مطلقا، فلو امر المولى عبده باكرام عالم فاكرم عالما رياءا فقال المولى هذا الاكرام منك غير مقبول، فظاهره عدم الاجتزاء به في مقام الامتثال، فما ذكره السيد الروحاني في المرتقى خلاف الظاهر، فاذن يمكن الاستدلال بهذه الفقرة على عدم قبول عبادة المخالفين مطلقا، و اما ما ورد من قوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ هذا لا ينافي شرطية الايمان في صحة العبادة كما لا ينافى انه يرى الخير اذا كان توصليا في تخفيف عذابه يرى الخير الكافر ايضا يرى الخير، و لكن لا في اعطاء الثواب و انما هو في تخفيف العقاب، فرأى الخير بهذا الطريق. إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اللّٰهُ مِنَ الْمُتَّقِين يمكن ان يقال بان المراد به التقوى في العمل لا التقوى بقول مطلق يعني من كان عمله مع رعاية الاصول و الموازين و لاجل ذلك الامام عليه السلام قرا هذه الآية استنكارا على من سرق خبزين قرصين خبز و رمانين، فتصدق على اربعة اشخاص من الفقراء فاعترض عليه الامام فقال للامام انت جعفر بن محمد سلام الله عليهما فقال نعم فقال كيف تقول هذا الكلام اما تعلم ان الله تعالى قال من جاء بالحسنة فله عشر امثالها فانا تصدقت اربعة صدقات فحصلت اربعين ثواب و تقرا آية اخرى و من جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها و انا ارتكبت اربع معاصي فاستثني من اربعين ثواب اربعة سيئة فيصير الربح الخالص ستة و ثلاثين ثواب فقال الامام عليه السلام إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اللّٰهُ مِنَ الْمُتَّقِين يعني من يكون عمله وفقا التقوى يقبل منه لا من كان عمله مبنيا على اساس الفسق و العصيان.

سوال و جواب: ان كان هناك قرينة على ان المراد من عدم القبول نفي الثواب فنلتزم به، و اما اذا قال لا يقبل الله تلك الصلاة كما في الصلاة في اجزاء ما لا يوكل لحمه لا يقبل الله تلك الصلاة حتى يصلي في غيرها مما احل الله اكله، ظاهره نفي الصحة لا مجرد نفي الثواب او مجرد عدم وقوعه موضع الرضى النفسي من المولى.

هذه هي الفقرة الاولى. الفقرة الثانية ما ورد في صحيحة محمد بن مسلم من تشبيه عمل المخالف برماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، يقول السيد الروحاني قدس سره هذه الفقرة ايضا لا تدل على بطلان عمل المخالف بل تدل على صحة عمل المخالفين، لان هذه الفقرة تدل على ان عمل المخالف يثاب عليه و لكن الثواب في معرض العاصفة القوية التي لا تبقيه و تجعل وجوده كالعدم، و ذلك لا ينافي حصول الكسر و الانكسار، فيخفف عنه العذاب فلا يكون عمله موثرا في تحصيل الثواب، و لكن يؤثر في تخفيف العقاب فعمله من ناحية الاثر كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، ثوابه لا يبقى بعد كونه مبطلا بعدم الايمان، و لاجل ذلك ورد في رواية ابي حمزة الثمالي و لو ان رجلا عمّر ما عمر نوح في قومه الف سنة الّا خمسين عاما يصوم النهار و يقوم الليل في ذلك المكان ثم لقى اللّه بغير و لايتنا لم ينفعه ذلك شيئا، يقول السيد الروحاني يعني انه لا ينفعه في ما ينتظره من الثواب، و لكن قد يخفف عنه العذاب، و لو اراد من هذا التعبير ان عمله باطل لكان المناسب ان يقول عمله باطل لا انه كالعدم، لا انه كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.

الانصاف ان هذا ايضا غير تام، ما ذكره في كتاب المرتقى غير صحيح، لان تشبيه عمل المخالف برماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ظاهر في عدم ترتب اي اثر على ذلك العمل، كالرماد التي لا يبقى لها اثر فكيف نفرض لعمل المخالف اثرا و هو تخفيف عذابه، هذا اثر مهم، و اما ما ذكره من انه لو كان الغرض من التعبير بانه لا ينفع عمله بيان بطلان علمه كان يناسب ان يقول عمله باطل لا انه كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، هذا غريب بعد ان اتى بعمل فيراد بيان ان هذا العمل لا اثر له في تحقق الامتثال في ترتب الثواب فيقال عمله كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.

و اما الفقرة الثالثة و هي الفقرة المهمة هي قوله عليه السلام ولله شانئ لاعماله، فتقريب الاستدلال واضح، العبادة لابد ان تكون محبوبة للمولى تعالى، فلو كان الله سبحانه و تعالى شانئا لعبادة المخالف كما ورد في بعض الروايات سيان عندالله صلى او زنا، يعني صلاته كلا صلاة، هذه الصلاة لانها صادرة عن شخص لا يوالي ولي الله بل يوالي اعداء الله فهذه العبادة مبغوضة لله تعالى. هذه قرينة على ان عبادته باطلة لان العبادة لابد ان تكون محبوبة عند الله تعالى لا مبغوضة.

سوال و جواب: لا اقول الروايات الواردة في انه سيان عندالله صلى او زنا روايات صحيحة، لايخلو سندها عن اشكال، انا اقول استدل بهذه الفقرة: ولله شانئ لاعماله، و انما ذكرت تلك الروايات كمويد، يعني انه في اصل المبغوضية سيان، لا ان مبغوضية الزنا ليست اشد من مبغوضية صلاة المخالف، لا المبغوضية الزنا اشد بكثير، لكن اصل المبغوضية مشترك بينهما كالصلاة ريائا، الصلاة ريائا مبغوضة لله تعالى و الزنا مبغوض لله تعالى، و ان كان بينهما في مراتب البغض اختلاف شديد مستوى المبغوضية في الزنا اشد من مستوى المبغوضية في الصلاة ريائا او الصلاة بدون ولاية ولي الله.

اورد على الاستدلال بهذه الفقرة عدة ايرادات:

الايراد الاول ما يقال من ان هذه الفقرة لا توجد في كتاب محاسن البرقي، و انما توجد في كتاب الكافي، حيث نقل عن صفوان عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم و في محاسن البرقي نقل عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم، يعني سواءا في الكافي او في كتاب المحاسن النقل يصل الى العلاء بن رزين لكن في الكافي بواسطة صفوان و في محاسن البرقي بواسطة الحسن بن محبوب، و هذه الفقرة لا توجد في كتاب محاسن البرقي، “و الله شانئ لاعماله” لا توجد في كتاب المحاسن للبرقي، راجعوا كتاب المحاسن الجزء الاول صفحة 91.

جواب عن هذا الاشكال اولا ان كتاب المحاسن لم يصل الينا بطريق مستفيض، بل يوجد اختلاف شديد بين نسخ المحاسن كما اشار الى ذلك السيد السيستاني في بعض ابحاثه، بينما ان الكافي وصل الينا بطريق مستفيض، و ثانيا عدم اشتمال المحاسن على هذه الزيادة لا ينفيها، قد تكون الزيادة بحيث السكوت عن هذا مخلّ بالمعنى، فمن يسكت عن بيان الزيادة يريد ان ينفي وجود هذه الزيادة، كأن نقل شخص رايت اسدا و نقل الآخر رايت اسدا يرمي، خب من ينقل يرمي يختلف نقله عمن لا يروي هذه الزيادة، لان من لا يروي هذه الزيادة فمعنى كلامه انه اراد المعنى الحقيقي، و لكن اذا كان هناك زيادة لا يخل السكوت عنها بظاهر ما هو المنقول كان كانت الزيادة مستقلة، رايت اسدا و خفت منه، قال رايت اسدا، ما قال و خفت منه، لا يريد ان يبين ذاك المقام المعروف خاف من الاسد سواءا من الحيوان المفترس او من الرجل الشجاع، يقول الرئيس قال رايت اسدا و لا يعقبه بانه قال و خفت منه، لا ينفي ذلك، ياتي شخص آخر يقول قال الرئيس رايت اسدا و خفت منه، ليس هناك معارضة بينهما، لان الساكت عن الزيادة لا ينفيها، لعله لمصلحة سكت عن بيان الزيادة، و لعل البرقي سكت عن بيان الزيادة، لانه نسيها او شك في هذه الزيادة، و يويد اشتمال هذه الرواية على هذه الفقرة كما نقلها في الكافي ما في كتاب غيبة النعماني من اشتمال رواية محمد بن مسلم على هذه الفقرة.

سوال و جواب : احتمال ان هذه الزيادة مدسوسة من قبل الشخص غير عرفي.

فالايراد الاول مندفع.

الايراد الثاني ما يقال من ان الامام في كلمات الائمة عليهم السلام ظاهر في مطلق الحاكم و ليس مختصا بالمعصوم عليه السلام، الامام في الرواية بمعنى القائد إما القائد في الحج قال الامام عليه السلام لامير الحاج: سر اي لا تقف، لان الامام سقط على وجه الارض من دابته، فتوقف امير الحاج فقال له الامام عليه السلام: سر، فان الامام لا يقف، يعني امير الحاج امامٌ، فان الامام لا يقف، امام في الحج او امام في الصلاة، كما انه قد يكون امام باطل قاتلوا ائمة الكفر، و في رسالة الحقوق لعلي بن الحسين عليهما السلام كل سائس امام.

ان قلت اذا كان المراد من الامام الحاكم فهنا و ان وصلتم الى نتيجة ان من الضروري عدم اعتبار الايمان بالحاكم في صحة العبادة، فمن لا يعترف بالحاكم العادل و لكنه شيعي فلا اشكال في صحة عبادته، و لكن هناك فقرة في هذه الرواية تكون قرينة على ان المراد بالامام في هذه الرواية ليس مطلق الحاكم العادل و انما هو الامام المعصوم، و ما هي تلك القرينة؟ القرينة انه ورد في هذه الرواية و ان مات على هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق، يعني مات ميتة جاهلية، فيجاب عن ذلك يقال هذا التعبير من باب المبالغة فقد ورد في من ترك الوصية ان من ترك الوصية مات ميتة جاهلية، رواية مرسلة رواها المفيد في المقنعة قال النبي صل الله عليه و آله من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية، فيقال بان الامام بهذا المعنى اي بمعنى الحاكم العادل قد لا يكون الذي لا يعترف به مومنا كاملا فيقال بانه اذا مات على هذا الحال مات ميتة جاهلية، كمن مات بغير وصية، و لكن النتيجة ان عدم معرفة و عدم تولي الامام العادل لا يؤدي الى بطلان العبادة بضرورة الفقه.

الانصاف ان هذا الايراد الثاني غير متجه مطلقا، التعبير بامام من الله يختلف عن التعبير بالامام، قد يكون الامام ظاهرا في مطلق الحاكم فقد ورد في الروايات انه اذا لم ينفق الزوج على زوجته فالامام يفرّق بينهما و المراد من الامام هو الحاكم، هذا من شئون الحاكم فعلى الامام ان يفرق بينهما يعني الحاكم، انا اقبل الامام بقول المطلق ليس ظاهرا في الامام المعصوم، و انما المراد به الحاكم الشرعي، ان لم يكن هناك قرينة على ارادة الاعم من الحاكم الشرعي و الحاكم الفاجر، فمنصرف اذا كان في رواياتنا، الى الحاكم الشرعي، الى الامام المقبول شرعا، انا اقبل هذا المقدار، و لكن هذه الرواية تشتمل على اكثر من ذلك، من دان الله بعبادة و لا امام له من الله، الفقيه العادل افرض جعل له الولاية العامة على اختلاف بين الفقهاء في ذلك، افرض جعلت الولاية العامة للفقيه العادل، و لكنه لا يعبر عنه بامام من الله، و ان ناقشنا في تمامية الروايات سندا او دلالتا على ذلك غايته ان يقال ان الامام الصادق نسبه حاكما لا انه امام من الله، فالامام من الله ظاهر في الامام المعصوم، و التعبير بقوله ان مات على هذه الحالة مات ميتة كفر و نفاق ينصرف حسب الارتكاز المتشرعي عمن لم يعرف الحاكم الشرعي في زمانه، و قد لا يرفضه لا يعرفه، انا ما ادري مَن المنصوب من قبل امير المومنين في هذه المحافظة، لا أعرفه، فاذن اذا متّ متّ ميتة كفر و نفاق؟! هذا خلاف المرتكز المتشرع.

سوال و جواب: المستضعف يختلف عمن لم يفحص، انا ما فحصت حتى يشاهد من بعثه امير المومنين كامير في مصر اشمدرني، يوم قيس بن عبادة يوما آخر محمد بن ابي بكر و ان قتل يوم اخر طلب امير المومنين من مالك الاشتر يذهب الى المصر فيكون امير مصر و في اثناء الطريق قتلوه و الرابع منه ما ادري، خب انا ما عرفته، فاذن متّ متّ ميتة كفر و نفاق متّ ميتة جاهلية؟ قطعا هذا منصرف عن الارتكاز المتشرعي عن مثل هذا المورد، منصرف الى عدم معرفة الامام المعصوم امام من الله.

و ما ورد من انه من مات بلا وصية مات ميتة جاهلية مضافا الى كونه رواية مرسلة لابد ان يحمل على تاكد الاستحباب لاجل القرينة الواضحة اين هذا من التعبير في المقام بانه ان مات على هذا الحال مات ميتة كفر و نفاق، فالايراد الثاني ايضا هو الذي قد يذكر في كتاب دراسات في ولاية الفقية الجزء الاول صفحة199 مندفع.

اما الايراد الثالث ما يقال من ان هذه الرواية تشتمل على مضمون لا يمكن الالتزام به حيث ورد فيها من اصبح من هذه الامة لا امام له من الله ظاهرا عادلا اصبح ضالا تائها هذا يعني اعتبار كون الامام ظاهرا، و هذا المضمون غير قابل للالتزام لاننا نعيش في زمان ليس لدينا امام ظاهر، فهذا الايراد ايضا مندفع بانه لا مانع من الالتزام بانه من باب تعدد المطلوب لابد ان يكون للانسان امام و ظاهر ليكون اعماله بدلالته حتى لا يصبح ضالا، و وجود مصلحة في عصر الغيبة تمنع من ظهور الامام و لاجل ذلك ارجع الامام عليه السلام الشيعة الى الفقهاء في الاحكام الشرعية و غيرها فلا ينفي اننا بحاجة الى الامام من باب تعدد المطلوب، نحتاج الى امام و نحتاج الى كونه ظاهرا، و لعل ذكر كلمة “ظاهر” للاحتراز عن الواقفة، لانهم يؤمنون بالامام الماضي، فهذا تاكيد على انه بحاجة الى الامام الظاهر لولا المصلحة العامة في عصر الغيبة تمنع من ظهور الامام عليه السلام.

فهذا الايراد الثالث ايضا مندفع، و لو فرض اجمال كلمة “ظاهر” في الرواية، هل اجماله و عدم فهم معناه يسري الى الكل، الى ان نطرح هذه الصحيحة بكاملها، فاذن القرآن هم بعض آياته غير مفهومة فاذن نترك القران بكامله! لاننا لا نفهم معنى بعض الآيات! مو يسير، خب فالمهم هو الايراد الرابع الذي يقال بانه يستفاد من الروايات ان عمل العامة ايضا ليس مبغوضا و يستفاد ذلك من عدة روايات نتكلم عنها في الليالي القادمة ان شاء الله.

الحمدلله رب العالمين